فوائد حديث :( ابن عباس رضي الله عنهما قال: استفتى سعد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه توفيت ... ). حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث فوائد منها: حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم لا لمجرد العلم والنظر ولكن للتطبيق، فهم يسألون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأسئلة ليطبقوها، وليس كما يصنعه كثير من الناس اليوم يسأل لينظر ماذا عند العالم، وربما إذا سأله ورأى ما عنده ذهب إلى آخر وسأله ثم قال قال العالم الفلاني كذا وكذا، فضرب آراء العلماء بعضها ببعض، ومن فوائد هذا الحديث: جواز قضاء النذر عن الأم، جواز قضاء النذر عن الأم لأن سعد بن عبادة استفتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في نذر كان على أمه، فهل يقاس عليها الأب؟ الجواب: نعم يقاس عليه الأب، وذلك أن الأولاد من الكسب، والكسب كسب الإنسان كعمله، وهل يقاس على ذلك من ليس له صلة بالناذر؟ فيه خلاف والصحيح أنه يقاس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاس هذا بالدَّين ومعلوم أن الدَّين إذا قضاه الأجنبي والقريب برئت ذمة المدين، فالصواب أنه يجوز قضاء النذر عن الغير سواء كان أبًا أم أمًّا أم أخًا أم عمًّا قريبًا كان أم بعيدًا، ومن فوائد هذا الحديث: أن ظاهره أنه لا يقضى النذر عن الناذر إلا إذا تمكن من فعله فلم يفعل، لقوله: توفيت قبل أن تقضيه، وهذا لا يمكن إلا إذا كان هناك متسع لقضائه، فأما لو لم يمكنه فإنه لا يقضى عنه، مثال ذلك: إذا قال لله عليّ نذر أن أصوم شهر شعبان، ولكن لم يدرك الشهر مات قبل ذلك، ففي هذه الحال لا يلزم قضاؤه ولا حاجة لقضائه، لأن الوقت الذي عينه للنذر لم يدركه فقد أتى عليه وهو قد انتهى من التكليف، فإن أدرك البعض دون البعض فما أدركه وقضاه سقط عنه وما لم يقضه يقضى عنه، ومن فوائد هذا الحديث: أن الجواب يحمل على ما يقتضيه السياق، يعني الكلام ما هو الجواب كل كلام يحمل على ما يقتضيه السياق وإن خرج عن الأصل، فالأصل في الأمر الطلب سواء كان إلزامًا أو على سبيل التطوع، لكن إذا دلت القرينة على أنه ليس للطلب وإنما هو للإباحة كان للإباحة، ويتفرع من هذه الفائدة فائدة عظيمة وهي أن السياق والقرائن يعيّن المعنى المراد، وإذا كان كذلك أيضًا نرتقي إلى شيء آخر وهو أنه لا مجاز في اللغة العربية، وذلك أن كل نص ادعي فيه المجاز فإن سياق الكلام يمنع المعنى الأصلي الذي يدعي من يقول بالمجاز أنه نقل عنه، لأن السياق هو الذي يعينه المعنى فمثلًا قوله تبارك وتعالى: (( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولًا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون )) كل يعلم أنه ليس المراد بالقرى هنا الأبنية ولا أحد يشكل عليه هذا الأمر، وأما قوله تعالى: (( إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين )) فكل يعلم أن القرية هنا هي، هي الأبنية لأنه قال: (( مهلكوا أهل هذه القرية )) أهل هذه القرية فأضاف الأهل إليها فالسياق إذا كان هو الذي يعيّن المراد فإن المعنى الأصلي، لو أنك فسّرت به هذا الكلام الذي عينه السياق لكان هذا خطأ، وإذن فمدلول الكلام هو الحقيقة سواء كان هذا اللفظ منقولًا من غيره أو ليس بمنقول، ولهذا مشى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وكذلك تلميذه ابن القيم على أنه لا مجاز في اللغة العربية، ومن العلماء من قال: لا مجاز في القرآن وأما اللغة العربية ففيها المجاز وعلل ذلك بأن من أكبر علامات المجاز صحة نفيه والقرآن ليس فيه شيء يصح نفيه فلهذا نقول بمنع المجاز في القرآن ولا نقول بمنع المجاز في كلام امرئ القيس وغيره من أهل اللغة، لكن الذين قالوا بالمنع مطلقًا ردوا على هذا وقالوا: إننا نتكلم عن الكلام بقطع النظر عن المتكلم به المتكلم به ما هو يبحث في موضوع الكلام، وإذا كنا نتكلم بهذا فنقول كل معنى يعيّنه السياق فهو حقيقة وحينئذ لا نحتاج إلى تقسيم، ولكن كما تعلمون أن جمهور العلماء على هذا مع أن هذا حادث بعد القرون الثلاثة في آخر القرن الثالث بدؤوا يتكلمون على الحقيقة والمجاز ويشققون الكلام، لو أن أحدًا قال في مدح إنسان إنه " كثير الرماد طويل النجاد رفيع العماد " نعم هذا ثناء عن إيش عن الكرم والشجاعة لو قال إنه كثير الرماد يعني أنه يحرق الحطب حتى يكثر الرماد أحد يوافق على هذا؟ لا يوافق إذن نعرف إن كثير الرماد يعني أنه كريم فهو حقيقة في معناه حسب الحال، طيب طويل النجاد يعني علاقة السيف يدل على طوله أيضًا، لكن هذا لا يمنع الحقيقة في الواقع لا يمنع أنه طويل النجاد أي علاقة السيف في الواقع، رفيع العماد يعني أن خيمته عمودها مرتفع ليتبين أنه سيد قومه إيه نعم، على كل حال القول بأنه لا مجاز في اللغة لا شك أنه أقرب إلى الصواب بناء على أننا نقول إن المعنى المراد باللفظ هو ما يقتضيه السياق وقرائن الأحوال، ثم قال.