تتمة شرح حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( ... حتى إذا نقوا وهذبوا أُذن لهم بدخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم بمزله أدل منه في الدنيا ) . حفظ
الشيخ : قال عليه السلام : ( حتى إذا نُقُّوى وهذبوا ) يعني : أخذ كل ذي حق حقه ، ولم يبق لهم إلا أن يتابعوا طريقهم إلى الجنة .
قال عليه الصلاة والسلام : ( أُذن لهم بدخول الجنة ، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم بمنزله أدلُّ منه في الدنيا ) : هذا مما يدلنا على سَعة قدرة الله عز وجل والعلم الذي يُفيض به على المؤمنين يوم القيامة ، ذلك لأنه يقول عليه السلام حينما يُؤذن لكل من هؤلاء المسلمين الذين تقاصصوا وتحاسبوا وتصافُوا وأُذن لهم بدخول الجنة قال عليه السلام : ( لأحدهم بمنزله أدلُّ منه في الدنيا ) : شو عرفه بمنزله في الجنة ؟!
لو أن إنساناً سكن لأول مرة في منزل جديد وفي مدينة واسعة الأرجاء ربما إذا أبعدَ عن منزله الجديد ورجع ربما ضلَّ عنه حتى بقى يآرش ويتمرن ، فكيف يعرف المسلم في المحشر في يوم القيامة حينما يُؤذن له بدخول الجنة يتابع طريقه وكأنه معتاد أن يتردد على منزله في الجنة ، ذلك من إعلامِ الله عز وجل لعباده وإيحائِه إليهم بأن هذا المنزل هو منزلك ، وينبغي أن لا ننسى أن منزل المسلم في الآخرة ليس عبارة عن بيت بتكون مساحة عشر قصبات أو عشرين أو مئة أو ألف ، لا ، فقد كنت ذكرتُ سابقاً حديثاً طويلاً خلاصته :
( أن آخر من يخرج من النار يخرجُ يحبوا حبواً ، وآخر من يدخل في الجنة له في الجنة مثل الدنيا وعشرة أضعافها ) هذا الأحقر من الناس الذي عذبوا في النار بسبب ذنوبهم لكن أنجاه الله عز وجل من الخلود في النار شهادتُه بأن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، هذا حينما يخرج من النار لا يستطيع أن يمشي بشراً سوياً كما خلقه الله لأنه منهك ، فيمشي حبواً يزحف زحفاً ، هذا حينما يدخل الجنة له في الجنة مثل الدنيا وعشرة أضعافها ، فإذن هذا الملك الواسع للفرد المسلم كم نتصور هذه الأملاك الواسعة فلا شكَّ أن الإنسان سيضل فيها ضلالاً بعيداً فيما لو وُكِل إلى عقله وإلى درايته ، ولكنَّ الله عز وجل هو الذي يُلهمه الطريق إلى أن يضع يده على ذلك الملك الطويل العريض الذي لا يتسع العقل لإدراكه ومعرفة حقيقة أمره .
فنسأل الله عز وجل على كل حال أن يدخلنا الجنة ، وأن يطهرنا مما علينا من ذنوب وظلامات للناس هنا في الدنيا قبل الآخرة ، حتى لا نتأخر ونقف عند تلك القنطرة للمقاصصة المذكورة في هذا الحديث الصحيح .
أذكر حديثين لأنهما مكررين لكي في الدرس الآتي إن شاء الله ننتقل إلى حديث آخر :
روى بعد ذلك حديثاً :
عن أبي هريرة قال : ( إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، وإياكم والفحش فإنَّ الله لا يحب الفاشح المتفحش ، وإياكم والشُّحَّ فإنه دعا من كان قبلكم فقطعوا أرحامهم ، ودعاهم فاستحلوا محارمهم ) .
ثم روى أيضاً بإسناده الصحيح عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، واتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم ، وحملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم ) .
- والآن نعود إلى الإجابة عن بعض الأسئلة ، كان هناك سؤال عن المرأة التي بلغت السن ، سِن اليأس لكني لم أستطع تهيئة الجواب فإن شاء الله فيما يأتي من الدرس الآتي .