الحديث عن منهج الإخوان المسلمين في تعاملهم مع دعوة الألباني في عمان الأردن ودعوتهم لمقاطعته. حفظ
الشيخ : وهذا ما أَصابني منهم هنا في عمَّان وليس هناك في سوريا ، ففي سوريا كان الأمر يعني مِن صالح الدعوة وقد ظهر آثارُه في كبار المسؤولين في الإخوان المسلمين ، مثل مثلًا عصام العطار وزهير الشاويش ، فهذان كانا ممَّن يحضرون ولو أحيانًا دروسنا ، لأن التزامهم بنظام ومنهج خاص إخواني لا يفسح لهم المجال أن يكونوا معنا في كل دروسنا أو اجتماعاتنا ، بل إنهما وأمثالَهما يعتبرون أنفسهم أنهم مِن تلامِذتي ، وكذلك كان الأمر في أول ما بدأت بالتردُّد إلى هنا ، فقد فُتح لي باب إلقاء بعض المحاضرات في مركز الإخوان المسلمين في الزرقاء ، وبِلا شك كانت هذه المحاضرات فتحًا كبيرًا جدًّا بالنسبة لبعض الشباب الإخواني التَّائق والمتشوِّق إلى سماع كلمة الدعوة السلفية التي تميِّز الخبيث من الطيب، فكان إقبال الشباب غريبًا جدًّا هناك ، هنا بقى تظهر أثر الحزبيات ، يبدو أنه لما لمسَ هذا الإقبال بعضُ الرؤوس هناك قلبوا لنا ظهر المجنِّ كما يُقال ، ولم يعودوا يعرضون علينا كلما زرناهم أن نُلقي محاضرة هناك فعرفنا الأمر ، فبطبيعة الحال أنا لستُ بالرجل الذي يطمع في أن يُلقي في مثل هذه المجتمعات ، لكن إن تيسر لي لم أمتنع ، لأن الشرع هكذا يأمُرُني ، فانتقلت بدعوتي إلى مسجد مِن مساجد الزرقاء وبخاصة مسجد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ، فكان هناك أيضاً يحضر كثير من الشباب ومنهم الإخوان المسلمين ، وكان هذا قبل أن أستوطن عمان .
السائل : نعم.
الشيخ : ثم لما استوطنت عمان أيضًا كان هناك إقبال عليَّ شخصيًّا بالأسئلة ومن بعض رؤوسهم أيضًا كالدكتور عبد الله عزام ، فقد كان حريصًا جدًّا على التقاط كل ما يسمع ، فيكتب رؤوس أقلام في دفتر صغير يحمله معه عادةً ، المهم ثم بدأ انزجار الإخوان عن الدعوة بصورة عامة وعن الداعية إليها بصورة خاصة لما وجدوا بعض الشباب من إخوانهم أصبحوا سلفيين ، فأرسلوا وراء اثنين منهم وأنذَروهم بعدم حضور حلقات الشيخ الأَلباني ، وجرى نقاش بينهم وبين المسؤول عنهم ، أنّه ما السبب ؟
فكان الجواب غريبًا جدًّا : أنّه لا يمكن أن يجتمع في العضو مِن الإخوان في نفسه ولاءان ، ولاء للدعوة يعني دعوة الإخوان ، وولاء للشيخ الألباني ، هذان أمران لا يجتمعان .
كان جوابهما : أنه يا جماعة أنتم تعرفون أن الألباني ليس عنده حزب ولا عنده تكتل ، بل هو لا يرى هذه التكتلات كلها ، لأنها تفرِّق جماعة المسلمين ، فنحن حينما نحضر عنده فلِنستفيد من علمه ، فأيُّ شيء يعني تخافونه منه ما دام لا يدعو لتكتل ضد تكتلكم ؟ !
وأصروا على الموقف ولاءان لا يجتمعان ، فإما نحن وإما الشيخ ، وأمهلوهم حسب نظامهم ستة أشهر حتى يراجعوا أنفسهم ويتوبوا إلى ربِّهم !
السائل : سبحان الله !
الشيخ : جاء الموعد ، طلبوهم استدعوهم ، وجدوهم مكانك راوح يعني كما هم ، يعني تلطفوا بهم ، أنو يا جماعة خليكم معنا ، نحن معكم يا شيخ ، بس أنتم مش رضيانين نكون معكم ، نحن نريد أن نستفيد من الشيخ وهذا ما يضرُّكم ، ففصلوهم .
ثم جاء دور الألباني فأصدروا قرارًا بمقاطعة الألباني وكلُّ من يلوذ به ، محاضراته وجلساته وإلى آخره ، حتى السلام عليه في الطريق .
السائل : يمنعونهم ؟
الشيخ : آه ، قرار في هذا قرار !
السائل : سبحان الله !
الشيخ : إي نعم ، وكان ممن شمله القرار بطبيعة الحال هذا الرجل الطيب عبد الله عزام .
السائل : نعم ، يعني أيضًا ؟
الشيخ : فكان يلقانا في الطريق ولا يُسلّم ، مرَّة فوجئ بي في مسجد عمر عبد الفتاح ، المهم وجهًا لوجه .
إيش هذا يا شيخ عبد الله ؟ ما هذا ؟
قال : " هذه -إن شاء الله، أظن هذا أو معناه- سحابة صيف عمَّا قريب تنقشع " ، وراحت أيام وكنا نحن نشيطين أكثر في إقامة السهرات من الآن ، فلمَّا ضُيِّق علينا من حيث عدم الاجتماعات قلَّت هذه الاجتماعات ، ففي اجتماع من تلك الاجتماعات كان يحضر الشباب الممنوعين قرارًا من الجلوس مع الشيخ ومحاضراته ودروسه .
السائل : نعم.
الشيخ : فأٌثير هذا الموضوع ، وقلنا لهم يا جماعة : إيش معنى أنتم دعوتهم قائمة على التجميع ، فشو معنى إصدار قرار بمنع الشباب المسلم أن يلتقوا مع الألباني ؟ ! أليس هذا أولًا مخالفة للإسلام (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) ؟!
وثانيًا : هذا القرار لا يمكن تطبيقه ، وهذا الدليل أنتم الآن ، فأنتم فُرض عليكم هذا القرار وهَيْ ما تستغنون عن حضور الشيخ ، دروس الشيخ ، ولا أقول هذا افتخارًا ، بل أقوله مضطرًّا بيانًا ، مضى على هذا القرار تقريبًا سنتان مع الأسف ، لكن كلما تأخر الزمن كلما بدأ يضمحل يعني ، يتحلل.