تتمة شرح حديث ( أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كل بني آدم خطاءٌ وخير الخطائين التوابون ) أخرجه الترمذي وابن ماجه وسنده قويٌ. ). حفظ
الشيخ : طيب نعدها مرة ثانية :
الأول: الإخلاص لله وهذا أساس كل عمل صالح، كل عمل صالح لابد فيه من الإخلاص لله وإلا كان مردوداً كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ).
الثاني: الندم بحيث يتحسر ويتأسف، وألا يكون فعله للذنب وعدمه سواء.
والثالث: الإقلاع عن الذنب.
والرابع: العزم على ألا يعود.
والخامس: أن يكون قبل وقت رد التوبة.
طيب لو تاب الإنسان إرضاءً لوالده لا تقرباً إلى الله تعالى أتقبل التوبة؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا، لابد من الإخلاص لله عز وجل.
لو تاب بلا ندم وأقلعَ عن الذنب لكن ما كأن الذنب مرَّ عليه ولا نَدِمَ ولا تأثر هذا أيضاً لا تقبل توبته، لأنه لابد مِن أن يشعر الإنسان بأنه مذنب.
والثالث: لو تاب الإنسان من السرقة، إنسان سَرق وتاب من السرقة، ولكن المال المسروق لم يرده إلى صاحبه أيُقبل؟
الطالب : لا يقبل .
الشيخ : ليش؟
الطالب : ما رد المال إلى صاحبه .
الشيخ : ومن شرط قبول التوبة إيش؟ الإقلاع!
طيب إذا قال قائل: الإقلاع بالنسبة للأموال واضح أن الإنسان يرد الأموال إلى أهلها، إن كانت دراهم ردها إلى أهلها، وإن كانت أرضاً ردها إلى أهلها هذا واضح .
لكن إذا كان الإنسان لا يعلم أهلها، أخذ دراهم من إنسان وتاب ولكن لا يدري وهذا يقع أحياناً، أحياناً يقع يأخذ الإنسان مثلاً من هذا الدكان حاجة ثم ينتقل صاحب الدكان ولا يدري أين ذهب وييأس منه ماذا يصنع؟
يتصدق بها تخلصاً منها لصاحبها، طيب فإن تصدق بها تقرباً بها إلى الله لم تنفعه ولم تنفع صاحبه، لأنها لا تقبل منه حيث إنها حرام، ولن تنفع صاحبها لأنه لم ينوها له فيطالبه صاحبها بها يوم القيامة.
طيب إذا كانت المظلمة غير مال، مثلا إنسان اغتاب شخصاً فكيف يتخلص ؟
قال العلماء: يذهب إلى هذا الرجل الذي اغتابه ويقول: سامحني حللني، وإذا قال له: سامحني حللني هل من المستحسن أن يقول: ما الذي قلت فيَّ ؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا ، إذن يسامحه عن حق مجهول، ولا يعرف، ولا يسأل لأنه ربما لو سأله وأخبره كان ذلك عظيماً في نفسه ثم لم يسامحه، لكن إذا قال: أنت مسامح فهذا طيب ولو كان مجهولاً.
وقيد بعض العلماء ذلك قال: إن كان صاحبه الذي اغتابه قد علم بالغيبة فليتحلل منه، وإن لم يعلم ووثق أنها لم تبلغه فالأولى ألا يتحلل منه، لأنه ربما لو تحلل منه لأبى، ولكن يستغفر له كما جاء في الحديث : ( كفارة من اغتبته أن تستغفر له ) ، ويثني عليه بالخير في المجالس التي كان يثني عليه فيها شراً ، ولكن لا شك أن الذي تطمئن إليه النفس ويطمئن إليه الإنسان هو أن يذهب ويصارحه فإن هداه الله فهذا المطلوب، وإن لم يسمح له فإذا علم الله من نية هذا التائب الصدق فإن الله جل وعلا يتحمل عنه.
لا، باقي ، باقي من الشروط؟
الطالب : الرابع.
الشيخ : أن يعزم على ألا يعود ، أو الشرط ألا يعود؟
الطالب : أن يعزم .
الشيخ : أن يعزم على ألا يعود، لأنك لو قلت: الشرط ألا يعود ثم عاد مرة ثانية بطلت التوبة الأولى، لكن إذا قلت: العزم على ألا يعود صحت التوبة، ثم إن عاد مرة ثانية احتاج إلى تجديد توبة للذنب الثاني.
إذن إذا عزم على ألا يعود صحت التوبة وإن كان متردداً والله ما أدري أخاف أصحابي جاؤوا إلي وقالوا يا فلان نبي نتمشى وهم يتمشون على محرم أخاف إني أروح معهم هل تقبل توبته؟ أجيبوا يا جماعة ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ليش؟
لأنه لم يعزم على ألا يعود ، ولا بد أن يعزم على ألا يعود.
الخامس: وهو الأهم بعد الإخلاص أن تكون التوبة في وقت لا ترد فيه التوبة، والوقت الذي ترد فيه التوبة نوعان:
خاص، وعام: فالخاص: حضور أجل كل إنسان، كل من حضر أجله وتاب بعد حضور الأجل لم يقبل منه لقوله تعالى: (( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن )) ، وانظر إلى كلام الرسول عليه الصلاة والسلام لعمه أبي طالب قال: ( قل لا إله إلا الله كلمة ) تنفعك ها ويش قال ؟
( أحاجُّ لك بها عند الله ) قد تنفع وقد لا تنفع .
طيب ولما غرق فرعون وأحسَّ بالهلاك ماذا قال لما أدركه الغرق؟
قال: (( آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين ))، فقيل له: (( ءآلآن )) يعني الآن تسلم (( وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين * فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية )) : يعني بدنك يظهر ويبرز ، ليش ؟
لأن فرعون قد أرعب بني إسرائيل، وربما إذا لم يروه ويشاهدوه ربما يكون في نفوسهم أنه لعله نجا، أو لعله ينجو، لكن إذا رأوه ميتاً طابت نفوسهم، ولهذا قال: (( لتكون لمن خلفك آية )).
أما النوع الثاني من الوقت الذي ترد فيه التوبة فهو: العام: وذلك عند طلوع الشمس من مغربها ، هذه الشمس العظيمة تشرق من المشرق وتغرب من المغرب ، فإذا أذن الله تعالى في انقطاع التوبة خرجت من المغرب وحينئذٍ يؤمن كل إنسان ويتوب كل إنسان لكن يقول الله عز وجل: (( يوم يأتي بعض آيات ربك )) وهو طلوع الشمس من مغربها.
(( لا ينفع نفساً إيماناً لم تكن آمن من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً )) .
طيب إذن خير الخطائين التوابون أي: كثيروا الخطأ كثيروا التوبة، والتوبة عرفتم شروطها.