تتمة شرح حديث :( تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الدين النصيحة ) ثلاثاً، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) أخرجه مسلمٌ. حفظ
الشيخ : النصيحة للأمراء نبدأ بها أولا النصيحة للأمراء
أولا أن تعتقد وجوب طاعتهم في غير معصية الله هذا من النصيحة لهم لأنك إذا لم تعتقد ذلك فلن تطيعه أن تعتقد وجوب طاعتهم في غير معصية الله ومن الذي أوجبها الله عز وجل في قوله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم ( اسمعوا وأطيعوا ) وفي مبايعة الصحابة له على ذلك كما في حديث عبادة بن صامت ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا ويسرنا وعسرنا وأثرة علينا ) هذه واحد
ثانيا أن تطيع أمره هذا من النصيحة لهم أن تطيع أوامرهم إلا في معصية الله طيب وإن عصوا إن عصو نطيعهم نعم نطيعهم وإن عصوا إلا في معصية الله يعني لو كانوا فساقا يشربون الخمر ويعاقرون النساء ويلعبون القمار يجب علينا طاعتهم حتى في هذه الحال لأنه يجب أن نطيعهم وإن عصوا لكن في المعصية لو يأمروننا بأدنى معصية ولو لم تكن كبيرة فإنه لا يجب علينا أن نطيعهم ولكن هل ننابذ أو أن نقول لا نستطيع أن نفعل ونقابلهم بهدوء لعلهم يرجعون الثاني وإلا الأول؟ الثاني يتعين يتعين لأن منابذتهم قد تؤدي إلى أن يركبوا رؤوسهم وأن يلزموك ويكرهوك على الشيء لكن إذا أتيت بهدوء ونصيحة وقلت والله ربنا وربك الله والله عز وجل نهى عن هذا والذي أوجب علينا طاعتكم هو الله عز وجل لكن في غير معصية و... فإن اهتدى فهذا المطلوب وإن لم يهتد وأجبر فأنت المعذور لأنك مكره طيب كم ذكرنا طاعتهم في غير معصية الله حتى وإن عصوا الله
الثالث من نصيحتهم ألا نثير الناس عليهم وإثارة الناس عليهم ليس معناها أن نقول يا أيها الناس ثوروا على أمرائكم هذه ما أحد يقولها لكن ذكر المساوئ وإخفاء المحاسن يوجب إثارة الناس لأن الإنسان بشر وإذا ذكر مساوئ شخص عنده دون ذكر المحاسن سوف يمتلئ قلبه بغضا له فهذا أيضا من نصيحتهم وقد جعله الرسول عليه الصلاة والسلام من الدين طيب
الأمر الرابع إبداء خطئهم فيما خالفوا فيه الشرع بمعنى ألا نسكت ولكن على وجه الحكمة والإخفاء ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام إذا رأى الإنسان من الأمير شيئا أن يمسك بيده ذكر النصيحة أن تمسك بيده وأن تكلمه فيما بينك وبينه لا أن تقوم في الناس وتنشر معايبه لأن هذا يحصل فيه فتنة عظيمة السكوت على الباطل لا شك أنه خطأ لكن الكلام في الباطل الذي يؤدي إلى ماهو أشد هذا خطأ أيضا فالطريق السليم الذي هو النصيحة وهو من دين الله عز وجل هو أن يأخذ الإنسان بيده ويكلمه سرا أو يكاتبه سرا فإن أمكن أن يوصله إياه فهذا المطلوب وإلا فهناك قنوات الإنسان البصير يعرف كيف يوصل هذه النصيحة إلى الأمير بالطريق المعروف كم هذه أربعة
الخامس احترامه الاحترام اللائق به وليس احترام ولي الأمر كاحترام عامة الناس ربما يأتيك فاسق من عامة الناس لا تبالي به ولا تلتفت إليه ولا تكلمه ولكن ولي الأمر على خلاف ذلك ولاسيما إذا كان أمام الناس لأنك إذا أظهرت أنك غير مبالٍ به فإن هذا ينقص إيش من قدره أمام الناس ونقصان قدر الأمير أمام الناس له سلبيات خطيرة جدا ولاسيما إذا كثرت البلبلة وكثر الكلام فإنه يؤدي إلى مفاسد عظيمة وكما يتبين لمن كان منكم متأملا أحوال الناس اليوم طيب
السادس من النصيحة له ألا نكذب عليه ونظهر له أن الأمور على ما ينبغي وهو خلاف الواقع بمعنى أن نبين له حقائق الأمور على ما هي عليه إن سيئة أو صالحة وذلك لأن بعض الناس والعياذ بالله يغش الأمير يذكر له أن الأشياء على ما يرام زعما منه أنه يريد إدخال السرور على الأمير وهذا غلط عظيم الواجب أن تذكر الأمور على ماهي عليه لأنه لا يمكن لإنسان يداوي جرحا حتى يعرف مادته ويستخرجها وإلا فكما قال الشاعر
" إذا ما الجرح رم على فساد *** تبين فيه إهمال الطبيب "
فليس من النصيحة أنك تقول أبي أدخل السرور عليه خله يفرح تقول ما شاء الله الأمور على ما ينبغي أمن تام ورخاء تام ونعمة تامة والشعب كله شبعان والشعب كله يشكر لك والأمر بخلاف هذا هذا ماهو صحيح ولهذا من أخطر الناس وأغش الناس أولئك الصحافيون الذين إذا سمعت الصحف الأجنبية في مدح رؤسائهم قلت هؤلاء من أحسن الرؤساء وهم من أسوأ الرؤساء لكن هؤلاء ليس عندهم نصح فالواجب في نصيحة ولي الأمر أن يبين له الحقيقة حتى يسير على منهج سليم
الطالب : ...
الشيخ : كم هذه لا اصبر يا عبدالعزيز كم هذه هذه ستة أمور لابد من أن يلاحظها الإنسان إذا كان ناصحا لولاة الأمور طيب
من النصح لولاة الأمور أيضا القيام بالوظائف التي تحت إمرته لأن وهذا هو السابع لأن بعض الناس يكون موظفا عند أمير وسواء كان أمير السلطان الأعلى أو من دونه ولكنه لا يقوم بالوظيفة على ما ينبغي إما بقصد سيء يظهر فشل من؟ الأمير وأن الأمير غير قادر على تدبير ما تحت يده أو بغير قصد سيء لكنه متهاون فهذا لم ينصح لأئمة المسلمين وعلى هذا يكون ناقصا في دينه إذن كل الذين يتهاونون في أداء الواجب في الوظائف يعتبرون غير ناصحين لأئمة المسلمين لأن النصح أن تعمل وكأنك أنت المسؤول الأول يعني لو أن الموظفين عملوا وكأن الواحد منهم هو المسؤول الأول لسارت الأمور على ما ينبغي لكن كثير من الموظفين ولا نقول أكثر الموظفين إنما يعني يستخدمون الوظائف من أجل الرغبات الخاصة ولذلك قلّ أن تجد الناصح هذه سبعة أمور كلها تدخل تحت قول الرسول لأئمة المسلمين طيب ربما يكون هناك أشياء تظهر بالتأمل لا تحضرني الآن
لكن نرجع الآن إلى الأئمة الآخرين ومن هم العلماء وما أدراك ما العلماء العلماء مصابيح الدجى ومنارات الهدى العلماء هم المسؤولون الأولون عن هذه الأمة لأنهم يحملون الشريعة شريعة النبي عليه الصلاة والسلام في صدورهم يؤدونها إلى الناس فعليهم مسؤولية الأمة وهم أشد الناس مسؤولية لأن الأمراء يتوجهون بتوجيه من؟ بتوجيه العلماء العامة يتوجهون بتوجيه العلماء فالنصيحة لهم من أوجب الواجبات وهي داخلة في النصيحة لكتاب الله ورسول الله النصيحة للعلماء:
أولا أن تسأل الله لهم التوفيق للصواب لأن العلماء إذا ضلوا أضلوا فينبغي أن تسأل الله دائما لعلماء المسلمين أن يوفقوا للصواب لأن هذا من الأمور الهامة وكذلك أيضا ألحقوا هذا بالنصح لولاة الأمور من الأمراء وهو الدعاء لهم بالتوفيق والسداد والحزم وأن يصلح الله لهم البطانة ويعيذهم من سوء البطانة
ثانيا من النصيحة للعلماء إذا أخطأ العالم وكل عالم معرّض للخطأ فالنصيحة حقيقة للعالم ولدين الله عز وجل أن تتصل بالعالم وتخاطبه مخاطبة الأخ لأخيه إن كان مساويا لك أو مخاطبة الابن لأبيه إن كان أعلى منك وتناقشه بأدب واحترام وهدوء فيما كان مخطئا فيه في ظنك حتى يتبين هل هو أخطأ أو لم يخطئ وعلى العالم ألا يستنكر من بيان الخطأ ممن دونه فكم من إنسان دون غيره وفّق للصواب ولم يوفّق من هو أعلى منه تناقشه في هدوء حتى يتبين له الحق ويرجع
ومن النصيحة للعلماء ألا تنشر أخطاءهم بين الناس مع العلم بأنهم قد يكون هم الذين على الصواب لكن بعض الناس إذا رأى خطأ في ظنه من عالم طار به فرحا طار به فرحا ونشره بين الأمة لأنه يحب أن يزل هذا العالم فيشمت به الناس والعياذ بالله وهذا والله ليس من النصيحة النصيحة إذا أخطأ العالم أن يوجه وكما قلنا في الفقرة التي قبلها بهدوء وإرادة الصواب ومن العجب أيضا أن بعض الناس والعياذ بالله من غشه للعلماء أنه إذا كتب الإنسان مقالا فيه حق وفيه خطأ فيه صواب وفيه خطأ يأخذ الخطأ ويترك الصواب وربما كان هذا الصواب الذي حذفه مقيدا إيش للخطأ فيكون هذا مثل الذي يقول (( فويل للمصلين )) أو يقول (( لا تقربوا الصلاة )) وهذه جناية والعياذ بالله وخيانة جناية وخيانة وليست من النصيحة لكن مع الأسف الشديد أن الحسد بين العلماء إيش أكثر منه في غيرهم نسأل الله السلامة مع أن الواجب أن العلماء يكونون يدا واحدة لأنهم يحملون الشريعة ثم إذا آتى الله أحدا فضلا فقد قال الله عز وجل (( ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن )) بعده (( واسألوا الله من فضله )) أنت إذا رأيت الله قد منّ على شخص بعلم ودين وجاه لا تحسده قل اللهم زده حتى ينفع الناس لأن الإنسان إذا كان له جاه صار نفعه للناس أكثر وانتفاع الناس به أكثر فقل اللهم زده وكما أعطيته فأعطني اسأل الله من فضله ولا تتمنى ما فضل الله به غيرك عليه هذا من النصيحة ما هذه المادة الثالثة إيش ألا ينشر أخطاء أخيه العالم بل يتصل به ويناقشه مناقشة هادئة باحترام يعتقد المساوي له أخا والأكبر أبا ويعظمه ويجلّه
رابعا من النصيحة للعلماء نشر ما يبثونه من العلم بشريعة الله وهذه مساعدة للعلماء يعني مثل عالم حضر عنده عشرون طالبا إذا نشر هؤلاء كل واحد منهم نشر علمه لعشرة كم يكونون يكون مئتين بالإضافة إلى العشرين وهذه لا شك أنها من النصح للعلماء أن تنشر علمهم وسواء أضفت هذا إليهم فقلت قال العالم الفلاني كذا أو لم تضفه لأن الذي يعطي الأجر من الله عز وجل وهو عالم سبحانه وتعالى بمن نشر هذا العلم فيجيبه سواء نسب إليه أم لم ينسب ولهذا لا ينبغي الإنسان مثلا أن يجزع إذا قال أحد بقوله ولم ينسبه إليه يقول الحمدلله أنت لا تريد أن تشتهر عند الناس ولا تريد رضا الناس ولا تريد ثواب الناس إنما تريد ثواب الله عز وجل فإذا نشر قولك سواء نسب إليك أو لا فهذه من نعمة الله عليك ومن بركة علمك هذه كم أربع مواد
خامسا من النصيحة للعلماء أنك إذا رأيت العالم فعل يعني ما يزدريه الناس به لأي سبب أن تنصحه تقول الناس انتقدوك في كذا حتى وإن لم يكن مسألة شرعية تقول انتقدوك في كذا لأنكم تعلمون أن العوام وصفوا بأنهم هوام يأكلون الناس من تحت ثوبه فأنت إذا رأيت مثلا من عالم من العلماء ما يُنتقد عليه وإن لم يكن على وجه شرعي تبين له والعالم له إن لم أقل يجب عليه أن يبين للناس ماهو عليه ( أن النبي صلى عليه الصلاة والسلام لما مرّ رجلان الأنصاريان به وهو معه صفية ) ماذا قال؟ ( قال إنها صفية ) لأن الناس قد يشمتون بالعالم لكونه مثلا فعل ما لا يعرفون لكنه سنة مثلا رأى إنسان شخص يمشي حافيا المشي عند الناس حافيا من أكبر العيوب من أكبر العيوب حتى إنه ربما تشوف الناس يقفون يشوفون وش هل اللي يمشي وما عليه نعال نعم هذا يبين أن من السنة أن يمشي الإنسان حافيا لأنه عليه الصلاة والسلام ( كان ينهى عن كثرة الارفاه ويأمر بالاحتفاء أحيانا ) هذه أيضا من النصيحة للعلماء أنك إذا رأيت الناس ينتقدونهم في شيء وإن لم يكن أمرا شرعيا أن تبين لهم
طيب هذا ما يحضرني الآن أما النصيحة للعامة فالنصيحة للعامة لا تتكلف كما يتكلف الإنسان في النصيحة للعلماء لأن العامي عامي ممكن تنكر عليه بدون أن تذكر الدليل وبدون مناقشة لأنه عامي لكن أحيانا العامي يطلب الدليل يطلب الدليل فمن النصيحة له أن إيش أن تبين له الدليل وأن تنزله منزلته قد يكون بعض العوام مثلا يعني من المستحسن أن تقابله ببشاشة ومزح نعم حتى يقبل وبعض العوام يقتضي خلاف ذلك المهم أنك أن تعامل العامي بما يجعله منقادا للحق مطمئنا به هذا الضابط في نصيحة العامي
هذا الحديث الحقيقة من أعظم الأحاديث وأعمها وأنفعها ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام ( الدين النصيحة ) لهؤلاء الخمسة نسأل الله أن يوفقنا لذلك