وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: ( البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس ) أخرجه مسلمٌ. حفظ
الشيخ : ثم قال : " وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم ) " :
البر والإثم : كل يطلب معرفة ذلك، البر: هو الخير والإثم ضده، كل يسأل عن هذا من أجل العلم فقط أو من أجل العمل؟
أما الصحابة فلا شك أنهم يسألون من أجل الثاني، وأما بعض الناس فربما يسأل لمجرد العلم فقط، لكن الحازم هو الذي يسأل عن الخير ليقوم به، وعن الشر ليجتنبه، قال حذيفة: ( كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه ).
سأله عن البر والإثم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( البر حسن الخلق ): الجملة هذه يقولون: إن مثل هذا التركيب يقتضي الحصر، ( البر حُسن الخلق )، وهذا قد يُشكل في ظاهره على بعض الناس حيث يقول: إن البر حُسن الخلق هناك أشياء كثيرة من البر وليست حُسن خلق، كالصلاة والصدقة والصيام والحج وغير ذلك.
فيقال: إنك لم تفهم مراد الرسول عليه الصلاة والسلام، حسن الخلق مع الله ومع عباد الله، لأن الرسول ما قيد، ما قال: حسن الخلق مع الناس ، مطلق.
حسن الخلق مع الله: أن تتقبل أوامره بالراحة والسرور والانشراح سواء كانت من المنهيات أو من المأمورات، لا يضق صدرك به، لا يكن في صدرك حرج، هذ لاشك أنه بر.
لأن من تلقى أوامر الله بانشراح وقبول فسوف ، أجب !
الطالب : يستريح .
الشيخ : سوف يفعله، لأنه مرتاح لها من قبل مسرور بها، وفي المحارم سوف يتجنبها فحينئذٍ صار هذا في معاملة الله
في معاملة الخلق: حُسن الخلق، بعضهم، قال: هُو : " بذل الندى وكف الأذى وطلاقة الوجه " .
وبعضهم قال: " حُسن الخلق، أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به "، وهذا أجمع وأبين وأوضح: أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، عامل الناس بهذا هذا حُسن الخلق ، كل منا يحب أن يعامله الناس بطلاقة وانشراح وسرور ، لا أجد واحدًا منكم يحب أن يقابله الإنسان بوجه عابس مكفهر، يضيق ذرعاً إذا كلمته، لا أحد يحب هذا، فحسن الخلق أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به هذا في المعاملة مع الناس .
( الإثم ما حاك في صدرك ): حاك: يعني صار شديدا عليك، لا تحب أن تفعله، وربما يفسره قوله: ( ما تردد في الصدر )، لأن الشيء إما أن تفعله بإنطلاق وإما أن تفعله مع تكره له، يحيك في صدرك، هذا هو الإثم، ولكن هذا الخطاب في المسأله الأخيرة لمن شرح الله صدره للإسلام، لا لكل أحد، بدليل أن أهل الفجور هل يحيك في صدورهم الفجور ولا لا؟
الطالب : لا .
الشيخ : ما يحيك ، بل يرونه سروراً لهم نسأل الله العافية، (( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ )) إيش؟
الطالب : (( فرَأَىهُ حَسَنًا )) .
الشيخ : (( فرَأَىهُ حَسَنًا )) فمن رأى الشيء حسناً كيف يحيك في صدره، فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم خاطب رجلاً من الصحابة مستقيمًا يحيك في صدره الإثم ، ولم يخاطب جميع الناس ، فنقول: كلما كان الإنسان أتقى لله فسيضيق صدره ذرعاً بالآثام، ولابد، لابد .
وأنا أحكي لكم قصة وقعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقصة وقعت من عامي من الناس :
أما التي وقعت من الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لما سلَّم في إحدى صلاتي العشي سلم من ركعتين الصلاة تامة ولا غير تامة ؟
الطالب : غير تامة .
الشيخ : لا يا أخي في نظره تامة، في نظره تامة، لم تطمئن نفسه، قام إلى خشبة في قبلي المسجد واتَّكأ عليها وشبَّك بين أصابعه ووضع خده على إحدى يديه هكذا، الذي يقول هكذا ويش يظنه الناس؟ منشرح الصدر ولا مغموم ؟
مغموم ولهذا قالوا: كأنه غضبان، لم تنطلق نفسه ولم ينشرح صدره، مع أنه كان يعتقد أنه لم يفعل شيئًا ويش يعتقد ؟
أنها تامة ، لكن سبحان الله انقبضت نفسه، لأن صلاته لم تتم، هذا حاك في صدره شيء لكن لا يعلم ما سببه، لما قال له ذو اليدين: ( أنسيت أم قصرت الصلاة؟ ) : ولله در الصحابة، واحد من عامة الصحابة يقول هذا الكلام الذي لو اجتمع عليه الفلاسفة سنين ما أتوا بمثله ، ( أنسيت أم قصرت الصلاة؟ ) : كلمتان حصر ، فيه احتمال ثالث لا يمكن أن يكون من الرسول ولهذا لم يقله الصحابي وهو أنه سلم عمداً، هذا لا يمكن ، فهو سلم إما ناسيا وإما أن الصلاة مقصورة، لأن الزمن زمن تشريع، فقال: ( لم أنس ): بناء على ظنه ، ( ولم تُقصر ) : حكم شرعي نفى أن تكون قصرت. إذن فهي تامة لما انتفى القصر بقي النسيان، ولذا جزم الصحابي قال: ( بلى قد نسيت )، لكن تعارض عند النيي صلى الله عليه وسلم ما كان يعتقده وما أخبره به الصحابي فصارا خصمان في نفسه، الخصمان يحتاجان إلى حاكم فسأل الصحابة: ( أحقّ ما يقول ذو اليدين، أو أصدق ذو اليدين؟ قالوا: نعم، فصلى ما بقي ) : هذه أتيت بها شاهدا على أن الإنسان كلما كان أتقى لله فلابد أن يتأثر إذا فرط في شيء من الواجبات بدون علم.
أما قصة العامي فكان رجل معروف بالورع، وأنه لا يريد أن يَدخل على ماله شيء حرام إطلاقًا، فكان عنده أَثل ، تعرفون الأثل ؟
الطالب : نعم.
طالب آخر : لا .
الشيخ : ما تعرف الأثل ؟ اخرج برى إن شاء الله غداً تمشى في الصباح تجدها موجودة مركوزة في الرمال : (( ذواتي أُكل خمطٍ )) إيش؟ (( وأثل )) في القرآن (( وشيء من سدر قليل )) .
كان عنده أثل وكان قد قطعه، في يوم من الأيام خرج من أجل أن يحمله على بعيره ويأتي به إلى أهله أو يبيعه، لا أدري ، وكان جاره قد قطع أثله أيضا وكدَّسه، فجاء إلى أثل جاره يظنه أثله ، فأناخ البعير وحمل أثل جاره على بعيره، وربطه وشده، ونهر البعير، نهر البعير أبت أن تقوم، أبت أن تقوم، نهرها ضربها كلما نهرها أو ضربها تحلحلت وزادت مُكثًا في الأرض، فتعجب ما عهد ببعيره هكذا، فجعل يطوف بالبعير ويتأمل وإذا الأثل أثل جاره، وأثله باق، فحمد الله وتعجب، سبحان الله العظيم!
حبس الله هذا البعير لأنه حمَّل مالاً ليس بماله، ففك الخشب ووضعه في مكانه ثم حمَّل خشبه، وبمجرد ما حمله ونهرها قامت، وهذه من آيات الله، والله على كل شيء قدير ، حبس الفيل عن الكعبة ، وحبس ناقة النبي صلى الله عليه وسلم عن دخول مكة في صلح الحُديبية ، كانت البعير تنوَّخ ، يزجرها تأبى ما تروح ، حَتَّى إن الصحابة عيروها قالوا: ( خلأت القصواء ) : يعني حرنت فدافع عنها النبي عليه الصلاة والسلام ، شوف الحق مقصود حَتّى في البهائم، نعم حتى في البهائم قال: ( والله ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق )، يعني ليس من عادتها ولا خلأت الآن دفاعا عن الحق.
طيب : ( ولكن حبسها حابس الفيل ) وهو الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله حبس عن مكة الفيل، والذي نفسي بيده أو قال: والله لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أجبتهم عليها ) عرف النبي عليه الصلاة والسلام أن هناك أمرًا وراء التقييد وهو أمر الله عز وجل.
فالمهم أننا في ماجريات حياتنا أيضا أحيانا تجري الأمور على خلاف ما نريد، وإذا بالأمر الواقع هو الأحسن هو الخير، جرب هذا في نفسك أحياناً تريد شيئا ثم يأتي القدر بخلاف ما تريد ثم تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وإذا بالأمر يكون الواقع هُوَ الأفضل، وهذا مصداق قول الله تبارك تعالى: (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ )) ، وقوله: (( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا )).
الطالب : (( وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيرًا كَثِيرًا )).
الشيخ : (( وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيرًا كَثِيرًا )) ولا فعسى أن تكرهوهن؟ شوف الآية ، الآية فيها عموم وخصوص، إن كرهتموهن كان المتوقع أن يكون الجواب: فعسى أن تكرهوهن ويجعل الله فيهن خيراً، لكن قال: (( فعسى أن تكرهوا شيئا )) ليكون الأمر أعم، عسى أن تكرهوا شيئا النساء وغير النساء ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا .
فأنت يا أخي المسلم كن مع الله عز وجل، كن مع القدر، لكن لا تصادم بالقدر الشرع، فاهمين كلامي الأخير؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لا تصادم بالقدر الشرع ، بمعنى أن تترك الواجب وتقول: هذا القدر تفعل المحرم وتقول: هذا القدر، هذا لا يمكن، لكن إذا فعلت واجتهدت وجاء الأمر على خلاف ما ترى فكن مع الله كن مع القدر مطمئن مستريح لا تقل: لو أني فعلت لكان كذا أو ليتني ما فعلت أو ما أشبه ذلك استرح، لو قُدر ما تريد لكان، كن مع القدر واجعل منهاجك في سيرك هذا الحديث العظيم، قال النيي صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) بعده: ( وفي كل خير)، هذه مثل الذي مر علينا : (( لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أولئك أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بعْدُ وَقَاتلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى )) هذا قال: ( المؤمن القوي خير وأحبُ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) : الضعيف والقوي كله فيه خير .
( احرص على ما ينفعك ): كلمة عظيمة لو وزنت بها الأرض لوزنتها، احرص على ما ينفعك في أمر الدين ولا الدُّنيا ولا الكل ؟
كلها كل ما ينفعك احرص عليه.
( واستعن بالله ) : لا تعتمد على قوتك وحرصك، إنك لو اعتمدت على قوتك وحرصك لخُذلت، ولكن افعل الأسباب مع الاستعانة بالمسبب وهو الله. ( ولا تعجز ) : يعني لا إذا فعلت إذا تكسل وتترك، بعض الناس إذا حرص على ما ينفعه وسعى فيه ولم يحصل بأول مرة تعاجز، وقال: هذا بيتعبني ، ما أبيه، وهذا غلط (( ولا تعجز )).
ثمّ بعد بذل الأسباب والاستعانة بالخلاق عز وجل إن أصابك شيء خلاف ما قدرت فلا تقل: ( لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ، فإن لو تفتح عمل الشيطان ): وهذا لو أننا سرنا عليه في حياتنا لحصلنا على خير كثير، لكن تستولى علينا الغفلة أحيانا وننسى ما أرشدنا إليه من كلام النبوة ثم يحصل الخلل في ميزان أعمالنا، نسأل الله لنا ولكم الاستقامة.
طيب الآن أخذنا في هذا الدرس كم حديث؟
الطالب : حديث واحد .
الشيخ : يا اخوان اتقوا الله أخذنا فوق العشرين حديث، كم أخذنا من حديث على الأول الذي ذكرنا فوائده؟
الطالب : كثير .
الشيخ : كثير، ليش ما تعدون هذا، هذا من الظلم، أخذنا شيئاً كثيراً في الحديث الأول، وفي الحديث الثاني أيضاً أخذنا ما يتيسر، وفي الحديث الثالث أيضاً أخذنا كثيراً، لا يأتي أحد منكم غداً ويقول: والله ما مشينا لعلنا نعود إلى الكافي وإلى درسنا الأول الآن إن شاء الله قطعنا، خلاص ماشين على هذا ونسأل الله تعالى أن يجعل ما سعينا فيه خيراً .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم :
نقل المصنف -رحمه الله تعالى-: " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه ) متفقٌ عليه واللفظ لمسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا ) متفقٌ عليه " :
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
قال -رحمه الله- فيما نقله في كتاب الجامع باب الأدب قال : " وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه ) متفقٌ عليه " :
الطالب : فوائد الحديث الماضي !
الشيخ : ما أخذناها ؟ نعم ؟
الطالب : ما أخذناها .
الشيخ : طيب.
البر والإثم : كل يطلب معرفة ذلك، البر: هو الخير والإثم ضده، كل يسأل عن هذا من أجل العلم فقط أو من أجل العمل؟
أما الصحابة فلا شك أنهم يسألون من أجل الثاني، وأما بعض الناس فربما يسأل لمجرد العلم فقط، لكن الحازم هو الذي يسأل عن الخير ليقوم به، وعن الشر ليجتنبه، قال حذيفة: ( كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه ).
سأله عن البر والإثم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( البر حسن الخلق ): الجملة هذه يقولون: إن مثل هذا التركيب يقتضي الحصر، ( البر حُسن الخلق )، وهذا قد يُشكل في ظاهره على بعض الناس حيث يقول: إن البر حُسن الخلق هناك أشياء كثيرة من البر وليست حُسن خلق، كالصلاة والصدقة والصيام والحج وغير ذلك.
فيقال: إنك لم تفهم مراد الرسول عليه الصلاة والسلام، حسن الخلق مع الله ومع عباد الله، لأن الرسول ما قيد، ما قال: حسن الخلق مع الناس ، مطلق.
حسن الخلق مع الله: أن تتقبل أوامره بالراحة والسرور والانشراح سواء كانت من المنهيات أو من المأمورات، لا يضق صدرك به، لا يكن في صدرك حرج، هذ لاشك أنه بر.
لأن من تلقى أوامر الله بانشراح وقبول فسوف ، أجب !
الطالب : يستريح .
الشيخ : سوف يفعله، لأنه مرتاح لها من قبل مسرور بها، وفي المحارم سوف يتجنبها فحينئذٍ صار هذا في معاملة الله
في معاملة الخلق: حُسن الخلق، بعضهم، قال: هُو : " بذل الندى وكف الأذى وطلاقة الوجه " .
وبعضهم قال: " حُسن الخلق، أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به "، وهذا أجمع وأبين وأوضح: أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، عامل الناس بهذا هذا حُسن الخلق ، كل منا يحب أن يعامله الناس بطلاقة وانشراح وسرور ، لا أجد واحدًا منكم يحب أن يقابله الإنسان بوجه عابس مكفهر، يضيق ذرعاً إذا كلمته، لا أحد يحب هذا، فحسن الخلق أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به هذا في المعاملة مع الناس .
( الإثم ما حاك في صدرك ): حاك: يعني صار شديدا عليك، لا تحب أن تفعله، وربما يفسره قوله: ( ما تردد في الصدر )، لأن الشيء إما أن تفعله بإنطلاق وإما أن تفعله مع تكره له، يحيك في صدرك، هذا هو الإثم، ولكن هذا الخطاب في المسأله الأخيرة لمن شرح الله صدره للإسلام، لا لكل أحد، بدليل أن أهل الفجور هل يحيك في صدورهم الفجور ولا لا؟
الطالب : لا .
الشيخ : ما يحيك ، بل يرونه سروراً لهم نسأل الله العافية، (( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ )) إيش؟
الطالب : (( فرَأَىهُ حَسَنًا )) .
الشيخ : (( فرَأَىهُ حَسَنًا )) فمن رأى الشيء حسناً كيف يحيك في صدره، فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم خاطب رجلاً من الصحابة مستقيمًا يحيك في صدره الإثم ، ولم يخاطب جميع الناس ، فنقول: كلما كان الإنسان أتقى لله فسيضيق صدره ذرعاً بالآثام، ولابد، لابد .
وأنا أحكي لكم قصة وقعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقصة وقعت من عامي من الناس :
أما التي وقعت من الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لما سلَّم في إحدى صلاتي العشي سلم من ركعتين الصلاة تامة ولا غير تامة ؟
الطالب : غير تامة .
الشيخ : لا يا أخي في نظره تامة، في نظره تامة، لم تطمئن نفسه، قام إلى خشبة في قبلي المسجد واتَّكأ عليها وشبَّك بين أصابعه ووضع خده على إحدى يديه هكذا، الذي يقول هكذا ويش يظنه الناس؟ منشرح الصدر ولا مغموم ؟
مغموم ولهذا قالوا: كأنه غضبان، لم تنطلق نفسه ولم ينشرح صدره، مع أنه كان يعتقد أنه لم يفعل شيئًا ويش يعتقد ؟
أنها تامة ، لكن سبحان الله انقبضت نفسه، لأن صلاته لم تتم، هذا حاك في صدره شيء لكن لا يعلم ما سببه، لما قال له ذو اليدين: ( أنسيت أم قصرت الصلاة؟ ) : ولله در الصحابة، واحد من عامة الصحابة يقول هذا الكلام الذي لو اجتمع عليه الفلاسفة سنين ما أتوا بمثله ، ( أنسيت أم قصرت الصلاة؟ ) : كلمتان حصر ، فيه احتمال ثالث لا يمكن أن يكون من الرسول ولهذا لم يقله الصحابي وهو أنه سلم عمداً، هذا لا يمكن ، فهو سلم إما ناسيا وإما أن الصلاة مقصورة، لأن الزمن زمن تشريع، فقال: ( لم أنس ): بناء على ظنه ، ( ولم تُقصر ) : حكم شرعي نفى أن تكون قصرت. إذن فهي تامة لما انتفى القصر بقي النسيان، ولذا جزم الصحابي قال: ( بلى قد نسيت )، لكن تعارض عند النيي صلى الله عليه وسلم ما كان يعتقده وما أخبره به الصحابي فصارا خصمان في نفسه، الخصمان يحتاجان إلى حاكم فسأل الصحابة: ( أحقّ ما يقول ذو اليدين، أو أصدق ذو اليدين؟ قالوا: نعم، فصلى ما بقي ) : هذه أتيت بها شاهدا على أن الإنسان كلما كان أتقى لله فلابد أن يتأثر إذا فرط في شيء من الواجبات بدون علم.
أما قصة العامي فكان رجل معروف بالورع، وأنه لا يريد أن يَدخل على ماله شيء حرام إطلاقًا، فكان عنده أَثل ، تعرفون الأثل ؟
الطالب : نعم.
طالب آخر : لا .
الشيخ : ما تعرف الأثل ؟ اخرج برى إن شاء الله غداً تمشى في الصباح تجدها موجودة مركوزة في الرمال : (( ذواتي أُكل خمطٍ )) إيش؟ (( وأثل )) في القرآن (( وشيء من سدر قليل )) .
كان عنده أثل وكان قد قطعه، في يوم من الأيام خرج من أجل أن يحمله على بعيره ويأتي به إلى أهله أو يبيعه، لا أدري ، وكان جاره قد قطع أثله أيضا وكدَّسه، فجاء إلى أثل جاره يظنه أثله ، فأناخ البعير وحمل أثل جاره على بعيره، وربطه وشده، ونهر البعير، نهر البعير أبت أن تقوم، أبت أن تقوم، نهرها ضربها كلما نهرها أو ضربها تحلحلت وزادت مُكثًا في الأرض، فتعجب ما عهد ببعيره هكذا، فجعل يطوف بالبعير ويتأمل وإذا الأثل أثل جاره، وأثله باق، فحمد الله وتعجب، سبحان الله العظيم!
حبس الله هذا البعير لأنه حمَّل مالاً ليس بماله، ففك الخشب ووضعه في مكانه ثم حمَّل خشبه، وبمجرد ما حمله ونهرها قامت، وهذه من آيات الله، والله على كل شيء قدير ، حبس الفيل عن الكعبة ، وحبس ناقة النبي صلى الله عليه وسلم عن دخول مكة في صلح الحُديبية ، كانت البعير تنوَّخ ، يزجرها تأبى ما تروح ، حَتَّى إن الصحابة عيروها قالوا: ( خلأت القصواء ) : يعني حرنت فدافع عنها النبي عليه الصلاة والسلام ، شوف الحق مقصود حَتّى في البهائم، نعم حتى في البهائم قال: ( والله ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق )، يعني ليس من عادتها ولا خلأت الآن دفاعا عن الحق.
طيب : ( ولكن حبسها حابس الفيل ) وهو الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله حبس عن مكة الفيل، والذي نفسي بيده أو قال: والله لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أجبتهم عليها ) عرف النبي عليه الصلاة والسلام أن هناك أمرًا وراء التقييد وهو أمر الله عز وجل.
فالمهم أننا في ماجريات حياتنا أيضا أحيانا تجري الأمور على خلاف ما نريد، وإذا بالأمر الواقع هو الأحسن هو الخير، جرب هذا في نفسك أحياناً تريد شيئا ثم يأتي القدر بخلاف ما تريد ثم تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وإذا بالأمر يكون الواقع هُوَ الأفضل، وهذا مصداق قول الله تبارك تعالى: (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ )) ، وقوله: (( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا )).
الطالب : (( وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيرًا كَثِيرًا )).
الشيخ : (( وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيرًا كَثِيرًا )) ولا فعسى أن تكرهوهن؟ شوف الآية ، الآية فيها عموم وخصوص، إن كرهتموهن كان المتوقع أن يكون الجواب: فعسى أن تكرهوهن ويجعل الله فيهن خيراً، لكن قال: (( فعسى أن تكرهوا شيئا )) ليكون الأمر أعم، عسى أن تكرهوا شيئا النساء وغير النساء ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا .
فأنت يا أخي المسلم كن مع الله عز وجل، كن مع القدر، لكن لا تصادم بالقدر الشرع، فاهمين كلامي الأخير؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لا تصادم بالقدر الشرع ، بمعنى أن تترك الواجب وتقول: هذا القدر تفعل المحرم وتقول: هذا القدر، هذا لا يمكن، لكن إذا فعلت واجتهدت وجاء الأمر على خلاف ما ترى فكن مع الله كن مع القدر مطمئن مستريح لا تقل: لو أني فعلت لكان كذا أو ليتني ما فعلت أو ما أشبه ذلك استرح، لو قُدر ما تريد لكان، كن مع القدر واجعل منهاجك في سيرك هذا الحديث العظيم، قال النيي صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) بعده: ( وفي كل خير)، هذه مثل الذي مر علينا : (( لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أولئك أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بعْدُ وَقَاتلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى )) هذا قال: ( المؤمن القوي خير وأحبُ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) : الضعيف والقوي كله فيه خير .
( احرص على ما ينفعك ): كلمة عظيمة لو وزنت بها الأرض لوزنتها، احرص على ما ينفعك في أمر الدين ولا الدُّنيا ولا الكل ؟
كلها كل ما ينفعك احرص عليه.
( واستعن بالله ) : لا تعتمد على قوتك وحرصك، إنك لو اعتمدت على قوتك وحرصك لخُذلت، ولكن افعل الأسباب مع الاستعانة بالمسبب وهو الله. ( ولا تعجز ) : يعني لا إذا فعلت إذا تكسل وتترك، بعض الناس إذا حرص على ما ينفعه وسعى فيه ولم يحصل بأول مرة تعاجز، وقال: هذا بيتعبني ، ما أبيه، وهذا غلط (( ولا تعجز )).
ثمّ بعد بذل الأسباب والاستعانة بالخلاق عز وجل إن أصابك شيء خلاف ما قدرت فلا تقل: ( لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ، فإن لو تفتح عمل الشيطان ): وهذا لو أننا سرنا عليه في حياتنا لحصلنا على خير كثير، لكن تستولى علينا الغفلة أحيانا وننسى ما أرشدنا إليه من كلام النبوة ثم يحصل الخلل في ميزان أعمالنا، نسأل الله لنا ولكم الاستقامة.
طيب الآن أخذنا في هذا الدرس كم حديث؟
الطالب : حديث واحد .
الشيخ : يا اخوان اتقوا الله أخذنا فوق العشرين حديث، كم أخذنا من حديث على الأول الذي ذكرنا فوائده؟
الطالب : كثير .
الشيخ : كثير، ليش ما تعدون هذا، هذا من الظلم، أخذنا شيئاً كثيراً في الحديث الأول، وفي الحديث الثاني أيضاً أخذنا ما يتيسر، وفي الحديث الثالث أيضاً أخذنا كثيراً، لا يأتي أحد منكم غداً ويقول: والله ما مشينا لعلنا نعود إلى الكافي وإلى درسنا الأول الآن إن شاء الله قطعنا، خلاص ماشين على هذا ونسأل الله تعالى أن يجعل ما سعينا فيه خيراً .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم :
نقل المصنف -رحمه الله تعالى-: " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه ) متفقٌ عليه واللفظ لمسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا ) متفقٌ عليه " :
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
قال -رحمه الله- فيما نقله في كتاب الجامع باب الأدب قال : " وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه ) متفقٌ عليه " :
الطالب : فوائد الحديث الماضي !
الشيخ : ما أخذناها ؟ نعم ؟
الطالب : ما أخذناها .
الشيخ : طيب.