وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خيرٌ، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل لو أني فعلت (كذا) كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان ) أخرجه مسلمٌ. حفظ
الشيخ : وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) المؤمن القوي في إيش في إيمانه وإنما اخترنا ذلك لئلا يقول قائل المؤمن القوي في بدنه وليس كذلك المؤمن القوي في إيمانه لأن الوصف يعود على ما سبق وما سبق اسم مشتق وهو المؤمن لو قال الرجل القوي لربما نقول إن المراد قوي في جسمه كما أنه يمكن أن نقول قوي في رجولته لكن إذا قال المؤمن فهو وصف فيكون الوصف الذي وصف به هذا الوصف عائدا عليه يعني المؤمن القوي في إيمانه
القوي في إيمانه أي في إيمانه في قلبه وكلما قوي الإيمان في القلب كثرت الأعمال الصالحة لأن الإيمان يحمل صاحبه على الهدى
( خير وأحب إلى الله ) خير من المؤمن الضعيف وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف فذكر في المؤمن القوي خصلتين عظيمتين الأولى أنه خير من ضده والثاني أنه أحب إلى الله عز وجل ( من المؤمن الضعيف ) في بدنه
الطالب : في إيمانه
الشيخ : في إيمانه الضعيف في إيمانه ولا شك أن الناس يختلفون في الإيمان قوة وضعفا
( وفي كل خير ) هذه الجملة احتراز فيها احتراز واحتراس لأنه لما قال ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) قد تهون قيمة المؤمن الضعيف عند الإنسان فقال ( وفي كل خير ) ولهذا نرى منها قوله تعالى (( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا )) فذكر هنا مفضلا ومفضلا عليه ربما يكون في النفوس أن المفضل عليه نازل المرتبة فقال بعد ذلك (( وكلا وعد الله الحسنى )) ومن ذلك قوله تعالى (( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين )) أتم (( ففهمناها سليمان )) أثنى على سليمان بأن الله فهمه الحكم الصحيح الموافق للصواب ثم قال (( وكلا آتينا حكما وعلما )) لأن هذه الاحتراز أو الاحتراس ضروري لأنه إذا قال فهمناها سليمان يعني وحجبناها عن داود فقد يكون في قلب الإنسان إيش تنقّص لداود عليه الصلاة والسلام فقال (( وكلا أتينا حكما وعلما )) هنا قال ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير ) لئلا يظن الظان أن المؤمن الضعيف لا قيمة له وقوله ( وفي كلٍ خير ) في كل من إيش في كل مؤمن، كل مؤمن ففيه الخير
( احرص على ما ينفعك ) احرص بكسر الراء وحرَص بفتح الراء وأظن فيها لغة لكنها قليلة حرِص لكن المشهور حرَص قال الله تعالى (( وما أكثر الناس ولو حرَصت بمؤمنين )) وقال تعالى (( إن تحرِص على هداهم )) فهنا فعل الأمر تبع المضارع وإلا تبع الماضي هل تبع الماضي أو المضارع
الطالب : المضارع
الشيخ : بحركة الراء
الطالب : المضارع
الشيخ : المضارع نعم لو تبع الماضي لقال احرَص وذلك لفائدة وضابط أن فعل الأمر فعل مضارع مجزوم حذف منه أداة الجزم وحرف المضارعة هذه القاعدة فعل الأمر فعل مجزوم فعل مضارع مجزوم حذف منه شيئان ماهو أداة الجزم وحرف المضارعة وهذا يفيدك فيما لو قلت صغ فعل أمر من نام ماذا تقول نَم وإلا نِم
الطالب : نَم
الشيخ : طيب طبقها على القاعدة تقول لم ينَم صح
الطالب : نعم
الشيخ : طيب احذف لم
الطالب : ينَم
الشيخ : حذفناها احذف الياء المضارعة تبقى نَم طيب كيف تصوغ فعل الأمر من خاف
الطالب : خف
الشيخ : خف لا
الطالب : ...
الشيخ : خف الله
الطالب : ...
الشيخ : خف الله يا رجل
الطالب : ...
الشيخ : خف
الطالب : خاف
الشيخ : ولا خاف إيه على القاعدة امشي على القاعدة تقول لم يخف الله احذف لم احذف الياء صارت خف طيب صغ فعل أمر من رأى
الطالب : رِ
الشيخ : رِ ري أحسن ري عشان الواحد يروى
الطالب : لا رأى
الشيخ : رَ رَ نعم ليش لأنك تقول لم يرَ احذف لم
الطالب : يرَ
الشيخ : احذف الياء رَ واضح طيب نعم صغ فعل أمر من وقى قِ لعل كل هذه ... خارج عن بنية الكلمة قِ ليش لأنك تقول في المضارع لم يقِ احذف لم وياء المضارعة تكون قِ هذا ضابط مفيد للإنسان لأنه أحيانا يقول الإنسان في فعل أمر من خاف خف خف يا فلان خف يا رجل نقول هذا غلط الصواب أن تقول خَف لأن فعل الأمر مضارع حذفت منه أداة الجزم وياء المضارعة طيب إذن نقول احرِص وإلا نقول احرَص لأن فعل الأمر مضارع
( على ما ينفعك ) ما ينفعك في أي شيء في الدين وفي الدنيا والأشياء ثلاثة نافع وضار وما لا نفع فيه ولا ضرر فما الذي يؤمر الإنسان بالحرص عليه هو النافع أما الضار فينهى عنه وأما ما لا نفع فيه ولا ضرر فلا يؤمر به وينظر ما نتيجته قد تكون خيرا وقد تكون شرا وقول النبي عليه الصلاة والسلام ( على ما ينفعك ) هذا نعم احرص على ما ينفعك هذا مما لك به قدرة الحرص ولكن هل تعتمد على نفسك لا ولهذا قال ( واستعن بالله ) واستعن بالله لا تعتمد على نفسك
" إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأكثر ما يجني عليه اجتهاده "
" إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأكثر ما يجني عليه اجتهاده "
استعن بالله مع الحرص فهنا الإنسان يبذل ماهو باستطاعته وهو الحرص ويفوض الأمر إلى الله فيما لا يستطيع وهو الاستعانة بالله
( ولا تعجز ) قوله ولا تعجز ليس المعنى ولا يكن فيك عجز لأن العجز ليس بقدرة الإنسان قد يمرض الإنسان ويعجز وقد يشق عليه الشيء ويعجز عنه لكن المراد لا تعجز أي لا تكسل فتفعل فعل العاجز لأن الإنسان إذا كسِل أو كسَل إيش تراخى عن الفعل وصار فعله فعل العاجز فأمر الرسول عليه الصلاة والسلام بثلاثة أمور الحرص والاستعانة وعدم الملل والكسل في قوله ( ولا تعجز ) طيب
( وإن أصابك شيء ) يعني بعد أن تبذل ما تستطيع بعد الحرص والاستعانة بالله والثبات على الأمر ( إن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ) شف الإنسان يؤمر بالشيء ثم بعد أن يؤمر بالشيء يكل الأمر إلى الله إذا فعلت ما يلزمك من الحرص على النافع والاستعانة بالله والثبات على الأمر ثم أخلفت الأمور فهل تلام لا تلام حينئذ فوّض الأمر إلى الله أما أن تفوّض الأمر إلى الله بدون أن تفعل الأسباب فهذا لا شك أنه خطأ افعل الأسباب كلها ثم إذا كانت الأمور على خلاف ما تريد فقل فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا لا تقل هكذا لأن الله لو أراد ذلك إيش لفعلت ولكن الله لم يرد ولا يمكن تغيير ما كان عما كان أي لا يمكن رفعه ولكن يمكن مداواته ( ولكن قل قدر الله وما شاء فعل ) تربية نفسية عظيمة ورضا بالقدر ما فوقه شيء قل قدر الله قدر تروى بوجهين الأول بتشديد الدال وفتح القاف ويكون المعنى قدّر الله أي قل قدّر الله ذلك وليس بإرادتك وما شاء فعل
الوجه الثاني وهو أولى قدَر الله قدَر الله أي هذا قدر الله هذا الذي وقع قدَر الله وليس باختياري وما شاء فعل ما شاء هذه جملة شرطية فإن ما هنا اسم شرط وفعل الشرط شاء وجواب الشرط فعل أي أيّ شيء يشاؤه الله فلابد أن يفعله هذا لا شك الحديث فيه حث على مكارم الأخلاق وفيه فوائد
أولا أن الإيمان يتفاوت الإيمان
الطالب : ...
الشيخ : كيف
الطالب : ( فإن لو تفتح عمل الشيطان )
الشيخ : نعم
الطالب : ( فإن لو تفتح عمل الشيطان )
الشيخ : طيب ( فإن لو تفتح عمل الشيطان ) أي فإن قول الإنسان لو في الأمر المقدر تفتح عمل الشيطان فماهو عمل الشيطان، عمل الشيطان ما يحدثه في قلب الإنسان من التلوم والندم والحسرة وهي لا تفيد لأن ما وقع لا يمكن رفعه