فوائد حديث :( واغد يا أنيس على امرأة هذا ... ). حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله- : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة العسيف ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( واغد يا أُنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ) الحديث ، متفق عليه " :
في هذا الحديث فوائد، ولتكن الفوائد دائرةً على جميع القصة:
جواز استئجار الأجير للخدمة، وجه ذلك: أن هذا العقد وقع في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعَلِم به وأقره.
وفيه خطورة تأجير الشباب، لأن هذا الرجل وهو صحابي حَصَل منه الزنا بامرأة مَن استأجره، فإذا كان هذا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة فما بالك في عهدنا اليوم؟!
ولهذا نعتبر أن الخدم الذين يكونون في البيوت مِن أخطر ما يكون على أعراض أهل البيت، كما أن الخادمات اللاتي تكون في البيوت مِن أخطر ما يكون على أعراض أهل البيت، وقد سمعنا قضايا مُفزعة مُشينة تجري من الخدم الذكور والإناث ، لا يليق بنا أن نتكلم بها في هذا الموضع، ولكنها مشهورة ومعروفة، ولهذا نحن نُحذر من استخدام الخدم، واستقدامهم إلا عند الضرورة، وكنت أتساهل في موضوع المـَحرم أي موضوع: بقاء المرأة خادما بلا محرم ، لكن بعد أن سمعت ما أصم أذني من القضايا المشينة أرى أنها لا تستخدم إلا بمحرم يكون معها يحفظها ويحفظ منها ، يحفظها هي بنفسها ويحفظ منها، ولاسيما إذا كان في البيت شباب، والمسألة خطيرة، وفشو الزنا في المجتمع سبب للدمار، قال الله عز وجل: (( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ً)) .
ولا تستبعد، لا تستبعد العقوبة، لا تغرنك الدنيا والإمهال، فإن الرسول صلى لله عليه وسلم قال: ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وتلا قوله تعالى: (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظلمة إن أخذه أليم شديد )) ) ، فالنعمة التي نحن فيها اليوم من الأمن والرخاء والرَّغَد الذي وصل إلى حد يُضرب به المثل، ووصل إلى حدٍ يستقدم الخادم مَن لا يحتاجه، حتى بلغني أن شخصًا وزوجته عنده ثلاث خدم، هو وزوجته فقط: واحدة لغسيل البيت، وواحدة للطعام، وواحدة لتنظيف الثياب، وما أدراك ما تنظيف الثياب!!
أمور مفزعة مُشينة، والذي يحمل على هذا الترف والغفلة عن توجيهات الشرع، وإرشاد الشرع حيث نهى عن البذخ، ونهى عن الإسراف، وأمر بالاقتصاد، ولكن مع الأسف الشديد أن غير المسلمين خير من المسلمين في هذا الباب، في باب الاقتصاد والحرص على حفظ الوقت، وعلى حفظ المال، والناس يحدثوننا عن الأمم الكافرة في حِرصهم على الاقتصاد وعلى المال وعلى الوقت، شيء عظيم، نعلم أن ما ذهبوا إليه وساروا عليه هو الشرع، لكننا أضعناه وأخذوا به، أضعناه نحن وأخذوا به، لهذا أنا أرجو منكم أنتم بما أنكم طلبة علم أن تختلطوا بالمجتمع وتحذروا المجتمع من هؤلاء الخدم ذكورا كانوا أم إناثاً، وأن تقولوا: من اضطر إلى ذلك اضطراراً حقيقياً فليأت بالمرأة ومحرمها حتى يسلم من شرها وتسلم من شره.
يعني: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، حتى إنه يكون الرجل عنده النساء المتعددات الشابات الجميلات وعمره نحو ستين سنة ثم تأتيه الخادمة ويزني به، أعوذ بالله، عمره ستون سنة قد نضبت شهوته وعنده ثلاث نساء يعني هذا من جملة ما حُدثت به وشُكي إلي ويزني بالخادمة التي قد تكون أقبح من نسائه، لكن الشيطان يجري مِن ابن آدم مجرى الدم، والذي ينبغي أن نستصرخ إخواننا الدعاة للتحذير من هؤلاء الخدم، سواءٌ كانوا ذكوراً أم إناثاً، وإذا أردنا أن نأخذ شاهداً قلنا: هذا كان هذا في خير القرون خطر الخدم والأجراء في البيوت.
ومن فوائد الحديث: أن ما أُخذ على وجه باطل فإنه يجب رده، دليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الوليدة والغنم رد عليك ) ، فأبطل هذا عليه الصلاة والسلام ، كما أبطل شرط الولاء لغير المعتق في قصة مَن؟
في قصة بريرة، وكما أبطل بيع التمر بأكثر منه، حين قال عليه الصلاة والسلام لما جيء له بتمر طيب قال: ( أكلُّ تمر خبير هكذا قالوا: لا، لكن نأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، قال: عين الربا ردوه ) : فأمر برده وإبطاله ، وهكذا كل ما خالف الشرع يجب على المسلمين إبطاله، لأن الله أبطله.
وفي هذا الحديث أيضاً: خطورة الفُتيا بغير علم، وأنها تؤدي إلى تغيير حدود الله، وإلى أكل المال بالباطل، فهذه الفتيا التي أُفتي بها أن على ابنه الرجم أدت إلى أمرين :
إلى تعطيل الحد الشرعي وهو جلد مئة وتغريب عام.
وإلى أكل المال بالباطل، وهكذا الفتيا بغير علم خطرها شديد، ولهذا جعلها الله تعالى من المحرمات، بل مِن أصول المحرمات التي حُرمت في جميع الشرائع، وهي خمسة: (( قل إنما حرم ربي الفواحش منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) : فجعلها مِن هذه الأصول، حتى قال بعض العلماء: إن القول على الله بلا علم أشد مما سبقه، لأن الإشراك لا يفسد به إلا صاحبه، لكن القول على الله بلا علم تفسد به أمم، ولهذا يجب الحذر من الفتيا بغير علم، ويمر بنا أشياء غريبة غريبة جداً منها: قال رجل يدعي العلم: إذا وجبت عليك رقبة فاقض ديناً عن المحبوس وفكه من الحبس وهذا عتق رقبة، عتق رقبة، لو وجب عليك كفارة قتل، شوف لك محبوس من خمس ريالات، وأخرجه من الحبس، وقل له: الحمد لله أعتقت رقبة، هذا شيء واقع أنا سُئلت عنه.
وقال رجل من سافر لرمضان في العمرة فإنه يحرم عليه أن يفطر، يحرم عليه، ليش؟ شوف القياس الغريب قال: لأن الصوم واجب، والعمرة تطوع، والتطوع لا يسقط الواجب، ما شاء الله قياس!! نعم، إذا سمعت هذا الكلام قلت: هذا كلام ابن تيمية، لكن هل هذا صحيح هذا ؟
هل يجب الصوم في السفر، حتى يقول هذا الرجل؟ السنة لا تسقط الواجب، الصوم في السفر لا يجب، لو يسافر الإنسان في رمضان للنزهة للتمشي جاز له الفطر، بل قال أبو حنيفة -رحمه الله-، وشيخ الإسلام ابن تيمية : " لو سافر سفرا محرماً، سفر محرم فإنه يجوز له أن يفطر في رمضان " ، يعني يرون أن السفر ولو كان محرماً، تسبتاح به الرخص، أعرفتم يا جماعة، أعرفتم مضرة الفتيا بغير علم ؟
وأشياء طويلة وعريضة بعضها نسيتها ، ولكن هذا شيء سمعته من قرب ،
فالحاصل: أن الفتيا بغير علم فيها مضار عظيمة، لو لم يكن منها إلا أنها تؤدي إلى عصيان الله في قوله تعالى: (( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) ، طيب.
من فوائد الحديث: أن الزاني إذا كان غير محصن وجب جلده مئة جلدة وتغريبه سنة كاملة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لأقضين بينكما بكتاب الله ) فبين أن عليه الجلد وتغريب عام.
ولكن هذا الحديث فيه إشكال، أما جلد مئة ففي كتاب الله واضح: (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدة منها مائة جلدة )) ، لكن تغريب العام أين هو في كتاب الله؟
نعم في كتاب الله، لأن ما ثبت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أوجب الله علينا اتباعه، إذن هو في كتاب الله من حيث وجوب العمل به، طيب.
وفيه أيضاً من فوائد الحديث: أن المحصن يرجم، الزاني المحصن يرجم، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( واغد يا أُنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) ، والرجم أن يوقَف الزاني أمام الناس، ويُضرب بالحصى، حصى لا كبيرة ولا صغيرة حتى يموت.
والمحصن : هو الذي تزوج وجامع زوجته، فأما من لم يتزوج فليس بمحصن، ومن تزوج وطلق قبل الجماع فليس بمحصن، لا بد أن يكون تزوج وجامع، ولا فرق بين أن تكون الزوجة باقية معه حتى زنى، أو قد طلقها أو ماتت عنه لا فرق .
ومن فوائد الحديث: الاكتفاء بمرة في الإقرار بالزنا، وجهه: أنه قال: ( فإن اعترفت ) ، ولم يقيد الإعتراف بأربع، وهذا هو القول الراجح، وقد سبق بيان رجحانه والإجابة عن حديث من؟
الطالب : ماعز .
الشيخ : حديث ماعز.