فوائد حديث :( من اقتطع حق امرىءٍ مسلمٍ بيمينه ... ). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث فوائد منها: ما ساقه المؤلف من أجله وهو أن الإنسان قد يستحق بدعواه شيئًا بيمينه، انتبه! أن الإنسان قد يستحق شيئًا بدعواه بيمينه، وله صورتان صورة إيش؟ دعوى ما ليس له أو إنكار ما يجب عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أن هذا النوع من الدعوى واليمين من كبائر الذنوب، وجه الدلالة أنه رتبت عليه هذه العقوبة العظيمة، وكل ذنب رتبت عليه عقوبة دينية أو دنيوية فإنه من كبائر الذنوب، وتعظم هذه الكبيرة بحسب ما فيها أو بحسب ما رتب عليها من العقوبة، فكل ما كانت عقوبته أعظم كان أكبر وأقوى.
ومن فوائد هذا الحديث: أن فاعل الكبيرة لا يدخل الجنة بل هو مخلد في النار لقوله: ( أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة ) وبهذا استدلت المعتزلة والخوارج استدلوا بهذا الحديث وما أشبهه من النصوص على أن فاعل الكبيرة مخلد في النار أخذًا بظاهر النص وإعراضًا عن بقية النصوص، وهكذا كل إنسان مبطل يأخذ من النصوص بجانب ويدع الجانب الآخر فينظر إلى النصوص بعين أعور لا يرى إلا من جانب واحد، على كل حال لو سألنا سائل ما ظاهر هذا الحديث أيوافق ما استدل به المعتزلة والخوارج عليه أو لا؟ لقلنا يوافق لأن كلام الرسول عليه الصلاة والسلام محكم وهو خبر لا يحتمل الكذب أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، ولكن يجب أن نعلم أن الشريعة كلها دليل واحد لا بد أن يقيد بعضه بعضًا وأن يخصص بعضه بعضًا، لا نأخذ بجانب وندع جانبًا آخر فنكون ممن قال الله تعالى عنهم: (( يقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض )) الأدلة الشرعية كلها كتلة واحدة لا تتجزأ فيجب أن يقيّد مطلقها بمقيّدها وأن يخصص عامها بمخصصها لأنها دليل واحد، وعلى هذا فنقول خرج هذا مخرج الوعيد وما خرج مخرج الوعيد فلا بأس أن يؤتى به على سبيل الإطلاق تنفيرًا للنفس عنها، لأن النفس إذا سمعت هذه الكلمة نفرت وهربت من أن تعمل هذا، ونظير ذلك فيما يجري بيننا أن تقول الأم لولدها لئن فعلت كذا وكذا لأفعلن بك كذا وكذا من العقوبة، وهي في نفس الوقت إيش؟ لن تفعل لكن تريد به شيء آخر هذا واحدة، قد يقول قائل هذا فيمن استحل ذلك فيقال نعم أجاب بعض العلماء بهذا لكن هذا الجواب ركيك، لأن من استحل ذلك وإن لم يحلف لاستحق هذا الوعيد، ولهذا لما ذكر للإمام أحمد رحمه الله في آية وعيد قاتل المؤمن عمدا أنها فيمن استحل ذلك ضحك تعجبًا قال كيف هذا إنه إذا استحل قتل المؤمن عمدًا فهو كافر سواء قتل أم لم يقتل.
ونظير ذلك من قال إن تارك الصلاة يكفر إذا تركها جاحدًا لوجوبها فهذا جواب مضحك لأنه إذا جحد وجوبها فهو كافر ولو صلى فريضة وتطوعًا، إذن لا يصح هذا التخيير تخريج هذا الحديث على من استحل ذلك لا يصح، لماذا؟ أجيبوا لأن مستحله يستحق هذه العقوبة سواء فعل أو لم يفعل.
طيب جواب ثالث: أن هذا سبب سبب يعني أن من اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه وهو فيها فاجر سبب لذلك، أي: لكونه تحرم عليه الجنة وتجب له النار والأسباب لا تنفذ إلا بانتفاء الموانع، والمانع هنا هو الإيمان المانع من كونه تحرم الجنة عليه وتجب له النار هو الإيمان، فيكون هذا كقولنا مثلًا في الإرث القرابة سبب للميراث سبب للإرث الأب يرث من ابنه والابن يرث من أبيه، لكن إذا وجد مانع امتنع الإرث لا لفوات سببه ولكن لوجود مانعه، وهذا والأول هو أحسن الأجوبة أن يقال: إنه خرج مخرج الوعيد من أجل قوة النفور عنه، أو يقال: هذا بيان لكون هذا الشيء سببًا والسبب قد يتخلف لوجود مانع والله أعلم، إيش نعم كل يوم فيه شيء يا كمال.
القارئ : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، نقل المؤلف رحمه الله تعالى في كتاب بلوغ المرام في باب الدعاوى والبينات عن أبي أمامة الحارثي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال له الرجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبًا من أراك ) رواه مسلم.