فوائد حديث :( لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلأ ). حفظ
الشيخ : فيؤخذ منه فوائد:
أولاً: إثبات النظر لله عز وجل، لأن نفيه عمن اتَّصف بصفة يدل على ثبوته في خلاف ذلك كما استدل العلماء بقوله تعالى: (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) على ثبوت النظر إلى الله عز وجل ، لأنه لما حجب هؤلاء في حال الغضب فإنه لن يحجب الآخرين في حال الرضا.
ومن فوائد الحديث: أن جرَّ الثوب خيلاء من كبائر الذنوب، وجهه: الوعيد، لأن كل ذنب خُتم بوعيد فهو من كبائر الذنوب.
ومن فوائده: أن مَن جره لغير خيلاء فإنه لا يستحق هذا الوعيد، لأن تقييد الحكم بوصف يستلزم انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف، وهذه قاعدة مفيدة لطالب العلم: " إذا عُلق الحكم بوصف فإنه يستلزم انتفاء الحكم لإنتفاء ذلك الوصف "، الحكم الموجود معنا ما هو؟
الطالب : الخيلاء .
الشيخ : نفي النظر ، لا ، نفي النظر عمن جر ثوبه خيلاء، والوصف: أن يكون الجر خيلاء ، فإذا كان لغير خيلاء فإنه لا يستحق هذا الوعيد .
ولكن يبقى النظر هل هو حرام أو ليس بحرام؟
نقول: إذا كان من غير قصد وتعاهده الإنسان ورفعه فإنه ليس بحرام، دليل ذلك أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: ( يا رسول الله إنَّ أحد شقي إزاري يسترخي عليّ إلا أن أتعاهده، فقال: إنك لست مما يفعل ذلك خيلاء )، وإن كان عن قصد وليس خيلاء فعليه عقوبة لكنها دون انتفاء النظر ، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما أسفل من الكعبين ففي النار )، وهذه عقوبة ليست كعقوبة انتفاء النظر بل هي أهون وأدون ، لأن هذا يقتضي أن يكون عذابه على ما حصلت به المخالفة وهو ما كان أسفل من الكعبين. عرفتم ؟ إذن لدينا ثلاث حالات:
الحال الأولى: أن يكون فوق الكعبين وهذا جائز، وأكمله أن يكون إلى نصف الساق.
الثانية: أن يكون أنزل من الكعبين لغير الخيلاء فهذا حرام بل من الكبائر، لكن العقوبة عليه أخف من العقوبة على من جر ثوبه خيلاء، لأنه يعذب بقدر ما حصلت به المخالفة.
طيب الثالثة: أن يجره خيلاء فهذا هو الذي عليه هذا الوعيد الشديد أن الله تعالى لا ينظر إليه، وفي حديث أبي ذر الذي رواه مسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) فزاد ثلاث عقوبات : أنه لا يكلمهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم إضافة إلى أنه لا ينظر إليهم، ( قالوا: من هم يا رسول الله خابوا وخسروا ؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ).
فإن قال قائل: ألا يمكن أن نقيد حديث : ( ما أسفل من الكعبين ففي النار ) بحديث: ( لا ينظر الله على من جر ثوبه خيلاء ) ؟
فالجواب: لا يمكن، لأن المسألة هذه فيها اختلاف العملين ، واختلاف الحكمين ، وإذا اختلف العملان والحكمان فلا تقييد لأحدهما بالآخر، لأنه لو قُيد لزم تكذيب أحدهما بالآخر ، وإنما يقيد إذا كان الحكم واحدًا وإن اختلف في السبب، وعلى هذا فنقول: لا تقييد، وأن ما أسفل من الكعبين ففي النار سواء كان خيلاء أو غير خيلاء، لأنك لو قيدته بأنه ما أسفل من الكعبين ففي النار إذا كان خيلاء تناقض الحديثان، كيف التناقض؟
هذا يقول: لا ينظر الله إليه، وهذا يقول: في النار ، ( ما أسفل من الكعبين ففي النار ) ، وإذا كان يختلف الحكم تعذر أن نحمل أحدهما على الآخر، إذ أنه يلزم منه التناقض بين الخبرين، ووجه ذلك ما ذكرت لكم الآن : ( ما أسفل من الكعبين ففي النار ) العمل ما هو ؟
نزول الثوب عن الكعبين لغير الخيلاء.
ثانيا: الحكم إيش؟
الطالب : حرام .
الشيخ : لا ، في النار، الحكم أنه في النار، من جره خيلاء هذا عمل غير الأول هذا جره خيلاء، الحكم: لم ينظر الله إليه .
لو قلت: ما أسفل من الكعبين المراد إذا كان خيلاء، معناه أن أحد الخبرين صار غير صحيح مناقضاً للآخر، لأن جزاء ما كان أسفل من الكعبين النار فقط، ولم ينتف عنه النظر، وجزاء من جره خيلاء انتفاء النظر وهذا أشد، وعلى هذا فلا يمكن أن يقيد أحدهما بالآخر، بل كل واحد منهما عمل مستقل وعقابه مستقل.
طيب يستثنى من ذلك : ( من جر ثوبه خيلاء ) يستثى من ذلك النساء ، النساء رخص لهن بأن تجر المرأة ثوبها إلى شبر وإلى ذراع ، لماذا ؟
لئلا تتكشف أقدامهن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم روجع في ذلك فأذن إلى ذراع ، وكنا نعهدُ أن النساء يرخين أذيالهن، أذيال ثيابهن إلى نحو ذراع، تجد المرأة وراءها ، تجد ذيلها وراءها ذيل ثيابها، أما الآن فالمرأة في بعض البلاد الإسلامية مع الأسف، إلى نصف الساق ، ينكشف القدم ونصف الساق وربما ارتفع فوق ذلك أيضًا فصارت المسألة بالعكس ، مع أن بعض الرجال يجر ثوبه إلى شبر تقريبًا فصار مع الأسلف لباس الرجال للنساء ولباس النساء للرجال، نسأل الله الهداية .
طيب هل يقاس على الثوب ما سواه؟
مثلاً يكون خيلاء في العمامة؟
الجواب : نعم، يقاس عليه ، وقد جاء فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالعمامة يمكن أن يكون فيها خيلاء بماذا؟
يعني بتكبيرها ، بحيث يجعلها عشر ليات أو عشرين لية.
الثاني: بتطويل الذؤابة، حتى تصل إلى قريب الأرض هذه خيلاء، وقد نص على ذلك أهل العلم.
وهل يقاس على ذلك الأكمام؟
الجواب: نعم، يقاس على ذلك، فإن بعض الناس يكون عنده خيلاء في الأكمام، تجد كمه واسع جداً على سعة قميصه، هذا خيلاء، إذن ما هو الضابط؟
الضابط ما خرج عن العادة فهو سرف وخيلاء، هذا الضابط سواء في العمامة، أو في المشلح أو في الثوب أو في الإزار أو في القميص، لأن النبي عليه الصلاة والسلام إذا ذكر الإزار مثلا ليس معناه الاقتصار عليه بل هذا كالمثل، أو لأنه في عهده غالب الناس يلبس الإزار.