وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( آية المنافق ثلاثٌ؛ إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ) متفقٌ عليه، ولهما من حديث عبد الله بن عمرو ( وإذا خاصم فجر ). حفظ
الشيخ : قال : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( آية المنافق ثلاثٌ، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ) " :
آية أي: علامة، لكن الآية لا تطلق إلا على العلامة الدالة دلالة لا إشكال فيها، وذلك لأن الدليل قد يكون دالاً على المدلول دلالة ظَنية، لكن الآية تكون دلالتها إيش؟
قطعية لا يتخلف مدلولها.
( أية المنافق ) المنافق: هو الذي يبطن الشر ويظهر الخير.
من أين هو مأخوذ؟
قالوا: إنه مأخوذ من نافِقاء اليربوع، اليربوع دويبة أكبر من الفأر قليلاً، ولكن أرجلها طويلة وأيديها قصيرة، هذه الدويبة أعطاها الله تعالى ذكاءً: تحفر لها بيتاً في الأرض جُحراً وتجعل له باباً، ثم إذا انتهى إلى ما تريد حفرته صاعدة إلى ظهر الأرض حتى إذا لم يبق إلا قشرة رقيقة توقفت لفائدة وهي: أنه إذا هاجمها أحد من باب الجحر خرجت من عند هذه القشرة الرقيقة، هكذا المنافق (( إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم )) : فلهم بابان، لهم وجه مع المؤمنين ووجه مع الكافرين.
إذن المنافق بالمعنى العام: كل من أبطن شراً وأظهر خيراً، أما بالمعنى الخاص: الذي هو النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار فهو إبطان الكفر وإظهار الإسلام، ولم يكن مَعروفاً إلا بعد أن ظهر الإسلام واعتز المسلمون في بدر وصارت الغلبة، بزغ نجم النفاق -والعياذ بالله- فصار الواحد إذا لقي المؤمنين يقول: آمنا وصدقنا ومحمد رسول الله، ويأتون إلى الرسول ويقولون: نشهد إنك لرسول الله، ويذكرون الله لكن لا يذكرون الله إلا قليلاً.
( آية المنافق ) أي: علامته، ( ثلاث : إذا حدث كذب ) حدث أي: أخبر عن أمر واقع أو أمر سيقع ( كذب ) أي: أخبر بالشيء على خلاف وجهه، هذا هو الكذب الإخبار بالشيء على خلاف وجهه.
( وإذا وعد أخلف ) : إذا وعد أخلف يعني: إذا وعد إنساناً بشيء أو على شيء أخلف ولم يفِ .
( وإذا ائتمن خان ) : سواء ائتمن على النفس أو على المال أو على العرض فإنه يخون.
والخيانة هي : أن يتوصل إلى الشيء على وجه خفي فإن كان بحق فهو مكر وليس بخيانة .
وإن كان بغير حق فهو خيانة ، ولهذا المكر ليس مذموماً ولا ممدوحاً، والخيانة مذمومة على كل حال، المكر إذا كان في موضعه فهو مدح، ولهذا أثبته الله لنفسه ولم يثبت الخيانة فقال: (( ويمكرون ويمكر الله )) ، وقال ذلك بأنهم : (( فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم )) ولم يقل: فخانهم ، لأن الله لا يوصف بالخيانة، إذ أن الخيانة هي : الخديعة في موضع الائتمان، والمكر هو : الخديعة في غير موضع الائتمان، أفهمتم الفرق ؟
ولهذا صار المكر في محله كَمالاً.
هذه علامات المنافق فيه علامة رابعة لم تذكر في هذا الحديث وهي: ( إذا خاصم فجر ) إذا خاصم فجر.