فوائد حديث :( لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب ). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث فوائد أولا
أنه منها أنه ينبغي أن يتوسل الإنسان في دعائه بهذه الصيغة وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى عليها وبيّن أنها الاسم الذي إذا سئل الله به أعطى وإذا دعي به أجاب
ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان قد يلهم ما يكون محبوبا إلى الله ورسوله لأن الظاهر أن هذا الإنسان الداعي قال ذلك من عند نفسه ويحتمل أن الرسول علمه إياه ثم سمعه من هذا الداعي لكن ظاهر الحديث الأول
ومنها تأييد من قال بالحق وإن كان دون المؤيد وجهه أن الرسول عليه الصلاة والسلام أيد هذا الرجل مع أنه دون الرسول عليه الصلاة والسلام
ومن فوائد هذا الحديث التوسل إلى الله عز وجل بكمال صفاته لأن كلما ذكر من كمال الصفات ولعلكم تذكرون أننا ذكرنا في عهد قريب أنواع التوسل طيب
ومن فوائد هذا الحديث انفراد الله تعالى بالألوهية والأحدية والصمدية لأنه قال ( أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد ) أما لا إله إلا أنت فواضح وأما الأحد الصمد فلأنهما معرّفان لأن المعنى أشهد أنك الأحد الصمد فهما من خصائص الرب عز وجل
ومن فوائد هذا الحديث إثبات كمال الله عز وجل أزلا وأبدا من قوله ( لم يلد ولم يولد ) ( لم يلد ولم يولد ) لم يلد نفي للولادة التي تتسلسل في المستقبل ولم يولد للتسلسل في الماضي أي أن الرب عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء وهو الآخر الذي ليس بعده شيء
ومن فوائد هذا الحديث إثبات الصفات التي تسمى الصفات السلبية أي المنفية من قوله ( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) واعلم أن الله تعالى موصوف بصفات نفي وصفات إيجاب وأيها أكثر
الطالب : الإيجاب
الشيخ : نعم الصفات الإيجابية أكثر لأنه كلما تعددت صفات الكمال ظهر من كمال الموصوف ما لم يكن معلوما من قبل أما صفات النفي فإنها جاءت مجملة غير مفصلة لأن التفصيل في صفات النفي عيب غير لائق والإجمال هو الكمال لو أنك أردت أن تعظّم أميرا من الأمراء فقلت إنك أمير لا يساويك أحد في الحزم والقوة والرأي والحكمة مثلا ماذا يكون هذا طيب لكن لو قلت إنك أمير ولست ببخيل ولا جبان ولا فرّاش ولا كساح نعم ولا منظف للأسواق إيش يقول يرى أنك عبته يرى أنك عبته ويأمر بتأديبك لأن هذا غير لائق ولهذا قال العلماء من الحكمة أن الله تعالى يذكر الصفات المنفية على سبيل الإجمال أن ذلك أبلغ في إيش في الكمال طيب لكن قد تذكر الصفات المنفية على وجه التفصيل لسبب إما لكون السامع قد يتوهمها وإما لكون هذه الصفة المنفية قد قيلت في الله عز وجل فمن الأول قوله تعالى (( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام )) إيش (( وما مسنا من لغوب )) هذا نفي لصفة خاصة لكنه نفي في محله لأن السامع قد يظن أن هذه المخلوقات العظيمة تعي الله عز وجل فنفى ذلك عنه ومثال نفي ما ادعاه المبطلون هذه الآية أو هذا الدعاء ( لم يلد ولم يولد ) فهذا نفي خاص لأنه ادعي في جانب الله عز وجل
ثم اعلم أن جميع الصفات المنفية ليس المراد بها مطلق النفي لماذا لأن مطلق النفي العدم والعدم ليس بشيء والله عز وجل يقول عن نفسه (( ولله المثل الأعلى )) أي الوصف الأكمل فإذا وصف بعدم فأين الكمال
وثانيا أن النفي المطلق نعم اعيد إذن إذا كان يمتنع أن يراد بالصفات المنفية مطلق النفي فما المراد المراد إثبات الكمال المراد إثبات الكمال فكأننا نقول (( وما مسنا من لغوب )) لكمال إيش
الطالب : قدرته
الشيخ : لا قوته لكمال قوته واضح (( وما ربك بغافل عما تعملون )) ايش؟ لكمال علمه وإحاطته ومراقبته وما أشبه ذلك هذا هو المراد إذن المراد بالصفات المنفية إثبات ضدها على وجه الكمال طيب ولو لم يقل ذلك لكان يحتمل أن يراد بالصفات المنفية القدح والعيب لأنه قد ينفى الشيء المعيب لعيب من نفي عنه ومنه قول الشاعر :
" قبيلة لا يغدرون بذمة *** ولا يظلمون الناس حبة خردل "
فمدحهم بالوفاء وعدم الاعتداء الوفاء اللي هي إيش لا يغدرون بذمة يعني لا يغدرون بالعهد وعدم الاعتداء " ولا يظلمون الناس حبة خردل " إذا سمعت هذا الكلام تقول أثنى عليهم وإلا عابهم نعم تقول أثنى عليهم ما شاء الله أوفياء عدلاء لكن الواقع أنه أراد ذمهم ويدل لهذا التفصيل في أول البيت قبيّلة وكذلك أيضا قول الحماس
" لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد *** ليسوا من الشر في شيء وإن هانا "
يعني ماهم بأهل شر حتى لو كان هيّن يعني وكثير من باب أولى
" يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة *** ومن إساءة أهل السوء إحسانا "
أي أنهم إذا ظلمهم أحد غفروا له وإذا أساء إليهم أحسنوا إليه صفة جميلة نعم إذا ظلموا غفروا وإذا أسيء إليهم أحسنوا أي إنسان يسمع هذا الكلام يقول إنه مدح لكنه في الواقع ذم بدليل ما قبله وما بعده
" لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد *** ليسوا من الشر في شيء "
ثم قال
" فليت لي بهم قوما إذا ركبوا *** شنوا الإغارة فرسانا ووحدانا "
يعني ليت الله يبدل بهم ناس شجعان يركبون الخيل ويشنون الغارات فتبين بهذا الآن أن نفي العيب قد يكون عيبا أليس كذلك طيب
كذلك نفي العيب قد يكون لعدم قابلية الشيء لذلك العيب ماهو لكماله لكن لعدم قابليته له ومنه أن تقول إن جدارنا لا يظلم من استظل به إن جدارنا لا يظلم من استظل به هذا نفي الاعتداء وإلا غير نفي
الطالب : غير نفي
الشيخ : ليش نعم لأنه غير قابل غير قابل للظلم أو العدل فلذلك لم يكن نفي الظلم في حقه إيش مدحا إذن يا إخوان الصفات المنفية لله عز وجل أو المنفية عن الله المراد بها إيش إثبات صفة كمال إثبات صفة كمال الكمال ما ندري ما هو لكن بضدها تتبين الأشياء إذا انتفى هذا الشيء فالضد هو الثابت لا يظلم ربك أحدا انتفى الظلم ما ضده العدل إذن هو عادل عدلا ليس فيه ظلم بوجه من الوجوه وعلى هذا فقيسوا طيب
من فوائد هذا الحديث أنه كلما قويت الوسيلة حصل المقصود لقوله ( إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب ) وهل هذا يشمل الأمور الشرعية والأمور القدرية الكونية
الطالب : لا
الشيخ : نعم كلما قويت الوسيلة حصل المقصود إلا أن يوجد مانع، مانع أقوى من ذلك فلا يحصل فمثلا لو قال قائل أرأيت لو كان هذا الداعي أرأيت لو دعا داعٍ بهذا الدعاء وهو يأكل الحرام ويتغذى به هل يدخل في الحديث أو لا نقول لا يدخل لأن الرسول صلى الله عليه وسلم استبعد أن يجاب لمن تغذى بالحرام فكان مطعمه ومشربه واضح وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن ينتبه لها أن الأسباب لا تؤثر في مسبباتها حتى تنتفي موانعها وهذه تريحكم في كثير من الإشكالات الأسباب لا تؤثر في مسبباتها حتى تنتفي موانعها وإن شئتم تقريب ذلك لكم ويكون على أذهانكم دائما فاذكروا أسباب المواريث وموانع المواريث أسباب الميراث قرابة ونكاح وولد إذا وجدت هذه الأسباب ثبت الإرث لكن قد توجد هذه الأسباب ولا إرث لوجود مانع ومنه اختلاف الدين فمثلا لو أن رجلا تزوج يهودية أو نصرانية وماتت عنه أو مات عنها هل يقع بينهما توارث لا مع أنها زوجة والله يقول (( لكم نصف ما ترك أزواجكم )) (( ولهن ربع ما تركتم )) ومع ذلك نقول لا توارث بينهما لوجود المانع وهو اختلاف الدين طيب على كل حال هذه قاعدة مفيدة لطالب العلم تنجلي بها إشكالات كثيرة فكل الأسباب التي جعلها الله تعالى أسبابا سواء أكانت قدرية أم شرعية لابد من انتفاء موانعها وإلا فلا تكون أسبابا نعم