وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) متفقٌ عليه. حفظ
الشيخ : " ولابن ماجه مِن حديث أنس نحوه .
وعنه -أي: عن أبي هريرة رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) "
:
ليس الشديد: يعني ليس القوي .
بالصُرَعة أي: بالذي يصرع الناس، والصرعة في صيغ المبالغة أي كثير الصرع قوي الصرع، مثل: همزة لُمزة يعني كثير الهمز واللمز فالصرعة هو كثير الصرع قوي الصرع.
والمصارعة المغالبة أيهما يصرع صاحبه ويضرب به على الأرض.
والمصارعة لها أساليب، ما هي مبنية على قوة الشخص، قد يكون الشخص قوياً فيصرعه من هو دونه، فلها أساليب معينة، وهي عند الناس الآن إيش هي ؟
الطالب : رياضة.
الشيخ : فن، فن من فنون الرياضة، ولها عشاق لكنهم في الواقع يضيعون أوقاتهم في غير فائدة.
فهل الشديد القوي هو الذي يغلب الناس إذا صرعهم؟
لا، ويُذكر أن رُكانة بن يزيد كان قوياً شديداً لا يصرعه أحد، حتى إنه من قوته يقال: إنهم يضعون جلد الثور تحت قدميه ويأتي أقوى الرجال ليجره من تحت قدمه ويعجز عنه، يتقطع الجلد دون أن تزول قدماه، وهذا يدل على أنه قويٌّ جداً، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسلم وطلب من الرسول أن يصارعه قال: ( إن صرعتني يا محمد عرفت أنك نبي وأسلمت، وإن صرعتك هي عادتي ): يعني هذا معنى قوله .
فصارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما صرعه آمن، وهذا لا شك أنه من فوائد قوة الجسم وحنكته.
وقوله: ( وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) : القوي الذي يصرع نفسه ويملكها عند الغضب.
والغضب هو: جمرة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان ) ، ولهذا تجده يحتمي ويظهر دمه على جسمه يحمر وجهه وعيناه وترتعد أطرافه نعم وينتفش شعره من قوة ما يجري .
الشديد هو: الذي يملك نفسه إذا غضب ولا ينفذ مقتضى غضبه.
ولهذا : ( جاء رجل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قال: أوصني قال: لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب ).
والغضب ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مبتدأ الغضب وهذا يعتري كل إنسان ولا يمنع تصرف الإنسان في نفسه.
والثاني: منتهى الغضب وهذا هو الذي يستولي على الإنسان حتى لا يدري ماذا يقول ولا ماذا يفعل، ولا هل هو في الأرض أو في السماء، وهذا يقع.
والثالث: وسط بين هذا وهذا ، الغضب شديد لكنه يحس في نفسه ، ولكن الغضب يضغط عليه.
فأما الأول وهو الغضب في ابتدائه فحكم تصرف من اتصف به النفوذ، تصرفه نافذ في كل شيء، إن حكم بين الناس فحكمه نافذ، إن طلق زوجته فطلاقه نافذ، إن أعتق عبده فعتقه نافذ، كل تصرفاته نافذة، هذا متى؟
مبتدأ الغضب، وهذا بإجماع العلماء، ولم يختلف فيه أحد، وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم القضاء وهو غضبان في قصة من؟
الزبير، وصاحبه الأنصاري.
طيب الثاني: الغضب الذي يصل بصاحبه إلى حد لا يشعر بنفسه، فهذا لا عبرة بتصرفه باتفاق العلماء، لأنه ذهب عنه وعيه، ولذلك تجده ربما يأخذ أكبر ما يجد ويضرب به ولده، وربما يضرب أولاده بعضهم ببعض، يأخذ الولد الصغير يجعله كأنه عصاً يضرب به الكبير.
أشياء عجيبة تذكر عن بعض الغاضبين، أشد من المجنون، هذا حكمه إيش؟ لا ينفذ، إن قال قولاً لم يعتبر، وإن فعل فعلاً لم يعتبر إلا فيما لا يشترط فيه العقل كالجناية على الآدمي، هذا وإن جنى لابد أن يؤخذ حق الآدمي.
الثالث إيش؟
الطالب : الوسط.
الشيخ : الوسط: وسط بينهما، فهذا اختلف العلماء -رحمهم الله- هل يعتبر بقوله أو لا؟
والصحيح أن قوله غير معتبر، لأنه يقول القول وهو غير مريد له، قد ضغط عليه.
ومن ذلك إذا طلق زوجته وهو غضبان بهذا الغضب، فإن الصحيح أن طلاقه لا يقع.
وكذلك لو أعتق عبيده فإن العتق لا يقع، ولو أوقف أملاكه فإنه لا ينفذ، ولو باع شيئاً لم ينفذ.
المهم القاعدة : أن من كان هذا غضبه فإنه لا ينفذ تصرفه، هذه أقسام الغضب، وقد تبين هذه الأقسام ابن القيم رحمه الله في كتابه *إغاثة اللهفان - غير الكتاب الكبير المعروف- في عدم وقوع طلاق الغضبان*، انتهى الوقت؟
الطالب : الغضبان يا شيخ !
الشيخ : نعم ؟
الطالب : في عدم وقوع طلاق ؟
الشيخ : الغضبان .
الطالب : أنت قلت السكران !
الشيخ : لا، الغضبان ، انتهى الوقت؟
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال المصنف -رحمه الله تعالى- :
" وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس الشديد بالصرعة ) " .
الشيخ : عنه : عمن؟
القارئ : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) متفقٌ عليه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الظلم ظلماتٌ يوم القيامة ) متفق عليه.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم ) أخرجه مسلمٌ.
وعن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر: الرياء ) أخرجه أحمد بإسناد حسن "
.