فوائد حديث : ( أتدرون ما الغيبة؟ ). حفظ
الشيخ : من فوائد هذا الحديث:
أولاً: حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يلقي المسائل الخبرية بصيغة الاستفهام من أجل استرعاء الانتباه، يؤخذ من قوله الأخ ؟ وين وصلت ؟
الطالب : هنا .
الشيخ : لا وين سرحت علم بالحقيقة !
الطالب : ما سرحت .
الشيخ : شوف بارك الله فيك كعب بن مالك أخبر بالصدق فيما هو أعظم من هذا أين ذهبت ؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش ؟ طيب سعد .
الطالب : من قوله : ( أتدرون ) ؟
الشيخ : من قوله : ( أتدرون ) وهذا من حسن التعليم أن يلقي الإنسان الكلام على وجه يسترعي الانتباه.
ومن فوائد هذا الحديث: حسن أدب الصحابة رضي الله عنهم حيث قالوا: الله ورسوله أعلم، وهذا واجب على كل من لا يعلم أن يقول: الله ورسوله أعلم، يجب وجوباً، لأنه لو اقتحم وأجاب بشيء لا يعلمه صار من القائلين على الله ما لا يعلم، ولهذا قال بعض العلماء: " من العلم أن يقول الإنسان: لا أعلم فيما لا يعلم ".
طيب ومن فوائد الحديث: جواز التشريك بالواو بين الله ورسوله فيما كان من أمور الشرع، بخلاف القدر، لأن الربوبية لا يملكها الإنسان في الواقع، ولذلك كان الناس باعتبار عبودية الربوبية كانوا كلهم سواء، الكافر والمؤمن باعتبار إيش؟ عبودية الربوبية التي نسميها: العبودية الكونية.
طيب أما الشرع فلا .
فإن قال قائل: هل تُعَدُّون ذلك إلى أن يقول الناس: الله والعالم الفلاني أعلم؟
الطالب : لا .
الشيخ : في الأمور الشرعية ؟
الطال : لا .
الشيخ : لا ، ليش؟ لأن هذا العالم ليس مشرعاً، الرسول عليه الصلاة والسلام يشرع ويقول عن الله ، والعالم ليس بمعصوم ، ولهذا لا يجوز إذا سألك سائل عن مسألة دينية أن تقول : الله والشيخ أعلم، ما يجوز، ليش يا جماعة؟
لأن الشيخ غير مشرع بخلاف الرسول صلى الله عليه وسلم.
طيب فإن قال قائل: وهل نقول: مثل هذه العبارة بعد موت الرسول؟
الطالب : في الأمور الشرعية نعم .
الشيخ : نقول: ما دام الأمر شرعي فالله ورسوله ولو كان ميتاً صلى الله عليه وسلم أعلم منا بلا شك، وإن كان الآن لا يمكن أن نعرف ما عند الرسول لكن هو أعلم منا بشريعة الله بلا شك.
ومن فوائد هذا الحديث: مراعاة الاختصار في الكلام ، العقيلي يبين لنا من أين ؟
الطالب : قوله : ذكرك أخاك .
الشيخ : حيث حذف المبتدأ اختصاراً ، لأن الاختصار أقرب إلى الحفظ ، والجمل المختصرة التي تأتيك جمل مختصرة لكن تشتمل على معاني كثيرة يكون لها رونق في النفس وبقاء في النفس أيضاً.
ومن فوائد هذا الحديث: الاستعطاف، يعني: استعمال الاستعطاف في الكلام لقوله: ( أخاك ) ، لأنك إذا شعرت بأنه أخاك فلن تغتابه، فهذه من الأساليب الاستعطافية ، انظر إلى قوله تبارك وتعالى : (( والنجم إذا هوى* ما ضلَّ )) إيش؟ (( صاحبكم )) ، الذي تعرفونه .
وقال تعالى: (( وما صاحبكم بمجنون )) : فهذه من الأساليب التي تستعطف المخاطب حتى يستقيم.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز غيبة الكافر لقوله: ( ذكرك أخاك ) ، لكننا إذا قلنا بهذا صار معارضاً لما قررناه في الحديث الأول : ( وجعلته -أي الظلم- بينكم محرماً فلا تظالموا ) ، نقول : لا شك أن غِيبة الكافر ليست كغيبة المسلم وحرمة الكافر ليست كحرمة المسلم، لكن متى كانت غيبته ظلماً فهو داخل في الأول، ووجه ذلك : أن دلالة الحديث الأول بالمنطوق ودلالة هذا بالمفهوم، والمعروف عند العلماء في أصول الفقه أن دلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم.
طيب من فوائد هذا الحديث: أن الغِيبة أن تذكر أخاك بما يكره ولو كان غيره لا يكرهه، إذا كان هذا الرجل بالذات يكره هذا الوصف الذي تصفه به، وغيره لا يبالي، فهل نعتبر العرف العام أو الخاص؟
الطالب : الخاص .
الشيخ : أجيبوا يا جماعة ؟
الطالب : الخاص .
الشيخ : الخاص ، ما دام الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( ذكرك أخاك بما يكره ) نعم .
بعض الناس يزعل إذا قيل له : والله أنت شايب كبير السن ، يزعل لكن هو في الحقيقة شايب وهذا الواقع ، هو ليش يزعل ما دام أنه يزعل لا تقوله . بعض الناس يقول : العجوز يصف بها الرجل ، أليس هكذا موجود يقول : عجوز أبي عجوز ، أنا أقول أبي عجوز تناقض هذا ، قل: أمي عجوزة ، وأبي شيخ : (( وأبونا شيخٌ كبيرٌ )) (( ياويلتي ءألد وأنا عجوزٌ )) إيش الذي جاب العجوز للرجال الآن ؟!
لكن إذا كان يكره أن تقول له: عجوز ما تقول عجوز حتى لو كان الناس متعارفين بينهم بإطلاق العجوز على الشيخ وهو يكره لا تغتابه بهذا.
طيب ( ذكرك أخاك بما يكره ).
إن قال قائل: نجد في علماء الحديث من يسمى الأعرج والأعمش والأحول وما أشبه ذلك وهذه يكرهونها أو لا؟
الطالب : يكرهونها.
الشيخ : نقول: الجواب عن هذا : أن هذا من باب التعريف الذي لا تمكن معرفة المذكور إلا به ، فإذا كان من باب التعريف الذي لا يمكن معرفة المذكور إلا به صار هذه المصلحة راجحة على مفسدة الغيبة على أن الذي يقول ذلك لا يقصد عيبه، وإنما يقصد إيش؟ التعريف به والنية لها آثر في هذا.
ومن فوائد هذا الحديث: سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم للمناقشة، من أين تؤخذ ؟
الصحابة لما قال: ( ذكرك أخاك بما يكره ) أوردوا عليه قالوا : ( أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ ) ، وهذا من خُلق النبي عليه الصلاة والسلام أنه يتحمل المناقشة ، لأن المناقشة في الحقيقة تزول بها إشكالات كثيرة ، نعم ، لكن إذا علمتَ أن المناقش متعنت فهل تستمر معه ؟
تبدى معه كما يقولون : " من جرف العدانة " ، لا ، إذا عرفت أنه متعنت فامنعه، لأن الله قال للرسول عليه الصلاة والسلام في الذين يستفتونه من أهل الكتاب متعنتين قال: (( فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم )).
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أن الغيبة محرمة ولو كان في المغتاب ، وأريد اسم المفعول ما يذكره المغتاب وأريد اسم الفاعل، الكلام واضح؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ليش؟ لأن كلمة المغتاب !
الطالب : لكليهما.
الشيخ : تصلح لهذا ولهذا ، فلابد من أن تبين ، مثل المختار إيش؟
تصلح لهذا وهذا، كيف نقدر المغتاب إذا كان اسم فاعل؟ نقول: المغتيب، صح ، صحيح ؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : صحيح ، والمختار إذا كانت اسم فاعل: المختير، ونقول في المغتاب إذا كان اسم مفعول : المغتيَب، وفي المختار: المختيَر، هذا هو الأصل، لكن اللغة العربية تأبى عليك هذا تقول: إذا تحركت الياء وانفتح ما قبلها إيش يا عماد؟ فاقلبها ألفًا ، المختيِر قل إيش؟
الطالب : المختار .
الشيخ : المختار، المختير قل : المختار، طيب.
أقول: إذا كان في المغتاب اسم مفعول ، ما قاله المغتاب اسم فاعل فهل تكون غيبة؟
نعم تكون غيبة، وإذا لم يكن فيه ما يقوله؟
الطالب : بهتان.
الشيخ : فمن فوائد الحديث أن هذا يجمع بين الغيبة والبهتان.
ومن فوائد الحديث: أن أوصاف الذم إذا تعددت فإن الإنسان يُعاقب عليها جميعها ولا تتداخل لقوله: ( فقد بهته ) ولو تداخلت لاكتفى بعقوبة ذنب واحد، طيب.
ومن فوائد الحديث: التعبير بالأخص وطي ذكر الأعم، لقوله: ( فقد بهته ) ، وطُوي ذكر الأعم وهو الغيبة، لكن للعلم به ، لأنه ليس من المعقول أنك إذا ذكرت شخصاً بما يكرهه وهو موجود فيه أن يكون غيبة، وإذا ذكرته وهو غير موجود فيه لا يكون غيبة، هذا غير معقول.
فإن قال قائل: ماذا تقولون في الغِيبة أكبيرة هي أم من الصغائر؟
قلنا استمع إلى قول ابن عبد القوي -رحمه الله- قال:
" وقد قيل صغري غيبةٌ ونميمةٌ *** وكلتاهما كبرى على نص أحمدِ "
أُعيد البيت مرة ثانية :
" وقد قيل صغري غِيبةٌ ونميمةٌ *** وكلتاهما كُبرى على نص أحمدِ "
وأعيدها الثالثة :
" وقد قيل صغري غِيبةٌ ونميمةٌ *** وكلتاهما كُبرى على نص أحمدِ "
الطالب : " قد قيل صغرى وكبرى غيبة ونميمة " .
الشيخ : لا لا .
الطالب : قد قيل صغرى غيبة ونميمة
الشيخ : كيف أحد زي كدا !
الطالب : قد قيل صغرى غيبة !
الشيخ : ونميمة . لا لا تراجع الكتاب جزاك الله خير ، نعم ؟
الطالب : " وقد قيل صغري غِيبةٌ ونميمةٌ *** وكلتاهما كبرى على نص أحمدِ "
الشيخ : أحسنت بارك الله فيك .
والصواب أن الغيبة من كبائر الذنوب، وأن النميمة من كبائر الذنوب أما النميمة فجاء فيها : ( حديث لا يدخل الجنة قتات ) أي: نمام .
وأما الغيبة فيدل على أنها من كبائر الذنوب أن الله تعالى قال في كتابه: (( ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم )) .
هل أحد من الناس يقدَّم له أخوه ميتاً ليأكله ، هل يمكن أن يأكله ؟
لا لا يمكن ، وهذا يدل على أن هذا من أقبح الأعمال ، حتى قال بعض العلماء: إن معنى الآية أن هذا الذي اغتيب يقدم مَيتاً يوم القيامة ويجبر والعياذ بالله هذا الذي اغتابه على أن يأكله نسأل الله العافية، تعذيباً له، كما يكلف الذي يكذب في الرؤيا أن يعقد بين شعيرتين كل إنسان يقول: رأيت كذا وكذا وهو كاذب يوم القيامة يعطى شعيرتين يقال: اعقد بينهما هل يمكن يعقد بينهما ؟ لا يمكن ، والله أعلم ، عرفت ؟
أولاً: حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يلقي المسائل الخبرية بصيغة الاستفهام من أجل استرعاء الانتباه، يؤخذ من قوله الأخ ؟ وين وصلت ؟
الطالب : هنا .
الشيخ : لا وين سرحت علم بالحقيقة !
الطالب : ما سرحت .
الشيخ : شوف بارك الله فيك كعب بن مالك أخبر بالصدق فيما هو أعظم من هذا أين ذهبت ؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش ؟ طيب سعد .
الطالب : من قوله : ( أتدرون ) ؟
الشيخ : من قوله : ( أتدرون ) وهذا من حسن التعليم أن يلقي الإنسان الكلام على وجه يسترعي الانتباه.
ومن فوائد هذا الحديث: حسن أدب الصحابة رضي الله عنهم حيث قالوا: الله ورسوله أعلم، وهذا واجب على كل من لا يعلم أن يقول: الله ورسوله أعلم، يجب وجوباً، لأنه لو اقتحم وأجاب بشيء لا يعلمه صار من القائلين على الله ما لا يعلم، ولهذا قال بعض العلماء: " من العلم أن يقول الإنسان: لا أعلم فيما لا يعلم ".
طيب ومن فوائد الحديث: جواز التشريك بالواو بين الله ورسوله فيما كان من أمور الشرع، بخلاف القدر، لأن الربوبية لا يملكها الإنسان في الواقع، ولذلك كان الناس باعتبار عبودية الربوبية كانوا كلهم سواء، الكافر والمؤمن باعتبار إيش؟ عبودية الربوبية التي نسميها: العبودية الكونية.
طيب أما الشرع فلا .
فإن قال قائل: هل تُعَدُّون ذلك إلى أن يقول الناس: الله والعالم الفلاني أعلم؟
الطالب : لا .
الشيخ : في الأمور الشرعية ؟
الطال : لا .
الشيخ : لا ، ليش؟ لأن هذا العالم ليس مشرعاً، الرسول عليه الصلاة والسلام يشرع ويقول عن الله ، والعالم ليس بمعصوم ، ولهذا لا يجوز إذا سألك سائل عن مسألة دينية أن تقول : الله والشيخ أعلم، ما يجوز، ليش يا جماعة؟
لأن الشيخ غير مشرع بخلاف الرسول صلى الله عليه وسلم.
طيب فإن قال قائل: وهل نقول: مثل هذه العبارة بعد موت الرسول؟
الطالب : في الأمور الشرعية نعم .
الشيخ : نقول: ما دام الأمر شرعي فالله ورسوله ولو كان ميتاً صلى الله عليه وسلم أعلم منا بلا شك، وإن كان الآن لا يمكن أن نعرف ما عند الرسول لكن هو أعلم منا بشريعة الله بلا شك.
ومن فوائد هذا الحديث: مراعاة الاختصار في الكلام ، العقيلي يبين لنا من أين ؟
الطالب : قوله : ذكرك أخاك .
الشيخ : حيث حذف المبتدأ اختصاراً ، لأن الاختصار أقرب إلى الحفظ ، والجمل المختصرة التي تأتيك جمل مختصرة لكن تشتمل على معاني كثيرة يكون لها رونق في النفس وبقاء في النفس أيضاً.
ومن فوائد هذا الحديث: الاستعطاف، يعني: استعمال الاستعطاف في الكلام لقوله: ( أخاك ) ، لأنك إذا شعرت بأنه أخاك فلن تغتابه، فهذه من الأساليب الاستعطافية ، انظر إلى قوله تبارك وتعالى : (( والنجم إذا هوى* ما ضلَّ )) إيش؟ (( صاحبكم )) ، الذي تعرفونه .
وقال تعالى: (( وما صاحبكم بمجنون )) : فهذه من الأساليب التي تستعطف المخاطب حتى يستقيم.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز غيبة الكافر لقوله: ( ذكرك أخاك ) ، لكننا إذا قلنا بهذا صار معارضاً لما قررناه في الحديث الأول : ( وجعلته -أي الظلم- بينكم محرماً فلا تظالموا ) ، نقول : لا شك أن غِيبة الكافر ليست كغيبة المسلم وحرمة الكافر ليست كحرمة المسلم، لكن متى كانت غيبته ظلماً فهو داخل في الأول، ووجه ذلك : أن دلالة الحديث الأول بالمنطوق ودلالة هذا بالمفهوم، والمعروف عند العلماء في أصول الفقه أن دلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم.
طيب من فوائد هذا الحديث: أن الغِيبة أن تذكر أخاك بما يكره ولو كان غيره لا يكرهه، إذا كان هذا الرجل بالذات يكره هذا الوصف الذي تصفه به، وغيره لا يبالي، فهل نعتبر العرف العام أو الخاص؟
الطالب : الخاص .
الشيخ : أجيبوا يا جماعة ؟
الطالب : الخاص .
الشيخ : الخاص ، ما دام الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( ذكرك أخاك بما يكره ) نعم .
بعض الناس يزعل إذا قيل له : والله أنت شايب كبير السن ، يزعل لكن هو في الحقيقة شايب وهذا الواقع ، هو ليش يزعل ما دام أنه يزعل لا تقوله . بعض الناس يقول : العجوز يصف بها الرجل ، أليس هكذا موجود يقول : عجوز أبي عجوز ، أنا أقول أبي عجوز تناقض هذا ، قل: أمي عجوزة ، وأبي شيخ : (( وأبونا شيخٌ كبيرٌ )) (( ياويلتي ءألد وأنا عجوزٌ )) إيش الذي جاب العجوز للرجال الآن ؟!
لكن إذا كان يكره أن تقول له: عجوز ما تقول عجوز حتى لو كان الناس متعارفين بينهم بإطلاق العجوز على الشيخ وهو يكره لا تغتابه بهذا.
طيب ( ذكرك أخاك بما يكره ).
إن قال قائل: نجد في علماء الحديث من يسمى الأعرج والأعمش والأحول وما أشبه ذلك وهذه يكرهونها أو لا؟
الطالب : يكرهونها.
الشيخ : نقول: الجواب عن هذا : أن هذا من باب التعريف الذي لا تمكن معرفة المذكور إلا به ، فإذا كان من باب التعريف الذي لا يمكن معرفة المذكور إلا به صار هذه المصلحة راجحة على مفسدة الغيبة على أن الذي يقول ذلك لا يقصد عيبه، وإنما يقصد إيش؟ التعريف به والنية لها آثر في هذا.
ومن فوائد هذا الحديث: سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم للمناقشة، من أين تؤخذ ؟
الصحابة لما قال: ( ذكرك أخاك بما يكره ) أوردوا عليه قالوا : ( أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ ) ، وهذا من خُلق النبي عليه الصلاة والسلام أنه يتحمل المناقشة ، لأن المناقشة في الحقيقة تزول بها إشكالات كثيرة ، نعم ، لكن إذا علمتَ أن المناقش متعنت فهل تستمر معه ؟
تبدى معه كما يقولون : " من جرف العدانة " ، لا ، إذا عرفت أنه متعنت فامنعه، لأن الله قال للرسول عليه الصلاة والسلام في الذين يستفتونه من أهل الكتاب متعنتين قال: (( فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم )).
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أن الغيبة محرمة ولو كان في المغتاب ، وأريد اسم المفعول ما يذكره المغتاب وأريد اسم الفاعل، الكلام واضح؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ليش؟ لأن كلمة المغتاب !
الطالب : لكليهما.
الشيخ : تصلح لهذا ولهذا ، فلابد من أن تبين ، مثل المختار إيش؟
تصلح لهذا وهذا، كيف نقدر المغتاب إذا كان اسم فاعل؟ نقول: المغتيب، صح ، صحيح ؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : صحيح ، والمختار إذا كانت اسم فاعل: المختير، ونقول في المغتاب إذا كان اسم مفعول : المغتيَب، وفي المختار: المختيَر، هذا هو الأصل، لكن اللغة العربية تأبى عليك هذا تقول: إذا تحركت الياء وانفتح ما قبلها إيش يا عماد؟ فاقلبها ألفًا ، المختيِر قل إيش؟
الطالب : المختار .
الشيخ : المختار، المختير قل : المختار، طيب.
أقول: إذا كان في المغتاب اسم مفعول ، ما قاله المغتاب اسم فاعل فهل تكون غيبة؟
نعم تكون غيبة، وإذا لم يكن فيه ما يقوله؟
الطالب : بهتان.
الشيخ : فمن فوائد الحديث أن هذا يجمع بين الغيبة والبهتان.
ومن فوائد الحديث: أن أوصاف الذم إذا تعددت فإن الإنسان يُعاقب عليها جميعها ولا تتداخل لقوله: ( فقد بهته ) ولو تداخلت لاكتفى بعقوبة ذنب واحد، طيب.
ومن فوائد الحديث: التعبير بالأخص وطي ذكر الأعم، لقوله: ( فقد بهته ) ، وطُوي ذكر الأعم وهو الغيبة، لكن للعلم به ، لأنه ليس من المعقول أنك إذا ذكرت شخصاً بما يكرهه وهو موجود فيه أن يكون غيبة، وإذا ذكرته وهو غير موجود فيه لا يكون غيبة، هذا غير معقول.
فإن قال قائل: ماذا تقولون في الغِيبة أكبيرة هي أم من الصغائر؟
قلنا استمع إلى قول ابن عبد القوي -رحمه الله- قال:
" وقد قيل صغري غيبةٌ ونميمةٌ *** وكلتاهما كبرى على نص أحمدِ "
أُعيد البيت مرة ثانية :
" وقد قيل صغري غِيبةٌ ونميمةٌ *** وكلتاهما كُبرى على نص أحمدِ "
وأعيدها الثالثة :
" وقد قيل صغري غِيبةٌ ونميمةٌ *** وكلتاهما كُبرى على نص أحمدِ "
الطالب : " قد قيل صغرى وكبرى غيبة ونميمة " .
الشيخ : لا لا .
الطالب : قد قيل صغرى غيبة ونميمة
الشيخ : كيف أحد زي كدا !
الطالب : قد قيل صغرى غيبة !
الشيخ : ونميمة . لا لا تراجع الكتاب جزاك الله خير ، نعم ؟
الطالب : " وقد قيل صغري غِيبةٌ ونميمةٌ *** وكلتاهما كبرى على نص أحمدِ "
الشيخ : أحسنت بارك الله فيك .
والصواب أن الغيبة من كبائر الذنوب، وأن النميمة من كبائر الذنوب أما النميمة فجاء فيها : ( حديث لا يدخل الجنة قتات ) أي: نمام .
وأما الغيبة فيدل على أنها من كبائر الذنوب أن الله تعالى قال في كتابه: (( ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم )) .
هل أحد من الناس يقدَّم له أخوه ميتاً ليأكله ، هل يمكن أن يأكله ؟
لا لا يمكن ، وهذا يدل على أن هذا من أقبح الأعمال ، حتى قال بعض العلماء: إن معنى الآية أن هذا الذي اغتيب يقدم مَيتاً يوم القيامة ويجبر والعياذ بالله هذا الذي اغتابه على أن يأكله نسأل الله العافية، تعذيباً له، كما يكلف الذي يكذب في الرؤيا أن يعقد بين شعيرتين كل إنسان يقول: رأيت كذا وكذا وهو كاذب يوم القيامة يعطى شعيرتين يقال: اعقد بينهما هل يمكن يعقد بينهما ؟ لا يمكن ، والله أعلم ، عرفت ؟