وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة ، وقد شق بصره ، فأغمضه ، ثم قال : ( إن الروح إذا قبض اتبعه البصر ) فضج ناس من أهله ، فقال : ( لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ، فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون ) ثم قال : ( اللهم اغفر لأبي سلمة ، وارفع درجته في المهديين ، وافسح له في قبره ، ونور له فيه ، واخلفه في عقبه ) . رواه مسلم . حفظ
الشيخ : وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة ، وقد شق بصرُه ) وفي رواية ( وقد شق بصرَه ) والفاء مفتوحة على الروايتين.
( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة ) عندنا وقد شق لكن ضبطها عندنا في الشرح بالفتح على الروايتين ( وشق بصرَه أو بصرُه
فأغمضه ، ثم قال : ( إن الروح إذا قبض اتبعه البصر، فضج ناس من أهله ) إلى آخره دخل النبي عليه الصلاة والسلام على أبي سلمة وهو زوج أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها.
( وقد شقَّ بصرُه ) أو بصرَه شق يعني انفتح انفتاحًا واسعًا وصار لا ينظر إلا إلى جهة واحدة فهو كشخص البصر كما يقال : شخص بصره وإنما شق بصره ينظر إلى روحه روحه اللي في جسده تقبض بإذن الله وتخرج إذا خرجت، ويقال : إنها تخرج من الخياشيم إذا خرجت رآها الميت رآها فينظر إليها تعالى الله، وهذا دليل على أن الحياة تبقى في العين بعد خروج الروح يجي بالفوائد لما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قد شق بصره أغمض عينيه أغمضه ثم قال : ( إن الروح إذا قبض ) هنا ذكره ( الروح إذا قبض ) وكان ظاهر الأمر أن يقول : إذا قبضت ولكنه قال : ( إذا قبض ) ذكره باعتباره لفظه لأن الروح مذكر لفظا فذكره باعتبار لفظه ( اتبعه البصر ) أي بصر ؟ بصر الميت ( اتبعه ) يعني يتابعه ويشاهده ( فضج ناس من أهله ) ضجوا يعني بالصياح وخرجت منهم أصوات وقوله : ( من أهله ) يعني من أهل أبي سلمة لأنه لما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الروح إذا قبض ) علموا أنه قد توفي علموا أنه قد توفي فضجوا كعادة الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ) ( تؤمن على ما تقولون ) ( لا تدعوا على أنفسكم ) يحتمل أن المعنى لا تدعوا على الميت، لأن الميت من أنفسهم أو على أنفسكم أنتم كما هي عادتهم في الجاهلية إذا أصيبوا بمصائب يقولون : واثبوراه وانقطاع ظهراه وما أشبه ذلك أيهما أقرب ؟ الثاني أقرب الثاني هو الأقرب، لأن دعاءهم على الميت بعيد أو متعذر وقوله عليه الصلاة والسلام : ( لا تدعوا إلا بخير ) يعني ولا تدعوا بشر ها نعم بل إن لدينا ثلاثة أمور : خير وشر ولا خير ولا شر والرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( لا تدعوا إلا بخير ) ثم علل ذلك بقوله : ( فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون ) أي ملائكة هم ؟ الذين حضروا لقبض روح الميت أو الملائكة الموكلون بكتابة أعمال بني آدم أم هم ملائكة وكلهم الله عز وجل بحضور المحتضرين ليؤمنوا على دعاء أهليهم ؟ نعم أما الأول فبعيد لأن الملائكة الذين حضروا لقبض روح الميت مشغولون بماذا ؟ بما أمروا به وأما الثاني والثالث فكلاهما محتمل يحتمل أنهم الملائكة الذين هم حفاظ على أعمال بني آدم ويحتمل أنهم ملائكة آخرون وكلهم الله عز وجل بحضور الأموات وأيا كان فإن تأمين الملائكة على ما ندعو به سبب إيش ؟ لإجابة الدعوة سبب لإجابة الدعوة وقوله : ( فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون ) على ما تقولون على أنفسكم وللميت أو على أنفسكم فقط ؟ الظاهر العموم ولهذا ينبغي في مثل هذه الحال أن يدعى للميت ينبغي أن يدعى للميت : ( اللهم اغفر له اللهم تغمده بالرحمة ) كما سيأتي إن شاء الله أن الرسول دعا له نعم ( فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون ) ويقولون أيضًا من أحسن ما يقولون : ( اللهم أجرنا في مصيبتنا ) نعم ( وأخلف لنا خيرًا منها ) ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام الذي بالمؤمنين رؤوف رحيم وأشفق عليهم من آبائهم وأمهاتهم قال صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات العظيمة التي كل أحد يتمنى أنها له قال : ( اللهم اغفر لأبي سلمة ) اغفر له إيش ؟ ذنوبه ( اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين ) وارفع درجته في الجنة ( في المهديين ) أي : معهم ففي هنا للمصاحبة كقوله تعالى : (( وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين )) أي : معهم وقوله : ( وارفع درجته في المهديين ) أي : معهم ومن هم المهديون ؟ هم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ودليل ذلك قوله تعالى : (( اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين )) إذًا فالذين أنعمت عليهم مهديون ولا لا ؟ ... اهدنا صراطهم إذًا فهم مهديون إلى صراط مستقيم فيكون معنى ( ارفع درجته في المهديين ) في الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ثم قال : ( وافسح له في قبره ) افسح بمعنى وسع والقبر كما نعلم من الناحية الحسية ضيق لكنه قد يوسع للإنسان حتى يكون مد بصره حتى يكون مد بصره كيف يوسع وهو ضيق حسا ؟ نعم لأن أحوال الآخرة غير أحوال الدنيا إذا كان الإنسان وهو نائم أحيانًا يرى في المنام أنه في مكان واسع فسيح بستان وما أشبه ذلك، ولا لا وأحيانًا يرى أنه في مكان ضيق نعم يرى أنه في مكان ضيق في نفق أحيانًا يجد أنه في نفق يلا يطلع منو أليس كذلك ؟ نعم بلى لمن رأى نعم أو لمن قال إن هذا محتمل على كل حال ومع هذا فهو في غرفته التي لا تزيد ولا تنقص ولا لا وهو متغط في لحافه أيضًا، فإذا كانت هذه حال الروح في الدنيا فما بالك بحالها في الآخرة قال : ( وافسح له في قبره ) زيادة ( ونور له فيه ) القبر ظلمة من حيث الحس ولا لا ما فيه درايش أبدًا ظلمة مختومة على الإنسان اللهم اجعله لنا ولكم روضة من رياض الجنة، لكن يقول : ( ونور له فيه ) اجعل له فيه نورًا إذا كان القبر فسيحًا ونورًا تنسى الدنيا كلها نعم ( وافسح له في قبره ، ونور له فيه ) بعده ( واخلفه في عقبه ) أي : كن خليفته في عقبه أي : فيمن عقب من زوجة وولد لننظر هذه الدعوات العظيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم هل قبلت أم ردت نحن نعلم منها ما وقع وهو أن الله خلفه في عقبه أتدرون من كان خليفته في عقبه ؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خليفته في عقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أعظم خلافة أعظم خلافة أن يكون زوجته وأولاده تحت رعاية النبي صلى الله عليه وسلم نحن نقول : إن بقية الجمل الأربع إننا نرجو من الله عز وجل أنه استجاب دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم، لاسيما وأن الملائكة في مثل هذه الحال تؤمن على ما يقول، فاجتمع دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وتأمين الملائكة، والقرينة التي شاهدناها أو التي علمناها وهي أنه خلفه في عقبه فيكون كل هذا مما يؤيد أن الله استجاب دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل .