تتمة فوائد حديث : ( إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه ... ). حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين .
سبق لنا حديث عديّ بن حاتم وذكرنا فيه ما شاء الله من الفوائد فلنكمل الآن ما بقي وأظنّ انتهينا إلى قوله؟
الطالب : ( فإنّك لا تدري أيهما قتله ).
الشيخ : ( فإنّك لا تدري أيهما قتله ) من فوائد هذا الحديث: أنّ الشّكّ في شرط الحلّ مؤثّر في الحلّ، بمعنى أنّ الإنسان إذا شكّ هل وجد شرط الحلّ أما لا فإنه يكون حرامًا لقوله: ( فإنّك لا تدري ) إيش؟
الطالب : أيهما قتله.
الشيخ : ( أيهما قتله ) طيب، من فوائده أيضًا: أنه إذا علم أنّ أحد الكلبين قتله ثبت الحكم، فإن علم أنه كلبه فهو حلال وإن علم أنّه كلب آخر فهو؟
الطالب : حرام.
الشيخ : فهو حرام، طيب هذا أخذناه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ومن فوائد هذا الحديث: جواز الرّمي بالسّهام لقوله: ( وإن رميت بسهمك ) إلى آخره، ووجه الجواز أنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم جعله سببًا للحلّ، يتفرّع على هذه الفائدة أنّه ينبغي للإنسان أن يتعلّم كيف يصيد ما دام الرّمي مصدرًا للرّزق، فإنّ طلب الرّزق مأمور به وما توقّف عليه المأمور به كان مأمورًا به، على أنّ الأمر بتعلّم الرّماية له جهة أخرى وهي؟ الجهاد في سبيل الله ولهذا أباح الشّرع فيه العوض والمراهنة مع أنّ المغالبة بالرّهان في غير ذلك لا تجوز إذ لا تجوز إلاّ في ثلاثة أشياء وهي: النّصل والحافر والخفّ.
من فوائد هذا الحديث: أنّ محلّ الذّكر عند إرسال السّهم وليس عند إصلاح السّهم ولا عند إصابة السّهم إنما هو عند الإرسال، أما كونه لا يكون عند إصلاح السّهم فلأنّ المدّة تطول بين إصلاح السّهم وبين رميه، وثانيًا: أنه لا يدري هل يرمي بهذا السّهم على الصّيد أو على عدوّ أراده أو على سبع أو كلب أو ما أشبه ذلك، وأما كونه لا يجب عند الإصابة فلأنّ هذا من الأمور الشّاقّة أو إيش؟ أو المتعذّرة لهذا وضع الشّرع والحمد لله عن هذه الأمّة هذه المشقّة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه إذا غاب الصّيد الذي أصابه السّهم ثمّ وجده ولم يجد فيه إلاّ أثر سهمه كان حلالًا، حتى لو فرض أنه بقي ساعة أو بعد ساعتين بعد إصابة السهم ثمّ مات فإنه حلال، بينما لو أدركه الإنسان عند إصابة السّهم فإنّه حيّ حياة مستقرّة فإنه يجب عليه أن يذكّيه، لكن هنا لمّا غاب صارت تذكيته متعذّرة لهذا سمح فيه حتى لو غلب على الظّنّ أنه سيبقى نصف يوم في هذا الجرح ولم يجد فيه إلاّ أثر السّهم فهو؟
الطالب : حلال.
الشيخ : فهو حلال، وهذا من باب التّخفيف على الأمّة لأنّه في هذه الحال عاجز عن تذكيته، والمعجوز عن تذكيته حكمه حكم الصّيد.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يشترط لما غاب عن الرّامي أن لا يجد فيه أثرًا إلاّ أثر سهمه لقوله: ( فلم تجد فيه إلاّ أثر سهمك ).
ومن فوائده: أنه إذا وجد فيه أثرًا سوى أثر سهمه فإنّه لا يحلّ، ولكن هل هذا على الإطلاق أو فيه تفصيل؟ ينبغي أن يقال فيه تفصيل وذلك لعلمنا بالعلّة في عدم الحلّ، ما هي العلّة؟ لأنّنا لا ندري أمات بسهمه أم بما أصابه من غيره، وبناء على ذلك أننا إذا علمنا أنّ الذي أماته سهمه وأنّ السّهم الآخر إنما أصابه في رجل أو في جناح أو ما أشبه ذلك فهنا مقتضى الأدلّة السّابقة واللّاحقة أنه إيش؟ أنّه حلال، وعلى هذا فيكون المفهوم لا عموم له وهذه قاعدة مفيدة وهي أن المفهوم لا يتناول جميع الصّور فيم عدا المنطوق بل قد يكون في بعض الصّور تفصيل وهذا شيء كثير، منها مثلًا حديث ركانة حين طلّق زوجته ثلاثا في مجلس واحد فسأله النّبيّ قال: ( في مجلس واحد؟، قال: نعم، قال: هي واحدة، قال: طلّقتها ثلاثًا يا رسول الله! قال: قد علمت، راجعها فإنها واحدة ) قال شيخ الإسلام وإنما قال في مجلس واحد لأنه إذا كان في مجالس فربما يكون راجعها بعد الطّلقة الأولى ثمّ طلّقها، وإذا رجعت بعد الطّلقة الأولى ثمّ طلّقها صارت ثانية، فإن راجعها مرّة ثانية ثمّ طلقّها الثالثة صارت ثالثة وبانت منه، يقول رحمه الله: فالمفهوم لا عموم له لأنه لو طلقّها في غير هذا المجلس ففيه تفصيل، أيضًا هذا نقول إذا لم يجد فيه إلاّ أثر سهمه فيه تفصيل: إن وجد فيه أثرا غير سهمه فماذا نقول يا ... ماذا نقول؟
الطالب : ...
الشيخ : ما هو؟
الطالب : إذا كان غلب على ظنّه ... فهو جائز.
الشيخ : وإن وجد أثرًا آخر؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، وإن تردّد؟
الطالب : غير جائز.
الشيخ : غير جائز، صحيح كلامه؟ نعم إذن المفهوم لا عموم له بل ينظر إذا وجد فيه أثرًا غير أثر سهمه فإن كان مميتًا فالصّيد هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : إن كان أثر الثاني مميتًا؟
الطالب : حرام.
الشيخ : فالصّيد حرام، لأنّنا لا ندري أيهما قتله وربّما يغلب على ظنّنا أنه قتله غير سهمه إذا كان السّهم خفيفًا، وإن علمنا أنّ الذي أصابه تماما هو سهمه بحيث ضربه في قلبه وذاك في جناحه أو رجله فالحكم لإيش؟ لسهمه فيكون حلالًا، طيب.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الإنسان إذا غاب عنه الصّيد فهو مخيّر إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل ولهذا قال: ( كل إن شئت ) هذه قد يقول القائل هذا كقول القائل: السّماء فوقنا والأرض تحتنا، ولكن نقول لا هي لها فائدة، قوله: ( إن شئت ) لأنه إذا تركه وعافته نفسه فلا يقال هذا من باب إضاعة المال وأنه لا يحلّ له أن يدع الأكل، بل نقول له أن يدع الأكل لأن الرّسول قال: ( إن شئت ) ربّما يكون هذا الصّيد كبيرًا يساوي مائتين ثلاثمائة ريال أكثر، ... نفسه حين غاب عنه فنقول الحمد لله الرّسول عليه الصّلاة والسّلام خيّرك قال: ( إن شئت ) بينما لو كانت نفسه لا تعافه لكان تركه إيش؟ إضاعة للمال ولا نخيّره في ذلك.
من فوائد هذا الحديث أيضًا: أنه إذا وجد الصّيد غريقًا في الماء فلا يأكل، غريقًا في الماء فلا يأكل، لماذا؟ علّله النّبيّ صلى الله عليه وسلّم في حديث آخر قال: ( فإنّك لا تدري الماء قتله أم سهمك ) ولهذا قال: ( غريقًا ) ما قال إن وجدته في الماء بل قال: ( غريقًا في الماء ) يعني بمعنى أنّنا نعلم أنّه مات بإيش؟
الطالب : بالغرق.
الشيخ : وعليه فإذا كان الجرح موحيًا أي قاتلًا ووجدناه في الماء فهل نأكل أو لا؟ نأكل لأنّنا نعلم أنّه مات بالسّهم وليس بالغرق.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لو وجد حريقًا في نار فهل يؤكل أم لا؟
الطالب : لا يؤكل.
الشيخ : نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : هو في الواقع قد لا نستطيع العثور على الجرح محتمل، لكن إن أمكن يعني أن نعرف أن الجرح هو الذي قتله فهو كالماء، لكن لما كان الحريق أو المحترق لا يتبيّن فيه أثر السّهم قلنا لا تأكل لأنّ تبيّن أثر السّهم في الحرق إيش؟ بعيدٌ جدًّا بخلاف الغرق، ومن فوائد الحديث أيضًا: الحكم بالظاهر، الحكم بالظاهر وأنه وإن احتمل شيء آخر فلا عبرة به لأنه قال: ( إن غاب عنك يومًا ولم تجد فيه إلاّ أثر سهمك فكُل إن شئت ) وهذا غالب أحكام الشّريعة مبنيّة على الظاهر إلاّ إذا كان هذا الظاهر يستلزم إبطال شيء متيقّن فإنه لا يلتفت إليه لأنّ اليقين مقدّم على الظّنّ، مثاله: رجل وجد حركة في بطنه ثم أشكل عليه انتقض وضوؤه أم لا وغلب على ظنّه أنّه انتقض وضوؤه فهل يجب أن يتوضّأ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لا، ولهذا قلنا ما لم يكن الظاهر مبطلًا لليقين فإنه لا يلتفت إليه، إذ أنّ الظاهر ظنّ والظنّ لا يثبت به اليقين ولهذا قال النّبي عليه الصّلاة والسّلام لما أشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ قال: ( لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا ) والقاعدة عند العلماء أنّ " اليقين لا يزول بالشّكّ ".
من فوائد الحديث: أنّ ظاهره أنّه لا فرق أن يصيبه السّهم بعرضه أو بحدّه ولكنّ هذا الظاهر غير مراد، لأنّه سيأتينا أنّه إذا أصاب بعرضه فهو وقيذ ميّت وإن أصاب بحدّه فهو حلال.
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين .
سبق لنا حديث عديّ بن حاتم وذكرنا فيه ما شاء الله من الفوائد فلنكمل الآن ما بقي وأظنّ انتهينا إلى قوله؟
الطالب : ( فإنّك لا تدري أيهما قتله ).
الشيخ : ( فإنّك لا تدري أيهما قتله ) من فوائد هذا الحديث: أنّ الشّكّ في شرط الحلّ مؤثّر في الحلّ، بمعنى أنّ الإنسان إذا شكّ هل وجد شرط الحلّ أما لا فإنه يكون حرامًا لقوله: ( فإنّك لا تدري ) إيش؟
الطالب : أيهما قتله.
الشيخ : ( أيهما قتله ) طيب، من فوائده أيضًا: أنه إذا علم أنّ أحد الكلبين قتله ثبت الحكم، فإن علم أنه كلبه فهو حلال وإن علم أنّه كلب آخر فهو؟
الطالب : حرام.
الشيخ : فهو حرام، طيب هذا أخذناه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ومن فوائد هذا الحديث: جواز الرّمي بالسّهام لقوله: ( وإن رميت بسهمك ) إلى آخره، ووجه الجواز أنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم جعله سببًا للحلّ، يتفرّع على هذه الفائدة أنّه ينبغي للإنسان أن يتعلّم كيف يصيد ما دام الرّمي مصدرًا للرّزق، فإنّ طلب الرّزق مأمور به وما توقّف عليه المأمور به كان مأمورًا به، على أنّ الأمر بتعلّم الرّماية له جهة أخرى وهي؟ الجهاد في سبيل الله ولهذا أباح الشّرع فيه العوض والمراهنة مع أنّ المغالبة بالرّهان في غير ذلك لا تجوز إذ لا تجوز إلاّ في ثلاثة أشياء وهي: النّصل والحافر والخفّ.
من فوائد هذا الحديث: أنّ محلّ الذّكر عند إرسال السّهم وليس عند إصلاح السّهم ولا عند إصابة السّهم إنما هو عند الإرسال، أما كونه لا يكون عند إصلاح السّهم فلأنّ المدّة تطول بين إصلاح السّهم وبين رميه، وثانيًا: أنه لا يدري هل يرمي بهذا السّهم على الصّيد أو على عدوّ أراده أو على سبع أو كلب أو ما أشبه ذلك، وأما كونه لا يجب عند الإصابة فلأنّ هذا من الأمور الشّاقّة أو إيش؟ أو المتعذّرة لهذا وضع الشّرع والحمد لله عن هذه الأمّة هذه المشقّة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه إذا غاب الصّيد الذي أصابه السّهم ثمّ وجده ولم يجد فيه إلاّ أثر سهمه كان حلالًا، حتى لو فرض أنه بقي ساعة أو بعد ساعتين بعد إصابة السهم ثمّ مات فإنه حلال، بينما لو أدركه الإنسان عند إصابة السّهم فإنّه حيّ حياة مستقرّة فإنه يجب عليه أن يذكّيه، لكن هنا لمّا غاب صارت تذكيته متعذّرة لهذا سمح فيه حتى لو غلب على الظّنّ أنه سيبقى نصف يوم في هذا الجرح ولم يجد فيه إلاّ أثر السّهم فهو؟
الطالب : حلال.
الشيخ : فهو حلال، وهذا من باب التّخفيف على الأمّة لأنّه في هذه الحال عاجز عن تذكيته، والمعجوز عن تذكيته حكمه حكم الصّيد.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يشترط لما غاب عن الرّامي أن لا يجد فيه أثرًا إلاّ أثر سهمه لقوله: ( فلم تجد فيه إلاّ أثر سهمك ).
ومن فوائده: أنه إذا وجد فيه أثرًا سوى أثر سهمه فإنّه لا يحلّ، ولكن هل هذا على الإطلاق أو فيه تفصيل؟ ينبغي أن يقال فيه تفصيل وذلك لعلمنا بالعلّة في عدم الحلّ، ما هي العلّة؟ لأنّنا لا ندري أمات بسهمه أم بما أصابه من غيره، وبناء على ذلك أننا إذا علمنا أنّ الذي أماته سهمه وأنّ السّهم الآخر إنما أصابه في رجل أو في جناح أو ما أشبه ذلك فهنا مقتضى الأدلّة السّابقة واللّاحقة أنه إيش؟ أنّه حلال، وعلى هذا فيكون المفهوم لا عموم له وهذه قاعدة مفيدة وهي أن المفهوم لا يتناول جميع الصّور فيم عدا المنطوق بل قد يكون في بعض الصّور تفصيل وهذا شيء كثير، منها مثلًا حديث ركانة حين طلّق زوجته ثلاثا في مجلس واحد فسأله النّبيّ قال: ( في مجلس واحد؟، قال: نعم، قال: هي واحدة، قال: طلّقتها ثلاثًا يا رسول الله! قال: قد علمت، راجعها فإنها واحدة ) قال شيخ الإسلام وإنما قال في مجلس واحد لأنه إذا كان في مجالس فربما يكون راجعها بعد الطّلقة الأولى ثمّ طلّقها، وإذا رجعت بعد الطّلقة الأولى ثمّ طلّقها صارت ثانية، فإن راجعها مرّة ثانية ثمّ طلقّها الثالثة صارت ثالثة وبانت منه، يقول رحمه الله: فالمفهوم لا عموم له لأنه لو طلقّها في غير هذا المجلس ففيه تفصيل، أيضًا هذا نقول إذا لم يجد فيه إلاّ أثر سهمه فيه تفصيل: إن وجد فيه أثرا غير سهمه فماذا نقول يا ... ماذا نقول؟
الطالب : ...
الشيخ : ما هو؟
الطالب : إذا كان غلب على ظنّه ... فهو جائز.
الشيخ : وإن وجد أثرًا آخر؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، وإن تردّد؟
الطالب : غير جائز.
الشيخ : غير جائز، صحيح كلامه؟ نعم إذن المفهوم لا عموم له بل ينظر إذا وجد فيه أثرًا غير أثر سهمه فإن كان مميتًا فالصّيد هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : إن كان أثر الثاني مميتًا؟
الطالب : حرام.
الشيخ : فالصّيد حرام، لأنّنا لا ندري أيهما قتله وربّما يغلب على ظنّنا أنه قتله غير سهمه إذا كان السّهم خفيفًا، وإن علمنا أنّ الذي أصابه تماما هو سهمه بحيث ضربه في قلبه وذاك في جناحه أو رجله فالحكم لإيش؟ لسهمه فيكون حلالًا، طيب.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الإنسان إذا غاب عنه الصّيد فهو مخيّر إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل ولهذا قال: ( كل إن شئت ) هذه قد يقول القائل هذا كقول القائل: السّماء فوقنا والأرض تحتنا، ولكن نقول لا هي لها فائدة، قوله: ( إن شئت ) لأنه إذا تركه وعافته نفسه فلا يقال هذا من باب إضاعة المال وأنه لا يحلّ له أن يدع الأكل، بل نقول له أن يدع الأكل لأن الرّسول قال: ( إن شئت ) ربّما يكون هذا الصّيد كبيرًا يساوي مائتين ثلاثمائة ريال أكثر، ... نفسه حين غاب عنه فنقول الحمد لله الرّسول عليه الصّلاة والسّلام خيّرك قال: ( إن شئت ) بينما لو كانت نفسه لا تعافه لكان تركه إيش؟ إضاعة للمال ولا نخيّره في ذلك.
من فوائد هذا الحديث أيضًا: أنه إذا وجد الصّيد غريقًا في الماء فلا يأكل، غريقًا في الماء فلا يأكل، لماذا؟ علّله النّبيّ صلى الله عليه وسلّم في حديث آخر قال: ( فإنّك لا تدري الماء قتله أم سهمك ) ولهذا قال: ( غريقًا ) ما قال إن وجدته في الماء بل قال: ( غريقًا في الماء ) يعني بمعنى أنّنا نعلم أنّه مات بإيش؟
الطالب : بالغرق.
الشيخ : وعليه فإذا كان الجرح موحيًا أي قاتلًا ووجدناه في الماء فهل نأكل أو لا؟ نأكل لأنّنا نعلم أنّه مات بالسّهم وليس بالغرق.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لو وجد حريقًا في نار فهل يؤكل أم لا؟
الطالب : لا يؤكل.
الشيخ : نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : هو في الواقع قد لا نستطيع العثور على الجرح محتمل، لكن إن أمكن يعني أن نعرف أن الجرح هو الذي قتله فهو كالماء، لكن لما كان الحريق أو المحترق لا يتبيّن فيه أثر السّهم قلنا لا تأكل لأنّ تبيّن أثر السّهم في الحرق إيش؟ بعيدٌ جدًّا بخلاف الغرق، ومن فوائد الحديث أيضًا: الحكم بالظاهر، الحكم بالظاهر وأنه وإن احتمل شيء آخر فلا عبرة به لأنه قال: ( إن غاب عنك يومًا ولم تجد فيه إلاّ أثر سهمك فكُل إن شئت ) وهذا غالب أحكام الشّريعة مبنيّة على الظاهر إلاّ إذا كان هذا الظاهر يستلزم إبطال شيء متيقّن فإنه لا يلتفت إليه لأنّ اليقين مقدّم على الظّنّ، مثاله: رجل وجد حركة في بطنه ثم أشكل عليه انتقض وضوؤه أم لا وغلب على ظنّه أنّه انتقض وضوؤه فهل يجب أن يتوضّأ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لا، ولهذا قلنا ما لم يكن الظاهر مبطلًا لليقين فإنه لا يلتفت إليه، إذ أنّ الظاهر ظنّ والظنّ لا يثبت به اليقين ولهذا قال النّبي عليه الصّلاة والسّلام لما أشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ قال: ( لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا ) والقاعدة عند العلماء أنّ " اليقين لا يزول بالشّكّ ".
من فوائد الحديث: أنّ ظاهره أنّه لا فرق أن يصيبه السّهم بعرضه أو بحدّه ولكنّ هذا الظاهر غير مراد، لأنّه سيأتينا أنّه إذا أصاب بعرضه فهو وقيذ ميّت وإن أصاب بحدّه فهو حلال.