الكلام على حديث معاذ ( ... بم يحكم ؟ قال بكتاب الله ، قال .......) سندا ومتنا ؟ حفظ
أبو مالك : شيخنا بارك الله فيك جوابكم على السّؤال هذا بهذه الإفاضة ، جزاكم الله خيرا ، ذكّرني بحديث وهو من الأحاديث المشهورة ، والّتي ذكرتم أو ضعّفتم إسنادها في سلسلة الأحاديث الضّعيفة ، وذلك الحديث هو قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ حينما أرسله لليمن ( بما تقضي ؟ قال بكتاب الله ، قال فإن لم تجد ؟ قال في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإن لم تجد في سنّتي ؟ قال أجتهد رأيي ) فالرّسول عليه الصّلاة والسّلام ضرب على ظهره وقال له ( الحمد لله الّذي وفّق رسول رسول الله ، لما يرضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ) هذا الحديث في الحقيقة يذكّرنا بشيء من و قد ألمحت إلى أنّ تفسير القرآن ، ينظر فيه إلى القرآن أوّلا ثمّ إلى السّنّة ثمّ إلى أقوال السّلف الصّالح من التّابعين ومن بعدهم من القرون المفضّلة فكيف نوفّق بين هذا الحديث بظاهره وبين ما ذكرته لنا من طريقة تأويل القرآن ، واتّباع أهل القرون الثّلاثة الّتي فيها الخيريّة ؟
الشيخ : عفوا أنتم ألمحتم إلى أنّ الحديث غير صحيح ؟
أبو مالك : نعم
الشيخ : ولماذا التّوفيق بينه وبين ما ذكرت ؟
أبو مالك : عفوا نحن حتّى أنّ لمن يقول بصحّة الحديث يعني حتّى من يقول ...
الشيخ : لا نسلّم له ، نحن ننقض حديثه سندا ومتنا
أبو مالك : نحن نقول حتّى مع هذا ... أنا هذا الّذي أريده
الشيخ : حسنا ، طيّب هذا الحديث نحن تكلّمنا عليه في بعض كتبنا إسنادا ومتنا ، أمّا من حيث الإسناد ، إسناد ...
أبو مالك : ... له كما قال الشّيخ نقده سندا ومتنا أرجوا أن تفقهوا هذا الحديث جيّدا ، لأنّ هذا الحديث بنيت عليه جبال وآكام وتلال وقصور وعلالي ، لذلك وابن القيّم رحمه الله تعالى أدار كتابه كلّه يلّي هو " إعلام الموقّعين عن ربّ العالمين " على هذا الحديث .
الشيخ : فهذا الحديث ، نعم
الحلبي : دافع عنه كثيرا .
الشيخ : أينعم فهذا الحديث لا يصحّ إسناده بوجه من الوجوه و ما دام أنّنا يعني ذكر ابن القيّم ، فكلّنا يعني يعطيه القيمة التي يستحقّها من العلم والفهم بالكتاب والسّنّة ، فينبغي أن نقول أنّ ابن القيّم رحمه الله ، حينما تكلّم عن هذا الحديث من حيث إسناده لم يخف عليه أنّ إسناده ضعيف لا تقوم به حجّة ، لأنّ مداره على رجل مجهول عند علماء الحديث كافّة ، ويقول فيه الإمام البخاريّ وغيره أو غيره إنّه منكر الحديث ، لم يكن يخفى مثل هذا على الإمام ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله ، ولكنّه شدّ من عضده ، بحديث آخر عزاه بحقّ إلى سنن ابن ماجه ، لكن هذا الحديث الآخر انقلب عليه اسم أحد روّاته ، فظنّه رجلا موثوقا أو على الأقلّ ممّن يستشهد به ، وهو في الواقع ممّن رمي بالكذب بل و بالزّندقة أيضا ، وهو سعيد المصلوب بالزّندقة كما يترجموا بذلك فابن القيّم شبّه له ، بأنّ لهذا الحديث شاهدا لكن الرّجل الّذي استشهد به ، ليس بالّذي ظنّه ، ثم سياق الحديث في سنن ابن ماجه ، يختلف أيضا عن السّياق الّذي هو في سنن أبي داود ، وفيه ذلك الرّجل المجهول ، فبحثنا الآن يتعلّق بهذا الحديث الّذي يعني كتب علماء الأصول إلاّ ما شاء الله منها ، أو ما شاء الله منها وهي أقلّ من القليل لم يذكر فيها هذا الحديث ، أكثرها ذكر فيها هذا الحديث في باب القياس ، ومن عجب أنّهم يحتجّون به على من ينكر القياس كابن حزم الّذي إذا أردنا أن نحتجّ به فيجب أن نقاومه بسند كالجبال قوّة ، وليس بمثل هذا الإسناد الواهي ، ضعفا وشدّة ضعف ، فهذا أوّلا سنده ضعيف لا تقوم به حجّة ، وقد كنت ذكرته في سلسلة أكثر من عشرة أشخاص من علماء الحديث القدامى والمحدثين ، الّذين ضعّفوا هذا الحديث ، وقالوا بأنّه حديث منكر ، وفعلا فإنّه منكر ، ذلك لأنّه كما سمعتم آنفا ، يصنّف التّشريع على ثلاثة مراتب ، أو يصنّف بحث الباحث ، إذا أراد أن يبحث في مسألة ما على ثلاثة مراتب ، فيبدأ بالقرآن ، فإن لم يجد في القرآن ففي السّنّة ، فإن لم يجد في السّنّة ، يجتهد ويقيس فأنتم تجدون هنا ، أنّه أنزل هذا الحديث السّنّة بالنّسبة للقرآن منزلة الرّأي والإجتهاد بالنّسبة للسّنّة ، أي متى يجتهد الإنسان ويقيس ؟ حينما لا يجد السّنّة ، طيّب ومتى يلجئ إلى السّنّة ؟حينما لا يجد في القرآن ؟ أكذلك هو ؟ الجواب لا ، وليس العهد عنكم ببعيد ، في المثال السابق (( حرّمت عليكم الميتة ... )) فلو وقف الواقف عند هذه الآية سئل أو سأل سائل ، ما حكم الحوت الميّت ؟ نظرنا إلى القرآن كما أمرنا الحديث ، حديث معاذ ، بما تحكم ؟ قال بكتاب الله ، نظرنا في كتاب الله ، وإذا به يقول (( حرّمت عليكم الميتة )) ، إذا ميتة البحر حرام ، أيكفي هذا ؟ في آية تحريم النّكاح في النّكاح (( وأحلّ لكم ما وراء ذلكم )) بما لم يذكر ، كالأمّ والأخت في الرّضاعة وما شابه ذلك ، بينما الرّسول صلىّ الله عليه وسلّم يقول إيش ؟ ( يحرم من الرّضاع ما يحرم من النّسب ) ، هذا لا يوجد في القرآن إذا ليس صوابا هذا النّهج الّذي وضعه الرّاوي لهذا الحديث ، وهو أن يعتمد القاضي أوّل ما يعتمد على القرآن ، فإن لم يجد الجواب في القرآن نزل إلى السّنّة إن لم يجد في السّنّة نزل إلى الرّأي والاجتهاد و القياس ، السّنّة مع القرآن توأمان ، لا يجوز الفصل بينهما ، بخلاف القياس مع السّنّة فليس توأمان أبدا ، وإنّما يلجىء الإنسان إلى القياس ، حينما لا يجد النّصّ في السّنّة ، فحينئذ هذا التّقسيم المذكور في الحديث ليس تقسيما علميّا ، يتجاوب مع حضّ الكتاب والسّنّة على الجمع بين الكتاب والسّنّة ، كما في الحديث الصّحيح ( تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما إن تمسكّتم بهما ، كتاب الله وسنّتي ، ولن يتفرّقا ، حتّى يردا عليّ الحوض ) فإذا لا يجوز هذا التّصنيف بما تحكم ؟ قال بكتاب الله ، فإن لم تجد ؟ فبسنّة رسول الله ونحن نسأل الآن ، كل متفقّه على هذا المنهج السّلفي ، بما تحكم ؟ يقول لك رأسا بالكتاب والسّنّة ، مش بالكتاب ، لأنّنا ذكرنا مش بالكتاب وحده ، ذكرنا آنفا السّنّة تبيّن ما أجمل في القرآن وتخصّص ما أطلق عمومه في القرآن تقيّد ما أطلق في القرآن ، وهكذا فلا يجوز أخذ الأحكام من القرآن دون النّظر في السّنّة ، بل يجب التّأليف و الجمع بينهما ، ثمّ الإنطلاق والصّدور عن حقيقة هذا الجمع ، ما الّذي ينتج من الجمع بينهما ؟ فهو الّذي يجب أن يفتى به ، نحن نقول مثل هذا الكلام ، يمكن أن يقوله إنسان ما غير معصوم غير مشرّع عن ربّ العالمين ، وهو الرّسول لا غير ، ممكن إنسان آخر أن يقول يا أخي أهمّ شيء عندنا القرآن الكريم ، ثمّ السّنّة ، بأيّ اعتبار هذا التّصنيف ؟ باعتبار أنّ القرآن ثابت قطعيّ الثّبوت كما يقول علماء الأصول ، أمّا الحديث فظنيّ الثّبوت كما قلنا آنفا ، ردّا على أولئك الذين يقولون لا يوجد نصّ قاطع مثلا في تحريم آلات الطّرب ، يكفينا الحديث ولو كانت دلالته ظنّيّة لكن ظنيّة راجحة فقد يتكلّم إنسان ما ، من حيث التّصنيف في القوّة ، لا من حيث الرّجوع ، فالرّجوع إلى الكتاب والسّنّة ، يجب الرّجوع إليهما معا ، لا نفرّق بين الله ورسوله أبدا (( من يطع الرسول فقد أطاع الله )) بينما نفرّق تماما بين السّنّة والرّأي ولا نلجئ إلى الرّأي والقياس ، إذا إيش ؟ إذا كان هناك سنّة تغنينا عن القياس ، وكما قيل " ومن ورد البحر استقلّ السّواقي " بهذا البيان في اعتقادي قد يكون فيه جواب لمن قد يستشكل ما يذكر في بعض كتب الأصول من خطاب عمر بن الخطّاب لأبي موسى ، إنّه فيه في الواقع هذا الكتاب ، إنّه الحكم أوّلا بالقرآن ، ثمّ بالسّنّة ، هذا أوّلا نحمد الله ، أنّه ليس حديثا مرفوعا ، وثانيا يمكن حمله على هذه الحالة الّتي ذكرناها آنفا ، لكن القاضي فعلا ، القاضي الواحد من الثّلاثة ، الّذين تحدّث عنهم الرّسول عليه السّلام في الحديث المعروف ( قاضي في الجنّة وقاضيان في النّار ) هذا القاضي الواحد لا يجوز له أبدا أن يقضي بين النّاس على أساس ما نصّ عليه حديث معاذ أوّلا الكتاب ، لا ، نحن نقول الكتاب والسنّة معا لا نفرّق بين الكتاب والسنة ، لأنه لا يمكن لأحد من الناس إطلاقا ، ولو كان سيبويه زمانه في اللّغة العربيّة أن يفهم القرآن ، دون الاستعانة بسنّة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فلهذا نحن نعتقد أن حديث معاذ هذا بالإضافة إلى كون إسناده ضعيفا منكرا ، فمتنه أيضا منكرا يحمل في طواياه ما يحمل الفقيه المتبصّر بدينه على أن يردّه على هذا الرّاوي المجهول وأن يقول آمنّا بالله وبرسوله.
أبو مالك : من تمام الفائدة أيضا أن نذكر هنا الحديث الصّحيح ، الّذي صحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو قوله ( ألا لا ألفينّ أحدكم متّكئا على أريكته يقول ما جاءنا من كتاب الله عملنا به وصدّقناه ، وما لم يأتي رددناه ، ألا وإنّي أوتيت الكتاب ومثله معه )
الشيخ : أينعم
أبو مالك : وطبعا الرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقول في الحديث الصّحيح الآخر ( ولن يتفرّقا ) أي الكتاب والسّنّة ( حتّى يردا عليّ الحوض ) نحن الحقيقة نجد أن بعض الإخوة وخاصّة القادمين من السّفر جاؤوا ليحضروا هذا المجلس المبارك وطبعا هناك بعض الإخوة أيضا بادي التّعب والإجهاد على وجوههم ولذلك نقتصر الجلسة بسؤالين سريعين نستفسر بهما أوّلا عن.
الشيخ : عفوا أنتم ألمحتم إلى أنّ الحديث غير صحيح ؟
أبو مالك : نعم
الشيخ : ولماذا التّوفيق بينه وبين ما ذكرت ؟
أبو مالك : عفوا نحن حتّى أنّ لمن يقول بصحّة الحديث يعني حتّى من يقول ...
الشيخ : لا نسلّم له ، نحن ننقض حديثه سندا ومتنا
أبو مالك : نحن نقول حتّى مع هذا ... أنا هذا الّذي أريده
الشيخ : حسنا ، طيّب هذا الحديث نحن تكلّمنا عليه في بعض كتبنا إسنادا ومتنا ، أمّا من حيث الإسناد ، إسناد ...
أبو مالك : ... له كما قال الشّيخ نقده سندا ومتنا أرجوا أن تفقهوا هذا الحديث جيّدا ، لأنّ هذا الحديث بنيت عليه جبال وآكام وتلال وقصور وعلالي ، لذلك وابن القيّم رحمه الله تعالى أدار كتابه كلّه يلّي هو " إعلام الموقّعين عن ربّ العالمين " على هذا الحديث .
الشيخ : فهذا الحديث ، نعم
الحلبي : دافع عنه كثيرا .
الشيخ : أينعم فهذا الحديث لا يصحّ إسناده بوجه من الوجوه و ما دام أنّنا يعني ذكر ابن القيّم ، فكلّنا يعني يعطيه القيمة التي يستحقّها من العلم والفهم بالكتاب والسّنّة ، فينبغي أن نقول أنّ ابن القيّم رحمه الله ، حينما تكلّم عن هذا الحديث من حيث إسناده لم يخف عليه أنّ إسناده ضعيف لا تقوم به حجّة ، لأنّ مداره على رجل مجهول عند علماء الحديث كافّة ، ويقول فيه الإمام البخاريّ وغيره أو غيره إنّه منكر الحديث ، لم يكن يخفى مثل هذا على الإمام ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله ، ولكنّه شدّ من عضده ، بحديث آخر عزاه بحقّ إلى سنن ابن ماجه ، لكن هذا الحديث الآخر انقلب عليه اسم أحد روّاته ، فظنّه رجلا موثوقا أو على الأقلّ ممّن يستشهد به ، وهو في الواقع ممّن رمي بالكذب بل و بالزّندقة أيضا ، وهو سعيد المصلوب بالزّندقة كما يترجموا بذلك فابن القيّم شبّه له ، بأنّ لهذا الحديث شاهدا لكن الرّجل الّذي استشهد به ، ليس بالّذي ظنّه ، ثم سياق الحديث في سنن ابن ماجه ، يختلف أيضا عن السّياق الّذي هو في سنن أبي داود ، وفيه ذلك الرّجل المجهول ، فبحثنا الآن يتعلّق بهذا الحديث الّذي يعني كتب علماء الأصول إلاّ ما شاء الله منها ، أو ما شاء الله منها وهي أقلّ من القليل لم يذكر فيها هذا الحديث ، أكثرها ذكر فيها هذا الحديث في باب القياس ، ومن عجب أنّهم يحتجّون به على من ينكر القياس كابن حزم الّذي إذا أردنا أن نحتجّ به فيجب أن نقاومه بسند كالجبال قوّة ، وليس بمثل هذا الإسناد الواهي ، ضعفا وشدّة ضعف ، فهذا أوّلا سنده ضعيف لا تقوم به حجّة ، وقد كنت ذكرته في سلسلة أكثر من عشرة أشخاص من علماء الحديث القدامى والمحدثين ، الّذين ضعّفوا هذا الحديث ، وقالوا بأنّه حديث منكر ، وفعلا فإنّه منكر ، ذلك لأنّه كما سمعتم آنفا ، يصنّف التّشريع على ثلاثة مراتب ، أو يصنّف بحث الباحث ، إذا أراد أن يبحث في مسألة ما على ثلاثة مراتب ، فيبدأ بالقرآن ، فإن لم يجد في القرآن ففي السّنّة ، فإن لم يجد في السّنّة ، يجتهد ويقيس فأنتم تجدون هنا ، أنّه أنزل هذا الحديث السّنّة بالنّسبة للقرآن منزلة الرّأي والإجتهاد بالنّسبة للسّنّة ، أي متى يجتهد الإنسان ويقيس ؟ حينما لا يجد السّنّة ، طيّب ومتى يلجئ إلى السّنّة ؟حينما لا يجد في القرآن ؟ أكذلك هو ؟ الجواب لا ، وليس العهد عنكم ببعيد ، في المثال السابق (( حرّمت عليكم الميتة ... )) فلو وقف الواقف عند هذه الآية سئل أو سأل سائل ، ما حكم الحوت الميّت ؟ نظرنا إلى القرآن كما أمرنا الحديث ، حديث معاذ ، بما تحكم ؟ قال بكتاب الله ، نظرنا في كتاب الله ، وإذا به يقول (( حرّمت عليكم الميتة )) ، إذا ميتة البحر حرام ، أيكفي هذا ؟ في آية تحريم النّكاح في النّكاح (( وأحلّ لكم ما وراء ذلكم )) بما لم يذكر ، كالأمّ والأخت في الرّضاعة وما شابه ذلك ، بينما الرّسول صلىّ الله عليه وسلّم يقول إيش ؟ ( يحرم من الرّضاع ما يحرم من النّسب ) ، هذا لا يوجد في القرآن إذا ليس صوابا هذا النّهج الّذي وضعه الرّاوي لهذا الحديث ، وهو أن يعتمد القاضي أوّل ما يعتمد على القرآن ، فإن لم يجد الجواب في القرآن نزل إلى السّنّة إن لم يجد في السّنّة نزل إلى الرّأي والاجتهاد و القياس ، السّنّة مع القرآن توأمان ، لا يجوز الفصل بينهما ، بخلاف القياس مع السّنّة فليس توأمان أبدا ، وإنّما يلجىء الإنسان إلى القياس ، حينما لا يجد النّصّ في السّنّة ، فحينئذ هذا التّقسيم المذكور في الحديث ليس تقسيما علميّا ، يتجاوب مع حضّ الكتاب والسّنّة على الجمع بين الكتاب والسّنّة ، كما في الحديث الصّحيح ( تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما إن تمسكّتم بهما ، كتاب الله وسنّتي ، ولن يتفرّقا ، حتّى يردا عليّ الحوض ) فإذا لا يجوز هذا التّصنيف بما تحكم ؟ قال بكتاب الله ، فإن لم تجد ؟ فبسنّة رسول الله ونحن نسأل الآن ، كل متفقّه على هذا المنهج السّلفي ، بما تحكم ؟ يقول لك رأسا بالكتاب والسّنّة ، مش بالكتاب ، لأنّنا ذكرنا مش بالكتاب وحده ، ذكرنا آنفا السّنّة تبيّن ما أجمل في القرآن وتخصّص ما أطلق عمومه في القرآن تقيّد ما أطلق في القرآن ، وهكذا فلا يجوز أخذ الأحكام من القرآن دون النّظر في السّنّة ، بل يجب التّأليف و الجمع بينهما ، ثمّ الإنطلاق والصّدور عن حقيقة هذا الجمع ، ما الّذي ينتج من الجمع بينهما ؟ فهو الّذي يجب أن يفتى به ، نحن نقول مثل هذا الكلام ، يمكن أن يقوله إنسان ما غير معصوم غير مشرّع عن ربّ العالمين ، وهو الرّسول لا غير ، ممكن إنسان آخر أن يقول يا أخي أهمّ شيء عندنا القرآن الكريم ، ثمّ السّنّة ، بأيّ اعتبار هذا التّصنيف ؟ باعتبار أنّ القرآن ثابت قطعيّ الثّبوت كما يقول علماء الأصول ، أمّا الحديث فظنيّ الثّبوت كما قلنا آنفا ، ردّا على أولئك الذين يقولون لا يوجد نصّ قاطع مثلا في تحريم آلات الطّرب ، يكفينا الحديث ولو كانت دلالته ظنّيّة لكن ظنيّة راجحة فقد يتكلّم إنسان ما ، من حيث التّصنيف في القوّة ، لا من حيث الرّجوع ، فالرّجوع إلى الكتاب والسّنّة ، يجب الرّجوع إليهما معا ، لا نفرّق بين الله ورسوله أبدا (( من يطع الرسول فقد أطاع الله )) بينما نفرّق تماما بين السّنّة والرّأي ولا نلجئ إلى الرّأي والقياس ، إذا إيش ؟ إذا كان هناك سنّة تغنينا عن القياس ، وكما قيل " ومن ورد البحر استقلّ السّواقي " بهذا البيان في اعتقادي قد يكون فيه جواب لمن قد يستشكل ما يذكر في بعض كتب الأصول من خطاب عمر بن الخطّاب لأبي موسى ، إنّه فيه في الواقع هذا الكتاب ، إنّه الحكم أوّلا بالقرآن ، ثمّ بالسّنّة ، هذا أوّلا نحمد الله ، أنّه ليس حديثا مرفوعا ، وثانيا يمكن حمله على هذه الحالة الّتي ذكرناها آنفا ، لكن القاضي فعلا ، القاضي الواحد من الثّلاثة ، الّذين تحدّث عنهم الرّسول عليه السّلام في الحديث المعروف ( قاضي في الجنّة وقاضيان في النّار ) هذا القاضي الواحد لا يجوز له أبدا أن يقضي بين النّاس على أساس ما نصّ عليه حديث معاذ أوّلا الكتاب ، لا ، نحن نقول الكتاب والسنّة معا لا نفرّق بين الكتاب والسنة ، لأنه لا يمكن لأحد من الناس إطلاقا ، ولو كان سيبويه زمانه في اللّغة العربيّة أن يفهم القرآن ، دون الاستعانة بسنّة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فلهذا نحن نعتقد أن حديث معاذ هذا بالإضافة إلى كون إسناده ضعيفا منكرا ، فمتنه أيضا منكرا يحمل في طواياه ما يحمل الفقيه المتبصّر بدينه على أن يردّه على هذا الرّاوي المجهول وأن يقول آمنّا بالله وبرسوله.
أبو مالك : من تمام الفائدة أيضا أن نذكر هنا الحديث الصّحيح ، الّذي صحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو قوله ( ألا لا ألفينّ أحدكم متّكئا على أريكته يقول ما جاءنا من كتاب الله عملنا به وصدّقناه ، وما لم يأتي رددناه ، ألا وإنّي أوتيت الكتاب ومثله معه )
الشيخ : أينعم
أبو مالك : وطبعا الرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقول في الحديث الصّحيح الآخر ( ولن يتفرّقا ) أي الكتاب والسّنّة ( حتّى يردا عليّ الحوض ) نحن الحقيقة نجد أن بعض الإخوة وخاصّة القادمين من السّفر جاؤوا ليحضروا هذا المجلس المبارك وطبعا هناك بعض الإخوة أيضا بادي التّعب والإجهاد على وجوههم ولذلك نقتصر الجلسة بسؤالين سريعين نستفسر بهما أوّلا عن.