كلمة عن أهمية العلم الصحيح وكيفية تحصيله. حفظ
الشيخ : إنّ هذه الليلة ليلة الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر، نبتدأ العام الدّراسي مع ابتداء المدارس العامّة ونسأل الله أن يجعله عام خير وبركة، عام تحصيل وعمل ودعوة إلى الله عزّ وجلّ، فإنّ هذا هو فائدة العلم وثمرته أن يعمل الإنسان بما علم وأن يدعو إلى الله تعالى بما علمه من شرعه كما قال تعالى: (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني )) والواجب على المؤمن أن يدعو إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، لأنّ هذا أقرب إلى حصول المقصود حيث إنّه امتثال لأمر الله تبارك وتعالى، وكلّ شيء فيه امتثال فإنه خير وبركة وعبادة في نفس الوقت سواء أثمر أو لم يثمر.
وعلى الإنسان أيضًا أن يتخلّق بما علمه من شريعة الله في نفسه أوّلًا لأنّه مسؤول عن نفسه قبل كلّ شيء، ثم بأهله ومن حوله الأقرب فالأقرب ثمّ مع إخوانه وزملائه لأنه لا بدّ أن يكون هناك تقصير من بعض الزّملاء يحتاجون إلى تذكير وتنبيه وتعليم فإنّ فوق كلّ ذي علم عليم، وعلينا أيضًا أن نجتهد في طلب العلم وأن لا نرهق أنفسنا في أمر قد لا نطيقه فيفوت علينا هذا وهذا لأنّ الإنسان إذا مضغ اللّقمة مضغًا جيّدًا هضمها بسرعة، لكن إذا أدخل لقمة على لقمة بدون هضم جيّد فإنّها تتزاحم اللّقم ويحصل الغصّة، والعلم هو العلم الراسخ، ليس العلم الذي يأخذه الإنسان هكذا بدون أن يتأمّل ويتأنّى ويبحث ويناقش وأهمّ شيء في ذات العلوم وأنفع شيء في ذات العلوم أن يكون العلم مبنيًّا على الكتاب والسّنّة لأنّ هذا هو الذي تعبّدنا الله به (( ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين )) ولا يعني هذا أن ندع كلام العلماء السابقين فإنهم جزاهم الله خيرًا فتحوا لنا أبواب المعرفة.
ومن المهم أيضًا أن يكون علمك مبنيًّا على قواعد وضوابط، لأنّ القواعد والضّوابط تجمع للإنسان المسائل الفرديّة والجزئيّة، أما من أخذ العلم مسألة مسألة فإنه كالذي يطارد الجراد تطير جرادة و تبقى أخرى، لكن الذي يبني على الأصول هذا هو طالب العلم حقّا، وقد جرّبنا وجرّب غيرنا أنّ البناء على الأصول هو العلم، حتى يكون الإنسان إذا وردت عليه مسائل فرديّة وما أكثرها يردّها إلى الأصول أوّلًا من الكتاب والسّنّة ثمّ إلى القواعد المعروفة في الشّريعة، لأنّ في الشّريعة قواعد عامّة انبنت عليها، وهي تحصيل المصالح بحسب الإمكان وتقليل المفاسد بحسب الإمكان، ومن تأمّل النّصوص الشّرعية وجدها كذلك، فنجد أنّ الله حرّم بعض الأشياء لأنّ مفسدتها أعظم وإن كان فيها مصلحة لكن مراعاة للأكثر، ولا يصحّ أن نقول إذا تعارض مفسدة ومصلحة خذ بما يدفع المفسدة وأنّ درء المفاسد أولى من جلب المصالح على الإطلاق بل هذا مقيّد بما عرفناه من قبل وشرحناه، وهو ما إذا تساوت فإنه يقدّم درء المفاسد لأنّ ذلك أسلم، أما مع ترجّح المصلحة فتقدّم المصلحة وتنغلب المفسدة فيها، وكذلك لو أنّ المفسدة صارت أكبر فإنها تغلّب فالتّقديم عند التّساوي يقدّم درء المفاسد، أمّا مع الرّاجح فيتبع الراجح سواء كان جلب المصالح أو من باب درء المفاسد، ثم لنحرص على حفظ المتون فإنّ الحفظ هو العلم وما تقرّر عندنا وما بقي في أفكارنا إلاّ ما حفظناه من قبل فلا تستهينوا بحفظ المتون، لأنه يقال إن بعض الناس يقولون الفهم الفهم، ولكن نحن نقول الحفظ الحفظ أوّلًا ثمّ الفهم، وكم من إنسان ضاع منه علم كثير بسبب عدم الحفظ، واعرض نفسك الآن لو حفظت عشرة أبيات من الألفيّة ما دمت تتذكّر هذه الأبيات فسوف تعرف الأحكام التي دلّت عليها هذه الأبيات، لكن إذا نسيتها تلخبطت ونسيت الأحكام وإن كنت في الأول متقنها، ولكن لم تحفظ فإنه سيطير عنك العلم فالحفظ الحفظ، ومن المعلوم أنّ أول ما نحفظ كتاب الله عزّ وجلّ ثمّ ما تيسّر من سنّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولنحرص على أن نحفظ الأحاديث الصّحيحة، حتى لا يحتاج الإنسان فيما بعد عند سياقها استدلالًا بها إلى مراجعة الأصول ليتبيّن له الصّحّة، ومن ثمّ ألّف بعض العلماء في الأحاديث الثّابتة في الصّحيحين مثلًا مثل: " عمدة الأحكام " وألّف آخرون أحاديث من الأصول السّتّة ومن غيرها لكن بيّنوا درجاتها مثل: " بلوغ المرام " وألّف آخرون كذلك لكنّهم لم يتكلّموا على السّند ومرتبة الحديث اعتمادًا على بحث الطالب حتى يتعوّد الطالب نفسه في بحث الأحاديث إسنادًا ومتنًا، ونسأل الله لنا ولكم الهداية والاستقامة إنّه على كلّ شيء قدير.
نعم يقول اقتراح وهو تفسير ما هو ساقط من الأشرطة من سورة البقرة ويكون هذا في يومي التّفسير بين الأذان والإقامة لاحتياج الناس لذلك لما فيها من الأحكام، ولقد تشاورنا مع الدّكتور سليمان أبا الخيل على القيام ... قال ما عندنا مانع إذا يقول فضيلة الشّيخ كلّفنا بذلك والله الموفّق ماذا تقولون في هذا الاقتراح؟
الطالب : ...
الشيخ : أي بس البقرة كلها ...
الطالب : سقط منها بعضها.
الشيخ : كم الساقط؟
الطالب : البعض في أوّلها ...
الشيخ : نشوف إذا كان ما هو كثير نشوف إن شاء الله بعد أن نتحرّى السّاقط، غامدي؟
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " في باب الصّيد والذّبائح عن رافع بن خديج رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكُل، ليس السنَّ والظفر، أما السنّ فعظمٌ، وأما الظفر فمدى الحبشة ) متفقٌ عليه.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيءٌ من الدواب صبرًا ) رواه مسلمٌ.
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ) رواه مسلمٌ.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذكاة الجنين ذكاة أمه ) رواه أحمد وصححه ابن حبان.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح، فليسم، ثم ليأكل) أخرجه الدارقطني، وفيه راوٍ في حفظه ضعف، وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان، وهو صدوق ضعيف الحفظ، وأخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى ابن عباس، موقوفًا عليه، وله شاهد عند أبي داود في مراسيله بلفظ: ( ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله عليها أو لم يذكر ) ورجاله موثقون "
.