فوائد حديث :( من حلف على يمين يقتطع بها مال امرىءٍ مسلمٍ ... ). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث دليل على فوائد منها: أن اليمين قد يكون سببًا للاستحقاق ولو ظاهرًا، وله صورتان كما سبق.
ثانيًا: وجوب احترام أموال المسلمين وعدم العدوان عليها.
ثالثًا: أن الحالف قد يكون صادقًا وقد يكون كاذبًا بدليل القيد ( هو فيها فاجر ) ولو لم يكن ينقسم ما احتيج إلى القيد.
رابعًا: نعم ويستفاد من ذلك أيضًا: إثبات ملاقاة الله عز وجل، وقد جاء في القرآن في عدة مواضع: (( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحًا )) إيش؟ (( فملاقيه )) (( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين )) هذا فيه أمر وخبر وبشارة اتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه لكن لا تخافوا من هذه الملاقاة إن كنتم مؤمنين، ولهذا قال: (( وبشر المؤمنين )) أما من لم يكن مؤمنًا والعياذ بالله فسيلقى جزاءه الأوفى نعم، إذن فيه إثبات ملاقاة الله وهل يستفاد من الملاقاة رؤية الله؟ الجواب لا، لا يلزم من الملاقاة الرؤية فيما يظهر، وإن كان بعض العلماء قال إنه يلزم من الملاقاة الرؤية لأن من لم يره ولو خاطبك فإنه لم يلاقك، ولهذا تجدون المهاتفة في الهاتف لا تعد ملاقاة مع أنه إيش؟ يخاطبك ويفاهمك فإن كان في ذلك دليل على رؤية الله عز وجل فهذا المطلوب وإن لم يكن فالأدلة والحمد لله متوافرة سوى هذا.
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات الغضب لله لقوله: ( وهو عليه غضبان ) والله تعالى يوصف بالغضب ويوصف بالرضا ويوصف بالسخط ويوصف بالكراهة ويوصف بالمقت ويوصف بالبغض، لكن في محلها في محلها فما هو الغضب؟ قال أهل التحريف: الغضب هو الانتقام أو إرادة الانتقام، وقال السلف وأهل الحق: الغضب وصف يليق بالله عز وجل من آثاره الانتقام وليس الانتقام هو الغضب بل هو وصف زائد على الانتقام، انظر كيف فسروا الغضب بالانتقام؟ لأن الانتقام منفصل عن الباري عز وجل إذ هو عقوبة منفصلة ما تتعلق بالذات، وهم لا يمنعون أن يكون هناك عقوبة منفصلة عن الله لا تتعلق بذاته أو بإرادة الانتقام، لأنهم إيش يثبتون الإرادة ويقولون لا بأس أن يوصف الله بالإرادة، لكن الغضب لا، أما نحن فنقول: إن الله غضبا هو وصفه عز وجل كما يليق بجلاله ولا يمكن أن يفسر بالانتقام لأن الله تعالى قال: (( فلما آسفونا انتقمنا منهم )) وآسفونا بمعنى أغضبونا لا شك، وليس المعنى ألحقوا بنا الأسف الذي هو الحزن بل آسفونا أغضبونا انتقمنا منهم، إذن لو كان الغضب بمعنى الانتقام لكان معنى الآية فلما انتقمنا منهم انتقمنا منهم، وهذا كلام عبث ينزه عنه كلام الخالق عز وجل، إذن الغضب ليس الانتقام بل هو شيء زائد عن الانتقام، ما حجة الذين ينكرون أن يوصف الله بالغضب؟ حجتهم مبنية على مصدر تلقي صفات الله عز وجل، من أين تتلقى؟ هم يرون أنها تتلقى من العقل ولهذا القاعدة عندهم فيما يثبت وينفى عن الله كما يلي ما دل العقل على ثبوته فأثبته سواء وجدته في القرآن والسنة أم لم تجده، إذا لم أجده يكون هذا من باب من افترى على الله كذبًا وقال على الله ما لا يعلم، هم يقولون لا بأس ما دام العقل دل على هذا أثبته وما نفاه العقل فانفه ولا تلتفت، لأن الله لا يوصف بما ينافي العقل هاتان قاعدتان، القاعدة الثالثة: وما لم يقتض إثباته ولا نفيه فماذا نفعل؟ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أكثرهم نفاه لأنه القاعدة عندهم لا بد من دليل إيجابي على ثبوته، فإن لم يدل الدليل على ثبوته فلا تثبت هذا قاعدة أكثرهم، وعلى هذا فما لا يقبل العقل إثباته ولا نفيه فإن أكثرهم إيش؟ ينفيه ولا يصدق به حتى ولو كان في كتاب الله بأفصح عبارة أو في كلام رسوله، وبعضهم توقف فيها أيهم أقرب للورع ولا ورع عندهم، نعم الثاني متوقف ولكنه ليس ورعًا لأن الورع حقيقة أن يثبت ما أثبته الله لنفسه سواء اقتضاه عقله أم لم يقتضه، طيب نحن نقول إن الله تعالى يغضب، ولكن هل يمكن لقائل أن يقول: الغضب صفة نقص لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( سأله رجل قال: أوصني، قال: لا تغضب، فقال: أوصني، قال: لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب ) هذه الوصية ردد مرارًا قال له وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يوصيه ألا يغضب فإنه لن يوصيه بشيء يكون كمالًا، بل لابد أن يكون نقصًا فكيف يوصف الله به قلنا إن قسنا غضب الله بغضب الإنسان فهو نقص لاشك، لأن الإنسان إذا غضب تصرّف تصرف المجنون ربما يقتل ولده وربما يكسر ماله وربما يحرق ماله وربما يطلق زوجاته، أليس كذلك؟ إذن هو نقص لكن في حق الخالق لا يمكن أن يصدر عن غضب الله شيء ينافي حكمته عز وجل، بل لا بد أن يكون بحكمة، ثم الغضب من حيث هو في مقام السلطة الغضب في مقام السلطة يدل على كمال السلطان، أليس كذلك؟ لأنك إذا ضربت إنسانًا مثلًا إذا ضربت إنسانًا مثلًا ثم غضب معناه يستطيع أن ينتقم منك، أليس كذلك؟ ولهذا إذا رأيته غضبان إيش تعمل؟ تهرب لكن لو ضربت ضعيفًا إيش يفعل؟ يبكي ويحزن لأنه لا يستطيع الانتقام، إذن فالغضب من حيث هو غضب هو كمال، لكن من حيث ما يصدر عنه يكون نقصًا، وهذا هو الذي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بعدمه.
على كل حال في هذا الحديث إثبات الغضب لله عز وجل، وهل جاء في القرآن إثبات غضب الله؟
الطالب : نعم نعم في.
الشيخ : في القرآن؟
الطالب : نعم مواطن كثيرة.
الشيخ : في مواضع متعددة (( ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه )) نعم.