شرح حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاصون مظالم بينهم في الدنيا .... ) . حفظ
الشيخ : والآن يروي لنا حديثاً جديداً بإسناده الصحيح :
عن أبي سعيد -وهو الخدري رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا خلص المؤمنون من النار حُبِسوا بقنطرة بين الجنة والنار ، فيتقاصُّون مظالم بينهم في الدنيا حتى إذا نُقّوا وهُذِّبوا أُذِن لهم بدخول الجنة ، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم بمزله أدلُّ منه في الدنيا ) .
هذا حديث عظيم فيه بيان لموقف من مواقف يوم القيامة حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا خلص المؤمنون من النار حُبِسوا بقنطرة بين الجنة والنار ) :
( إذا خلص المؤمنون من النار ) : يمكن تفسيره على وجه من وجهين :
لأن الخلاص من النار إما أن يكون بالنسبة للأبرار الذين لا يستحقون عذاب النار فهؤلاء يمرُّون في النار مُروراً لا تمسهم بعذاب .
وإما أن يكون الذين دخلوا النار دخلوها وعليهم حِساب أو عليهم عذاب تلقاء أمور ومعاصي ارتكبوها في الدنيا ، يمكن أن يفسر الحديث بوجه من هذين الوجهين في الجملة الأولى منه : ( إذا خلص المؤمنون من النار ) .
ولكن الوجه الصحيح هو : أن هذا الخلاص إنما يكون بالنسبة للذين لم يُعفَ عن بعض المظالم التي كانوا ارتكبوها في الدنيا وبقِيت عليهم حقوق للناس عليهم فهؤلاء يقام لهم موقف خاص بين الجنة والنار ، أو بمعنى أدق بين النار التي خلصوا منها والجنة التي توجهوا إليها .
أقول : إنَّ دخول النار أمرٌ عام لكل المسلمين الفجار منهم والأبرار ، الدخول أي : مجرد الدخول ، ثم هذا الدخول إمَّا أن يقترن معه عذاب في النار وإما أن لا يقترن معه شيء من العذاب ، وهذا مأخوذ مِن قول الله عز وجل: (( وإنْ منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً * ثمَّ نُنجّي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً )) : هذه الآية نص صريح فيه حصر (( وإن منكم )) أي : لا أحد منكم إلا سيدخل النار .