هل كنت تُحسن اللغة العربية عندما دخلت دمشق مهاجراً مع والدك ؟ حفظ
السائل : كنت تُحسن الكلام بالعربية وقتها ولَّا لا ؟
الشيخ : لا أعرف من اللغة العربية شيئًا ، بل كنتُ لا أَعرف من الأحرف العربية شيئًا ، يبدو بأنه لم يكن هناك عناية من الوالد - رحمه الله - في تعليمنا مع أنه كان إمام مسجد ، وربَّما كان شيخ كُتَّاب ، فما كُنا يعني لمـــَّا جئنا إلى دمشق ما كنَّا نعرف شيئاً من القراءة والكتابة كما يقولون عندنا في سوريا : " ما نعرف الخمسة من الطَّمسة ، ولا الألف من المسطيجة " : المسطيجة هي : العصاية الطويلة التي كان يستعملها شيخ الكُتَّاب حينما كان يريد أن يصطاد آخر ولد يعبث هناك بطوله بها ، فأدخلني المدرسة هناك كانت مدرسة أهلية لجمعية خيرية اسمها : جمعية الإسعاف الخيري ، فهناك بدأَتُ تعليمي ، وبطبيعة الحال بسبب مخالطة الطلاب كان تعلمي للغة العربية أو بالأحرى اللغة الشامية أقوى مِن الذين لم يكونوا منتمين إلى المدرسة ، وأذكر جيدًا يبدو لتقدمي في السن بالنسبة للطلاب الابتدائيين ، فقد جاوزت السنة الأولى والثانية في سنةٍ واحدة ، ولذلك حصَّلت الشهادة الابتدائية في أربع سنوات .
ويبدو أن الله عز وجل كان يعني قد فَطَرني على حبِّ اللغة العربية ، وهذا الحبُّ هو الذي كان سبباً كسَبب مادي بعد الفضل الإلهي أن أكون متميِّزًا متفوقًا على زملائي مِن السوريين في علم اللغة العربية ونحوها .
وأذكر أيضاً جيِّدًا أن أستاذ اللغة والنحو حينما كان يكتب جملة أو بيت شعر على اللَّوح ويسأل الطلاب عن إعراب تلك الجملة أو ذلك البيت يكون آخر مَن يطلب منه هو الألباني ، وكنتُ يومئذٍ أُعرفُ بالأرناؤوط ، أما كلمة الألباني ، فحينما يعني خرجت من المدرسة وبدأت يعني أكتب ، لأنّ كلمة الأرناؤوط هي كلمة عامَّة تشبه أو تقابل : العرب ، وكما أن العرب ينقسمون إلى شعوب ففيهم المصري والشامي والحجازي وو إلى آخره ، كذلك الأرناؤوط ينقسمون إلى مثلًا : ألبان وإلى الصرب يوغسلاف يعني ، وإلى بوشناق ، فإذًا بين كلمة الألبان وكلمة الأرناؤوط في عموم وخصوص ، فالألبان أخص من الأرناؤوط ، نعم .
فكان أستاذ النحو يُخرجني آخر واحد إذا عجز الطلاب عن الإعراب ، يناديني هيه أرناؤوط إيش تقول ؟
فأُصيب الهدف بكلمة واحدة ، فيرجع فيُعيِّر السوريين بي ، يقول : مش عيب عليكم ، هذا أرناؤوطي ، إي وهذا من فضل الله عليَّ يعني .
السائل : الحمد لله.