وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة العسيف , قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( واغد يا أنيس على امرأة هذا , فإن اعترفت فارجمها ) الحديث . متفق عليه . حفظ
الشيخ : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة العسيف: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( واغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ) في قصف العسيف ، وفي رواية: في قصة الأجير " :
والعسيف كالأجير لفظاً ومعنى، لفظاً لأن كل واحد منه على وزن فعيل، ومعنى لأن العسيف بمعنى الأجير.
قصة هذا الرجل أن شخصاً استأجر شاباً يعمل عنده، فزنى هذا الشاب بامرأة الرجل، فما زنى بها أخبر أبوه بأن عليه الرجم، على هذا الشاب، وتعرفون الأب وربما لا يكون له ولد إلا هذا أدركته الشفقة فقال: أنا أعطيكم وليدة ومائة شاة !
الطالب : الوليدة ناقة ؟
الشيخ : لا، الوليدة هي الجارية، ومئة شاة فافتدى بهذا المال، والذي قال له ذلك: الذي قال: إن على ابنك الرجم جاهل، انظر إلى ضرر الفتيا بجهل، قال: ولدك هذا يرجم، فصدق الرجل لأنه جاهل، فافتداه بمائة شاة ووليدة وافتك، يقول: ثم إني سألت أهل العلم، فأخبروني بأن على ابني مائة جلدة وتغريب عام، وأن على امرأة الرجل الرجم، ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، الوليدة والغَنم رد عليك ) : رد بمعنى: مردود ، كما في قوله: صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ) : الغنم والوليدة رد عليك، لأنها أخذت بغير حق، وما أُخذ بغير حق وجب رده ليطابق الحق، ( وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ) ليش؟ لأنه غير محصن، والزاني غير المحصن يعني الذي لم يتزوج ويجامع زوجته عليه جلد مئة وتغريب عام.
( واغد يا أنيس ) : الشاهد هنا : ( واغد يا أنيس ) : لرجل من أسلم ، ( اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) فغدا أنيس إلى امرأة الرجل فاعترفت فرجمت.
والشاهد من هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم وكَّل هذا الرجل في إثبات الحد وفي تنفيذ الحد، يعني استيفاؤه، فدل هذا على أنه يجوز للإمام أن يوكل من يثبت الحد بالإقرار أو بغيره .
ويجوز أيضًا للإمام أن يوكل من يستوفي الحد، فلو قال مثلاً الإمام أو القاضي أو من له تنفيذ الحدود : يا فلان، اذهب إلى فلان ، فإن اعترف بالسرقة فاقطع يده، فذهب إليه فاعترف بالسرقة، فإنه يقطع يده بناء على توكيل الإمام .
في هذا الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإن اعترفت فارجمها ) ، ولم يقل: إن اعترفت أربع مرات، ولا إن اعترفت مرتين، قال: ( إن اعترفت )، ففيه دليل على أن الاعتراف بالزنا يكفي فيه مرة واحدة، وقد جرى مثل ذلك للغامدية، حيث اعترفت مرة واحدة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقامة الحد عليها.
وفعلاً قالت للرسول : ( أَتريد أن تردني كما رددت ماعزاً رضي الله عنها ) ، لكن يُشكل على هذا قصة ماعز بن مالك رضي الله عنه ، حيث جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( إني زنيت، فتنحى عنه الرسول ) : تنحى أعرض عنه ، ( فعاد عليه، وقال: يا رسول الله، إني زنيت، فتنحى عنه، فعاد عليه ثالثة، فتنحى عنه، فعاد عليه رابعة، وقال: إنه زنى، فقال: شهدت على نفسك أربعاً، ثم سأل قال: أبه جنون؟ يسأل قال: أبك جنون قال: لا ) ، وسأل عنه من يعرفه هل في الرجل شيء، حتى ذُكر أن الرسول أمر من يقوم يستشمه لعله شرب خمراً، فلما تمت القضية أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمه فرجمه الناس.
خرجوا به فرجموه، فلما أذلقته الحجارة ومسَّته هرب رضي الله عنه هرب حتى لحقوه وأدركوه وأتموا عليه، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) الله أكبر !! ما عنفهم ولا قال: اضمنوا الرجل، لأنهم إنما رجموه بأمر مَن؟
بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا علموا أنه إذا هرب يترك، فهم استندوا على أمر شرعي.
طيب المهم: أن بعض أهل العلم أخذ بحديث ماعز، وقال: لابد في الإقرار بالزنا من أربع مرات، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( شهدت على نفسك أربعًا ) ، وقالوا: إنه لما كان لابد في ثبوت الزنا من شهادة أربع رجال كان لابد في الإقرار به من تكرار الإقرار أربع مرات، ولكن كل هذه أدلة ضعيفة، والصحيح أن الزنا يثبت بالإقرار مرة إذا تمت شروط الإقرار، ولا يحتاج إلى تكرار، لأنه شهد على نفسه، قال الله تعالى: (( يا أيها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم )) .
وهل الشاهد إذا شهد نقول: كرر شهادتك ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لو جاء إنسان يشهد يقول: أشهد أن فلانا يطلب فلاناً مئة ريال نقول: كرر؟
لا، ما نقول ، هذا شهد على نفسه ما حاجة أن نكرر، وقصة ماعز قضية عين، ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من لم يشهد على نفسه أربع مرات فلا تقيموا عليه الحد، قضية عين، ويظهر فيها إذا تأملتها ، يظهر فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى من هذا الرجل أنه لابد من استثبات، ولهذا سأله: ( أبك جنون؟ )، وأمر من يستشمه وسأل عنه من حوله، كل هذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد بالتكرار الاستثبات والتثبت ، لأن المسألة ما هي هينة، المسألة فيها قتل، فيُرجم حتى يموت، فلهذا استثبت الرسول صلى الله عليه وسلم.
طيب وأما قولهم : إن الرسول قال: ( شهدت على نفسك أربع مرات )، فنعم أقول: الرسول ما قال: ولو شهدت أقل ما أقمنا عليك ، قال : شهدت على نفسك يعني والآن ما بقي شيء .
وأما قياسه على الشهادة فمن أبطل القياس، لأننا لو قسناه على الشهادة لقلنا: إذن والمال إذا أقر به لابد من؟
الطالب : ...
الشيخ : لا لا ، لابد من مرتين ، لأنه لابد من رجلين في المال ، فلا بد من الإقرار مرتين ولم يقل به أحد، حتى الذين قالوا بالإقرار أربعاً في الزنا ما قالوه بالإقرار مرتين في الأموال وشبهها .
طيب يدل لذلك حديث أبي هريرة ، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأنيس: ( إن اعترفت فارجمها ) ولم يقل: إن اعترفت أربعاً.
ولكن في الحديث إشكال ! حديث أبي هريرة هريرة هذا فيه إشكال ! وهو كيف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأنيس: ( اذهب فإن اعترفت فارجمها ) : مع أن الأفضل لمن أتى حداً أن يَستر على نفسه ، ولا ينبغي لمن زنى أن يذهب للقاضي ويقول: إنه زنى، يعني: فِعل ماعز جائز وليس هو الأفضل، بل الأفضل أن يستر الإنسان على نفسه ويتوب فيما بينه وبين ربه، فكيف يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أنيساً أن يذهب ليقرر المرأة؟ -يا جمال أنت معنا ؟-
نقول: إنما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليها، لأن المسألة اشتهرت ، المسألة اشتهرت، ولا لا؟
اشتهرت، الرجل صار يسأل عنه الناس، ولأن زوج المرأة حاضر، ووافق على قول والد العسيف، وافق عليه، واضح ؟
هذا قرينة أيضاً تدل على أن الأمر واقع، وما دام وقع واشتهر فلا ينبغي كتمانه، لأن هذا ضرر إذا اشتهرت الفواحش وكُتمت فففيها شر، فلما اشتهر هذا الأمر كان لا وجه لستره، ولذلك أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليها من يقررها فلما أقرت رجمها.
طيب هل يجوز التوكيل في الصلاة؟
إنسان قال لأخيه: أخي أنا والله الآن بي نوم وأبي أنام قبل أن يؤذن العشاء ولكن من فضلتك إذا أذن العشاء فصلي العشاء وكلتك، ما يجوز؟
الطالب : لا .
الشيخ : طيب إذا وكله في الوضوء والصلاة ؟ يعني ما قال: أنا أتوضأ وأنت صل، وكله في الوضوء والصلاة ها ما يصح ؟
الطالب : لا يصح .
الشيخ : لماذا؟
لأن هذا عبادة متعلقة ببدن الإنسان، طيب لو وكله في الصوم؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا يجوز، طيب وكله في الحج؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : فيه تفصيل، إذا كان عجز عن الحج عجزاً مستمراً جاز كما جاءت به السنة، وإلا فلا يجوز.
أنت تربط الأحاديث، تحفظوها لأن حفظها فيه فائدة، هي الثمرة، هي الدليل الذي ترتكزون عليه ، أما أن نفرغ أنفسنا للتسميع ونجد أكثركم ما يسمع جيداً هذا ما هو طيب، خصوصاً الصغار، نركز على حفظهم، الصغار لازم يحفظون .