فوائد حديث : ( إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث ... ). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث فوائد أولًا: الحث على العمل الصالح والمبادرة به لقوله: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله ) والإنسان لا يدري متى يفجؤه الموت، فإذا كان لا يدري متى يفجؤه الموت وقد علم أنه إذا مات انقطع عمله أوجب له ذلك إيش؟ كثرة العمل الصالح والمبادرة به وعدم الكسل والتهاون.
ومن فوائد هذا الحديث: فضيلة الصدقة الجارية، الصدقة الجارية لقوله: ( إلا من ثلاث صدقة جارية ).
ومن فوائده أيضًا: فضيلة العلم وأن الإنسان إذا خلّف علمًا وانتفع الناس به بعد موته فهو عمل له يكسب به أجرًا، والغالب أن انتفاع الناس بالعلم أكثر من انتفاعهم بالمال، والدليل على ذلك أنك ترى أهل العلم الذين انتفع الناس بعلمهم سواء انتفعوا بروايتهم أو بتفقههم، تجد انتفاع الناس بهم منذ سنوات عديدة والصدقات الجارية تندثر وتزول، انظر مثلًا إلى صدقة عمر رضي الله عنه التي تصدق بها في خيبر أين هي؟ هاه؟ راحت تلفت انظر إلى علم أبي هريرة تجده باقيًا وكذلك علم عمر فيما رواه عن النبي عليه الصلاة والسلام وفيما قاله تفقهًا، إنما العلم أعظم نفعًا وأكثر وأعم من الصدقة الجارية.
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات مشروعية الوقف وأن الوقف ليس من الأمور البدعية بل هو من الأمور المشروعة لأنه داخل في قوله: ( صدقة جارية ).
ومن فوائد الحديث: الحثّ على نشر العلم وأنه ينبغي لطالب العلم أنت ينتهز الفرص وألا يدع فرصة تذهب إلا وهو ناشر لعلمه، لأنه كلما انتشر العلم كثر الانتفاع بالعلم، وكلما كثر الانتفاع كثر إيش؟ الأجر والثواب، فينبغي لك أن تنشر العلم.
ومن فوئد هذا الحديث: أنه لا يشترط أن يكون العلم كثيرًا واسعًا لأن كلمة ( علم ) نكرة، والنكرة تدل على الإطلاق فهو علم بلا قيد أي علم ينتفع به فإنه ينفعك بعد موتك، حتى لو علمت الناس بسنة من السنن الرواتب أو بسنة مما يفعل أو يقال في الصلاة وانتفع الناس بها بعد موتك كان لك أجرها جاريًا، لأنه كما قلت وجه الدلالة من هذا الحديث أنه مطلق ( علم ينتفع به ) ما قال علم كثير، فكل علم ينتفع به ولو قل فإنه يكتب للإنسان بعد موته. طيب هل نقول لو أن الإنسان وقّف شيئًا على طباعة كتب العلم هل يدخل في الصدقة الجارية أو في العلم الذي ينتفع به؟
الطالب : في الصدقة.
الشيخ : أو في الاثنين؟
الطالب : في الاثنين.
الشيخ : في الاثنين لأنه صدقة جارية وعلم ينتفع به، لأن الإعانة على العلم لها أجر العلم.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يعتني بتربية أولاده على الصلاح لقوله: ( أو ولد صالح ) ومعلوم أن التربية لها أثر كبير في إصلاح الأولاد، وأنت إذا اتقيت الله تعالى فيهم في التوجيه والأدب اتقوا الله فيك، وإذا أهملت حق الله فيهم فيوشك أن يهملوا حق الله فيك جزاء وفاقًا.
طيب إذن نأخذ من كلمة ( أو ولد صالح ) أنه ينبغي للإنسان بل إن لم نقل يجب أن يعتني بتربية أولاده على الصلاح.
ومن فوائدها من فوائد هذا الحديث: أن الدعاء للميت أفضل من إهداء القرب إليه، يعني أن تدعو له أفضل من أن تصلي له ركعتين أو أن تتصدق عنه بدرهمين أو أن تضحي عنه أو أن تحج عنه أو أن تعتمر عنه فالدعاء أفضل، ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يتحدث عن العمل قال: ( أو ولد صالح يدعو له ) ولم يقل أو ولد صالح يصلي له أو يتصدق عنه أو يصوم عنه أو ما أشبه ذلك، ولهذا لم يكن من عهد السلف أن يكثروا التصدق أو العمل للأموات، وإنما حدث هذا في الأزمنة المتأخرة فلو سألنا سائل ما تقولون أيما أفضل أن أصوم يومًا لأبي الميت أو أن أدعو له؟ قلنا الأفضل أن تدعو له صم لنفسك وادع الله له ولاسيما عند الفطر، لو سألنا هل الأفضل أن أعتمر لأبي أو أن أدعو له؟ قلنا أن تدعو له اعتمر لنفسك وادع الله له في الطواف في السعي وهذا هو الأحسن، وأنت أيضًا سوف تحتاج إلى العمل سيمر بك الذي مرّ على أبيك فلا توزع عملك على فلان وفلان اجعل العمل لك وهؤلاء ادع الله لهم.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الأولاد غير الصالحين لا يؤمّل فيهم الخير، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قيّد ذلك بالولد الصالح، فالولد غير الصالح لا يؤمّل فيه الخير وهذا هو الغالب، الغالب أن الولد غير الصالح يكون نكدًا على أبيه وعلى أهله، ولكن مع ذلك ينبغي للإنسان إذا وهب الله له ولدًا غير صالح أن يحرص على إصلاحه وأن يلحّ على الله تعالى بالدعاء في أن يصلحه وألا ييأس، لا ييأس من روح الله فكثيرًا ما يصلح الولد بعد أن كان فاسدًا، لا يقول والله أنا عجزت وهذا ما هو مصلحه الله، لا هذا لا يجوز لأنك لا تدري كم من أناس صلحوا بعد أن كانوا فسّاقًا.