تتمة فوائد حديث : ( أربعٌ لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها ... ). حفظ
الشيخ : يستفاد من هذا الحديث: أنّ المريضة التي مرضها خفيف لا تضرّ، يعني لا تمنع من الإجزاء ولكن لا ينبغي للإنسان أن يأكلها أو أن يضحّي بها وفيها هذا المرض حتى يعرضها على الأخصّائيّين البياطرة، يسأل هل هذا المرض مضرّ أو لا؟ إن كان مضرًّا فلا يذبحها أصلًا أضحية ولا غيرها، وإن كان لا يضرّ فعلى ما يدل عليه الحديث إذا كان المرض بيّنًا فإنها لا تجزئ وإن لم يكن بيّنًا فإنّها تجزئ.
من فوائد هذا الحديث أيضًا: أنّ من أخذها الطّلق فإنه لا يضحّى بها حتى تضع، وذلك لأنّ من أخذها الطلق على خطر ربّما تموت، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إنّ من أخذها الطّلق يعتبر مرضها مرضًا مخوفًا في باب العطايا، باب الهبات، فعلى هذا إذا كانت هذه البهيمة تتولد وأراد الإنسان أن يذبح ... نقول انتظر حتى إيش يا عبد الله عوض؟
الطالب : حتى ...
الشيخ : حتى تلد، كذلك أيضًا المبشومة، المبشومة لا يضحّى بها حتّى تثلط، أتدرون ما المبشومة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : المبشومة التي انتفخ بطنها من الأكل، أحيانًا تأكل تمرًا ولا يناسبها ينتفخ البطن وهي على خطر في هذه الحال، فلا يضحّى بها حتى تطلق أي حتى يخرج منها الخارج، كذلك ما لدغ بحيّة فإنّه لا يضحّى به لأنّها على خطر، وكذلك ما تدحرجت من شيء فأغمي عليها فإنها لا يضحّى بها حتّى تفيق وأمثال هذا، المهم أن يكون الشّيء بيّنًا معرّضًا للخطر.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ العرجاء البيّن عرجها لا تجزئ أيضًا، لا تجزئ فأما ذات العرج السّهل فإنها تجزئ لكنّه كلّما كانت أكمل فهو أفضل بلا شكّ لقول الله تعالى: (( لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبّون )).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ مقطوعة اليد أو الرّجل لا تجزئ كيف ذلك؟ لأنّ هذا أولى من العرج، إذا كان العرج يمنع من الإجزاء فقطع العضو أي الرّجل أو اليد من باب أولى.
ومن فوائد الحديث: أنّ الزّمنى لا يضحّى بها أتدري ما الزّمنى يا يحيى؟
الطالب : ...
الشيخ : ما هي؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : ليس لها أرجل.
الشيخ : ليس لها أرجل؟ لا هذه تمشي على بطنها الظاهر! نعم فؤاد هاه؟
الطالب : التي لا تمشي.
الشيخ : نعم صحيح الزّمنى التي تستطيع المشي إطلاقًا فيها شلل أو تعكّف في اليدين والرّجلين وما أشبه ذلك، كيف نعرف أنّها لا تجزئ؟ من أنّها أولى من العرجاء البيّن عرجها.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الكبيرة التي ليس فيها مخّ لا تجزئ لقوله: ( الكبيرة التي لا تنقي ) فإن كان فيها مخّ فإنها تجزئ ولو كانت كبيرة جدًّا وإن كانت لا مخّ فيها ولكنها صغيرة فهل تجزئ أو لا؟
الطالب : ...
الشيخ : ذكرنا لكم أمس بالشّرح أنّ الكبيرة وصف طردي لا مفهوم له وهو بيان للواقع الغالب، وعلى هذا فلو فرض أنّ شاة هزيلة ضعيفة يعني ليس فيها مخّ ولكنّها شابّة فإنّها إيش؟
الطالب : لا تجزئ.
الشيخ : لا تجزئ، نعم طيب لكن لو كانت الشاة ليس فيها مخّ وهي شابّة وذات لحم يعني لا هزيلة ولا كبيرة لكن ليس فيها مخّ؟
الطالب : لا تجزئ ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : لا تجزئ.
الشيخ : لا تجزئ؟ أولا لا بدّ أن نسأل هل هذا ممكن؟
الطالب : غير ممكن.
الشيخ : نعم؟
الطالب : لا يمكن.
الشيخ : هذا لا يمكن، السّمينة لا بد يكون فيها مخّ، والشّابّة لا بدّ أن يكون فيها مخّ، لكن قالوا: إنّه يمكن أن تكون سمينة فيها لحم وشحم كثير ولكن لا مخّ فيها يكون هذا إذا كانت السّنة سنة جدب ما فيه ربيع، ما تأكل، ثمّ أنشأ الله تعالى الرّبيع بسرعة وشبعت منه فإنها هنا تبني اللحم والشّحم قبل أن يدخل المخّ إلى أعضائها فمثل هذه نقول إنّها تجزئ، لأنّ أصل المخّ الذي في العظام ليس مقصودا لذاته وليس مغيّرًا لصورة البهيمة لكنّه دليل على اللّحم والشّحم والقوّة والنّشاط، فإذا حصل هذه الحال وهي نادرة فإنّها تجزئ، نعم.
من فوائد هذا الحديث: أنّه لا ينبغي للإنسان أن يتقرّب إلى الله عزّ وجلّ بما فيه عيب، ويشهد لهذا قوله تعالى: (( ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون )) الخبيث يعني: الرّديء (( ولستم بآخذيه إلاّ أن تغمضوا فيه )) وقوله تعالى: (( لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبّون )) وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أعجبه شيء من ماله - أي شيء - تصدّق به لأجل أن ينال البرّ المفهوم من هذه الآية: (( لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبّون )) وأبو طلحة رضي الله عنه كان له بستان وكان قبلة هذا البستان المسجد النّبوي وكان فيه ماء طيّب، وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يأتي هذا البستان ويشرب منه، ولا شكّ أن شرب النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام منه سيزيده إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : غلاء في قلبه، في قلب أبي طلحة، فلمّا نزلت هذه الآية جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال: ( يا رسول الله إنّ الله أنزل: (( لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبّون )) وإنّ أحبّ مالي إليّ بيرحاء وإنّي أضعها بين يديك صدقة إلى الله ورسوله، فقال: بخٍ بخٍ ذاك مال رابح، ذاك مال رابح ) وصدق النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام هذا مال رابح، لأنّ مالك مهما كان حسنًا في عينك فإنّك مغادره أو هو مغادرك، متغيّر لكن المال الذي تخرجه لله عزّ وجلّ هو المال الرّابح، والله هو المال الرّابح لأنك تجده متى؟ تجده في يوم أنت أحوج ما تكون إليه، لا درهم عندك ولا متاع ولا أهل ولا ولد فهذا هو الذي ينفعك ( بخٍ بخٍ ذاك مال رابح، ذاك مال رابح ) ثمّ قال له: ( أرى أن تجعلها في الأقربين ) فجعلها أبو طلحة في بني عمّه وأقاربه، والحاصل أنّ هذا الحديث يدلّ على أنّه ينبغي للإنسان أن يتقرّب إلى الله بالشّيء إيش؟ الجيّد الطّيّب السّليم وأن لا يتقرّب إلى الله بما ليس كذلك، وهنا سؤال أيضًا هل المعتبر هنا في العيوب ما كان عيبًا في البيوع وهو ما ينقّص قيمة المبيع؟ أو هذه عيوب منصوص عليها ولا عبرة بالقيمة؟ الأوّل أو الثاني؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثّاني لا شكّ، ولذلك نجد أنّ العوراء التي لا يبين عورها هي غير معيبة شرعًا في الأضاحي، لكنّها في البيع والشّراء معيبة، وكذلك يقال في العرجاء البيّن عرجها والمريضة البيّن مرضها وما أشبه ذلك، العرجاء الذي لا يبين عرجها هذا عيب في البيع والشّراء، والمريضة التي لا يبين مرضها أيضًا عيب في البيع والشّراء لكن لا عبرة بذلك، العبرة بالعيوب المنصوص عليها شرعًا.
نأخذ من هذا الحديث من الفوائد أيضًا يلحق مما سبق: أنّه يشترط في الأضاحي أن تكون سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء، يؤخذ من هذا الحديث: أنّه يشترط لإجزاء الأضاحي أن تكون سليمة من إيش؟ العيوب المانعة من الإجزاء، وسبق أيضًا أن أشرت أنه يشترط أن تكون من بهيمة الأنعام، فهذان شرطان: أن تكون من بهيمة الأنعام وأن تكون سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء.