وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر ديناراً فيها ذهب وخرز ففصلها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً , فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( لا تباع حتى تفصل ) . رواه مسلم . حفظ
الشيخ : عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه -درس اليوم- : " وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : ( اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر ديناراً ) " : هذا قوله : ( اشتريت يوم خيبر ) : يعني يوم فتح خيبر ، وكانت خيبر حصون ومزارع لليهود تقع في الشمال الغربي عن المدينة ، على بعد نحو مئة ميل ، وقد فتحها النبي صلى الله عليه وسلم في عام ستة من الهجرة ، ولما فتحها طلب منه اليهود أن يبقيهم عمالا فيها ، لأنهم أهل حرث وزرع ، على أن يكون لهم الشطر وللنبي صلى الله عليه وسلم الشطر ، فوافقهم على هذا ، لأن الذين معه من المهاجرين والأنصار مشغولون معه بمصالح المسلمين من الجهاد وغيره ، ولأن هؤلاء أهل زرع وحرث ، فهم أعلم بحروثهم وزروعهم .
المهم أن النبي عليه الصلاة والسلام غَنِم منها مغانم منها مغانم الذهب ، فكانت هذه القلادة مما غُنم ، فبيعت باثني عشر ديناراً ، وهذه رواية مسلم ، وقد اختلفت الروايات في مقدار الثمن الذي بيعت به اختلافاً كثيرًا ، حتى إن بعضهم ادَّعى أن الحديث ضعيف لاضطرابه ، لأن اضطراب الرواة كما تعرفون في نقل الحديث يؤدي إلى ضعفه ، إذا لم يمكن الجمع ولا الترجيح ، لأن الاضطراب يشترط فيه شرطان :
ألا يمكن الجمع ، وألا يمكن الترجيح ، فإن أمكن الجمع جُمع ، وزال الاضطراب وإن أمكن الترجيح أُخذ بالراجح وشذذ ما سواه .
ولكن الصحيح ما حققه ابن حجر -رحمه الله- أن الاختلاف في مثل هذا لا يضر ، لأن هذا الاختلاف لا يعود إلى أصل الحديث ، إذ إن أصل الحديث متفق عليه وهو بيع القلادة بذهب ، أما المقدار فلا يتعلق به حكم ، ونظير ذلك اختلاف الرواة في مقدار ثمن جمل جابر ، فقد اختلفوا فيه اختلافا كثيرا ومع ذلك لم يُعد هذا من الاضطراب ، لأن الاختلاف ليس في أصل الحديث ، أما الاختلاف في أصل الحديث مثل أن يكون أحدهم روى النهي والثاني رواه بلفظ الأمر أو ما أشبه ذلك مما يعود إلى أصله ، فهذا نعم يحكم فيه بالاضطراب إذا لم يمكن الجمع ولا الترجيح .
طيب على كل حال : نحن لا يهمنا مقدار الثمن ، الذي يهمنا صيغة العقد والمعقود عليه ، جنسه ، أما القدر فلا يهم .
يقول : ( باثني عشر دينارًا فيها ذهب وخرز ) :
( فيها ذهب وخرز ) كما هي العادة في القلادة : أن يكون فيها خرز من ذهب ، وخرز من خزف أو نحوه .
يقول : ( ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا ) : يعني وجدت فيها من الذهب أكثر من اثني عشر دينارا وذلك بالوزن ، فكان الذهب الذي فيها يزن أكثر من اثني عشر دينارًا ، ومعلوم أن بيع الذهب بالذهب لا بد فيه من التساوي ، يقول : ( فذكرتُ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : لا تباعُ حتى تفصل ) ، لما أخيره قال : ( لا تباع حتى تفصل ) أي : تفصل من أي شيء ؟ من الخرز ، ويُجعل الذهب وحده والدنانير وحدها ، ثم توزن فإذا تساوت وزناً جاز بيعها .
وقوله : ( لا تباع ) لم يقل : لا تفعل ، قال : ( لا تباع ) : فيفيد أن هذا البيع يجب إبطاله وإعادته ، لأنه بيع فاسد باطل .
هذا الحديث كما تعلمون فيه شراء جنس من الربوي بجنسه مع التفاضل ، والقاعدة الشرعية في بيع الربوي بجنسه ، الأخ ! ما هي القاعدة الشرعية ؟
الطالب : بيع التفاضل بجنسه ؟
الشيخ : بيع التفاضل بجسنه ، الظاهر ما أنت معنا ، ها ؟ إيش ؟
الطالب : كنت أنظر إلى الحديث .
الشيخ : إي ، الحديث يعني أمهل عليه ، يمكن بعد الدرس تراجعه ، أما الشرح يروح ويخليك يا أخ .
الطالب : يشترط فيه شرطان .
الشيخ : أن بيع ؟
الطالب : أن بيع الربوي يشترط فيه شرطان .
الشيخ : ها .
الطالب : التقابض والتساوي .
الشيخ : طيب .
هذا الحديث يدلنا عليه أنه قال : ( فصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا ) .