تحت شرح حديث السابق (وعنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن بيعتين في بيعة . رواه أحمد والنسائي ، وصححه الترمذي وابن حبان . ولأبي داود : " من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما ، أو الربا " . ) حفظ
الشيخ : بعتك بيتي على أن تبيعني بيتك ليس بينها فرق وبين تلك إلاّ أنّنا قدّرنا الثّمن في الأخير دون الأوّل فيجب على هذا أن يحمل على رواية أبي داود ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الرّبا ) وحينئذ نقول ما معنى أوكسهما؟ أي أنقصهما، أو الرّبا إن لم يكن أنقصهما يعني إن كان له الأكثر وقع في الرّبا وإن كان له الأقلّ لم يقع في الرّبا أفهمتم الآن؟ طيب ما صورة ذلك؟ لهذا صورتان: الصورة الأولى أن يقول بعتك هذا الشّيء بعشرة نقدا أو بعشرين نسيئة فهنا إن أخذ بالعشرة نقدا لم يقع في الرّبا وإن أخذ بعشرين نسيئة؟
الطالب : وقع في الرّبا.
الشيخ : وقع في الرّبا، هذه صورة، الصّورة الثانية فإذا قال قائل أين البيعتان؟ قلنا واحدة بعشرة وواحدة بعشرين، المبيع واحد والبيعتان؟ الثّمنان، البيعتان هما الثّمنان إمّا عشرة نقدا وإما عشرون نسيئة.
الصورة الثانية أنّ المراد بذلك مسألة العينة، بأن يبيع الإنسان شيئا بثمن مؤجّل ثمّ يشتريه بأقلّ منه نقدا قالوا فهاتان صفقتان في صفقة أي في مبيع واحد فتحمل البيعة هنا على المبيع، يعني باع بيعتين في بيعة فهذا الذي له أوكسهما أو الرّبا، والمثال أو الصّورة أن يبيع شيئا بثمن مؤجّل ثمّ يشتريه بأقلّ منه نقدا، مثال ذلك بعت عليك هذا البعير بمائة إلى سنة ثمّ اشتريته منك بثمانين نقدا فهنا بيعتان أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : البيعة الأولى بثمن مؤجّل والبيعة الثانية بالثّمن الحاضر، نقول للذي باع البعير أنت الآن لك أوكسهما أو الربا، كيف أوكسهما أو الرّبا؟ يعني إمّا أن تقتصر على الثّمن الأقلّ وإلاّ وقعت في الرّبا، الثّمن الأقل ما هو؟
الطالب : ثمانون.
الشيخ : ثمانون، والأكثر؟
الطالب : مائة.
الشيخ : مائة، هو إذا أخذها بثمانين فلا ربا، لأنّه باعها بمائة واشتراها بثمانين، والبائع لم يأخذ إلاّ الثّمانين فقط، المشتري الأول قصدي المشتري الأوّل لم يأخذ إلاّ ثمانين، فلم يأخذ ربا، فإن أخذ بالأكثر أخذ بالرّبا، من الذي يأخذ بالأكثر؟
الطالب : البائع.
الشيخ : البائع الأوّل باعها بمائة، فإذا أخذ بالمائة فقد أخذ بالرّبا وإن اقتصر على الثمانين لم يأخذ بالرّبا، طيب إذا اقتصر على الثّمانين هل يلحق المشتري بشيء؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا يلحقه بشيء لأنّه اشتراها بمائة وقد باعها بمائة وانتهى كلّ شيء أو لا؟
الطالب : بثمانين.
الشيخ : بثمانين نعم.
الطالب : شيخ ما فهمنا الصّورة.
الشيخ : طيب نفهمها الآن، بعت عليك هذه الناقة بمائة إلى سنة، الثمن الآن مؤجل ومقداره مائة إلى سنة ثمّ رجعت إليك واشتريتها منك بثمانين نقدا ... ردّت لي الآن وإلاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : وثبت لك لي في ذمّتي؟
الطالب : عشرين.
الشيخ : عشرين، كيف؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم زاد عشرين، لأنّ لك مائة عندي أليس كذلك؟
الطالب : بلى ...
الشيخ : بارك الله فيكم أنا بعتها بمائة، لي على المشتري؟
الطالب : مائة.
الشيخ : مائة، تمام؟
الطالب : نعم.
الشيخ : اشتريتها بثمانين وش باقي فيه؟ بقي عشرين، إذن كأنّني أعطيته الثّمانين بكم؟
الطالب : بمائة.
الشيخ : بمائة يبيعها وهذا ربا، فإن قلت له أنا الآن باشتريها بثمانين ولا أريد منك الزّائد فقد أخذت بأوكسهما، البيعة الأولى بمائة وهذه البيعة بثمانين، أخذت بأوكسهما وسلمت من الرّبا، فإذن يكون المراد ببيعتين في بيعة مسألة العينة.
أعود مرّة ثانية لشرح الحديث قلنا الحديث بمعنيان: المعنى الأوّل أن يبيع عليه الشّيء بثمانين نقدا أو بمائة نسيئة مؤجّلة، يقول هذا بيعتان في بيعة، البيعتين هما الثّمنان في بيعة في عقد واحد وهذا لا يجوز، الصّورة الثانية مسألة العينة أن يبيعه شيئ بمائة مؤجّل ثمّ يشتريه بثمانين نقدا، الثّمانين يسلّمها للمشتري الذي اشترى منه أوّلا، البائع الأوّل يسلّم للمشتري الأوّل ثمانين هاه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : وإلاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، وباقي في ذمّته؟
الطالب : عشرون.
الشيخ : مائة يا أخي، مائة مائة، طيب زيد باع على عمرو هذه النّاقة بمائة إلى سنة فهمتم الآن، زيد باع على عمرو النّاقة إلى سنة، ثمّ رجع زيد، طيب كم ثبت في ذمّة عمرو لزيد؟
الطالب : مائة.
الشيخ : مائة، ثمّ رجع زيد فاشتراها منه بثمانين نقدا وسلّمه الثمانين كم في ذمّة عمرو لزيد؟
الطالب : مائة.
الشيخ : مائة، مائة، لزيد على عمرو مائة هاه؟
الطالب : مائة.
الشيخ : صحّ؟
الطالب : ...
الشيخ : لزيد على عمرو مائة، لا إله إلاّ الله! ...
الطالب : ...
الشيخ : طيب نعيدها مرّة ثانية، نجيب السبورة وإلاّ ما فيه حاجة؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، باع زيد على عمرو بعيرا بمائة إلى سنة، واضح الآن؟
الطالب : نعم.
الشيخ : واضح، كم ثبت لزيد على عمرو؟
الطالب : مائة.
الشيخ : مائة ... البعير، ثمّ رجع زيد إلى عمرو وقال بعنيها بثمانين نقدا ندّوك الثّمانين فباعها نقدا بثمانين، الآن ثبت لزيد على عمرو؟
الطالب : مائة.
الشيخ : مائة، كذا وإلاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : بثمانين لأنّه استلم ثمانين كذا وإلاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : كأنّ هذا أعني زيدا أعطى عمروا ثمانين بمائة إلى سنة.
الطالب : نعم.
الشيخ : واضح الآن؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب الحديث يقول ( له أوكسهما أو الرّبا ) ما أوكسهما؟
الطالب : ...
الشيخ : الثّمانون، الأنقص أو الرّبا، نقول أنت الآن يا زيد إن أخذت من عمرو مائة وقعت في الرّبا لأنّك أخذت أكثر ممّا أعطيته، أنت أعطيته الثمانين، وإن أخذت الثّمانين فقط عند تمام السّنة هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : خرجت من الرّبا، فإذا تمّت السّنة قلنا لزيد تعال، إذا أخذت المائة آه وقعت في الرّبا، وإن أخذت بالثّمانين خرجت من الرّبا فلك أوكسهما بدون ربا أو الرّبا إن أخذت الأكثر.
الطالب : ...
الشيخ : اصبروا يا جماعة خلّينا نفهم هذا، ما فيه سؤال حتى ... أفهمتم الآن وإلاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب عندنا الآن تفسير للفظ الأوّل نهى عن بيعتين في بيعة كذا وإلاّ لا؟ وبيّنّا أنّ التّفسير الذي فسّر به ظاهر اللّفظ غير مراد وهو أن أقول لا أبيع عليك هذا الشّيء حتى تشتري هذا الشّيء، ولا أبيع عليك هذا الشّيء حتى تبيعني هذا الشّيء وقلنا إنّ هذين غير مرادين كذا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، فالمسألة الثانية قلنا فسّر الحديث بتفسيرين إمّا أنّ المعنى أبيعك إيّاه بثمانين نقدا أو بمائة نسيئة إلى سنة هذه واحدة. تفسير آخر يقول هي مسألة العينة، وش مسألة العينة؟ أن يبيع شيئا بثمن مؤجّل ثمّ يشتريه بأقلّ منه نقدا، هذه مسألة العينة صورتها بعت على زيد بعيرا بمائة إلى سنة، ثمّ اشتريتها بثمانين نقدا، أيّ التّفسيرين أولى بالمطابقة للحديث؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني، لأنّ بيعتين في بيعة بيّنها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قال: ( فله أوكسهما أو الرّبا ) وعلى هذا فيكون المراد بالبيعتين في بيعة مسألة العينة وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وواضح، فنقول للبائع الآن إذا تمّت السّنّة إمّا أن لا تأخذ إلاّ كم؟
الطالب : ثمانين.
الشيخ : إذا لم تأخذ إلاّ الثمانين التي أنت أعطيته فأنت سلمت من الرّبا، أمّا إذا أخذت المائة التي هي ثمن البيع الأوّل فإنّك تقع في الرّبا لأنّ حقيقة الأمر أنّك أعطيته ثمانين بمائة وأدخلت بينهما بعيرا ولهذا قال ابن عبّاس رضي الله عنهما في مسألة العينة: " هي دراهم بدراهم دخلت بينهما حريرة " حريرة يعني ثوب، نحن نقول هنا في مثالنا دراهم بدراهم دخلت بينهما بعير، كذا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، الصّورة الأولى في التّفسير الثاني وهي بعتك هذا بعشرة نقدا أو بعشرين نسيئة ما وجه إدخالها في الحديث؟ قالوا لأنّ هذا ربا، لأنّك زدت الثّمن بمقابل الأجل هذا واحد، ولأنّ هذا جهالة لأنّ الثّمن لم يستقرّ أنت قل بعشرة نقدا أو بعشرين نسيئة، إذن المشتري ماذا يكون؟ هل التزم بعشرة أو التزم بعشرين؟ والبيع لا يدري هل الذي حصل له عشرة أو عشرون، إذن فالمسألة فيها جهالة وفيها ربا، فهمتم الآن؟
الطالب : نعم.
الشيخ : إذن فتكون داخلة في الحديث، ولكن عند التأمّل يتبيّن أنّ الحديث لا يراد به ذلك أوّلا استنادا إلى لفظ أبي داود، وثانيا أنّ قول البائع بعتك هذا بثمانين نقدا أو بمائة نسيئة ليس فيه ربا وليس فيه غرر، ليس فيه ربا لأنّني لم أبدل دراهم الثّمانين بمائة وإنّما الزّيادة في ثمن السّلعة، فكما أنّي لو قلت السلعة هذه لا تساوي إلاّ ثمانين لكن أبيعها عليك إلاّ بمائة، يجوز وإلاّ ما يجوز؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : ... كم؟
الطالب : عشرين.
الشيخ : عشرين، وهذا ليس بربا فأنا إذا أجّلت هذه المائة عليك ... خيرا، إذا كان يجوز أن أبيع ما يساوي ثمانين بمائة نقدا، فلماذا لا يجوز أن أبيع ما يساوي ثمانين بمائة؟
الطالب : نسيئة.
الشيخ : نسيئة، من باب أولى، ثانيا قولهم أنّ هذا جهالة نقول ليس بجهالة لأنّ المشتري لا يمكن أن يفارق المكان حتى يقطع الثّمن، وش الثّمن؟
الطالب : ثمانين.
الشيخ : ثمانين أو مائة، صحيح أنّه إذا كان غير مقطوع الثّمن جهالة ولكن ما نأخذها من هذا الحديث نأخذها من أحاديث أخر وهي جهالة الثّمن أما إذا قال والله خذ هذه أنا أبيعها عليك بثمانين نقدا وإلاّ بمائة إلى سنة قال أخذتها بمائة إلى سنة.
الطالب : صار معلوما.
الشيخ : هاه؟ فيها شيء، صار معلوما، ما تفرّقنا حتّى قطعنا الثّمن وعرف المشتري أنّ عليه مائة وأنّ البائع له مائة ولا فيها إشكال، فتبيّن الآن أنّ أصحّ ما يفسّر به الحديث مسألة العينة لأنّنا فسّرنا قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، ولا أحسن من تفسير الحديث بالحديث ولهذا اتّفق العلماء على أنّه إذا أمكن أن يفسّر كلام المتكلّم بكلامه فهو أولى أن يفسّر بكلام غيره لأنّه أعلم بمراده، والمسألة لا تنطبق أبدا إلاّ على مسألة العينة، أمّا بثمانين نقدا وبمائة نسيئة فهذا لا بأس به لكن بشرط أن لا يتفرّقا حتى يقطعا الثمن أو يقول مثلا لك الخيار بثمانين نقدا أو بمائة نسيئة ولك الخيار يوما أو يومين فإذا أخذه على هذا الشّرط فلا بأس.
السائل : شيخ؟
الشيخ : نعم.
السائل : إيش الفرق بين ...