تتمة فوائد حديث:( من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع ... ). حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
من فوائد الحديث أيضًا : جواز بيع النخل وعليه الثمرة ، وجواز بيعه قبل التأبير وبعده ، ولكن إذا باع النخل فما الذي يتناوله البيع ؟ هل يتناول البيع الشجرة نفسها والأرض أو الشجرة وحدها ؟
يعني : مثل بعت عليك نخلة ، فهل يشمل أرضها أو هو خاص بالنخل فقط ؟
والفرق بين الأمرين أننا إذا قلنا : إنه يشمل الأرض فماتت تلك الشجرة أو أصابها ما يتلفها ، فهل تبقى الأرض للمشتري أو لا ؟
إن قلنا : إن الأرض تتبع النخل فإنه تبقى للمشتري .
وإن قلنا : إن الأرض لا تتبع النخل فإن الأرض باقية للبائع ، هذه المسألة نقول : المرجع فيها إلى العرف ، والعرف عندنا أنه إذا قال : إذا قال الناس : باع فلان نخلة يريدون البستان كله ، أرضه وشجره فإذا كان العرف يقتضي أن النخل هو الشجر فقط دون الأرض فإن النخلة إذا تلفت فإن المشتري لها لا يملك غرس شيء مكانها لأن البيع لا يشمل الأرض ، وهكذا قال العلماء فيما إذا رهن نخلا ، أو أوقف نخلا ، أو ما أشبه ذلك هل الأرض تتبع النخل أو لا ؟
فالأصل أن الأرض لا تتبع ، لأن الأرض أصل والشجر فرع ، كما أن الشجر أصل والثمر فرع ، إلا أن يكون هناك عرف يخالف هذا فالمرجع فيه إلى العرف ، فالحديث الذي معنا يقول : ( من باع نخلا ) : فالمعقود عليه هو النخل ، ومعلوم أن النخل في الغالب أنه إذا بيع بعد التأبير سيبقى ، ولكن الذي ذكرناه لا يؤخذ في الحقيقة من الحديث لا نفيا ولا إثباتا ، لكن ذكرناه للأهمية .
ومن فوائد الحديث : أنه يجوز للمشتري أن يشترط الثمرة بعد التأبير لنفسه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إلا أن يشترط المبتاع ) .
ومن فوائد الحديث : " أنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالا " ، وجهه : أنه لو اشترى إنسان الثمرة وحدها بعد التأبير وقبل بدو صلاحها ، فقد سبق لنا أنه لا يجوز ، أو لا ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : طيب ولو اشترى النخل بعد التأبير والثمر في هذه الحال للبائع واشترطه لنفسه جاز لماذا ؟
لأن الثمر الآن صار تبعا للشجر ، أما ما ورد النهي عنه فهو بيع الثمر وحده ، وهذه القاعدة أقرها أهل العلم مستندة إلى ما جاءت به السنة من : " أنه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا " .
طيب لو أنه باعه قبل التأبير ، واشترط على المشتري أن الثمرة له فهل يجوز ؟ يعني عكس ما جاء به الحديث ، الحديث باعه بعد التأبير واشترط المشتري أن الثمرة له ، الصورة التي ذكرت الآن : باعه قبل التأبير ، فلمن الثمرة ؟
للمشتري لكن البائع اشترطها لنفسه ، هل يجوز هذا أو لا ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز ؟! طيب إذا قلنا : يجوز فهو يبقى علينا إشكال وهو : أن البائع تملك الثمر قبل بدو صلاحه ، فما الجواب ؟
نقول : هذا استدامة ملك وليس استحداث ملك ، بمعنى أن البائع لما باعه استثنى هذه الثمرة من البيع ، أي : أبقى ملكه عليها ، أفهمتم يا جماعة ؟ طيب ، فظهر الفرق بين شخص يشتري الثمر مستقلا وبين أن يبقى ملكه عليه.
فإن قال قائل : وإذا قلنا بصحة البيع ، وأصاب الثمرة جائحة فهل يضمن المشتري للبائع ؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ) ، فهل هذا البائع الذي اشترط أن الثمرة له إذا أُصيبت الثمرة يرجع على المشتري ؟
الجواب : لا يرجع ، فإن أشكل عليك فإن الحديث واضح يقول : ( لو بعت من أخيك ثمرًا ) : والبائع هنا لم يشتر ، وإنما استبقى ملكه ، فهو لم يملكه من جهة المشتري حتى يضمَّن إياه ولكنَّه أبقى ملكه عليه.
وعلى هذا فلو أصيب هذا الثمر الذي اشترطه البائع بجائحة فإنه لا يرجع على المشتري .
طيب نقول في عكس هذا : إذا اشترط المشتري الثمر الذي يستحقه البائع فأصيب بجائحة ، ومتى يستحق البائع ؟ ها ؟ بعد التأبير ، فاشترطه المشتري ووافق البائع وصار الثمر للمشتري فأصيب بجائحة ، فهل يرجع المشتري على البائع أو لا يرجع ؟
الطالب : يرجع .
طالب آخر : لا يرجع .
الشيخ : نعم طيب فكروا فيها ما دام اختلفتم معناه أن المسألة تحتاج إلى نظر ليست مسلمة ما دام اختلفتم فالمسألة تحتاج إلى نظر .
فالذين قالوا : إنه يرجع نحتاج إلى بيان حجتهم ، من قال من نعم ؟
الطالب : حديث النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : ماذا قال ؟
الطالب : الأول : أن يكون من غير اشتراط ، وهذا اشتراها بشرط البائع .
الشيخ : ويش قال الرسول : ( لو بعت من ) ؟
الطالب : ( من أخيك ثمرة فأصابته جائحة ، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ) فإن تأخذ بغير حق .
الشيخ : نعم .
الطالب : فالآن هذا اشترى بنقود ولم !
الشيخ : لكن هذا باع الثمر ولا الشجر ؟
الطالب : باع الثمر والشجر أيضًا .
الشيخ : أنت إذا قلت : إنه باع الثمر وقعنا في إشكال ، قلنا : لا يصح بيعه قبل أن يبدو صلاحه ، أنت متى قلت إن هذا بيع للثمر لزم أن تبطل البيع لأنه قبل بدو الصلاح .
الطالب : لا ، بيع تبعا للنخل ، لكن وقع عليه أيضا قيد .
الشيخ : يعني الآن لو قال البائع : بعتك النخل بمئة ألف ، والثمر بعشرة آلاف ما صح البيع .
الطالب : تبعا ؟
الشيخ : لا قال هكذا قال : بعتك النخل بمئة ألف والثمر بعشرة يصح ؟
الطالب : العقد لوحده ما يصح .
الشيخ : أبد بعتك كذا هكذا التعبير : بعتك النخل بمئة ألف والثمر بعشرة آلاف .
الطالب : ما يجوز .
الشيخ : إذًا هذا ما قال بعتك هذا النخل وهذه الثمر حتى نقول عقد عليه البيع .
الطالب : يجوز إذا فيه ...
الشيخ : المجاز ممنوع .
الطالب : لا لا ما قلنا مجاز يا شيخ .
الشيخ : تجوز ، ويش معنى تجوز ؟ تجوز هذا المجاز .
إي الظاهر لي أنه لا يرجع ، الفقهاء صرحوا بأنه لا يرجع ما في إشكال ، لكن الكلام على كل حال : لو قيل : يرجع يقدر ، يقدر النخل خاليا من الثمرة وبقدر فيه الثمرة وما بينهما هو قيمة الثمرة ، لكنه لا يقدر لأن هذا تابع والحديث يقول : ( لو بعت من أخيك ثمرًا ) وأنا ما بعت ، فهو يشبه -والله أعلم- الصفة ، والقول بالرجوع له وجه قوي في الواقع ، لأن الظاهر أن اشتراط المشتري للثمر سوف يزيد به الثمن ، يعني ليس سواء عند البائع أن يبيعه والثمرة له أو أن يبيعه والثمرة للمشتري لا شك أن الثمن سيزيد ، فلهذا يترجح القول بأنه يرجع على المشتري ، لا قصدنا المشتري هو الذي اشترط ، يرجع على البائع لأن المشتري اشترط أن يكون الثمر له .
ويكون قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لو بعت من أخيك ثمرًا ) هذا بناء على الغالب ، أما من باع نخلا وعليه ثمر للبائع واشترطه الظاهر أنه أن القول بأنه يرجع كما لو اشتراه استقلالا قوي .
والمسألة تحتاج إلى تأمل في الواقع ، تحتاج إلى تأمل ، لأنه كما ذكرتُ إذا اشترط المشتري أن الثمرة له فسوف يزيد في الثمن بلا شك ، أي نعم .
طيب ومن فوائد هذا الحديث : جواز الشرط في البيع أو بعبارة أصح : " جواز البيع مع الشرط " : وهذا له أصول كثير تشهد له عموما وخصوصا ، فمن الأدلة العامة على جواز الشروط في العقود قوله تعالى : (( يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود )) ، والوفاء بالعقد يتضمن الوفاء بأصله ، والوفاء بوصفه ، وكل شرط يشترط في العقد فهو من من أوصافه ، كل شرط يشترط في العقد فهو من أوصافه ، والأمر في الآية عام للوفاء بالأصل ويش بعد ؟ والوصف . ولقوله تعالى : (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا )) ، والمشترط على نفسه شروطا معاهِد لمن اشترطه ، فتكون هذه الآية تدل على جواز الشروط والوفاء بها ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) : فإنه يدل بمفهومه على أن كل شرط لا يخالف كتاب الله فهو صحيح طيب ، هذه عامة أدلة عامة ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ) : كل هذه أدلة عامة من الكتاب والسنة دليلان من القرآن ودليلان من السنة .
أما الخاصة فقد ثبت في * الصحيحين * وغيرها من حديث جابر : ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى منه جمله ، واشترط جابر عليه أن يحمله إلى المدينة ، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الشرط ) ، وهذا نص في الشرط في البيوع .
وثبت في * الصحيحين * من حديث عائشة رضي الله عنها في قصة بربرة حيث اشترطوا أن يكون الولاء لهم ، فأبطله الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) ، فهو دليل على أن هذا الشرط الخاص بالعقد بعقد البيع لو كان لا يخالف الشرع لكان صحيحا ، وهذا الحديث معناه واضح وصريح .
إذًا فيكون ما جاء في الحديث : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط ) : يجب أن يكون محمولا على شرط له أثر في إبطال العقد ، وأما ما لا أثر له في إبطال العقد فلا يعمه هذا الحديث ، واضح ؟ وقد سبق لنا مثل هذا كثيرا مثل : ( نهى عن بيعتين في بيعة ) ، وقلنا : إن مثل هذه المنهيات تنزل على بقية النصوص ، وتحمل على ما دلت النصوص على بطلانه ، طيب إذا قال قائل : هل يُلحق بالنخل ما عداه كالعنب والتين والبرتقال وما أشبه ذلك ؟
نعم ، نعم يلحق به ، فما ساواه في العلة فهو مثله ، لأن القاعدة الشرعية : " أن الشرع لا يتناقض " ، (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا )) أما ما كان من عند الله فليس فيه اختلاف لا قليل ولا كثير .
الذي من عند غير الله فيه خلل كثير ، وما جاء من الله فليس فيه خلل .فالشريعة لا تفرق بين متماثلين ولا تساوي بين متفرقين أبدا ، وإذا توهمت شيئا خلاف هذه القاعدة فاتهم نفسك ، لا تعتد برأيك فإن الرأي خوان لأن النصوص محكمة متقنة من عند الله ، محفوظة بحفظ الله ووهمك قاصر معرض للخطـأ ، فاتهم الرأي في مقابل الشرع .
ولا تعتد بنفسك ، وعلى هذا فنقول : ما ساوى النخل في العلة فهو مثله ،فإذا كان الثمر توه خارج محبب لم يتفتح زهره فإنه يتبع الشجر ويكون لمن ؟ للمشتري ، وإذا كبر وتعلقت به النفوس وتفتحت أزهاره فإنه يكون للبائع ويرجع في هذه الأمور التي ليس فيها تأبير إلى ما قال أهل الصنف فيها .
من فوائد الحديث أيضًا : جواز بيع النخل وعليه الثمرة ، وجواز بيعه قبل التأبير وبعده ، ولكن إذا باع النخل فما الذي يتناوله البيع ؟ هل يتناول البيع الشجرة نفسها والأرض أو الشجرة وحدها ؟
يعني : مثل بعت عليك نخلة ، فهل يشمل أرضها أو هو خاص بالنخل فقط ؟
والفرق بين الأمرين أننا إذا قلنا : إنه يشمل الأرض فماتت تلك الشجرة أو أصابها ما يتلفها ، فهل تبقى الأرض للمشتري أو لا ؟
إن قلنا : إن الأرض تتبع النخل فإنه تبقى للمشتري .
وإن قلنا : إن الأرض لا تتبع النخل فإن الأرض باقية للبائع ، هذه المسألة نقول : المرجع فيها إلى العرف ، والعرف عندنا أنه إذا قال : إذا قال الناس : باع فلان نخلة يريدون البستان كله ، أرضه وشجره فإذا كان العرف يقتضي أن النخل هو الشجر فقط دون الأرض فإن النخلة إذا تلفت فإن المشتري لها لا يملك غرس شيء مكانها لأن البيع لا يشمل الأرض ، وهكذا قال العلماء فيما إذا رهن نخلا ، أو أوقف نخلا ، أو ما أشبه ذلك هل الأرض تتبع النخل أو لا ؟
فالأصل أن الأرض لا تتبع ، لأن الأرض أصل والشجر فرع ، كما أن الشجر أصل والثمر فرع ، إلا أن يكون هناك عرف يخالف هذا فالمرجع فيه إلى العرف ، فالحديث الذي معنا يقول : ( من باع نخلا ) : فالمعقود عليه هو النخل ، ومعلوم أن النخل في الغالب أنه إذا بيع بعد التأبير سيبقى ، ولكن الذي ذكرناه لا يؤخذ في الحقيقة من الحديث لا نفيا ولا إثباتا ، لكن ذكرناه للأهمية .
ومن فوائد الحديث : أنه يجوز للمشتري أن يشترط الثمرة بعد التأبير لنفسه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إلا أن يشترط المبتاع ) .
ومن فوائد الحديث : " أنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالا " ، وجهه : أنه لو اشترى إنسان الثمرة وحدها بعد التأبير وقبل بدو صلاحها ، فقد سبق لنا أنه لا يجوز ، أو لا ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : طيب ولو اشترى النخل بعد التأبير والثمر في هذه الحال للبائع واشترطه لنفسه جاز لماذا ؟
لأن الثمر الآن صار تبعا للشجر ، أما ما ورد النهي عنه فهو بيع الثمر وحده ، وهذه القاعدة أقرها أهل العلم مستندة إلى ما جاءت به السنة من : " أنه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا " .
طيب لو أنه باعه قبل التأبير ، واشترط على المشتري أن الثمرة له فهل يجوز ؟ يعني عكس ما جاء به الحديث ، الحديث باعه بعد التأبير واشترط المشتري أن الثمرة له ، الصورة التي ذكرت الآن : باعه قبل التأبير ، فلمن الثمرة ؟
للمشتري لكن البائع اشترطها لنفسه ، هل يجوز هذا أو لا ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز ؟! طيب إذا قلنا : يجوز فهو يبقى علينا إشكال وهو : أن البائع تملك الثمر قبل بدو صلاحه ، فما الجواب ؟
نقول : هذا استدامة ملك وليس استحداث ملك ، بمعنى أن البائع لما باعه استثنى هذه الثمرة من البيع ، أي : أبقى ملكه عليها ، أفهمتم يا جماعة ؟ طيب ، فظهر الفرق بين شخص يشتري الثمر مستقلا وبين أن يبقى ملكه عليه.
فإن قال قائل : وإذا قلنا بصحة البيع ، وأصاب الثمرة جائحة فهل يضمن المشتري للبائع ؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ) ، فهل هذا البائع الذي اشترط أن الثمرة له إذا أُصيبت الثمرة يرجع على المشتري ؟
الجواب : لا يرجع ، فإن أشكل عليك فإن الحديث واضح يقول : ( لو بعت من أخيك ثمرًا ) : والبائع هنا لم يشتر ، وإنما استبقى ملكه ، فهو لم يملكه من جهة المشتري حتى يضمَّن إياه ولكنَّه أبقى ملكه عليه.
وعلى هذا فلو أصيب هذا الثمر الذي اشترطه البائع بجائحة فإنه لا يرجع على المشتري .
طيب نقول في عكس هذا : إذا اشترط المشتري الثمر الذي يستحقه البائع فأصيب بجائحة ، ومتى يستحق البائع ؟ ها ؟ بعد التأبير ، فاشترطه المشتري ووافق البائع وصار الثمر للمشتري فأصيب بجائحة ، فهل يرجع المشتري على البائع أو لا يرجع ؟
الطالب : يرجع .
طالب آخر : لا يرجع .
الشيخ : نعم طيب فكروا فيها ما دام اختلفتم معناه أن المسألة تحتاج إلى نظر ليست مسلمة ما دام اختلفتم فالمسألة تحتاج إلى نظر .
فالذين قالوا : إنه يرجع نحتاج إلى بيان حجتهم ، من قال من نعم ؟
الطالب : حديث النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : ماذا قال ؟
الطالب : الأول : أن يكون من غير اشتراط ، وهذا اشتراها بشرط البائع .
الشيخ : ويش قال الرسول : ( لو بعت من ) ؟
الطالب : ( من أخيك ثمرة فأصابته جائحة ، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ) فإن تأخذ بغير حق .
الشيخ : نعم .
الطالب : فالآن هذا اشترى بنقود ولم !
الشيخ : لكن هذا باع الثمر ولا الشجر ؟
الطالب : باع الثمر والشجر أيضًا .
الشيخ : أنت إذا قلت : إنه باع الثمر وقعنا في إشكال ، قلنا : لا يصح بيعه قبل أن يبدو صلاحه ، أنت متى قلت إن هذا بيع للثمر لزم أن تبطل البيع لأنه قبل بدو الصلاح .
الطالب : لا ، بيع تبعا للنخل ، لكن وقع عليه أيضا قيد .
الشيخ : يعني الآن لو قال البائع : بعتك النخل بمئة ألف ، والثمر بعشرة آلاف ما صح البيع .
الطالب : تبعا ؟
الشيخ : لا قال هكذا قال : بعتك النخل بمئة ألف والثمر بعشرة يصح ؟
الطالب : العقد لوحده ما يصح .
الشيخ : أبد بعتك كذا هكذا التعبير : بعتك النخل بمئة ألف والثمر بعشرة آلاف .
الطالب : ما يجوز .
الشيخ : إذًا هذا ما قال بعتك هذا النخل وهذه الثمر حتى نقول عقد عليه البيع .
الطالب : يجوز إذا فيه ...
الشيخ : المجاز ممنوع .
الطالب : لا لا ما قلنا مجاز يا شيخ .
الشيخ : تجوز ، ويش معنى تجوز ؟ تجوز هذا المجاز .
إي الظاهر لي أنه لا يرجع ، الفقهاء صرحوا بأنه لا يرجع ما في إشكال ، لكن الكلام على كل حال : لو قيل : يرجع يقدر ، يقدر النخل خاليا من الثمرة وبقدر فيه الثمرة وما بينهما هو قيمة الثمرة ، لكنه لا يقدر لأن هذا تابع والحديث يقول : ( لو بعت من أخيك ثمرًا ) وأنا ما بعت ، فهو يشبه -والله أعلم- الصفة ، والقول بالرجوع له وجه قوي في الواقع ، لأن الظاهر أن اشتراط المشتري للثمر سوف يزيد به الثمن ، يعني ليس سواء عند البائع أن يبيعه والثمرة له أو أن يبيعه والثمرة للمشتري لا شك أن الثمن سيزيد ، فلهذا يترجح القول بأنه يرجع على المشتري ، لا قصدنا المشتري هو الذي اشترط ، يرجع على البائع لأن المشتري اشترط أن يكون الثمر له .
ويكون قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لو بعت من أخيك ثمرًا ) هذا بناء على الغالب ، أما من باع نخلا وعليه ثمر للبائع واشترطه الظاهر أنه أن القول بأنه يرجع كما لو اشتراه استقلالا قوي .
والمسألة تحتاج إلى تأمل في الواقع ، تحتاج إلى تأمل ، لأنه كما ذكرتُ إذا اشترط المشتري أن الثمرة له فسوف يزيد في الثمن بلا شك ، أي نعم .
طيب ومن فوائد هذا الحديث : جواز الشرط في البيع أو بعبارة أصح : " جواز البيع مع الشرط " : وهذا له أصول كثير تشهد له عموما وخصوصا ، فمن الأدلة العامة على جواز الشروط في العقود قوله تعالى : (( يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود )) ، والوفاء بالعقد يتضمن الوفاء بأصله ، والوفاء بوصفه ، وكل شرط يشترط في العقد فهو من من أوصافه ، كل شرط يشترط في العقد فهو من أوصافه ، والأمر في الآية عام للوفاء بالأصل ويش بعد ؟ والوصف . ولقوله تعالى : (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا )) ، والمشترط على نفسه شروطا معاهِد لمن اشترطه ، فتكون هذه الآية تدل على جواز الشروط والوفاء بها ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) : فإنه يدل بمفهومه على أن كل شرط لا يخالف كتاب الله فهو صحيح طيب ، هذه عامة أدلة عامة ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ) : كل هذه أدلة عامة من الكتاب والسنة دليلان من القرآن ودليلان من السنة .
أما الخاصة فقد ثبت في * الصحيحين * وغيرها من حديث جابر : ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى منه جمله ، واشترط جابر عليه أن يحمله إلى المدينة ، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الشرط ) ، وهذا نص في الشرط في البيوع .
وثبت في * الصحيحين * من حديث عائشة رضي الله عنها في قصة بربرة حيث اشترطوا أن يكون الولاء لهم ، فأبطله الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) ، فهو دليل على أن هذا الشرط الخاص بالعقد بعقد البيع لو كان لا يخالف الشرع لكان صحيحا ، وهذا الحديث معناه واضح وصريح .
إذًا فيكون ما جاء في الحديث : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط ) : يجب أن يكون محمولا على شرط له أثر في إبطال العقد ، وأما ما لا أثر له في إبطال العقد فلا يعمه هذا الحديث ، واضح ؟ وقد سبق لنا مثل هذا كثيرا مثل : ( نهى عن بيعتين في بيعة ) ، وقلنا : إن مثل هذه المنهيات تنزل على بقية النصوص ، وتحمل على ما دلت النصوص على بطلانه ، طيب إذا قال قائل : هل يُلحق بالنخل ما عداه كالعنب والتين والبرتقال وما أشبه ذلك ؟
نعم ، نعم يلحق به ، فما ساواه في العلة فهو مثله ، لأن القاعدة الشرعية : " أن الشرع لا يتناقض " ، (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا )) أما ما كان من عند الله فليس فيه اختلاف لا قليل ولا كثير .
الذي من عند غير الله فيه خلل كثير ، وما جاء من الله فليس فيه خلل .فالشريعة لا تفرق بين متماثلين ولا تساوي بين متفرقين أبدا ، وإذا توهمت شيئا خلاف هذه القاعدة فاتهم نفسك ، لا تعتد برأيك فإن الرأي خوان لأن النصوص محكمة متقنة من عند الله ، محفوظة بحفظ الله ووهمك قاصر معرض للخطـأ ، فاتهم الرأي في مقابل الشرع .
ولا تعتد بنفسك ، وعلى هذا فنقول : ما ساوى النخل في العلة فهو مثله ،فإذا كان الثمر توه خارج محبب لم يتفتح زهره فإنه يتبع الشجر ويكون لمن ؟ للمشتري ، وإذا كبر وتعلقت به النفوس وتفتحت أزهاره فإنه يكون للبائع ويرجع في هذه الأمور التي ليس فيها تأبير إلى ما قال أهل الصنف فيها .