تحت باب الأدب. حفظ
الشيخ : من فوائد هذا الحديث: أن الشريعة الإسلامية تحارب كل ما يُحزن أفراد المسلمين، دليله نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تناجي اثنين دون الثالث.
ومن فوائد الحديث: تحريم إدخال الحزن على أخيك المسلم، لأن النهى في قوله: ( لا يتناجى ): الظاهر أنه للتحريم، لأنه إذا كان يدخل الحزن على أخيك المسلم فإن الحزن إيذاء، وإيذاء المسلم حرام، بل قد قال الله تعالى: (( وَالَّذِينَ يؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فقَدِ احْتَمَلُوا بهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا )).
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا كانوا أربعة فأكثر وتناجى اثنان فلا نهي، لأنه لا يُحزن الاثنان الآخران الذان لا يتكلمان.
ومن فوائد الحديث: أنهم إذا كانوا ثلاثة فتكلم اثنان بغير لغة الثالث ولو جهراً فإنه منهي عنه : ( لأن ذلك يحزنه )، إذ إن الثالث لا يدري ما يقولان فيحزن.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا كان الثالث لا يحزن ولا يبالي إما لأنه قوي ولا يخاف منهما ولا يهابهما وهو قوي الشخصية فإنه لا بأس أن يتناجى اثنان.
ومن فوائد الحديث: أن أحكام الشريعة مبنية على العلل والمناسبات، لأنه لما نهى عن التناجي بين السبب : ( مِن أجل أن ذلك يحزنه ).
فإن قال قائل: إذا كانوا خمسة وتناجى اثنان أحدهما كبير القوم، فجلسوا في مجلس واستبدَّ أحد الناس بكبير القوم يكلمه ويناجيه يبحث معه والآخرون ساكتون، هل يدخل في النهي للعلة، أو نقول: إنه مِن الخطأ أن يحزن الآخرون؟
أحيانًا يكون مثلاً رجل كبير، كبير في علمه أو في ماله، أو في جاهه، أو في إمارته، فيجلس في مجلس، ويجلس إلى جنبه آخر، ويتحدثان، يكون كل المجلس حديث مع هذا الرجل هل القوم الآخرون هل يرضون بهذا أو يحزنون؟
عادة يحزنون لا شك، ولهذا ينكرون على صاحبهم يقولون: أنت استبديت بالرجل، فهل نقول: إن هذا منهي عنه؟
نقول: نعم منهي عنه، لأن ذلك إذا كان يحزن القوم فالحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، كل إنسان إذا جلس مع عالم أو مع أمير أو مع وزير أو مع وجيه، كل إنسان يحب أن يكون له معه كلام، ويأتي إنسان إلى جنب هذا الكبير و ويدور رأسه بالكلام والآخرون لا يتكلمون، لا شك أن هذا يحزنهم، ولهذا دائمًا إذا وقع مثل ذلك ألقوا باللوم على صاحبهم قالوا: لما استبددت بهذا الرجل؟
من فوائد هذا الحديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام أحسن الناس تعليمًا، إذا حكم بحكم بين العلة.
ومن فوائد هذا الحديث أيضاً: أن تعليل الأحكام يستوجب للإنسان فائدتين عظيمتين، أو يحصل به فائدتان عظيمتان:
الأولى: الاطمئنان ، أن الإنسان يطمئن للشريعة ويعرف أن هذا هو المناسب وهو الحكمة.
الثاني: القياس، قياس ما لم يذكر على المذكور إذا وجدت العلة، فنأخذ من هذا أن كل شيء يحزن أخاك المسلم سواء في المناجاة أو غيرها فإنه إيش؟
منهي عنه.