عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ) أخرجه أبو داود، ولابن ماجه من حديث أنس نحوه. حفظ
الشيخ : يقول : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والحسد ) " :
الجملة هي جملة تحذيرية أي : أحذركم الحسد، لكن قدم الضمير اهتماماً بالأمر.
والحسد هو: " تمني زوار نعمة الله على غيره " ، أن يتمنى الإنسان أن يزيل الله النعمة عن غيره سواء تمنى أن تزول النعمة إليه أو أن تزول النعمة عن غيره لا إليه، أو أن تزول النعمة عن غيره إلى غيره، فالأقسام كم؟
ثلاثة، أي: يتمنى أن تزول نعمة الله عن هذا إلى نفسه، فهمت يا ولد إيش قلنا ؟
الطالب : تمني زوال النعمة عن الإنسان .
الشيخ : لا .
الطالب : يتمنى أن تزول النعمة عن الشخص إلى !
الشيخ : إلى نفسه .
الطالب : إلى نفسه .
الشيخ : طيب ، والثاني أن يتمنى زوال نعمة الله على زيد لتكون لعمرو .
والثالثة : أن يتمنى زوال نعمة الله على زيد مطلقاً ، كل هذا من الحسد ، هذا هو المعروف عند جمهور العلماء في تعريف الحسد، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : " الحسد كراهة نعمة الله على الغير " : أن يكره أن ينعم الله على غيره وهذا أعم.
فإذا رأيت نفسك تكره أن ينعم الله على غيرك بعلم أو مال أو خُلُق أو صحة أو ما أشبه ذلك فاعلم أنَّ فيك شيئاً من الحسد حاول أن تقضي عليه، ولهذا قال الله عز وجل: (( ولا تتمنوا ما فضَّل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيبٌ مما اكتسبوا وللنساء نصيبٌ مما اكتسبن )) أتم ؟
(( وسئلوا الله من فضله )) ، يا أخي لا تتمنى أن نعمة الله على فلان تأتي إليك، اسال الله من فضله ودع نعمة الله على فلان لفلان، فالذي أعطاه قادر على أن يعطيك.
وقوله عليه الصلاة والسلام: ( فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ) : فإنه أي: الحسد.
يأكل الحسنات: حسنات من ؟ الحاسد.
كما تأكل النار الحطب: والنار وإذا ولعت في الحطب أكلته، وهذا تعليل للحكم .
فذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن في الحسد ذهاب الحسنات كيف تذهب الحسنات؟
نعم، للمفاسد العظيمة التي تحصل بالحسد، فمنها: اعتراض الحاسد على حكمة الله عز وجل، لأنك إذا كرهت ما أنعم الله به على غيرك فهذا اعتراض، كأنك تقول: هذا الرجل مثلاً لا يستحق هذه النعمة، ففيه اعتراض على القدر، كذلك أيضاً الحسد لا يخلو غالباً من البغي على من؟
الطالب : المحسود.
الشيخ : على المحسود، فتجد الحاسد يبغي على المحسود إما بلسانه أو بفعاله من أجل أن تزول هذه النعمة .
ومنها أيضاً: أن الحاسد دائماً يكون قلقاً ضيق الصدر، حتى إنه ربما لا يطيب له الأكل ولا النوم، وكلما ازدادت نعمة الله على المحسود ازداد نكداً وهمًّا وغمًّا.
ومعلوم أن النكد والهم والغم يوجب انقباض النفس وعدم انشراح الصدر بالطاعات وغيرها، حتى إنه ربما يكون يصلي وقلبه يفكر فيما أنعم الله به على المحسود فيقل ثواب الحسنات.
ومنها أيضاً: أن الحاسد ينحسر أن يسبق المحسود بما أنعم الله به عليه، فمثلاً: إذا رأى طالب علم قد فضله في العلم تجده يقول: ما حاجة أن أتعب لأنني لن أصل إلى درجة هذا، فيتوقف عن الخير بسبب الحسد والعياذ بالله.
وأول من حسد فيما نعلم من؟
الطالب : إبليس.
الشيخ : إبليس، فيكون الحسد إذن من اتباع خطوات الشيطان والتأسي بالشيطان وهذا من مفاسده.
وله مفاسد كثيرة لكن هذا الذي حضرني منها الآن، فالحسد فيه شر كثير.
فإذا قال قائل: الحسد في الواقع غريزة : كل إنسان يعرف نعمة الله على أحد يتمنى أن يكون له مثلها مثلاً.
قلنا: هذا ليس الحسد المذموم هذا الحسد يسمى حسد غبطة ولا بأس به، ولكن احمل نفسك على أن تصل إلى ما وصل إليه هذا الإنسان من الدرجة ، إن كنت تحسده على علم فاحمل نفسك على طلب العلم حتى تصل إلى ما وصل إليه، إن كنت تحسده على جاه فاحمل نفسك على أن تكون حسن الأخلاق كريم الطبع محسناً إلى الناس باذلاً نفسك لهم وحينئذٍ يكون لك عندهم جاه وهلم جرّا.
وهذا ليس الحسد المذموم هذا يسمى حسد الغبطة، وقد أقره النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( لا حسد إلا في اثنتين ).