تتمة شرح حديث :( تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الدين النصيحة ) ثلاثاً، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) أخرجه مسلمٌ. حفظ
الشيخ : بمعرفة آياته الشرعية وآياته الكونية لكن عامة الناس وكل أحد يعرف أن يعرف الله بالنعم متى ذكرت الله ذكرت نعم الله أحببت الله ولهذا جاء في الأثر " أحبوا الله لما يغدوكم به من النعم " " أحبوا الله لما يغدوكم به من النعم " أنت الآن قد يسر الله لك الأكل والشرب واللباس والسكن والأهل والأمن كل هذه يعني يبذل الإنسان فيها الشيء الكثير ولا تحصل له لو أن الله منعه إياها فإذا كان الله قد منحك إياها فإنك إذا تفكرت تحب الله عز وجل لكن هناك محبة سببها أعظم وهي محبة الله تعالى لما يعرفه الإنسان من آياته الكونية وآياته الشرعية طيب
كذلك أيضا من النصح لله عز وجل أن تعظمه أن تعظمه لا تستهزئ ولا تسخر به ولا تنتهك حرماته وعلى هذا فتكون النصيحة لله تتضمن جميع أنواع العبادة لله عز وجل ومن النصيحة لله أيضا أن تؤمن بما له من الأسماء والصفات فإن ذلك من أعظم النصيحة لله لأن من لم يؤمن بذلك فهو بين أمرين إما مكذب وإما معتدي كل من لم يؤمن بما سمى الله نفسه به ووصفها به فهو بين أمرين إما مكذب وإما إيش وإما معتدي لا يمكن أن يخرج عن هذا إما مكذب فيقول مثلا ليس لله وجه وليس لله عين وليس لله يد وإما معتدٍ بصرف اللفظ عما أراد الله إلى ما لم يرد الله وهذا يكون معتديا من وجهين:
الوجه الأول صرف اللفظ عما أراد الله كالذي يلوي عنق البعير إلى جهة غير الاستقامة
والثاني إثبات ما لم يرد الله إثبات ما لم يرد الله لأن هؤلاء المعطلة الذين يقولون أراد الله باليد كذا أراد الله بالوجه كذا نقول لهم بكل سهولة ما دليلكم على أن الله أراد بهذا كذا وهل الله عز وجل عاجز على أن ينطق بما قلتم إنه مراده الجواب أبدا ليس بعاجز إذا كان ليس بعاجز وقد قال اليد والوجه كيف نقول إنه لا لم يرد اليد ولا الوجه ولهذا نقول كل من أنكر اسما من أسماء الله أو صفة من صفاته فإنه لا يخرج عن إحدى الدائرتين وهما التكذيب أو العدوان التكذيب يعني يقول ليس لله وجه ليس لله يد أو العدوان وذكرت لكم العدوان يكون بأمرين
الأول إيش صرف اللفظ نعم عما أراد الله
والثاني إثبات معنى لم يرده الله عز وجل طيب هذا أيضا من النصح لله عز وجل لكتابه النصح لكتاب الله أن تؤمن أنه كلام الله حقا حروفه ومعانيه هذا من النصح لكتاب الله لأن الإنسان إذا لم يعتقد هذه العقيدة صار كلام الله وكلام الناس على حد سواء لكن إذا اعتقد أنه كلام الله سبحانه وتعالى وأنه تكلم به لفظا ومعنى لا شك أنه سيكون في قلبه من تعظيم هذا الكتاب ما لم يكن لو لم يعتقد ذلك ولهذا نقول القائلون بأنه مخلوق لم يعظموا هذا القرآن أبدا جعلوه كسائر المخلوقات بل عطلوا الأمر والنهي لأنك إذا قلت أنه مخلوق صار معنى أقيموا الصلاة صار شيئا حروفا مخلوقة على هذا اللفظ على خط مستقيم إيش طولي ثم دائرة ثم ياء معقوفة ثم ميم مدورة ثم واو أيضا مقوسة إذا صار المخلوق ليس له معنى إطلاقا ولهذا قال علماء السنة من قال إن القرآن مخلوق فقد أبطل الأمر والنهي لأن لا تشركوا بالله مثلا لا تشركوا ماذا تكون إذا قلنا إنها مخلوقة صار المعنى أن الله خلق شيئا على هذه الصفة على هذه الصورة لا يدل على معنى لا يدل على معنى الآن مثلا نجد في النجوم ما يسمى بالقوس نجوم ... كأنها قوس لو أن إنسان قال هذه علامة استفهام هل أحد يطيعه على ذلك
الطالب : لا
الشيخ : هي في السماء تشاهدونها بعد العشاء على صورة استفهام هكذا لو قال قائل هذه استفهام من الله عز وجل يصح؟ لا يصح هذه المخلوقات خلقها الله على هذا الوجه كذلك إذا قلنا القرآن مخلوق صار معناه أنه أشكال خلقها الله على هذا الشكل إذن من النصيحة لكتاب الله أن يؤمن الإنسان بأنه إيش كلام الله حقيقة تكلم الله به حرفا ومعنى ومن النصيحة لكتاب الله التصديق بكل ما فيه من الأخبار سواء كان عن الله أو عن اليوم الآخر أو عن الأمور الماضية أو عن الأحوال المستقبلة كل خبر في القرآن فإن من النصيحة أن يؤمن الإنسان به وألا يتردد في قبوله حتى لو فرضنا أن العقل قد يستبعده فلا يجوز أن نحكم بالعقل على ما في كتاب الله يجب أن نؤمن وإن كان العقل إيش يستبعده طيب
من النصيحة لكتاب الله امتثال أوامر القرآن امتثال أوامر القرآن سواء كانت أدبية أم خلقية أم تعبدية يجب أن تمتثل أوامر القرآن على حسب ما يقتضيه النص لأن هذا من النصيحة لإيش لكتاب الله كم هذا
الطالب : اثنان
الشيخ : ثلاثة طيب الرابع الاجتناب لما نهى الله عنه لما نهى عنه القرآن أن تجتنب كل ما نهى عنه القرآن فمن لم يقم بذلك فإنه ليس بناصح للقرآن طيب
النصيحة للرسول عليه الصلاة والسلام والمراد بقوله رسوله فيما يظهر المراد العموم وإن كان يحتمل أن يكون المراد الخصوص لأن ظاهر قوله كتابه أنه القرآن فلنقل إنه الخصوص المراد به الخصوص فكيف النصيحة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؟
أولا تصديق أنه رسول من عند الله تصديقا جازما لا يعتريه شك هذه واحدة
ثانيا الإيمان بأنه بشر لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا يملك لغيره نفعا ولا ضرا فمن قال إنه يملك النفع والضر فإنه لم ينصح للرسول عليه الصلاة والسلام لأن الرسول قال ( ما أحب أن تنزلوني فوق منزلتي التي أنزلني الله ) فإذا غلوت فيه فما نصحت له لأنك فعلت ما لا يحبه
ومنها من النصيحة للرسول عليه الصلاة والسلام الإيمان بأنه عبد لله وكفى به شرفا أن يكون عبدا لله عز وجل فتؤمن بأنه عبد لا حق له في الربوبية إطلاقا وحينئذ يبطل تعلق الناس بالرسول عليه الصلاة والسلام في دفع ضرر أو جلب نفع نعم إلا ما كان قادرا عليه في حياته فهذا شيء آخر من النصيحة للرسول عليه الصلاة والسلام أن تؤمن بكل خبر أخبر به كل خبر أخبر به لابد نعم لا بد أن تؤمن به لتكون ناصحا له لكن هذا الحكم فيما علمنا أنه قاله لأن بيننا وبين الرسول واسطة قد يعزى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ما لم يقله ولهذا ليس الخبر الذي جاء في السنة كالخبر الذي جاء في القرآن ليش لأن الخبر الذي جاء في السنة يحتاج إلى النظر أولا في سنده هل صح أم لا؟ لكن إذا علمت علما يقينيا أو ظننت ظنا قويا أن الرسول قاله فإن من النصيحة له أن تصدقه وتؤمن بخبره عليه الصلاة والسلام حتى وإن استبعده عقلك لأنك لو أنكرت ما يستبعده عقلك لم تكن مؤمنا في الواقع بل متبعا لهواك
من النصيحة للرسول عليه الصلاة والسلام طاعته فيما أمر ألا تعصيه فيما أمر فإن ذلك من النصيحة له ولا يرد على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم أحيانا يعارضون الرسول عليه الصلاة والسلام لكن إذا انكشف لهم الأمر سلموا واستسلموا غاية الاستسلام
مثال ذلك لما أمرهم حين طاف وسعى في البيت في حجة الوداع أمر من لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة ناقشوه في ذلك ( وقالوا يا رسول الله قد سمينا الحج كيف نجعلها عمرة وقالوا يا رسول الله نحل الحل كله قال نعم قالوا يا رسول الله نأتي النساء قال نعم قالوا نذهب إلى منى وذكروا أحدا يقطر منيا ) إلى هذا الحد وهي كلمة قد يستحي منها كثير من الناس لكن كل هذا يريدون من الرسول إيش أن ينسخ ما أمرهم به لكنه حتى مع ذلك قال ( افعلوا ما آمركم به ) هل فعلوا أو لا؟ فعلوا فلا يعد هذا من ترك النصيحة للرسول عليه الصلاة والسلام لأن المراجعة في وقت التشريع جائزة إذ قد يختلف الشرع
ولهذا لما أمر النبي عليه الصلاة والسلام في تحريم لحوم الحمر أمر أن تكسر القدور لأنها حرمت الحمر وهي تفور على النار قد ذبحوها وقطعوا لحمها وجعلوها في القدور فحرمت وأمر أن تكسر القدور ( فقالوا يا رسول الله أو نغسلها فقال أو اغسلوها ) هنا الأمر الأول ايش نسخ بالأمر الثاني فالصحابة يراجعون الرسول صلوات الله وسلامه عليه لعل الأمر ينسخ ومثل ذلك أيضا تأخرهم عن الحلق في صلح الحديبية حيث تأخروا يرجون النسخ فلما خرج الرسول عليه الصلاة والسلام بمشورة أم سلمة رضي الله عنها إليهم ودعا بالحلاق وحلق رأسه جعلوا يقتتلون على حلق رؤوسهم رضي الله عنهم المهم أن من النصيحة للرسول إيش طاعته فيما أمر ولا يرد على ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم أحيانا يناقشونه لأنهم يناقشونه لا عصيانا ولكن يرجون إيش يرجون النسخ وقد وقع النسخ بعد مراجعتهم إياه كما في حديث تكسير القدور التي تفور بلحوم الحمر طيب
النصيحة للرسول عليه الصلاة والسلام من النصيحة له أن يجتنب الإنسان ما عنه نهى وزجر فإذا نهى عن شيء فليجتنبه حتى وإن هوته نفسه لأن الخير فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واعلم أن العاقبة ستكون حميدة إذا نصحت للرسول عليه الصلاة والسلام وقد أشار الله إلى النصح له ولرسوله في قوله (( ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج )) متى (( إذا نصحوا لله ولرسوله )) فلابد من النصح للرسول من النصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا الذب عن سنته لأن النبي صلى الله عليه وسلم له أعداء قال الله تعالى (( وكذلك جعلنا لكل نبيا عدوا )) من من (( من المجرمين )) فله أعداء فمن النصيحة له أن تذب عن سنته صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية والإقرارية وهذا أمر ظاهر فالسكوت عن الذب عن سنته هذا ليس من النصيحة له بل عليك أن تذب عن سنته صلوات الله وسلامه عليه في كل ما دعت الحاجة إلى ذلك
ومن النصيحة للرسول عليه الصلاة والسلام إعانته ومشاركته في الجهاد في سبيل الله كما وقع لمن للصحابة رضي الله عنهم فإنهم خرجوا مع الرسول وقاتلوا معه ولم ينخذل عنه إلا من كان منافقا كما في غزوة أحد وإلا فكلهم يخرجون معه والذين تخلفوا عنه عاتبهم الرسول عليه الصلاة والسلام أشد عتاب ككعب بن مالك وصاحبيه حتى تابوا إلى الله عز وجل فمحى الله عنهم ما جرى
والرابع لله ولكتابه ولرسوله والرابع لأئمة لأئمة المسلمين أئمة جمع إمام والمراد به كل من يقتدى به فيشمل الأمراء ويشمل العلماء ويشمل أئمة المساجد ويشمل مدراء المدارس وغيرهم لأن الأئمة جمع إمام والمراد ايش؟ كل من يؤتم به سواء إمامة كبرى أو صغرى إمامة دينية أو إمامة أميرية النصح لولاة الأمور أو لأئمة المسلمين أمر مهم وهو أهم من النصح لعامتهم ولكن كيف يكون ذلك لابد من سلوك الحكمة في النصيحة لهم فالعلماء لهم نصيحة خاصة والأمراء لهم نصيحة خاصة والطرق الموصلة إليهم تختلف أيضا باختلاف الأحوال فالنصيحة للعالم
أولا أن يحمل الإنسان ما أخطأ فيه على حسن النية بقدر الإمكان لأن العالم لابد أن يخطئ إلا أن يشاء الله كل إنسان معرّض للخطأ فتحمل خطيئته على إيش على أحسن المحامل متى وجدت لذلك مساغا
ثانيا أن تناقشه فيما ترى أنه أخطأ فيه لكن قد يكون المناقشة علنية وقد تكون سرية فيتبع الأصلح في ذلك فإن أشكل عليك فعليك بإيش بالسر السرية في الغالب أنفع وأجدى ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على ذلك وقد انتهى الوقت وجزاكم الله خيرا
الطالب : ...
الشيخ : شوف يا ... هذا الأخ فؤاد يقول ما هو الراجح في مسألة من لم يطعم الجائع فأقول أنا لن أشح عليكم فيما أراه صواب إذا كان ترجح عندي شيء أقول لكم الراجح كذا وإذا لم يترجح عندي شيء أقول القولين نعم ولست بأعلم من شيخ الإسلام ابن تيمية وما أكثر ما يقول في هذه قولان للعلماء واختلف العلماء في هذا على قولين وخذوا مني هذا هذه قاعدة إذا ذكرت قولين ولم أرجح فليس معنى ذلك أني أشح عليكم في الترجيح لكن قد يكون عندي تعارض في القولين أو لا يكون عندي تحرير للقولين ما بعد حررتها يعني جاءت عرضا فاستمعوا لهذا
الطالب : ...
الشيخ : ما يخالف إذا كان عندي واضح أقول الراجح
الطالب : ...
الشيخ : منكم رسالة سم الله
الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المصنف رحمه الله تعالى " عن أبي هريرة "
الشيخ : عن تميم تميم الداري ما كملناه
الطالب : " وعن تميم الداري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن هي يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) أخرجه مسلم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أكثر ما يدخل الجنة تقوى الله وحسن الخلق ) أخرجه الترمذي وصححه الحاكم "