وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة ) رواه البخاري. حفظ
الشيخ : وعنه رضي الله عنه أي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة ) إنكم الخطاب للأمة جميعًا ستحرصون أي سيكون منكم حرص على الإمارة، أي على أن يكون أحدكم أميرًا، وهذا في الغالب من طبيعة الإنسان يحب أن يكون له السلطة والسيطرة على الناس سواء بحق أو بغير حق الحرص على الإمارة ( ستكون ندامة يوم القيامة ) لكن هذا اللفظ المطلق مقيد بما إذا لم يقم بحقها، فإن قام بحقها لم تكن ندامة بل كانت نعمة، لأن الذي يكون أميرًا ينفذ أحكام الله عز وجل في عباد الله لا شك أنه مأجور على هذا، والمأجور لا يمكن أن يندم أبدًا لكن هذا فيما إذا لم يقم بالإمارة، أو يقال هذا فيمن كان حريصًا على الإمارة بدون سبب شرعي، لأن الحريص على الإمارة بدون سبب شرعي إنما حرص ليكون له السلطة والسيطرة، والإنسان الذي يتولى أمور الناس من أجل أن يكون السلطة والسيطرة في الغالب أنه يتبع الهوى ولا يرجع حتى لو بيّن له الحق لا يرجع، وحينئذ تكون ندامة وقولنا بغير سبب شرعي يا عوض بغير سبب شرعي علم منه أنه لو كان لسبب شرعي فإنه لا بأس به، مثل أن يكون القائم على هذه البلدة أميرًا لا خير فيه بل فيه شر فيأتي إنسان ويحرص على أن يكون هو الأمير من أجل أن يزيل هذا الشر ويحل محله الخير، فهنا نقول الرجل لم يحرص على الإمارة لمجرد السلطة ولكن لإصلاح الخلق، فهذه النصوص المطلقة يجب أن تقيد بالنصوص العامة أو بالقاعدة العريضة العظيمة وهي أن هذه الشريعة مبنية على جلب المصالح ودفع المضار، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( يوم القيامة ) أي يوم يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، وسمي بذلك لثلاثة أمور الأمر الأول: أن الناس يقومون من قبورهم لرب العالمين كلهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر، ولا يكون خروجهم هذا في مهلة بل في لحظة قال الله تبارك وتعالى: (( فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة )) وقال: (( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون )) صيحة واحدة يصاح بهم اخرجوا فيخرجون لحظة (( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة )) سبحان الله لأن الله إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون مهما كان ومهما كان من الصعوبة، الأمر الثاني في سبب تسمية هذا اليوم يوم القيامة: أنه يقام فيه الأشهاد كما قال تعالى: (( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد )) والأشهاد منهم الرسل ومنهم العلماء ومنهم هذه الأمة تشهد على من سبقهم، ومنها الجوارح تشهد على نفس الرجل أو المرأة بما عمل ومنها الأرض (( يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها )) الأمر الثالث: مما سمي يوم القيامة من أجله أنه يقام فيه العدل كما قال تعالى: (( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة )) وكما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء وذلك يوم القيامة وهذا غاية العدل، وقوله: ( فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة ) نعمت المرضعة لأن الأمير الذي لا يرضيه إلا مجرّد السلطة يتنعم بما وصل إليه من الهوى الذي كان يحبه ويهواه فيكون في نعيم، لكن بئست الفاطمة إذا قطع عنه هذا النعيم بانتقاله إلى الآخرة وجد بدل النعيم البؤس البؤس والعياذ بالله، ولهذا قال: ( نعمت المرضعة وبئست الفاطمة ) رواه البخاري.
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : نعم المرضعة.
الشيخ : نعمت المرضعة بالتاء.
الطالب : الحديث.
الشيخ : صح لأنه مؤنث نعم.