تتمة شرح قول المؤلف رحمه الله : " ... فإذا عرفت أن هذا الذي يسميه المشركون في زماننا هذا كبير الاعتقاد هو الشرك الذي نزل فيه القرآن وقاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس عليه ، فاعلم أن شرك الأولين أخف من شرك أهل زماننا بأمرين :
أحدهما : أن الأولين يشركون ويدعون الملائكة والأولياء والأوثان مع الله في الرخاء ، وأما في الشدة فيخلصون لله الدعاء . كما قال تعالى : (( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا )) .
وقوله : (( قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين ** بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون ))
وقوله : (( وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه )) ، إلى قوله : (( قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار )) وقوله : (( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين )) .
فمن فهم هذه المسألة التي وضحها الله في كتابه ، وهي أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعون الله ويدعون غيره في الرخاء ، وأما في الضراء والشدة فلا يدعون إلا الله وحده لا شريك له وينسون ساداتهم ، تبين له الفرق بين شرك أهل زماننا وشرك الأولين ، ولكن أين من يفهم قلبه هذه المسألة فهما راسخا ، والله المستعان ... " . حفظ