وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والجلوس بالطرقات ) قالوا: يا رسول الله ما لنا بدٌ من مجالسنا نتحدث فيها، قال: ( فأما إذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه ) قالوا: وما حقه؟ قال: ( غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) متفقٌ عليه. حفظ
الشيخ : ثم قال " وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إياكم والجلوس على الطرقات ) "
إياكم والجلوس هذا من باب التحذير وقوله ( على الطرقات ) جمع طريق وهو أخص من الأسواق لأن الأسواق تشمل الطرق وغير الطرق أما الطرق فهي للأسواق المسلوكة وقوله ( الجلوس على الطرقات ) يشمل ما إذا كان جالسا وحده أو جالسا مع غيره فقالوا ( يا رسول الله ما لنا بدٌ من مجالسنا نتحدث فيها ) ما لنا بدٌ ما نافية ولنا بدٌ مبتدأ وخبر ولا نقول إنه خبر ما أو اسم ما لأن ما هنا لا تعمل لماذا لعدم الترتيب وما الحجازية لا تعمل إلا إذا تقدم اسمها على خبرها ومعنى ما لنا بد أي ما لنا مناص ولا مفر من الجلوس قالوا ذلك ليس اعتراضا على تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الجلوس على الطرقات ولكنه بيان للحاجة إلى الجلوس لعل النبي صلى الله عليه وسلم يعني يذكر حالا أخرى تهون ما أراد عليه الصلاة والسلام فلما فهم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لابد لهم منها قال ( فأما إذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه ) لم يقل فأما إذا أبيتم فقد عصيتم لأن الأمر الأول لإيش للإرشاد يعني التحذير الأول للإرشاد فإن أبيتم أي امتنعتم ( فأعطوا الطريق حقه ) وبهذا علم أن النبي صلى الله عليه وسلم حذّر من الجلوس على الطرقات خوفا من عدم إعطاء الطريق حقه ووجه النهي أن الإنسان إذا جلس على الطرقات فإنه يتعرض للفتنة قد تمر في الطريق امرأة حسناء فتتعلق نفسه بها قد يمر رجل معه حاجة لأهله يكره أن يطلع عليه أحد فيطلع عليه هذا الرجل قد يمر به أعرج أعمى أبكم أصم فيؤدي ذلك إلى السخرية به والاعتداء به المهم أن الجالس على الطريق معرض نفسه لأشياء كثيرة كذلك أيضا إذا جلس وحده فإنه عرضة لأن ينتهك عرضه لأن الناس سيقولون لماذا هو جالس هنا أهو جاسوس أم هو يترقب النساء أو ما أشبه ذلك لهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الجلوس على الطرقات
قال ( فأعطوا الطريق حقه ) قالوا " وما حقه يا رسول الله " قال ( غض البصر ) أن يغض الإنسان بصره عن المارة سواء كان رجلا أم امرأة صغيرا أم كبيرا معه حاجة أم لم يكن معه حاجة غض البصر ما كأنه مر بك لا تلتفت إليه لا تتبع بصرك خلافا لبعض الناس تجده إذا جلس في الطريق من أول ما يقبل الرجل وعينه به وهو ماشٍ معه حتى يخلّفه هذا أساء إلى المارة كل إنسان يرى أن شخصا إذا مر قد ركّز عينيه فيه فسوف يخجل وربما إذا أصيب بشيء قال هذا الرجل قد عانني لكن غض البصر أمر لابد منه
الثاني كف الأذى كف الأذى القولي والفعلي القولي بأن يعيره إذا مر والفعلي أن يمد رجله ليعثر بها أو يأخذ حصاة يضعها في طريقه أو ما أشبه ذلك أو إذا مرّ به وعليه مشلح مثلا جذب طرف مشلحه المهم الأذى يشمل إيش الأذى القولي والأذى الفعلي ومن ذلك أن يقول إذا مر عرفناك يا فلان معك اليوم كذا وكذا من الحاجات معك لحما معك خبزا معك كذا نعم هذا أيضا من الأذية القولية كف الأذى
( ورد السلام ) ولم يقل والسلام لأن الجالس يسلَّم عليه ولا يسلِّم فإذا مر بك أحد وسلم فمن حق الطريق أن ترد عليه السلام وقد سبق ذكر كيفية الرد مفصلا تفصيلا لا حاجة لإعادته طيب
فإن لم يسلم فهل من حق الطريق أن أسلم عليه لا من حق الطريق أن أنصحه وأقول سلم يا فلان فإذا مر بي ولم يسلم قلت سلم يا فلان قال السلام عليكم هل يجب عليّ الرد أو لي أن أعزره بترك الرد لا نقول رد وحينئذ تكون تألفته إيش في الرد ورد السلام
( والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) وهذا من أهم حق الطريق الأمر بالمعروف إذا رأيت مارا متجاوزا للمسجد مره يا أخي ادخل المسجد صل ولكن أنت جالس على الطريق تنتظر الإقامة مثلا والإنسان لا حرج أن يجلس ينتظر الإقامة إذا لم يكن في ذلك مفسدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالسعي إلى الصلاة متى إذا سمع الإقامة فهذا إنسان مثلا جالس على الطريق ينتظر الإقامة فمر به رجل وذهب عن المسجد وهو يعرف أن هذا الرجل لم يصل فتقول له يا فلان ادخل ومن الأمر بالمعروف ما سبقت الإشارة إليه أن تأمره بالسلام إذا لم يسلّم والنهي عن المنكر والنهي عن المنكر مثل أن يمر إنسان في الطريق وقد أسبل ثوبه فهذا منكر من حقه عليك ومن حق الطريق عليك أن تنكر عليه لكن هل أصرخ في وجهه يا مسبل لن ينظر الله إليك الجواب لا، أقوم معه وأتكلم برفق وأقول هذا حرام عليك وكما قال أمير المؤمنين رضي الله عنه عمر بن الخطاب حين رأى شابا من الأنصار قد جرّ ثوبه قال " يا ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأبقى لثوبك " طيب هذه كم من حق غض البصر كف الأذى رد السلام الأمر بالمعروف النهي عن المنكر هذه كلها من الحقوق الواجبة هناك حقوق أخرى لكنها على سبيل التطوع إعانة المستعين، المستعين بقوله أو بحاله رجل عرضت مثلا سيارته وقفت مرت بالطريق ... يحتاج إلى إيش يحتاج إلى مساعدة إما اشتراك تعطيه اشتراك من سيارتك وإما دفع هذا أيضا من حقه لكن هذا ليس خاصا بالطريق سواء في الطريق أو غيره إعانة المستعين بمقاله أو بحاله هذه من الأمور المطلوبة وهي من حق المسلم على المسلم
طيب هداية الأعمى من حق الطريق نعم هنالك رجل أعمى أتى وتجده يتلمس لا يهتدي للطريق فمن حقه أن تهديه إلى الطريق وأنت في ذلك مأجور المهم له يعني حقوق كثيرة وكأن الرسول عليه الصلاة والسلام اقتصر على هذا لأن هذه أمور واجبة
ما وجه كون هذا الحديث داخلا في مكارم الأخلاق مع أن فيه التحذير ( إياكم والجلوس ) الجواب إذا قام الإنسان بهذه الحقوق فهو من أجل من مكارم الأخلاق
فإن قال قائل الأفضل لي أن أبقى في بيتي أو أن أجلس في السوق قلنا إذا كان يمكنك البقاء في البيت فهو أفضل لأن الصحابة رضي الله عنهم إنما أذن لهم حين قالوا هاه " ما لنا بد من مجالسنا " أما من كان لا يبالي جلس في السوق أو في بيته فبيته أفضل ... لهمته لأنه ربما يجلس في الطريق ولا يتحصن ربما يتهاون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ربما لا يغض البصر تمر به امرأة جميلة شابة ما يمسك نفسه فبيته أسلم لكن إذا كان لابد فلابد من إعطاء الطريق حقه طيب وإذا جلس في الطريق هل له أن يأكل ويشرب في الطريق
الطالب : حسب العادة
الشيخ : أجيبوا يا جماعة هذا حسب العرف حسب العرف العرف الآن للإنسان أن يأكل ويشرب تجدهم على عتبات الدكاكين جالسين يشربون الشاي وربما يكون معه ما يؤكل من بسكوت أو شابورة أو ما أشبه ذلك هذا لا بأس به نعم