فوائد حديث :( يقول الله تعالى: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه ). حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث إثبات رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه لقوله ( يقول الله تعالى )
وإثبات رواية النبي عليه الصلاة والسلام عن ربه تحتاج أولا إلى صحة السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن من الأحاديث التي يدعى أنها قدسية أحاديث ضعيفة بل موضوعة بخلاف القرآن، القرآن محفوظ لا يستطيع أحد أن يزيد فيه أو ينقص منه لكن الأحاديث القدسية فيها الصحيح وفيها الحسن وفيها الضعيف وفيها الموضوع ويعلم ذلك من كتب السنة
ومن فوائد هذا الحديث فضيلة ذكر الله عز وجل وجه ذلك أن الله تعالى يكون مع الذاكر طال ذكره أم قصر لقوله ( ما ذكرني ) إن شئت أن تذكر الله دائما فالله تعالى يذكرك دائما ولهذا جاء في القرآن الكريم (( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون )) فأمر الله تعالى بذكر الله كثيرا عند ملاقاة العدو لأن هذا يستلزم أن يكون الله معك ومن كان الله معه فهو غالب، غالب ولابد ولهذا أمر بالثبات الذي هو نتيجة الصبر والله مع الصابرين وأمر بذكر الله والله تعالى مع الذاكرين فصار مقتضي المعية في هذه الآية كم شيئين الصبر الذي نتيجته الثبات والثاني ذكر الله عز وجل كلاهما يقتضي النصر وأن الله يكون مع المقاتلين
ومن فوائد هذا الحديث إثبات المعية الخاصة لأن قوله ( أنا مع عبدي ما ذكرني ) مفهومه إذا لم يحصل الذكر فإن الله ليس معه ولكن هذا في المعية الخاصة فالمعية الخاصة لها أسباب توجد بوجودها وتنتفي بانتفائها
ولهذا لو سأَلنا سائل هل المعية صفة ذاتية لازمة لله أو هي صفة فعلية توجد بوجود أسبابها نقول في هذا تفصيل أما المعية العامة وهي التي تقتضي العلم والإحاطة بالخلق سمعا وبصرا وسلطانا وتدبيرا وغير ذلك فهذه معية عامة أما الخاصة التي لها سبب نعم، أقول فهي معية عامة وصفة ذاتية وأما الخاصة بلا سبب فهي معية خاصة وصفة فعلية لأنها توجد بوجود أسبابها وتنتفي بانتفاء أسبابها
فإذا قال قائل كيف تصح المعية مع أن أهل السنة والجماعة يقولون إن الله تعالى فوق كل شيء فهو على العرش استوى فالجواب عن ذلك
أولا أن الله تعالى لا مثيل له في جميع صفاته فإذا قلنا إنه يتعذر أن يكون الإنسان في السطح وهو معك وأنت في الأسفل فإن ذلك في حق الله لا يتعذر لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته فيكون الله معك وهو عالٍ فوق كل شيء ولا يلزم من ناحيته أن يكون مصاحبا لك في المكان بل هذا متعذر غاية التعذر
ثانيا أن الله سبحانه وتعالى أثبت لنفسه أنه مع الخلق وأثبت لنفسه أنه فوق كل شيء ولا منافاة بينهما فيجب أن نثبت لله ما أثبته لنفسه وننفي ما نفاه عن نفسه نثبت له العلو المطلق ونثبت له المعية ونقول إن الله ليس كمثله شيء ولهذا قال شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية " وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وهو قريب في علوه عليّ في دنوه " فالله تعالى ليس كمثله شيء حتى نقول إن حقيقة المعية تنافي حقيقة العلو
الوجه الثالث أنه لا منافاة بين العلو والمعية حتى في حق المخلوق وقد ضرب شيخ الإسلام رحمه الله مثلا لذلك في العقيدة الواسطية وهي من أبرك كتب العقائد قال القمر آية من آيات الله مخلوق من مخلوقاته وأين موضعه
الطالب : في السماء
الشيخ : والناس يقولون هو معنا يقول المسافر ما زلت أسير والقمر معي حتى غاب وما أشبه ذلك فإذا كان هذا ممكنا في حق المخلوق أن يكون عاليا وأن يكون مع الإنسان حقيقة فذلك في حق الخالق من باب أولى وعلى هذا التقرير الذي ذكره الشيخ رحمه الله يطمئن الإنسان ويسلم من اعتراض أهل التعطيل الذين أولوا الصفات ثم احتجوا علينا بتأويل المعية نقول نحن لا نؤولها نقول هي حق على حقيقتها ولا منافاة بين كون الله معنا وهو في السماء أما أن نقول كما قالت الجهمية الحلولية إن الله في الأرض فهذا نرى أنه كفر وأن من قاله فهو مباح الدم ومباح المال لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين يعني إجماع سلف الأمة ومخالف للعقل وكيف يصح أن يكون الله عز وجل معنا في أمكنتنا أيزيد بزيادة الأمكنة وينقص بنقصها أيكون مع الإنسان في الحش والأماكن القذرة أيكون في بطون الكلاب والخنازير نسأل الله العافية هذا قول منكر من أعظم ما يكون وقد صرّح بعض السلف أن من قال ذلك فهو كافر وهذا هو الحق إلا أن يكون جاهلا لم يبلغ الحق فهذا قد يعذر بجهله لكن بعد أن يتبين له الحق فإن (( من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) على هذا القول لو ذهبت أنت الآن في المسجد أين الله على هذا القول؟ في المسجد خرجت في السوق في السوق في البيت في البيت في الغرفة في الغرفة في الحجرة أسفل في الحجرة في الحمام في الحمام على قولهم في كل مكان نسأل الله العافية من يقول هذا، هذا يلزم منه إما التعدد وإما التجزؤ إما أن يكون الله ملايين الملايين وإما أن يكون متجزئا بعضه هنا وبعضه هنا وبعضه هناك فعلى كل حال نحن نقول المعية الحقيقية لا تنافي إيش العلو وقد ذكرنا أوجه ثلاثة
أولا أن الله أثبت لنفسه هذا وهذا فالواجب إثباته والحمدلله نقول ليس كمثله شيء
ثانيا إيش أن الله لا مثيل له فلو قدّر أن العلو والمعية متناقضان في حق المخلوق فهما ممكنان في حق الخالق
الوجه الثالث أنه لا تناقض بينهما في الواقع فقد يكون الشيء عاليا وهو معك وكما ذكرنا لكم إن شيخ الإسلام رحمه الله قال إنه معنا حق على حقيقته ولا يحتاج إلى تحريف لكن يصان عن الظنون الكاذبة من الظنون الكاذبة ما ذهب إليه هؤلاء الجهمية الحلولية الذين يقولون إن الله معنا في إيش في أمكنتنا في كل مكان هذا ظن كاذب يصان الله عنه ويصان كلامه عن هذا المعنى
طيب إذن المعية تنقسم إلى قسمين عامة وخاصة العامة هي الشاملة لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم ومنها قول الله تبارك وتعالى (( ألم تعلم أن الله يعلم مافي السماوات والأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم )) من نجوى ثلاثة هذه نكرة في سياق النفي تفيد إيش العموم تفيد العموم أي أي نجوى أي متناجين ثلاثة إلا هو رابعهم (( ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا )) كل الخلق هذه معية عامة وقال تعالى (( هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم )) الخطاب للخلق كله لكن هذه تقتضي الإحاطة بالخلق علما وقدرة وسمعا وبصرا وسلطانا وغير ذلك من مقتضيات الربوبية ولا فيها نصر ولا تأييد
القسم الثاني خاص هذه الخاصة الحقيقة خاصة بوصف وخاصة بشخص خاصة بوصف وخاصة بإيش بشخص الخاصة بوصف مثل (( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )) من هم واحد وإلا اثنين كل من اتصف بالتقوى والإحسان فالله معه جعلني الله وإياكم منهم (( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )) (( واصبروا إن الله مع الصابرين )) والأمثلة على هذا كثيرة هذه خاصة بإيش بوصف خاصة بشخص وهي أخص من الأولى مثل قول الرسول عليه الصلاة والسلام لصاحبه (( لا تحزن إن الله معنا )) إن الله معنا هذه ماهي عامة لكل مؤمن خاصة بهذين الرجلين نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم والصديق أبو بكر رضي الله عنه هذه خاصة بإيش بشخص وكقوله تعالى لموسى وهارون (( لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى )) الخطاب لمن؟ لموسى وهارون إذن هو خاص بإيش خاص بشخص خاص بشخص ولا شك أن الإنسان إذا شعر أن الله معه فسوف ينشط على العمل ويقوى ويقدم حيث أمر بالإقدام ويحجم حيث أمر بالإحجام لنرجع إلى الحديث الذي معنا هل هو من خاصة الخاصة أو الخاصة غير الخاصة
الطالب : الخاصة غير الخاصة
الشيخ : الخاصة غير الخاصة لأنه يقول ( أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه ) فهو خاص لكنه ليس من خاص الخاص لأنه مقيد بوصف
ومن فوائد هذا الحديث أن معية الله للذاكر تكون إذا اتفق القلب واللسان لقوله ( وتحركت بي شفتاه ) تحركت بي شفتاه وليت المؤلف رحمه الله أتى بالحديث الذي هو أصح من هذا وهو أن الله قال ( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) لأن هذا فيه تفصيل
وفيه أيضا البشارة بأن الله عند ظن عبده به عند ظن عبده به ولكن لاحظ أن الظن لابد أن يكون له سبب إذا لم يكن سبب فالظن وهم وخيال يعني مثلا الإنسان ظن أن الله يغفر له بدون أسباب المغفرة ماهذا الظن وهم خيال لا محل له لكن إذا عمل صالحا فليظن بالله خيرا إذا دعا الله فليظن بالله خيرا لأن الله قال (( ادعوني أستجب لكم )) فالظن أو حسن الظن بالله لابد له من سبب يقتضيه أما بدون سبب والله إنسان يقول يبي يعمل عملا سيئا يقول والله أنا أحسن الظن بالله أن الله يغفر لي لابد أن فيه سبب لو أن إنسان أحسن الظن بالله أن الله سيرزقه ولدا قل يا فلان تزوج قال ما يحتاج أنا ظانن بالله خير أن الله يبي يرزقه ولد من أين يأتي الولد نعم وهم هذا كذلك الأمور المعنوية التي جعلها الله تعالى أسبابا لابد من وجودها ولذلك بعض الناس قد يعتمد ويغلب عليه الرجاء فيقول إن الله يقول أنا عند ظن عبدي بي نقول ما يخالف لكن افعل ما يكون سببا لحسن الظن فإذا فعلت السبب فلا تظن أن الله يخيبك ولهذا قال بعض السلف " ما ألهم عبد الدعاء إلا وفّق للإجابة " لأن الله يقول (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ))
وإثبات رواية النبي عليه الصلاة والسلام عن ربه تحتاج أولا إلى صحة السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن من الأحاديث التي يدعى أنها قدسية أحاديث ضعيفة بل موضوعة بخلاف القرآن، القرآن محفوظ لا يستطيع أحد أن يزيد فيه أو ينقص منه لكن الأحاديث القدسية فيها الصحيح وفيها الحسن وفيها الضعيف وفيها الموضوع ويعلم ذلك من كتب السنة
ومن فوائد هذا الحديث فضيلة ذكر الله عز وجل وجه ذلك أن الله تعالى يكون مع الذاكر طال ذكره أم قصر لقوله ( ما ذكرني ) إن شئت أن تذكر الله دائما فالله تعالى يذكرك دائما ولهذا جاء في القرآن الكريم (( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون )) فأمر الله تعالى بذكر الله كثيرا عند ملاقاة العدو لأن هذا يستلزم أن يكون الله معك ومن كان الله معه فهو غالب، غالب ولابد ولهذا أمر بالثبات الذي هو نتيجة الصبر والله مع الصابرين وأمر بذكر الله والله تعالى مع الذاكرين فصار مقتضي المعية في هذه الآية كم شيئين الصبر الذي نتيجته الثبات والثاني ذكر الله عز وجل كلاهما يقتضي النصر وأن الله يكون مع المقاتلين
ومن فوائد هذا الحديث إثبات المعية الخاصة لأن قوله ( أنا مع عبدي ما ذكرني ) مفهومه إذا لم يحصل الذكر فإن الله ليس معه ولكن هذا في المعية الخاصة فالمعية الخاصة لها أسباب توجد بوجودها وتنتفي بانتفائها
ولهذا لو سأَلنا سائل هل المعية صفة ذاتية لازمة لله أو هي صفة فعلية توجد بوجود أسبابها نقول في هذا تفصيل أما المعية العامة وهي التي تقتضي العلم والإحاطة بالخلق سمعا وبصرا وسلطانا وتدبيرا وغير ذلك فهذه معية عامة أما الخاصة التي لها سبب نعم، أقول فهي معية عامة وصفة ذاتية وأما الخاصة بلا سبب فهي معية خاصة وصفة فعلية لأنها توجد بوجود أسبابها وتنتفي بانتفاء أسبابها
فإذا قال قائل كيف تصح المعية مع أن أهل السنة والجماعة يقولون إن الله تعالى فوق كل شيء فهو على العرش استوى فالجواب عن ذلك
أولا أن الله تعالى لا مثيل له في جميع صفاته فإذا قلنا إنه يتعذر أن يكون الإنسان في السطح وهو معك وأنت في الأسفل فإن ذلك في حق الله لا يتعذر لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته فيكون الله معك وهو عالٍ فوق كل شيء ولا يلزم من ناحيته أن يكون مصاحبا لك في المكان بل هذا متعذر غاية التعذر
ثانيا أن الله سبحانه وتعالى أثبت لنفسه أنه مع الخلق وأثبت لنفسه أنه فوق كل شيء ولا منافاة بينهما فيجب أن نثبت لله ما أثبته لنفسه وننفي ما نفاه عن نفسه نثبت له العلو المطلق ونثبت له المعية ونقول إن الله ليس كمثله شيء ولهذا قال شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية " وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وهو قريب في علوه عليّ في دنوه " فالله تعالى ليس كمثله شيء حتى نقول إن حقيقة المعية تنافي حقيقة العلو
الوجه الثالث أنه لا منافاة بين العلو والمعية حتى في حق المخلوق وقد ضرب شيخ الإسلام رحمه الله مثلا لذلك في العقيدة الواسطية وهي من أبرك كتب العقائد قال القمر آية من آيات الله مخلوق من مخلوقاته وأين موضعه
الطالب : في السماء
الشيخ : والناس يقولون هو معنا يقول المسافر ما زلت أسير والقمر معي حتى غاب وما أشبه ذلك فإذا كان هذا ممكنا في حق المخلوق أن يكون عاليا وأن يكون مع الإنسان حقيقة فذلك في حق الخالق من باب أولى وعلى هذا التقرير الذي ذكره الشيخ رحمه الله يطمئن الإنسان ويسلم من اعتراض أهل التعطيل الذين أولوا الصفات ثم احتجوا علينا بتأويل المعية نقول نحن لا نؤولها نقول هي حق على حقيقتها ولا منافاة بين كون الله معنا وهو في السماء أما أن نقول كما قالت الجهمية الحلولية إن الله في الأرض فهذا نرى أنه كفر وأن من قاله فهو مباح الدم ومباح المال لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين يعني إجماع سلف الأمة ومخالف للعقل وكيف يصح أن يكون الله عز وجل معنا في أمكنتنا أيزيد بزيادة الأمكنة وينقص بنقصها أيكون مع الإنسان في الحش والأماكن القذرة أيكون في بطون الكلاب والخنازير نسأل الله العافية هذا قول منكر من أعظم ما يكون وقد صرّح بعض السلف أن من قال ذلك فهو كافر وهذا هو الحق إلا أن يكون جاهلا لم يبلغ الحق فهذا قد يعذر بجهله لكن بعد أن يتبين له الحق فإن (( من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) على هذا القول لو ذهبت أنت الآن في المسجد أين الله على هذا القول؟ في المسجد خرجت في السوق في السوق في البيت في البيت في الغرفة في الغرفة في الحجرة أسفل في الحجرة في الحمام في الحمام على قولهم في كل مكان نسأل الله العافية من يقول هذا، هذا يلزم منه إما التعدد وإما التجزؤ إما أن يكون الله ملايين الملايين وإما أن يكون متجزئا بعضه هنا وبعضه هنا وبعضه هناك فعلى كل حال نحن نقول المعية الحقيقية لا تنافي إيش العلو وقد ذكرنا أوجه ثلاثة
أولا أن الله أثبت لنفسه هذا وهذا فالواجب إثباته والحمدلله نقول ليس كمثله شيء
ثانيا إيش أن الله لا مثيل له فلو قدّر أن العلو والمعية متناقضان في حق المخلوق فهما ممكنان في حق الخالق
الوجه الثالث أنه لا تناقض بينهما في الواقع فقد يكون الشيء عاليا وهو معك وكما ذكرنا لكم إن شيخ الإسلام رحمه الله قال إنه معنا حق على حقيقته ولا يحتاج إلى تحريف لكن يصان عن الظنون الكاذبة من الظنون الكاذبة ما ذهب إليه هؤلاء الجهمية الحلولية الذين يقولون إن الله معنا في إيش في أمكنتنا في كل مكان هذا ظن كاذب يصان الله عنه ويصان كلامه عن هذا المعنى
طيب إذن المعية تنقسم إلى قسمين عامة وخاصة العامة هي الشاملة لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم ومنها قول الله تبارك وتعالى (( ألم تعلم أن الله يعلم مافي السماوات والأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم )) من نجوى ثلاثة هذه نكرة في سياق النفي تفيد إيش العموم تفيد العموم أي أي نجوى أي متناجين ثلاثة إلا هو رابعهم (( ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا )) كل الخلق هذه معية عامة وقال تعالى (( هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم )) الخطاب للخلق كله لكن هذه تقتضي الإحاطة بالخلق علما وقدرة وسمعا وبصرا وسلطانا وغير ذلك من مقتضيات الربوبية ولا فيها نصر ولا تأييد
القسم الثاني خاص هذه الخاصة الحقيقة خاصة بوصف وخاصة بشخص خاصة بوصف وخاصة بإيش بشخص الخاصة بوصف مثل (( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )) من هم واحد وإلا اثنين كل من اتصف بالتقوى والإحسان فالله معه جعلني الله وإياكم منهم (( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )) (( واصبروا إن الله مع الصابرين )) والأمثلة على هذا كثيرة هذه خاصة بإيش بوصف خاصة بشخص وهي أخص من الأولى مثل قول الرسول عليه الصلاة والسلام لصاحبه (( لا تحزن إن الله معنا )) إن الله معنا هذه ماهي عامة لكل مؤمن خاصة بهذين الرجلين نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم والصديق أبو بكر رضي الله عنه هذه خاصة بإيش بشخص وكقوله تعالى لموسى وهارون (( لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى )) الخطاب لمن؟ لموسى وهارون إذن هو خاص بإيش خاص بشخص خاص بشخص ولا شك أن الإنسان إذا شعر أن الله معه فسوف ينشط على العمل ويقوى ويقدم حيث أمر بالإقدام ويحجم حيث أمر بالإحجام لنرجع إلى الحديث الذي معنا هل هو من خاصة الخاصة أو الخاصة غير الخاصة
الطالب : الخاصة غير الخاصة
الشيخ : الخاصة غير الخاصة لأنه يقول ( أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه ) فهو خاص لكنه ليس من خاص الخاص لأنه مقيد بوصف
ومن فوائد هذا الحديث أن معية الله للذاكر تكون إذا اتفق القلب واللسان لقوله ( وتحركت بي شفتاه ) تحركت بي شفتاه وليت المؤلف رحمه الله أتى بالحديث الذي هو أصح من هذا وهو أن الله قال ( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) لأن هذا فيه تفصيل
وفيه أيضا البشارة بأن الله عند ظن عبده به عند ظن عبده به ولكن لاحظ أن الظن لابد أن يكون له سبب إذا لم يكن سبب فالظن وهم وخيال يعني مثلا الإنسان ظن أن الله يغفر له بدون أسباب المغفرة ماهذا الظن وهم خيال لا محل له لكن إذا عمل صالحا فليظن بالله خيرا إذا دعا الله فليظن بالله خيرا لأن الله قال (( ادعوني أستجب لكم )) فالظن أو حسن الظن بالله لابد له من سبب يقتضيه أما بدون سبب والله إنسان يقول يبي يعمل عملا سيئا يقول والله أنا أحسن الظن بالله أن الله يغفر لي لابد أن فيه سبب لو أن إنسان أحسن الظن بالله أن الله سيرزقه ولدا قل يا فلان تزوج قال ما يحتاج أنا ظانن بالله خير أن الله يبي يرزقه ولد من أين يأتي الولد نعم وهم هذا كذلك الأمور المعنوية التي جعلها الله تعالى أسبابا لابد من وجودها ولذلك بعض الناس قد يعتمد ويغلب عليه الرجاء فيقول إن الله يقول أنا عند ظن عبدي بي نقول ما يخالف لكن افعل ما يكون سببا لحسن الظن فإذا فعلت السبب فلا تظن أن الله يخيبك ولهذا قال بعض السلف " ما ألهم عبد الدعاء إلا وفّق للإجابة " لأن الله يقول (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ))