فوائد حديث: ( أنس بن مالك - رضي الله عنه: ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي بكبشين أملحين, أقرنين ... ). حفظ
الشيخ : من فوائد هذا الحديث أعني الأول حديث أنس: مشروعيّة التّضحية لقوله: " كان يضحّي " وقد ثبتت مشروعيّة التّضحية بأنواع السّنّة الثّلاث: بقوله، وفعله، وإقراره، أما قوله فإن حثّ صلى الله عليه وسلّم على الأضحية وأمر بها وهذا في عدّة أحاديث، وأما فعله فكما في هذا الحديث، وأمّا إقراره فإنّه يرى أصحابه يضحّون ويقرّهم على ذلك، أمّا القرآن فقد دلّ على عموم التّقرّب إلى الله تعالى بالذّبح في قوله تعالى: (( ولكلّ أمّة جعلنا منسكًا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام )).
ومن فوائد هذا الحديث: كرم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حيث يختار الأفضل لقوله: " بكبشين " ووجه الكرم التّعدّد، والثاني: كونهما كبشين فهذا كرم بالكمّيّة وكرم بالكيفيّة، فهل نقول إنّه كلّما تعدّدت الأضحية كان أفضل؟ أو نقول الأفضل الاتّباع؟ لأنّها عبادة، الظاهر الثاني، أنّ الأفضل الاقتصار على ما ورد، والنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام ضحّى عنه وعن أهل بيته بكبش، وعن أمّته بكبش، ومن لا أمّة له يضحّي؟
الطالب : بكبش.
الشيخ : بكبش، يضحّي بكبش، طيب فإن ضحّى الإنسان عنه وعن طلاّبه؟ فهل يكون كتضحية الرّسول عنه وعن أمّته؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، أي نعم لأنّ الرّسول يجب على أمّته اتّباعه، والمعلّم لا يجب على طلاّبه اتّباعه.
الطالب : إلا إذا كان على الحق.
الشيخ : نعم؟ إذا كان على الحقّ لا بدّ أن يتبع للحقّ، وبهذه المناسبة أود أن أذكّر الطلبة عمومًا أنّه ينبغي للطالب أن يتعلّم عن معلّمه على أنّه يأخذ بقوله وعلى أنّه إمامه ومعلّمه ودالّه لا على أنّه ندّ له، لأنّه إن سلك المنهج الثاني لم يستفد منه كثيرًا، إذ أنّه كلما أورد المعلّم مسألة وقع في نفسه معارضة هذه المسألة وحينئذ لا يستفيد، ولست أريد بهذا أن أسدّ باب الاجتهاد على الطّلبة، باب الاجتهاد وحرّيّة الفكر طيّبة، لكن الطالب إلى الآن لم يصل إلى هذا الحدّ، فما دام طالبًا متلقّيًا فالّذي ينبغي أن يعتمده قول معلّمه على أنّه إمام له، ولذلك نجد الطّلبة ونحن منهم لما كنّا طلبة عند الشّيخ عبد الرحمن السّعدي رحمه الله نقتدي حتى بأفعاله وحركاته، حتى إنّي أنا كنت خطّي طيّبًا قبل أن أبدأ الدّراسة عليه، فلما بدأت الدّراسة عليه صرت أقلّد كتابته، كتابته رديئة! فتردّى خطّي، كلّ ذلك من محبّتنًا له واتّخاذه قدوة لنا اقتدينا به حتى في الكتابة، حتى في المشي وحتى في كلّ شيء لأنّ الإنسان إذا لم يعتقد في معلّمه هذا الاعتقاد فإنّه لا ينتفع به، إذا نفض نفسه جالسًا عنده للتعلّم يريد أن يجعل في نفسه شيئا من المعارضة لما يقول أستاذه، فأنا أقول لا ينتفع به وإن انتفع به فهو قليل، لكن إذا قدّرنا أنّ هذا الطالب عنده من العلم ما ليس عند معلّمه وهذا شيء واقع لا ينكر، فيقال: نعم إذا كان عنده من العلم بدلالة الكتاب والسّنّة ما ليس عند معلّمه فإنّه لا يمكن أن يأخذ بقول معلّمه ويدع ما دلّ عليه الكتاب والسّنّة، لكن هنا يجب أن يناقش المعلّم إما في الجلسة إذا رأى مناسبة، وإمّا فيما بينه وبينه، والواجب على المعلّم إذا تبيّن له الحقّ أن يرجع لأنّ الحقّ ضالّة المؤمن، لكن تمسّكوا بهذا على أنّ المتعلّم آخذ عن معلّمه حتى يستفيد، أنت الآن لو تقرأ لك كتابًا على أنك تريد أن تطالع ماذا في الكتاب، هل تستفيد منه كما لو طالعته لتكسب منه علمًا؟ لا بينهما فرق ولهذا أنا أجد في نفسي فرقًا بين أن أقرأ مؤلّفا لشيخ الإسلام ابن تيمية أو مؤلفًا لغيره، أجد نفسي في الأوّل متلقّيًا مستلهمًا مستفيدًا، أمّا في الثاني فقد يكون مراجعتي له من باب الاطّلاع على خلاف في المسألة إذا كانت المسألة تحتاج إلى معرفة خلاف وما أشبه ذلك، فالآن هذه نصيحة لكم وجرّبوها تجدوها. نرجع إلى فوائد الحديث ما هو وقت سؤال؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، دائمًا حجاج جيّد في النّظام، طيب مشروعية ..
الطالب : كرم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
الشيخ : نعم، كرم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لكونه ضحّى بكبشين عنه وعن أمّته.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه كلّما كانت البهيمة أكمل خلقة فهي أفضل لقوله؟ أقرنين، والقرن من كمال البهيمة، طيب وكذلك أيضًا الأذن، إذا كانت الأذن تامّة ليس فيها خرق، ولا شقّ، ولا قطع فهو أفضل.
ومن فوائد هذا الحديث: التّسمية والتّكبير عند الذّبح لقوله: " ويسمّي ويكبّر " فالتّسمية سبق لنا أنّها شرط لحلّ الذّبيحة، والتّكبير؟
الطالب : سنّة.
الشيخ : سنّة وليس بشرط، ولكن هل هو سنّة على ما ذبح لغير العبادة أو هو سنّة لما ذبح للعبادة فقط؟ فيه احتمالان لكن الاحتمال الأوّل أنّه سنّة فيما ذبح على أنّه عبادة فقط، أما ما ذبح على أنّه ليس لعبادة فهو تسمية بدون تكبير، ولكن ما دام الأمر متردّدا فقد يقال إنّ الاتّباع أولى وهو الجمع بين التّسمية والتّكبير.
ومن فوائد هذا الحديث: استحباب وضع الرّجل على الصّفاح يعني صفحة الرّقبة، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فعله، ولأنّ فيه إراحة للحيوان، ولأنّ فيه تمام قدرة المذكّي على إيش؟ على التّذكية.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه لا يسنّ الإمساك بأرجلها، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يفعل ولم يأمر عائشة ولم يأمر بذلك في حديث أنس، فإن قال قائل: على أيّ جنب يضجع؟ قلنا على ما هو أسهل وأيسر، فالذي يذبح باليمنى الأفضل على الجانب الأيسر، والذي يذبح باليسرى، الأفضل أن يضجعه على الجانب الأيمن لأنّ علّة هذا معقولة ليست تعبّديّة حتّى نقول إنّنا نتعبّد بإضجاعها على الجانب الأيسر، بل هي معقولة المعنى وداخلة في قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: ( وليرح ذبيحته ).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه ينبغي للمضحّي أن يذبح بيده لقوله: " ذبحهما بيده " لأنّ في ذلك كمال التّعبّد لله عزّ وجلّ فيكون متقرّبًا لله في الذّكر والفعل والمال، الذّكر ما هو خالد؟
الطالب : قوله: " يسمي ويكبر ".
الشيخ : التّسمية والتّكبير، والفعل؟
الطالب : ذبحهما بيده.
الشيخ : ذبحهما بيده، والمال؟ أنّه اشتراهما، فالإنسان إذا ذبح بيده مع التّسمية والتّكبير استفاد هذه الفوائد الثّلاثة التّقرّب إلى الله بالقول والفعل والمال، ومن هنا نأخذ أن ما استحسنه بعض الناس في هذه الأيّام من إرسال قيمة الذّبائح إلى جهات بعيدة تذبح ويتصدّق بها على الفقراء هناك خطأ، لأنّه ليس المقصود من الأضحية الانتفاع باللحم لقول الله تعالى: (( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها )) المقصود التّقرّب إلى الله بالذّبح هو نفسه عبادة محبوبة إلى الله، مقصودة بالذّات، لكن لو فرضنا أنّ في المسلمين حاجة شديدة في بلادهم فهنا نقول إن كنت ذا جِدَة فأرسل إليهم ما يسدّ حاجتهم، وإن لم تكن ذا جِدَة فينظر أيهما أفضل أن تضحّي أو أن تسدّ جوع إخوانك، إذا كان الثاني فأرسل لهم دراهم تنفق عليهم لا على أنّها أضحية ويكون هنا من باب تفضي إيش؟ الصّدقة على الأضحية -اللهم رب هذه الدّعوة التامّة والصّلاة القائمة آت محمّدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدت إنّك لا تخلف الميعاد - نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : الثاني أفضل، الثاني أفضل، نعم؟
السائل : إذا ذبح الذّبيحة وقال: بسم الله والله أكبر ...
الشيخ : هذا زيادة.
السائل : ...
الشيخ : سبحان الله!