فوائد حديث : ( عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال : نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد ... ). حفظ
الشيخ : طيب، في هذا الحديث من الفوائد عدّة فوائد:
أوّلا جواز ذكر الإنسان والده باسمه العلم ..
الطالب : عمر.
الشيخ : هاه؟ لقول ابن عمر: " نهى عمر " وابن عمر رضي الله عنه من أشدّ النّاس ورعا، وما قاله رضي الله عنه من تسمية أبيه باسمه فانه صحيح فإنّه جائز ولا مانع منه، لكن كره بعض العلماء أن ينادي الإنسان أباه باسمه، يعني ما تقل لأبيك مثلا اسمه عبد العزيز، ما تقول يا عبد العزيز، وايش تقول؟ تقول يا أبتي وإلاّ على لغتنا القصيمية يوبا، نعم أي نعم على كلّ حال ما تقول باسمه، طيب هل هناك مستند؟ قالوا نعم، إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام قال لأبيه (( يا أبت )) مع أنّ أباه كان كافرا قال يا أبتِ أضافها لنفسه أضافها لنفسه والله عزّ وجلّ يقول للأمّة (( لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا )) يعني لا تنادوا محمّدا صلّى الله عليه وسلّم بقولكم يا محمّد قولوا يا رسول الله بالوصف، إذن فالمناداة باللّقب أبلغ في الإكرام من المناداة بالاسم العلم فلهذا تخبر عن أبيك أنّه قال كذا لكن لا تناده بإيش؟ باسمه العلم، تخبر عنه باسمه العلم ولا تناديه باسمه العلم لأنّ هذه طريقة الأنبياء إبراهيم يقول يا أبت ولأن هذا أبلغ في الإكرام كما قال تعالى: (( لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا )).
طيب من فوائد الحديث أنّ سنّة عمر رضي الله عنه المنع من بيع أمّهات الأولاد أو نقل ملكهنّ بهبة أو بميراث، نعم وهو كذلك ولكنّه رضي الله عنه نهى عن هذا بمقتضى السّلطة والخلافة لا بمقتضى الشّرع لأنّه لا يشرّع خلاف ما كان على عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وبيع أمّهات الأولاد كان جائزا في عهد الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وعهد أبي بكر وأوّل خلافة عمر، لكن لما رأى النّاس الحجّاج، لمّا رأى الناس انتهكوا حرمة هؤلاء الأمّهات فصاروا يبيعونهنّ وصبيانهنّ يجرون خلفهنّ يبكون عليهنّ لأنّ أولاد أمّهات الأولاد أحرار ما يمكن بيعهم فإذا باع الأمّ بقي الأولاد مساكين ليس عندهم أمّ ترأف بهم، لمّا رأى عمر ذلك رضي الله عنه رأى من السّياسة أن يمنع من بيعهنّ أن يمنع من بيعهنّ أفهمتم الآن؟
الطالب : نعم.
الشيخ : إذن النّهي عن بيع أمّهات الأولاد ليس لمعنى في الأمّ لكن لما يترتّب عليه من التّفريق بين الوالدة وولدها ويحصل في ذلك من كسر قلب الأمّ وضياع الأولاد ما تقتضي السّياسة الشّرعيّة أن يمنع منه، ومن المعلوم من أنّ الإنسان قد يمنع من التّصرّف في ماله لحقّ الغير أليس قد روي عن النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أنّه حجر على معاذ في ماله ... نعم قد مرّ علينا أنّ الرّسول حجر عليه منعه من التّصرّف فيه فما فعله عمر رضي الله عنه نوع من الحجر ليس تشريعا عامّا وبناء على ذلك فلو مات ولدها يجوز بيعها وإلاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم يجوز بيعها، بناء على ذلك نقول إذا مات ولدها جاز بيعها لأنّ المنع من البيع ليس لمعنى متعلّقا بالأمّ ولكن لمعنى يتعلّق بالأولاد، نعم مع الأمّ وهذا المعنى إذا مات الأولاد زال، فجاز بيعهنّ.
ومن فوائد الحديث أيضا بيان فقه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لأنّ منع الإنسان من التصرف في ماله أمر جاءت به الشّريعة وهذا من تمام فقهه ودقّة فهمه، ونظير ذلك من بعض الوجوه منعه المطلّقة ثلاثا من مراجعة زوجته من أجل أن يحجر على الناس هذا النوع من الطلاق، لأنّ الإنسان إذا علم أنّه إذا طلّق ثلاثا بانت منه الزّوجة يمسك سوف يمسك لكن إذا علم أنّه إذا طلّق قيل له هي واحدة وراجع ما يهمّه يطلّق ثلاثا ولا يبالي لأنّه يعرف أنّه بيرجع لكن إذا منع امتنع من الطلاّق ثلاثا.
طيب من فوائد الحديث أيضا حسن سياسة أمير المؤمنين عمر لأنّه نهى عن بيع أمّهات الأولاد.
ومن فوائد الحديث أيضا أنّ أمّ الولد يجوز لسيّدها أن يستمتع بها ما بدا له لأّنّها ملكه لأّنّها ملكه
ومن فوائده أيضا أنّ أمّ الولد لا تعتق بمجرّد الولادة لقوله: " فإذا مات فهي حرّة " فلا تعتق بمجرّد الولادة.
ومن فوائد الحديث أنّ أمّ الولد تعتق بموت السّيّد وإن لم يخلّف سواه فيكون عتقها من رأس المال لا من الثلث لعموم قوله: " فإذا مات فهي حرّة ".
نعم ومن فوائد الحديث جواز هبة الرّقيق وبيعه لأنّه نهى عن بيع أمّ الولد وهبتها فدلّ ذلك على أنّ الأصل في الرّقيق ايش؟ أن يباع ويوهب وهو كذلك أن يباع ويوهب
فإن قال قائل أليس في هذا ظلم للإنسان وهضم لحقوقه؟ لأنّ الإنسان بشر كيف تحط القلادة في عنقه وتقول من يسوم؟ وش الجواب؟ الجواب أن نقول هذا الإنسان هو الذي أذلّ نفسه وأذلّ عائلته بماذا؟ بالكفر لأنّ سبب الرّقّ هو؟ الكفر فلمّا كفر صار ذليلا يعني هو ذهب يتحرّر من رقّ عبادة الله فوقع في رقّ عباد الله، نعم لأنّه تحرّر من رقّ العبادة فوقع في رقّ المخلوق كما أنّ أصل تحرّره أنّه تحرّر من عبادة الرّحمن إلى الرّقّ في عبادة الشّيطان (( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألاّ تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوّ مبين وأن اعبدوني )) الكفار الذين لا يعبدون الله عبدوا من؟
الطالب : الشّيطان.
الشيخ : عبدوا الشّياطين لا شكّ فهم مساكين، ذهبوا من عبادة الخالق إلى عبادة المخلوق، ذهبوا من عبادة وليّ الذين آمنوا إلى عبادة عدوّ الذين آمنوا وهو الشّيطان ولكن ...
طيب ومن فوائد الحديث هو ليس من فوائد الحديث لكن من الفوائد فيما ساق المؤلف أنّ بعض الرّواة يقع منهم الوهم كذا؟ أي نعم، ولهذا مرّ علينا في مصطلح الحديث من أسباب ردّ الحديث الطّعن في الرّاوي أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب، الرّاوي قد يهم لأنّ الإنسان بشر قد ينقلب عليه الحديث قد يقدّم فيه ويؤخّر، قد يزيد فيه قد ينقص، قد يجعله مرفوعا وهو موقوف، أو موقوفا وهو؟
الطالب : مرفوع.
الشيخ : مرفوع، ولكن ما الميزان الذي نزن به أوهام الرّواة وعدم أوهام الرّواة؟ هذه مشكلة، نقول الشّريعة ولله الحمد فيها قواعد ثابتة قواعد ثابتة ونصوص قويّة واضحة فما جاء مخالفا لهذه القواعد الثابتة أو لهذه النّصوص القويّة الواضحة فإنّنا نحكم عليه بالوهم والشّذوذ مثل ما قال العلماء، يشترط من صحّة الحديث ألاّ يكون معلّلا ولا شاذّا فإذا كان راوٍ ثقة لكن مخالف لمن هو أرجح منه إمّا بالعدد وإمّا بالحفظ وإمّا في العدالة، نقول في حديث الرّجل إنّه شاذّ، إنّه شاذّ، إذا جاء الحديث من رجل أوّله وآخره متناقضان عرفنا أنّ الراوي لم يضبط ومنه على ما اختاره ابن القيّم وأنا أختاره أيضا وإن كان لا نسبة بيني وبينه حديث: ( إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه ) فإنّ هذا الحديث متناقض أوّله وآخره على هذه الصّورة لأنّ أوّله: ( إذا سجد فلا يبرك كما يبرك البعير )، والبعير إذا برك يقدّم يديه لا شكّ فإذا قال وليضع يديه قبل ركبتيه صار مناقضا للأوّل فنعرف أنّه وهم، طيب لماذا لا نجعله وهما في الأوّل؟ ونقول وليضع يديه قبل ركبتيه هذا هو المحفوظ؟ نقول لأنّ الشّارع جرت عادته بالنّهي عن التّشبّه بالحيوان قال: ( لا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ) ( لا يلتفت كالتفات الثّعلب ) ( لا ينقر كنقر الغراب ) فإذن عرفنا أنّ الأوّل هو الثابت والثاني منقلب وأنّ الصّواب هو أن يضع ركبتيه قبل يديه، لكن يأتينا رجل يقول ما أجهلكم بلغتكم، ما أجهلكم بلغتكم، تفضّل نحن ما ندّعي لأنفسنا العصمة فيقول ركبة البعير في يديه، فإذا قال لا يبرك كما يبرك البعير معناه لا يبرك على ركبتيه لأنّ البعير يبرك على الرّكبتين، يقول أنتم الآن جاهلون بلغتكم ثم إذا حملنا الحديث على هذا المعنى ما صار فيه تناقض اتّفق أوّله وآخره فليكن هذا هو الحقّ، قلنا والله هذا صحيح نحن معك في أنّ ركبتي البعير في يديه ولا أحد ينكر هذا ولكن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أعطي جوامع الكلم وفصاحة اللّسان ونصاعة البيان قال ( فلا يبرك كما يبرك ) ولم يقل فلا يبرك على ما يبرك، لو قال لا يبرك على ما يبرك عليه البعير لقلنا هذا صحيح لا تبرك على الرّكبتين لكن قال كما يبرك والكاف للتّشبيه فالمراد أن تكون هيئته عند السّجود كهيئة البعير عند البروك، أمّا مسألة العضو المبروك عليه فهذا ما تعرض له الحديث، أنا أقول هذا من أجل أنّ الإنسان عندما تأتي مثل هذه الأحاديث يقيسها في الأحاديث الأخرى الثابتة التي تعتبر في السّنّة جبالا لو جاءنا حديث رواه أبو داود يخالف ما رواه البخاري ومسلم مخالفة لا يمكن الجمع فيها من نأخذ؟
الطالب : البخاري ومسلم.
الشيخ : ما رواه البخاري ومسلم، طيب أيها الرّجل هذا رواته كلّهم رجال عدول والّلي عندنا البخاري ومسلم رجاله غير عدول؟!
الطالب : أعدل
الشيخ : أعدل، فلهذا البيهقي رحمه الله يقول رفعه فوهم، إذن الوهم يجري على الرّواة ولا شكّ مثل ما نحن نشوف في أنفسنا دائما نتوهّم، نتوهّم بما ندركه بالسّمع، وبما ندركه بالبصر، وبما ندركه بالقلب، الوهم جامع لابن آدم في كلّ الحواسّ أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : ... وتكون يدي مثلا فيها ... تعرفون ...
الطالب : لا.
الشيخ : تشقق من البرد المس هذا اجده أملس يعني يدي ... أقول هذا ما شاء الله أملس يجي ... يقول الميكرفون أملس يجي واحد يده ناعمة ... من حراشته نعم يحسبه كلّه شوك فالمهمّ أنّ الإنسان يتوهّم، يتوهّم في كلّ الحواسّ، في البصر، وفي السّمع، وفي الفهم في القلب، وفي الشّمّ أيضا في كلّ الحواسّ وفي المأكولات أيضا. نعم