فوائد حديث :( إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه ... ). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث فوائد:
أولاً: إكرام اليمين، وذلك لأننا أمرنا أن نأكل بها، ومعلوم أن الأكل غذاء للبدن، فيكون المتفضل بالغذاء هي اليد اليمنى.
ثانياً: وجوب الأكل باليمين.
إذا قال قائل من أين أخذت ذلك؟
قلنا من الأمر ، أجيبوا !؟
الطالب : لأنه أمر بذلك .
الشيخ : لا ، ليس من الأمر بمجرده ، لأننا ذكرنا أن أقرب أقوال العلماء -رحمهم الله- أن ما كان الآداب فالأمر فيه للاستحباب، لكن من كون الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله، نقول: الأمر هنا للوجوب.
ويؤيد ذلك أنه ورد بصيغة أخرى : ( لا يأكل بشماله ولا يشرب بشماله )، فاجتمع فيه الأمر بالأكل باليمين، والنهي عن الأكل بالشمال.
إذن الأكل باليمين واجب، الشرب باليمين واجب، القاعدة الشرعية : " أن الواجب يسقط مع العجز " ، فإذا كان إنسان لا يستطيع أن يرفع يده اليمنى لشلل، أو مرض أو ما أشبه ذلك جاز له أن يأكل بالشمال للضرورة.
ومن فوائد الحديث أيضاً: تحريم الشرب بالشمال، وإذا كان كذلك فإن المحرَّم لا يرتفع التحريم فيه إلا ؟ أجيبوا !
الطالب : للضرورة .
الشيخ : إلا للضرورة، لقوله تعالى: (( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ))، وعلى هذا يتبين خطأ أولئك القوم الذين إذا احتاجوا إلى الماء على الطعام أخذوه بشمالهم، هذا لا يجوز، يدعي أنه يلوث الكأس مثلاً أو الإناء!
جوابنا على هذا أن نقول:
أولاً: يمكن أن تمسك باليمين بدون تلويث، فالكأس مثلاً ممكن أن تجعله بين الإبهام والسبابة وتمسكه من أسفل، هذه واحدة.
ثانياً: في الوقت الحاضر كثير من الناس يشربون بكؤوس لا يشرب منها غيرهم، بكؤوس البلاستيك، يشرب بها الإنسان وترمى، وإذا لوثها يلوثها على من؟
لا أحد.
ثالثًا: لو قدر أنها تتلوث فهل تتلوث بنجاسة؟
تتلوث بطعام، وليس في ذلك أكثر من أن المرأة أو الخادم تغسِّل الإناء.
وهل تلوث الإناء بالطعام يُضطرَ الإنسان إلى أن يشرب بالشمال؟
لا، لكن التهاون، تهاون الناس وتقليد بعضهم بعضا هو الذي جعلهم يقدمون على هذا العمل المحرم.
ومن فوائد الحديث: أن الشيطان يأكل ويشرب، لقوله: ( فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله )، وهذا له أدلة كثيرة منها : أن الإنسان إذا لم يسم على الأكل والشرب شاركه الشيطان في ذلك، كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام .
ومنها قصة أبي هريرة مع الشيطان حين جاء وأخذ من الطعام وقال: إنه ذو حاجة وعيال.
وينبني على هذه الفائدة أن الشيطان له جُرم، وهو كذلك له جرم، فيشكل على هذا كيف يكون له جُرم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنه يجري من ابن آدم مجرى الدم ) كيف ذلك؟
والإنسان لا يحس بأن جرماً يدخل في عروقه، لا يحس بهذا ؟!
أجاب بعض العلماء الذين ينحون إلى تحكيم العقل قالوا: إنه لا يجري حقيقة في العروق، ولكنه يجري في الوساوس، يعني: يوسوس للإنسان، وأنَّ قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( يجري من ابن آدم مجرى الدم ) يعني: يوسوس له حتى يصل إلى قلبه الذي يصل إليه الدم، ولكن هذا خلاف ظاهر اللفظ، ونحن نقول: يجري حقيقة ، ولكن أليس في الدم كريات ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : تجري في الدم ألا يمكن أن الشيطان يتصاغر حتى يكون مثل هذه الكريات ويدخل؟
ممكن، فهذا غير مستحيل عقلاً، وعلى هذا فالشيطان يمكن أن يتلبس ويكون بصورة الآدمي، ويكون بصورة أخرى، ويكون صغيرًا بحيث يجري مع العروق من غير أن يشعر به الإنسان.
ومن فوائد الحديث: النهي عن التشبه بالكفار ، يؤخذ ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ليش؟
لأنا نُهينا عن التشبه بالشيطان، والشيطان رأس الكفر، وهذا نقوله من باب تعدد الأدلة على النهي عن التشبه بالكفار، وإلا فقد وردت الأدلة صريحة في أن الرسول نهى عن التشبه بالكفار، وقال: ( من تشبه بقوم فهو منهم ).
ومن فوائد هذا الحديث: نصح النبي صلى الله عليه وسلم للأمة حين أرشدهم إلى هذا الأمر الذي يخفى عليهم ، وهو : أنه أمرهم أن يأكلوا باليمين ويشربوا باليمين، وأخبرهم بأن الشيطان يأكل بالشمال ويشرب بالشمال، ونحن لا علم لنا في هذه الأمور إلا عن طريق الوحي.