تتمة شرح حديث :( المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال ) متفقٌ عليه. حفظ
الشيخ : ( وكثرة السؤال ) : يعني وكره لكم كثرة السؤال، يدخل في هذا سؤال المال وسؤال العلم كما يدخل ذلك في قوله تعالى: (( وأما السائل فلا تنهر )) .
فكثرة السؤال حتى فيما يحل لك لا ينبغي مكروه، أما ما لا يحل فظاهر أنه حرام حتى وإن قل السؤال، لكن كثرة السؤال فيما يحل، كثرة السؤال في العلم أيضا، لكن كثرة السؤال في العلم فيها تفصيل :
أما إذا قصد الإنسان الاستزادة من العلم فهذا مطلوب، والحديث لا يدل على النهي عنه.
وأما إذا كان المقصود بذلك الأُغلوطات، وإحراج المسؤول، وإظهار أنه بحَّاثة فلا شك أنه داخل في الحديث، وأنه من أسباب الخطأ، لأن من كثُر كلامه كثر خطؤه.
ثم إن كثرة السؤال أيضًا تُضجر المسؤول، وتوجب أن يكون منه نفور من السائل، وهذا ضرر على الطرفين: على السائل، والمسؤول.
أما الثالث قال: ( وإضاعة المال ) : وهو صرفه في غير فائدة لا دينية ولا دنيوية ، وذلك لأن الله تعالى جعل المال قيامًا للناس فقال تعالى: (( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا )): ما معنى قيامًا؟
أي: تقوم به مصالح الدين ومصالح الدنيا، فإذا أضاعه الإنسان فقد صرفه في غير ما جعله الله له ، الله تعالى جعله قياماً للناس، فإذا ضيعه صرفه في غير ما جعله الله للناس .
وكم من إنسان أغناه الله فأسرف في الإنفاق وبذل الكثير وأضاع المال، وإذا به يصبح إيش؟
فقيرًا معدِمًا، فيتمنى أن لم يكن أنفق ولكن هيهات، إذن يحرم إضاعة المال . لكن لاحظوا أن إضاعة المال قريبة من الإسراف يعني قريبة من معنى الإسراف، لأن الإسراف محرم فبذل المال فيه محرم.
لكن الإسراف يختلف ، قد يُعد إسرافا لشخص وغير إسراف لشخص آخر، أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : نعم لو أن الفقير اشترى سيارة فخمة لا يشتريها إلا أكابر الناس وأغنى الناس عد ذلك إسرافا، ولو أن الغني اشتراها لم يعد إسرافًا ، كل شيء بحسبه، لأن الإسراف تعريفه مجاوزة الحد، فإذا قيل: هذا إنسان مجاوز الحد فهو مسرف، طيب صرف المال فيما لا فائدة فيه، لكن فيه تسلية وانشراح للصدر، لكن ما هو شيء محرمٍ تسلية والإنسان مثلاً يسأم من الأعمال الجدية، ويحب أن يرفه عن نفسه بعض الشيء هل يعد هذا إضاعة؟
الجواب: لا، صحيح أن هذا الشيء في حد ذاته ليس مفيدا لكنه مقصود إيش؟
الطالب : لغيره .
الشيخ : لغيره من أجل أن يُذهب الإنسان عنه السآمة والملل، لأن النفس تمل وتكسل تحتاج إلى شيء ينشطها ومن ذلك المنتزهات ، حيث يخرج كثير من الناس الآن إلى المنتزهات، ومعلوم أن الإنفاق في المنتزهات التي تسمونها إيش؟
الطالب : مدينة ملاهي .
الشيخ : الكشتة ، هذه فيها زيادة إنفاق، لكن فيها إيش؟
راحة وتسلية للنفس وإزالة للملل فيكون هذا من المقصود إيش؟
لغيره، ولا يعد هذا إضاعة للمال، وإن كان هو في حد ذاته ليس مفيدًا لكنه مفيد لغيره.