فوائد حديث :( لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ... ). حفظ
الشيخ : هذا الحديث من الآداب وفيه فوائد:
منها: تحريم إقامة الرجل من مكانه ليجلس فيه وجه ذلك أن الأصل في النهي إيش؟ التحريم ويؤيد التحريم أنه عدوان على الغير، والأصل في العدوان أنه حرام.
من فوائد الحديث: أن الرجل أحق بمكانه ما دامت حاجته لم تنقض فلا يقام، ويشمل هذا المكان في المسجد، المكان في الدرس، المكان في موضع البيع والشراء، المكان في أي مكان هو أحق به ما لم يتركه، ولكن هل نقول: إنه أحق به في هذه الجلسة فقط، بمعنى أنه إذا انتهت الجلسة وجاءت جلسة أخرى فالسابق أحق أو نقول: هو أحق به دائماً؟
الجواب الأول، لأنه لم يملكه حتى نقول: إنك أحق به دائمًا فعلى هذا مثلاً إذا كان هذا الرجل له مكان بيع وشراء في السوق، ونزل به أول النهار، ثم انكف السوق وجاء آخر النهار، هل نقول: إنه أحق به بمعنى: أنه لو وجد غيره فيه فإنه يقيمه، أو نقول: انتهت أحقيته بالجلسة الأولى؟
الثاني، طيب، لكن إذا جرت العادة بأن مثل هذا إذا وضع متاعه في هذا المكان فهو له دائمًا ولاسيما إذا كانت الجهات المسؤولة تتخذ عليه ضريبة في بقائه في هذا المكان، فهنا نقول: هو أحق به ما دام متاعه موجودًا، فإذا نقله زالت أحقيته، والعمل على هذا الآن، الآن العمل على ذلك.
من فوائد الحديث: أن الرجل لا يقيم الرجل مِن مجلسه ولو كان ابنه، فإذا جاء الإنسان ووجد ابنه في الصف الأول مثلاً فإنه ليس من حقه أن يقيمه لعموم الحديث، طيب لو كان تلميذه يقيمه أو لا ؟
لا، الحديث عام، لو كان عبده؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا لأن الحديث عام، إلا إذا كان قد قدم عبده ليجلس فيه، فهذا محل نظر، قد نقول: إنه إذا قدم عبده ليجلس فيه حتى يحضر ثم قام العبد عنه فإنه يجلس، وقد نقول: إن هذا من باب التحجر، لأن العبد لم يتقدم طلبًا للثواب لكن تقدم طلبًا لحماية هذا المكان لسيده، وحينئذٍ تبقى هذه المسألة كمسألة التحجر، ومسألة التحجر مختلف فيها :
من العلماء من رخص في ذلك وقال: للإنسان أن يتحجر مكانًا في المسجد متى شاء، وما دام مكان التحجر معلومًا موسومًا بشيء موضوع فيه فهو أحق به.
ومنهم من قال: إنه لا يجوز التحجر بل المكان لمن سبق، وهذا القول أرجح وأقرب للصواب، لأن الإنسان إنما يتقدم بنفسه لا بمنديله وكتابه وما أشبه ذلك، ثم إن التحجر فيه مفسدة على المتحجر نفسه إذ إنه ربما يأتي وقد تمت الصفوف فيستلزم ذلك إيش؟
تخطي رقاب الناس، هذه واحدة.
ثانيًا: إذا علم أن مكانه متقدم فسوف يتساهل في التقدم، ويقول: ما دام مكاني مأمونًا فمتى شئت ذهبت وهذا ضرر عليه يفوت عليه أجرًا كثيرًا.
ثالثًا: أنه يوجب إيغار الصدور على هذا المتحجِّر، ولذلك نسمع دائمًا الشكاوي من الناس فلان جاء متأخر تقدم إلى مكان وما أشبه ذلك، فالذي نرى أن القول بالتحريم أقرب، وهو اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعيد رحمه الله أما المذهب فلا، المذهب يقول: تحجر هذا المكان، ولو خرجت إلى بيتك وإلى أهلك وإلى ما شئت، ما دام العصا موجودة أو المسواك موجودًا أو العصا موجودًا، أو المفتاح موجودًا نعم فكأنك موجود أنت.
طيب إذا قال قائل: إنه يريد أن يضع عصاه ويذهب مثلاً في ناحية أخرى من المسجد وهو لم يخرج منه، ما نقول فيه؟
الطالب : لا بأس.
الشيخ : الصحيح أنه لا بأس به ولا حرج، لكن يجب عليه أن يلاحظ الصفوف إذا كان يلزم من تقدمه إلى مكانه أن يتخطى الرقاب فحينئذٍ يجب عليه أن يراعي ذلك.
من فوائد الحديث: أنه لو أقام الرجل الرجل من مجلسه لا ليجلس فيه فإنه لا بأس، الدليل: ( لا يقيمه ثم يجلس فيه ) لكن هذه الفائدة غير مفيدة ولا مستفادة من الحديث، لأن هذا الحديث مبني على الأغلب، فو أقمته ولم تجلس فحرام عليك، لأنك حرمته مكانه الذي هو أحق به من غيره فيكون قوله: ( ثم يجلس فيه ) بناء على إيش؟
الطالب : الغالب .
الشيخ : بناءً على الغالب.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للحاضرين إذا قيل لهم تفسحوا في المجالس أن يفسحوا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولأن الله وعد خيرًا بهذا فقال: (( يفسح الله لكم )) ، وهذا وعد من الله عز وجل ، يفسح الله لكم هل المعنى: أن المكان يتسع ويكون فيه بركة، أو المعنى يفسح لكم من كل ضيق؟
الثاني أعم، فيكون الجزاء من جنس العمل.