مناقشة الآثار التي جاءت في الطبري أن المراة تكشف عين واحدة . حفظ
السائل : أريد أن أسألك عن ثلاث قضايا ؟
الشيخ : تفضل .
السائل : الروايات التي في الطبري ، في تفسير آية (( يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ))
الشيخ : أيوة
السائل : فيها ثلاث روايات تفيد يدنين على جلابيبهن قصدي يغطّين وجوههنّ ، ولا يبقين إلاّ عين واحدة .
الشيخ : نعم .
السائل : أنا اتّصلت في كتاب الحجاب مرّة فقلت لنا أنّ هذه الرّواية ضعيفة .
الشيخ : أي نعم .
السائل : لكن الشيخ السّندي في السعودية وغيره ، يقولون أنّها أصح الروايات وأنها أعلى درجات الصّحّة .
الشيخ : سامحهم الله .
السائل : سامحهم الله يعني الثّلاث الرّوايات الموجودة في الطّبري الثّلاث ضعاف !؟
الشيخ : الثّلاث روايات يا أستاذ علميّا لا يجوز الكلام عنها بالتعبير الشامي ولعلّك تأثّرت بلغتنا
السائل : لكم فضل كبير بارك الله فيكم .
الشيخ : عفوا ، لا يجوز الحكم على الرّوايات الثّلاث بالكوم بالجملة ، وإنما لكلّ رواية ، حديث خاصّ بها .
السائل : هل في إحداهنّ قويّة أوفي غاية ... الصّحّة إحداهنّ فقط ؟
الشيخ : هي الرّوايات عندك بين يديك الآن ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ، في عندك رواية ابن عباس هل هي بين يديك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : رواية بن عبّاس بين يديك ؟
السائل : أيوة بين يديّ .
الشيخ : إيه اقرأ إسنادها .
السائل : عن ابن عباس ، حدثني علي قال حدثنا أبو صالح قال حدثني معاوية ...
الشيخ : وقّف عندك ، أبو صالح هذا اسمه عبد الله بن صالح ، وهو كاتب اللّيث وفيه ضعف ، معروف به عند أهل الحديث ، وكان له جار يدسّ عليه ما ليس من حديثه .
السائل : نعم .
الشيخ : امش الآن معاوية بن صالح ؟
السائل : حدّثني علي قال حدّثني أبو صالح قال حدثتي معاوية
الشيخ : أي معاوية بعده .
السائل : عن عليّ عن ابن عبّاس .
الشيخ : عليّ هذا هو ابن أبي طلحة ولم يسمع من ابن عباس ، فهل تعتقد ولا شكّ إنّك تشاركنا في كثير من بضاعتنا في علم الحديث .
السائل : بارك الله فيك .
الشيخ : فهل تشكّ حينئذ في مثل هذا السّند أنّه لا تقوم به حجّة ؟
السائل : الثّاني يا أستاذ .
الشيخ : هاته .
السائل : حدّثني يعقوب قال حدّثني ابن عليّة عن ابن عون عن محمّد عن عبيدة .
الشيخ : عبيدة هذا تابعي
السائل : نعم
الشيخ : ولو كان حديثه مرفوعا ، إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلم لكان مرسلا .
السائل : نعم .
الشيخ : وهل يكون الحديث المرسل حجّة !؟
السائل : لا ، لا يصير حجة أستاذ .
الشيخ : فما بالك وهو مقطوع موقوف عليه !؟
السائل : موقوف عليه فهذا اجتهاد منه .
الشيخ : اجتهاد منه .
السائل : السند إليه صحيح ؟
الشيخ : السند إليه صحيح .
السائل : السّند إلى عبيدة صحيح .
الشيخ : أي نعم
السائل : هم يقصدون هذا ، هو هذا الذي يقولون عنه في غاية الصحة ، فيقولون عبيدة هو رجل ... إذا قال هذا فلا بد أن يكون قاله عن علم .
الشيخ : لكن هذا الكلام ليس من كلام أهل العلم ، يعني إذا صحّ السّند إلى تابعي بقول أو بتفسير أو بحكم فهذا في مواطن النّزاع والخلاف يطرح على الأدلّة الشرعيّة ، فإن وافقها ، قبل ، لا لأنّه هو قال بذلك ، وإنمّا لأنه وافق الأدلة الشرعية .
السائل : بارك الله فيك .
الشيخ : وحينئذ لا يجوز الاستدلال به ، وبخاصّة في مخالفة الآثار الصّحيحة الواردة عن كبار الصّحابة ، وبخاصّة منهم ابن عبّاس ، هذا الّذي وجدت السّنّد إليه ضعيفا هزيلا ، فقد صحّ عنه بأنّ وجه المرأة ليس بعورة ...
السائل : هذا صح عنه أين أستاذ ؟
الشيخ : في مصنّف ابن أبي شيبة ... وذلك صحّ عن سميّه عبد الله ، لكن بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كذلك صحّ مثله ، فكيف نؤثر ونقدّم رأيا لعبيد هذا أو عبيدة ، عبيدة هذا ، كيف نقدّم قوله وتفسيره للآية على ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه !؟
السائل : أنا أقصد شيخ أنّ هذا الحديث ...
الشيخ : إذا كان لاحرج عليك فأنا معك .
السائل : لاحرج عليّ ... حدثني يعقوب قال حدثني هشيم قال أخبرنا هشام عن ابن سيرين قال سألت عبيدة ، يعني الواسطة الأخير عبيدة فقط .
الشيخ : عبيدة هذا له أكثر من سند ، ولذلك نحن لا نشكّ بصحة هذا القول المرويّ عنه ، لكن لا حجّة فيه .
السائل : الروايات الأخرى ، في أربع روايات تفيد أجزاءها إلى الجبهة .
الشيخ : بعضها
السائل : هل فيها شيء صحيح أم كلّها ضعيفة أيضا ؟
الشيخ : بعضها ثابت وحسبك ما ذكرت لك آنفا ابن عباس وابن عمر بالأسانيد الصحيحة ، أن وجه المرأة ليس بعورة ولكن أنا أريد أن ألفت نظرك إلى ناحية علميّة لغويّة .
السائل : تفضّل .
الشيخ : وهي التي لا يتعرض لها ، إخواننا مشايخ السّعودية حينما قال تعالى (( يدنين عليهن من جلابيبهن )) فهم يفسّرون قوله تعالى (( يدنين )) بيغطّين ، وهذا التّفسير خطأ من المسلمين جميعا ، هذا التّفسير ، خطأ من المسلمين جميعا ، بما فيهم مشايخ السّعودية ، لأنّهم يبيحون والحمد لله يبيحون للمرأة عن أن تكشف على الأقلّ عن عين واحدة وتسامح بعضهم جزاه الله خيرا فسمحوا لها بالكشف عن العينين فأليس العينان من الوجه !؟
السائل : بلى .
الشيخ : آه ، كيف إذا يفسّرون (( يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ )) أي يغطين وجوههنّ بجلابيبهنّ ؟ هذا لا يمكن أن يقوله إنسان يفكّر فيما يخرج من فيه ، ولقد أجريت مع بعض المشايخ هناك في سفرتي الّتي أشرت إليها آنفا ، تفسيرا تجريبيّا عمليّا قلت لأحدهم ها أنت تضع العمامة على رأسك ، فافترض أنّ هذه العمامة هي الجلباب المذكور في الآية ، فالآن غطّي وجهك بهذا الجلباب ، ففعل فقلت له امشي إليّ ، قال لا أستطيع ، قلت إذا كيف تفرضون على النّساء ما لا تستطيعون !؟ كيف يشمون في الطّرقات !؟ قال تفتح ثقبا ، يضحك الشّيخ رحمه الله . هذه من عجائب الأفكار قال نفتح ثقبا لترى بعين واحدة ، فقلت له أنتم تقولون بفلسفتكم الخاصّة ، حينما لا تجدون من الأدلّة الشرعيّة ما تؤيّدون به وجهة نظركم ، وتقيمون الحجّة بها على مخالفكم ، تذهبون إلى الفسلفة ، وإلى علم الكلام الذي تخصّصتم بمحاربته فقط في العقيدة ، أمّا في الأحكام الشرعية والفروع ، فقد تلبّستم بعلم الكلام ، من ذلك أنكم تقولون : كيف يعقل أن يكون وجه المرأة ليس بعورة ، وأجمل ما في المرأة وجهها ، هذه فلسفة ، وبناءا على فلسفتكم أقول لكم إذا كان أجمل ما في المرأة وجهها ، فما هو أجمل ما فيه وجهها ؟ أليس عيناها ؟ قال نعم ، فقلت كيف أبحت بأن تكشف عن أجمل ما فيها ؟ وهو عينها ، وخلاف الإدناء الّذي فسّرتموه بالتّغطية ، فبهت الرجل ، وهذه نقطة أرجو أن تكون معي مفكّرا فيها ، لا أريد أن تكون معي مقلّدا ، فنحن كما تعلم نحارب التّقليد ، وندعوا إلى التّبصير ، فحينما قال تعالى (( يدنين )) كان هناك حكمة بالغة جدا ، حينما عدل ربنا عن قوله يغطّين لأنّ الإدناء له حدود ، وهذا ما جاء تفسيره في السّنّة العمليّة من جهة ، والأحاديث في ذلك كثيرة ، كما لابدّ أنّك كنت قرأتها في كتابي حجاب المرأة المسلمة ، وبخاصّة حديث أسماء الّذي يدندن السعوديّون على تضعيفه ، هم ومن تابعهم ومن قلّدهم ، إنهّم يذهبون إلى أنّه حديث ضعيف وأنا قد قلت بأن إسناد أبي داوود فيه ضعيف فعلا.
السائل : لكن يتقوّى .
الشيخ : لكن يتقوّى أوّلا بطريق أخرى في سنن البيهقي ، وثانيا بأقوال الصّحابة الّتي ذكرت لك آنفا بعضها ، وثالثا وأخيرا السّنّة العمليّة ألا وهو قوله عليه السّلام ( إذا بلغت المرأة المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها وكفّيها ) فهذا يبيّن قوله تعالى في القرآن (( يدنين )) هذا الحديث يحدّد مساحة الإدناء وهو جميع البدن إلا الوجه والكفّين.
السائل : بارك الله فيكم .
الشيخ : وفيكم بارك .
السائل : ذكرتم تحقيق موسّع عن حديث أسماء في كتاب الحجاب
الشيخ : أي نعم
السائل : ثم ذكرتم الحديث الصحيح في سنن أبي داوود .
الشيخ : أيوة
السائل : هل هناك شيء جديد زائد على التّحقيق الموجود حجاب المرأة المسلمة ؟
الشيخ : سترى ذلك في طبعتنا الجديدة إن شاء الله وعسى أن يكون ذلك قريبا .
السائل : الطبعة الجديدة لكتاب الحجاب ؟
الشيخ : أيوه أيوه .
السائل : هل فيه المزيد من التحقيق عمّا ورد هنا الآن ؟
الشيخ : وهل تعرف منّا الجمود على القديم !؟
السائل : لا لا عفوا .
الشيخ : يضحك الشّيخ رحمه الله ، أنا أقول في كلّ طبعة شيء جديد .
السائل : أنا قصدي بالنسبة لهذا الحديث ، تحقيق حديث أسماء ...
الشيخ : نعم ، نعم فيه جديد .
السائل : بارك الله فيك
الشيخ : أنت تعرف الطبعة الأولى من الحجاب ؟
عبد الحميد : نعم .
الشيخ : ألا تجد فرقا وهي الطبعة الّتي قمتم أنتم بطبعها في مصر .
السائل : هذا صحيح .
الشيخ : آه ، ألا تجد فرقا وبونا شاسعا بينها وبين الطّبعة الّتي قام بطبعها المكتب الإسلامي .
السائل : نعم فرقا كبيرا .
الشيخ : فستجدون مثل هذا الفرق أو أكبر في الطبعة الجديدة إن شاء الله .
السائل : متى تتوقع تقريبا ظهورها .
الشيخ : أمّا متى هذا فليس في ملكي ولا في طوقي
السائل : بارك الله فيك .
الشيخ : لأنّ هذا يتعلّق بالطّابع والنّاشر .
السائل : السؤال الثّالث أستاذ .
الشيخ : نعم ؟
السائل : السّؤال الثّالث .
الشيخ : تفضّل
السائل : قد ذكرتم في ... أنه يجوز أن تكشف وجهها بشرط أن لا يكون فيه شيء من الزينة .
الشيخ : أيوه الزينة الاصطناعية .
السائل : عفوا لم تنص على هذا يا أستاذ عفوا .
الشيخ : إذا ما كنت نصصت فأنصّ الآن ولك الفضل .
السائل : بارك الله فيكم يا أستاذ ، ذكرت حديث يفيد ظهور العينين والخضاب في اليدين ، بشرط أن لا يكون فيهنّ شيء من الزّينة قاطع تماما كلّ شيء .
الشيخ : لكن لا يكون عليهما شيء من الزنية ، ما الذي يتبادر إلى ذهنك ؟ بعد أن خصّصنا بالذّكر الكحل والحناء ، أليس يتبادر إلى الذّهن من هذه العبارة ، أنّه المقصودة الزّينة المصطنعة من المرأة هذا الذي أنا رميت إليه ومع ذلك فسأزيل ما إذا كان في العبارة غموض ما .
السائل : عفوا من يقف عندها ، يعني قد يغفل على الأول أو ...
الشيخ : على كل حال إن شاء الله نوضّح ذلك .
السائل : بارك الله فيكم .
الشيخ : وفيك بارك .
السائل : إن شاء الله نراكم على خير معافيا أستاذ.
الشيخ : وأنتم بخير .
السائل : مع تحيّاتنا للحضور جميعا وربّنا يحفظكم ويطيل عمركم .
الشيخ : الله يسلّمك ويجزيك خير .
السائل : إلى اللّقاء إن شاء الله .
الشيخ : أهلا مرحبا ، السلام عليكم .
السائل : وعليكم السّلام .