تتمة شرح حديث:( أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: ( اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيءٍ قديرٌ ) متفقٌ عليه. حفظ
الشيخ : ( اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي ) اغفر لي جدي الجد هو ضد الهزل يعني ما يفعله الإنسان حقيقة والهزل ما يفعله هزلا ومزحا وما أشبه ذلك والإنسان تارة يكون قوله هزلا تارة يكون قوله جدا وتارة يكون فعله هزلا وتارة يكون فعله جدا لو أنك أشرت لشيء بعصا مثلا تريد أن تطيح شخصا تمزح صار هذا إيش هزلا ولو أنك ضربته صار جدا والإنسان يفعل هذا مرة وهذا مرة وقد يزل في هذا وهذا ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يغفر له الجد والهزل
( وخطئي وعمدي ) الخطأ والعمد هنا إيش هو الخطأ يعني ما أخطأ به الإنسان وهو كقوله تعالى (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) فإن قال قائل كيف يدعو الرسول عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى يغفر له خطأه مع ( أن الله تعالى قال (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا )) فقال الله قد فعلت ) فما الجواب قلنا الجواب عن هذا من وجهين
أولا قد يكون هذا الدعاء قبل نزول الآية يعني الآية كما تعلمون مدنية وقد يكون هذا من أجل أن الإنسان قد يفعل الخطأ مع تقصير في معرفة الصواب وهذا يقع كثيرا بمعنى أن الإنسان يتهاون ولا يحتاط ولا يعني يبحث بعمق عن معرفة الخطأ من الصواب فيكون بذلك مقصرا
( عمدي ) ما فعلته عن عمد وهنا نقول كيف نقول إن عمدي عن ما فعلته بعمد مع أننا فسرنا اغفر لي خطيئتي وجهلي بأن الخطيئة ما فعله عن عمد والجمع إما أن يقال إن باب الدعاء لا بأس أن تكرر فيه الكلمات بمعنى واحد وإما أن يقال الخطأ في الأول هو ترك الواجب وفي الثاني فعل المحرم الذي يخطئ به الإنسان كثيرا
( وكل ذلك عندي ) هذا إقرار واعتراف من العبد بأن كل هذه الأشياء التي سأل الله أن يغفرها له كلها عنده والإقرار بالذنب بالنسبة لله عز وجل هو دعاء الإقرار بالذنب بالنسبة لله دعاء يعني أنت إذا أقررت عند الله عز وجل فإنك إذا أقررت بذنبك فكأنك تبت كقوله صلى الله عليه وسلم في الدعاء الذي علمه أبا بكر رضي الله عنه قال ( قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ) هذا اعتراف بالذنب وحقيقته أنك تدعو الله عز وجل أن يعفو عنك ما ظلمت به نفسك
( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني ) اللهم اغفر لي ما قدمت أي مما يحتاج إلى مغفرة من تفريط في الواجب أو فعل محرم نعم وقد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بذلك على سبيل التذلل لله عز وجل وإلا فإنه عليه الصلاة والسلام لا يقر على إيش على محرم وما أكثر أي ما يأتي آخرا أي بعد قولي هذا لأن قول الإنسان محفوف بزمنين زمن سابق وزمن لاحق فما فعله بالزمن بالسابق فهو ما قدم وما يفعله في الزمن اللاحق فهو ما أخّر
( وما أسررت وما أعلنت ) أيضا ما يفعله الإنسان إما أن يفعله سرا وإما أن يفعله علنا ولا شك أن ما يفعله جهرا أشد عند الله تعالى مما فعله سرا وهذا باعتبار الذنوب والمعاصي فإن من أسر بالذنب ليس كمن أعلنه الثاني أشد وأقبح والعياذ بالله طيب وما أنت أعلم به مني هذه مع الأول مكررة لكن كما قلنا إن الدعاء لا بأس فيه من التكرار
( وما أنت أعلم به مني ) أي مما فعلت ( أنت المقدم وأنت المؤخر ) أنت المقدم للأشياء وأنت المؤخر للأشياء كمن شيء يتوقع الإنسان أن يقع ثم يتأخر وكم من شيء لا يتوقعه الإنسان ثم يأتي فالمقدم هو الله يقدّم ما شاء ويؤخر ما شاء مثلا يقدّم فوز إنسان ويؤخر فوز إنسان يقدّم حياة إنسان ويؤخر حياة إنسان ويقدم موت إنسان ويؤخر موت إنسان فالأمر كله بيده عز وجل
( وأنت على كل شيء قدير ) سبق لنا معناه أن الله تعالى على كل شيء قدير يفعله بلا عجز وأن هناك صفتين متقاربتين متشابهتين وهما القدرة والقوة فالله عز وجل على كل شيء قدير وضد القدرة
الطالب : العجز
الشيخ : وهو قوي على كل شيء وضد القوة الضعف وبيّنا شواهد ذلك من القرآن