وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : غلا السعر في المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الناس : يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله هو المسعر ، القابض ، الباسط ، الرازق ، وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال ) . رواه الخمسة إلا النسائي ، وصححه ابن حبان . حفظ
الشيخ : " وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( غلا السِّعر بالمدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النَّاس : يا رسول الله، غلا السِّعر، فسعِّر لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنَّ الله هو المسعِّر، القابض، الباسط، الرَّازق، وإنِّي لأرجو أن القى الله وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال ) رواه الخمسة إلا النسائيّ وصححه ابن حبان " :
قوله : ( غلا السعر ) أي : ارتفع وزاد ، يقال : غلا يغلو ، وكل هذه المادة الغين واللام والألف أو الواو كلها فيها نوع من الزيادة : (( كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم )) والغليان فيه ارتفاع وزيادة .
( غلا السعر ) يعني ارتفع وزاد ، غلا : يعني زاد في الحد فيه أيضا زيادة ، والسعر : قيمة الأشياء أي ارتفعت القيمة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : ( يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا ) : يعني قدر قيمة الأشياء ،
فقل مثلا : صاع البر بكذا وصاع التمر بكذا وصاع الأقط بكذا وما أشبه ذلك ، لأنه إذا سعر فلن يزيد أحد على تسعيره ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين لهم أن ذلك ليس إليه ، لأن الذي من بيده ملكوت السموات والأرض هو الله عز وجل ، فقال : ( إن الله هو المسعر ) : يعني هو الذي بيده الأمر إن شاء عز وجل أغلى السعر ، وإن شاء أرخص السعر ، كيف ذلك ؟ لأن سبب الغلاء إما زيادة في نمو الناس ، وإما نقص في المحصول ، وإما جشع وطمع ، وكل ذلك بيد الله عز وجل .
الزيادة في النمو بيد من ؟ بيد الله عز وجل ، وكذلك أيضا النقص في المحصول والزيادة فيه بيد الله ، ومعلوم أنه إذا نقص المحصول زاد السعر ، أو يكون من باب الطمع والجشع وهذا أيضًا بيد الله ، لأن الطمع والجشع مِن فعل الإنسان والله تعالى خالق للإنسان وخالق لفعله ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله هو المسعر ) ، لأنه هو الذي يفعل أسباب الزيادة وأسباب النقص . طيب ( القابض الباسط ) : وهذا مأخوذ من قوله تعالى : (( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر )) .
الطالب : من قوله تعالى .
الشيخ : من قوله تعالى ، فهو القابض الذي يقبض الشيء ويقلله ، الباسط الذي يبسطه ويوسعه ويكثره ، وهذا من جملة أفعاله عز وجل : يقبض ويبسط (( والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون )) .
ثم ( الرازق ) : يعني المعطي ، والرازق في الأصل العطاء كما قال الله تعالى : (( فارزقوهم منه )) ، (( وارزقوهم فيها )) أي : أعطوهم ، ورزق الله عز وجل ينقسم إلى قسمين :
رزق مادة الحياة الجسدية .
ورزق مادة الحياة الروحية أو القلبية .
فالأول يكون بالطعام والشراب والكسوة والسكن ، والثاني يكون بالعلم والإيمان .
وعلى هذا فنقول : من ليس له كسب إلا المحرم كالمرابي ، هل الله رازقه ؟ الجواب : نعم ، رازقه بالمعنى الأول ، أما بالمعنى الثاني فلا شك أنه ناقص الإيمان لأنه لو كان إيمانه كاملا ما انتهك محارم الله عز وجل بأكل الربا ، الكافر مرزوق ولا لا ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : بأي المعنيين ؟
الطالب : الأول .
الشيخ : بالمعنى الأول ، لأن الله تعالى رزقه ما يقوم به جسده ، أما ما يقوم به قلبه من العلم والإيمان فإنه مفقود ، لأن علمه إن كان عنده علم ينتفع به وإيمانه معدوم .
طيب يقول : ( وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال ) ، ( لأرجو أن ألقى الله ) : الرجاء هو الطلب ، الطلب النفسي مع وجود أسباب حصول المطلوب ، هذا الرجاء ، إذًا هو : " الطلب النفسي مع وجود أسباب حصول المطلوب " ، فهو في الأمور الميسورة ، والتمني في الأمور المتعذرة أو المتعسرة ، لكنه طلب كالرجاء ، لكن الرجاء يكون في الأمور القريبة ، والتمني في الأمور البعيدة .
وقوله : ( إني لأرجو أن ألقى الله تعالى ) : ما معنى تعالى ؟ معنى تعالى أي : ترفع ، وتعاليه عز وجل معنوي وحسي ، أما تعاليه المعنوي : فهو أنه سبحانه وتعالى متعال عن كل نقص ، وأما الحسي : فهو متعال على جميع الخلق كما قال تعالى : (( الكبير المتعال )) .
يقول : ( وما أحد منكم يطلبني بمظلمة ) : ما أحد يطلبني يعني : يكون له عندي مظلِمة ويجوز مظلَمة .
( في دم ولا مال ) : في دم كالاعتداء على النفس ، ولا مال كالاعتداء على المال .
هذا الحديث القصة فيه مشهورة واضحة معروفة ، وهي أن الصحابة لما غلا السعر لجؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكون إليه الأمر ، وطلبوا إليه باعتباره ذا السلطة والإمامة أن يُسعر لهم ، فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم وببن أن الأمر بيد الله عز وجل ، وأن التسعير على الناس نوع من الظلم ، ورجا الله عز وجل أن يلقاه وما أحدٌ منهم يطلبه بمظلمة في دم ولا مال .
قوله : ( غلا السعر ) أي : ارتفع وزاد ، يقال : غلا يغلو ، وكل هذه المادة الغين واللام والألف أو الواو كلها فيها نوع من الزيادة : (( كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم )) والغليان فيه ارتفاع وزيادة .
( غلا السعر ) يعني ارتفع وزاد ، غلا : يعني زاد في الحد فيه أيضا زيادة ، والسعر : قيمة الأشياء أي ارتفعت القيمة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : ( يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا ) : يعني قدر قيمة الأشياء ،
فقل مثلا : صاع البر بكذا وصاع التمر بكذا وصاع الأقط بكذا وما أشبه ذلك ، لأنه إذا سعر فلن يزيد أحد على تسعيره ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين لهم أن ذلك ليس إليه ، لأن الذي من بيده ملكوت السموات والأرض هو الله عز وجل ، فقال : ( إن الله هو المسعر ) : يعني هو الذي بيده الأمر إن شاء عز وجل أغلى السعر ، وإن شاء أرخص السعر ، كيف ذلك ؟ لأن سبب الغلاء إما زيادة في نمو الناس ، وإما نقص في المحصول ، وإما جشع وطمع ، وكل ذلك بيد الله عز وجل .
الزيادة في النمو بيد من ؟ بيد الله عز وجل ، وكذلك أيضا النقص في المحصول والزيادة فيه بيد الله ، ومعلوم أنه إذا نقص المحصول زاد السعر ، أو يكون من باب الطمع والجشع وهذا أيضًا بيد الله ، لأن الطمع والجشع مِن فعل الإنسان والله تعالى خالق للإنسان وخالق لفعله ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله هو المسعر ) ، لأنه هو الذي يفعل أسباب الزيادة وأسباب النقص . طيب ( القابض الباسط ) : وهذا مأخوذ من قوله تعالى : (( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر )) .
الطالب : من قوله تعالى .
الشيخ : من قوله تعالى ، فهو القابض الذي يقبض الشيء ويقلله ، الباسط الذي يبسطه ويوسعه ويكثره ، وهذا من جملة أفعاله عز وجل : يقبض ويبسط (( والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون )) .
ثم ( الرازق ) : يعني المعطي ، والرازق في الأصل العطاء كما قال الله تعالى : (( فارزقوهم منه )) ، (( وارزقوهم فيها )) أي : أعطوهم ، ورزق الله عز وجل ينقسم إلى قسمين :
رزق مادة الحياة الجسدية .
ورزق مادة الحياة الروحية أو القلبية .
فالأول يكون بالطعام والشراب والكسوة والسكن ، والثاني يكون بالعلم والإيمان .
وعلى هذا فنقول : من ليس له كسب إلا المحرم كالمرابي ، هل الله رازقه ؟ الجواب : نعم ، رازقه بالمعنى الأول ، أما بالمعنى الثاني فلا شك أنه ناقص الإيمان لأنه لو كان إيمانه كاملا ما انتهك محارم الله عز وجل بأكل الربا ، الكافر مرزوق ولا لا ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : بأي المعنيين ؟
الطالب : الأول .
الشيخ : بالمعنى الأول ، لأن الله تعالى رزقه ما يقوم به جسده ، أما ما يقوم به قلبه من العلم والإيمان فإنه مفقود ، لأن علمه إن كان عنده علم ينتفع به وإيمانه معدوم .
طيب يقول : ( وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال ) ، ( لأرجو أن ألقى الله ) : الرجاء هو الطلب ، الطلب النفسي مع وجود أسباب حصول المطلوب ، هذا الرجاء ، إذًا هو : " الطلب النفسي مع وجود أسباب حصول المطلوب " ، فهو في الأمور الميسورة ، والتمني في الأمور المتعذرة أو المتعسرة ، لكنه طلب كالرجاء ، لكن الرجاء يكون في الأمور القريبة ، والتمني في الأمور البعيدة .
وقوله : ( إني لأرجو أن ألقى الله تعالى ) : ما معنى تعالى ؟ معنى تعالى أي : ترفع ، وتعاليه عز وجل معنوي وحسي ، أما تعاليه المعنوي : فهو أنه سبحانه وتعالى متعال عن كل نقص ، وأما الحسي : فهو متعال على جميع الخلق كما قال تعالى : (( الكبير المتعال )) .
يقول : ( وما أحد منكم يطلبني بمظلمة ) : ما أحد يطلبني يعني : يكون له عندي مظلِمة ويجوز مظلَمة .
( في دم ولا مال ) : في دم كالاعتداء على النفس ، ولا مال كالاعتداء على المال .
هذا الحديث القصة فيه مشهورة واضحة معروفة ، وهي أن الصحابة لما غلا السعر لجؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكون إليه الأمر ، وطلبوا إليه باعتباره ذا السلطة والإمامة أن يُسعر لهم ، فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم وببن أن الأمر بيد الله عز وجل ، وأن التسعير على الناس نوع من الظلم ، ورجا الله عز وجل أن يلقاه وما أحدٌ منهم يطلبه بمظلمة في دم ولا مال .