فوائد حديث :( إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فقتل فإنه وقيذٌ فلا تأكل ). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث من الفوائد: حرص الصّحابة رضي الله عنهم على التّعلّم حتى في المسائل غير الدّينيّة: الأكل والشّرب واللباس وغير ذلك نجد أنّ الصّحابة رضي الله عنهم يسألون عن هذه الأمور، وهذا واجب على كلّ إنسان أراد أن يفعل شيئًا أن لا يدخل فيه حتى يعرف إيش؟ أحكامه الشّرعية لأجل أن يكون على بصيرة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا كان المسؤول عالمًا بمعنى السّؤال فإنه لا يحتاج إلى استفهام ذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأله عن المعراض لأنه يعلمه مع أنّ علماء اللغة اختلفوا فيه، لكن أقرب ما يقال فيه ما ذكرناه لكم أنّه عصا في رأسه حديدة محدّدة نعم.
ومن فوائد الحديث: جواز الصّيد بالمعراض مع احتمال أن يصيب بالعرض أو بالحدّ، فلا يقال مثلًا: إذا كان فيه احتمال أن يصيب بالعرض فإنّ هذا لا يجوز لأنه إيذاء للحيوان أو لأنه يكون سببًا لإتلافه إذا لم تدركه فتذكّيه، تقول هذا مما أباحه الشّرع مع احتمال أن يصيب بإيش؟
الطالب : بعرضه.
الشيخ : طيب، ومن فوائد هذا الحديث: وجوب التّفصيل في الفتوى إذا دعت الحاجة إلى ذلك، لأنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم فصّل وهذا إذا احتيج إلى ذلك، يستفسر عن شرط الحكم، أما عن عدم المانع فلا يجب، انتبهوا لهذه القاعدة نحتاج إلى التّفصيل في إيش؟ في شرط الحكم، ولا يجب علينا التّفصيل في عدم المانع، ولهذا لو سألنا سائل: هلك هالك عن أب وأمّ وأخ لا نحتاج أن نقول هل الأب موافق للميّت في الدِّين أو لا؟ أو هل الأمّ كذلك؟ أو هل الأخ؟ ما نحتاج، لماذا؟ لأنّ هذا استفسار عن؟
الطالب : عن عدم المانع.
الشيخ : أي نعم عن عدم المانع ولا يجب، لكنّ لو قال: هلك هالك عن بنت وأخ وعمّ شقيق فهنا يجب أن نسأل نقول ما الأخ هذا؟ إن كان أخًا لأمّ فللبنت النّصف والباقي للعمّ، والأخ للأمّ يسقط بالبنت، وإن كان الأخ شقيقًا أو لأب فالباقي له ويسقط العمّ، في هذا الحديث الذي وقع فيه السّؤال من عديّ بن حاتم إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم فصّل الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ( قال: وإذا أصبت بعرضه فقتل فإنه وقيذٌ ) فيستفاد من ذلك أنه يجب على المفتي أن يستفصل فيما يحتاج إلى إيش؟ إلى التّفصيل لكن في شرط الحكم لا في انتفاء المانع، طيب من فوائد هذا الحديث: أنه لو أصاب المعراض بعرضه فأدركته وذكّيته وفيه حياة مستقرّة إيش؟ حلّ، يؤخذ من قوله: ( فقتل ) يعني: مات بإصابته بعرضه فإنّ هذا يعتبر قتلًا ولا يعتبر صيدًا مبيحًا للصّيد.
ومن فوائد هذا الحديث: حسن تعليم الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لأنّه علّل منعه من الأكل لأنّه وقيذ، وقد قال الله تعالى في المحرّمات: (( والموقوذة )).
ومن فوائد هذا الحديث أيضًا: جواز تقديم العلّة على الحكم كما يجوز تأخير العلّة عن الحكم وهو الأصل، الأصل تقديم الحكم ثمّ العلّة أو الدّليل لكن قد يأتي أحيانًا فيقدّم إيش؟ العلّة أو الدّليل، فمثلًا لو قال قائل: أنا صلّيت الظّهر ولكنّي لم أنوها ظهرًا نويتها عصرًا قلنا له: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ( إنّما الأعمال بالنّيّات وإنّما لكلّ امرئ ما نوى ) فصلّ الظهر، هنا قدّمنا الدليل على الحكم ولا بأس، أو نقول: صلّ الظهر لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنّما الأعمال بالنّيّات وإنّما لكلّ امرئ ما نوى ) وأيهما الأصل تقديم الدّليل أو الحكم؟
الطالب : الحكم.
الشيخ : الحكم، لأنّ الحكم كالدّعوى من المدّعي الذي نقول له هات بيّنة، هذا الحديث الذي معنا قدّم فيه التّعليل على الحكم لأنه قال: ( فإنّه وقيذٌ فلا تأكل ) طيب لو فرض أنّ الرسول عليه الصّلاة والسّلام لم يقل فلا تأكل هل يستفاد من هذا الحديث التّحريم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لماذا؟
الطالب : لأنه وقيذٌ.
الشيخ : لأنه وقيذ طيب، فيه تنبيه نبّهنا عليه اليوم من خلال هذا وهو إذا أمسك الكلب الصّيد هل يجب غسل ما أصابه فم الكلب من الصّيد؟ وهذه المسألة مهمّة، معلوم أنّ الكلب لعابه من أخبث النّجاسات يجب غسل ما أصابه كم؟
الطالب : سبع.
الشيخ : سبع مرّات إحداها بالتراب، ومعلوم أنه إذا صاد الكلب فلا بدّ أن يصيبه، يعني: إذا صاد الكلب صيدًا فلا بدّ أن يصيب الصّيدَ من لعابه فهل يجب غسله؟ اختلف العلماء في هذا، فمنهم من قال: إنه يجب غسله سبع مرات إحداها بالتّراب، قيل له: إذا وضعنا التّراب على اللحم إيش؟ أفسده، قال: نجعل بدل التّراب صابونًا أو شبهه مما يقوم مقامه، المهم أنّه لا بدّ أن نغسله سبعًا إحداها بالتراب، وقال آخرون: لا يجب غسله، غسله من التّنطّع والتشدّد وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( هلك المتنطّعون ) وفي عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وما بعده كلّ الصّيادين تصيد الكلاب لهم ولا نُقل عن أحد منهم أنّه كان يغسله ولا أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسله أمر بغسله، والقاعدة في الشّريعة الإسلامية أنّه ليس في الدّين من إيش؟ من حرج هذه واحدة، قاعدة أخرى: " لا يؤخّر البيان عن وقت الحاجة " والرّسول صلى الله عليه وسلّم لم يبيّن لكلّ هؤلاء الذين سألوه عن الصّيد لم يبيّن لهم أنه يجب عليهم أن يغسلوه، نعم، فإذا قال قائل: قد يكون الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لم يبيّن ذلك لوضوحه، فيقال: إنّ النّبي صلى الله عليه وسلم يعرف أنّه ليس كلّ الصّحابة ولا سيما الصّيادون الذبن في البراري يعلمون حكم لعاب الكلب، ثمّ إن المسألة ملحّة على أن يبيّن الحكم لو كان هذا واجبًا، فإن قال قائل: اللعاب واحد فكيف إذا ولغ من هذا الإناء نقول يلزمك أن تغسله سبع مرات إحداها بالتراب وإذا سال لعابه على الصّيد لا يلزم، واللعاب واحد والكلب واحد، هذا الكلب الذي قلنا الآن أنّ صيده لا يجب غسله مع ما أصاب من فمه هو الذي شرب من الإناء، وشربه من الإناء قلنا يلزمه أن يغسله سبع مرات إحداهما بالتّراب وهذا نقول لا يلزمه شيء؟ نقول: نعم إنّ الله سبحانه وتعالى يودع الأشياء ما فيه المضرّة في حال دون حال، وما يدريك أنّ الله رفع عن عباده عزّ وجلّ ضرر لعاب الكلب في هذه الحال التي يكون فيها الإلزام بالغسل إيش؟ حرجًا وشاقًا ما يدريك، أليس للحمير في أوّل النّهار قبل أن تحرّم منين؟
الطالب : من الطيبات.
الشيخ : من الطّيّبات، من الطّيّبات الحلال هذا الحمار بعينه لو ذبحناه في الصّباح أكلناه، في المساء لما حرّم إيش؟ صار رجسًا نجسًا خبيثًا وهو لم يتغيّر هو الحمار في أوّل النهار وفي آخره، هو الحمار قبل التّحريم وبعد التّحريم، لكنّ الله عزّ وجلّ هو الذي بيده كلّ شيء فهو سبحانه وتعالى يمكن أن يمنع ما كان ضارًّا فلا يصل ضرره إلى المحلّ القابل للضّرر، لأنّ الأمر بيده عزّ وجلّ، كلّ شيء بيده، قد يعجز الأطباء عن مرض من الأمراض النفسانيّون والجسديّون وغيرهم ويشفيه الله عزّ وجلّ بدون شيء، لأنّ الذي خلق الإنسان أوّلًا هو القادر على أن يرفع عنه ثانيًا هذا المرض، كلّ الأمور بيد الله فالقول الراجح ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أنّه لا يجب غسل ما أصابه فم الكلب من الصّيد، وذلك إيش؟ للمشقّة، طيب أسألكم لو أنّ هذا الكلب بعد أن جاء بالصّيد وألقاه بيد صاحبه جعل يأكل منه هل يجب علينا أن نغسل ما أصاب فمه؟ نعم، لأنّ هذا الأخير يمكن التّحرّز منه، وليس فيه مشقّة إذا تحرّزنا أو طهّرناه بعد أن يصيبه بخلاف ما كان عند صيده فإنّ فيه مشقّة ولا يمكننا التّحرّز منه وكلّ شيء له حكم، نعم خالد؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم، الظاهر أنّها تجزئ لأنّها هي الأصل، نعم؟
السائل : أحسن الله إليك إذا سمى على سهم معين ثمّ تركه وأخذ آخر ثم رمى بالسهم الآخر دون أن يسمي.
الشيخ : نعم.
السائل : هل هذا جائز؟