وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب وزناً بوزن مثلاً بمثل ، والفضة بالفضة وزناً بوزن ، مثلاً بمثل ، فمن زاد أو استزاد فهو ربا ) . رواه مسلم . حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب وزناً بوزن مثلاً بمثل ) " :
وسبق الكلام على هذه الجملة وبيان أنها تدل على وجوب المماثلة بين الذهب بالذهب بالوزن ، بلقوله : ( وزنا بوزن ) : يعني لا تبيعه إلا وزنا ، فلا يباع كيلا ، ولا بد أن يكون في الوزن متماثلا لقوله : ( مثلا بمثل ) .
( والفضة بالفضة وزنا بوزنٍ مثلا بمثل ) : وسبق الكلام على هذه الجملة أيضًا وأنها تدل على وجوب بيع الفضة بالفضة وزنا ، وأنه يجب أن يكون وزنًا متماثلا .
قال : ( فمن زاد أو استزاد فهو ربا ) : زاد شيئا بدون طلب ، استزاد : طلب الزيادة ، فالذي يزيد ويعطي الزيادة مُربي ، والذي يطلب الزيادة أيضا مربي ومعلوم أن الزيادة فيها باذل ومبذول له :
فالمبذول له : هو المستزيد ، والباذل هو الزائد ، وكلاهما واقعان في الربا ، أما الآخذ للزيادة فوقوعه في الربا ظاهر .
وأما الثاني : فلأنه معين على ذلك وراض به ، ولأن هذه الزيادة نشأت في عقد واحد ، أو من عقد واحد فكانا فيها سواء ، فلهذا قال : " ( فمن زاد أو استزاد فهو ربا ) رواه مسلم " .
وهذا الحديث وحديث عبادة وحديث أبي سعيد الأول يغني عنهما حديث عبادة ، لأن حديث عبادة أشمل وأوسع مدلولا وفيه ذكر النوعين من الربا ربا الفضل وربا النسيئة .
يعني فلو أن المستدل الذي أراد أن يتكلم على تحريم الربا اقتصر في الاستدلال على حديث عبادة لكان كافيًا ، لكن أتى المؤلف بهذين الحديثين من باب توكيد المسألة ، وأن الأمر لم يأت من طريق واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل جاء من عدة طرق .