وعن أبي هريرة رضي الله عنه - في قصة المرأة التي كانت تقم المسجد ، فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم - فقالوا : ماتت . فقال : ( أفلا كنتم آذنتموني ؟ ) فكأنهم صغروا أمرها . فقال : ( دلوني على قبرها ) فدلوه ، فصلى عليها . متفق عليه ، وزاد مسلم ، ثم قال : ( إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها ، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم ) . حفظ
الشيخ : ثم قال : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة المرأة التي كانت تقم المسجد ( فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ماتت ، فقال : أفلا كنتم آذنتموني ؟ فكأنهم صغروا أمرها ، فقال : دلوني على قبرها فدلُوه ) " ولا فدلَوه ؟ فدلوه بالضم ولا يجوز الفتح ؟
الطالب : لا.
الشيخ : دلَوه يعني من التدلية لا من الدلالة طيب " ( فدلوه ، فصلى عليها ) . متفق عليه ، وزاد مسلم ، ثم قال : ( إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها ، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم ) " ( ينورها لهم بصلاتي عليهم ).
الحديث يقول : عن أبي هريرة في قصة المرأة التي كانت تقم المسجد، وقد اختلفت الأحاديث هل هي امرأة أو رجل ؟ ففي بعضها أنها امرأة وفي بعضها أنه رجل وفي بعضها أنها إنسان أنها إنسان كان إنسان يقم المسجد، والاختلاف في هذا قريب فمن أهل العلم من ذهب إلى تعدد القصة وقال : إنها قصة متعددة وأنه رجل يقم وامرأة تقم ولا مانع، ولكن هذا ضعيف وبضعفه اتحاد المخرج اتحاد المخرج وكون القصة سياقها يدل على الوحدة، قال رضي الله عنه في قصة المرأة التي كانت تقم المسجد ( فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ماتت ) قوله : ( في قصة المرأة ) جزم المؤلف هنا بأنها امرأة وهكذا جاء في رواية، وفي رواية رجل، وفي رواية إنسان فهذه ثلاثة ألفاظ في الحديث، فمنهم من قال : إن القصة متعددة، ومنهم من قال : إن القصة واحدة لكن الرواة اختلفوا في اسم هذا الرجل وهذا الاختلاف لا يعد اختلافًا ضارًّا في الحديث لأنه لا يخل بالمقصود منه، قال أهل العلم : والاضطراب في مثل ذلك لا يعد ضعفًا في الحديث لأن المقصود واللب ليس في تعيين الرجل أو ما أشبه ذلك، إنما المقصود واللب هو هذه القصة بقطع النظر عن القائل أو الفاعل، ونظير ذلك اختلاف العلماء أو اختلاف الرواة في حديث جابر في ثمن جمله، ونظيره أيضًا اختلافهم في قصة القلادة حديث فضالة بن عبيد التي اشتراها اثني عشر دينارًا أو أكثر أو أقل، كل هذا الخلاف يقول أهل العلم : إنه لا يوجب ضعف الحديث ولا الحكم عليه بالاضطراب، كذلك هنا الاختلاف في تعيين هذا الذي يقم المسجد لا يضر الكلام على أن هذا قصة واقعة حصلت على هذا الوجه، أما على من حصلت فالأمر في هذا بسيط لا يضر.
قال : ( تقم المسجد ) تقم أي : تنقيه من القمامة والقمامة هي الأذى كالعيدان والخرق وما أشبه ذلك.
وقوله : ( المسجد ) أل هنا الذهني، الذكري ؟ آه العهد الذكري الذهني كيف كان ذهنيًّا ؟ لأنه هو المفهوم عند الإطلاق، إذًا ما هو المسجد ؟ هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ( فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم ) وكأنه فقد هذه المرأة التي كانت تقم المسجد فسأل عنها أين هي ؟ ( فقالوا : ماتت فقال : أفلا كنتم آذنتموني ؟ ) أفلا الاستفهام هنا يحتمل أن يكون للتوبيخ والإنكار، لأنهم لم يخبروا النبي عليه الصلاة والسلام بها، ويحتمل أنه للتعظيم أي : تعظيم هذه المرأة وتكريمها، وقوله : أفلا الفاء هنا عاطفة والمعطوف عليه محذوف يقدر بما يناسب المقام، وقيل : إن المعطوف عليه هو ما سبق ولكن ها قد يمتنع هذا الوجه لماذا ؟ لأن النبي صلى الله علي وسلم لم يسبق له كلام على هذه الجملة بخلاف ما يوجد في القرآن مثل (( أفلم يسيروا )) (( أو لم يسيروا )) وما أشبه ذلك (( أثم إذا وقع أمنتم به )) نعم، وقوله إذًا نقول : إن الهمزة للاستفهام والفاء للعطف والمعطوف عليه محذوف ويقدر بما يناسب المقام، فكيف نقدر ؟ ويش نقول ؟ أغفلتم أو احتقرتم هذه فلم فلا كنتم آذنتموني وقوله : ( آذنتموني ) أي : أعلمتموني لأن الأذان بمعنى الإعلام، ومنه قوله تعالى : (( وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله )).
قال : ( فكأنهم صغروا أمرها ) يعني رأوا أمرها صغيرًا لا تحتاج إلى أن يخبر عنها النبي عليه الصلاة والسلام، وفي سياق آخر: ( أنه كانت في ليلة ظلماء فخافوا أن يشقوا على النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخبروه ) وعلى هذا فتكون العلة مركبة من إيش ؟ من شيئين أحدهما : أنهم رأوا أنها امرأة صغيرة ليست ذات أهمية بحيث يخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني : أنها كانت ظلمة فخافوا أن يكون في ذلك مشقة على النبي صلى الله عليه وسلم فتكون العلة إذًا مركبة من من شيئين : تصغير أمر المرأة وخوف المشقة على النبي صلى الله عليه وسلم نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : لا لا ما قالوا ... منهي عنه دفنوها في الليل يقول : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( دلوني على قبرها ) دلوني على قبرها وهذا أمر وهو واجب التنفيذ على الذين خوطبوا به لأنهم لو يعصون الرسول ويقولون لا صار الأمر عظيمًا، وهناك فرق بين من يواجه بالخطاب ومن لا يواجه فدلوه فدلوه ولا فدلَوه ؟ متى تكون فدلَوه ؟ ها إذا كانت معتلة بالألف صارت فدلَوه نعم أما إذا كان آخرها اللام فإنه يقال دلُوه، فهي إذًا ففعلها ماض على وزن فعل نعم أما دل فهي على وزن فعّل فعّل فهي رباعية، قال الله تعالى : (( فدلاهما بغرور )) ( فدلوه فصلى عليها ) متفق عليه، صلى عليها وهي في قبرها، متفق عليه زاد مسلم.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم وسلم : ( إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها ) ( إن هذه القبور ) القبور هذه بدل من اسم الإشارة، ومملوءة خبر وظلمة تمييز تمييز ويش ميز ؟ تميز نوع المملوء به مثل (( ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به )) ( ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم ) ( وإن الله ينورها ) أي : يجعل فيها نورًا ( بصلاتي عليهم ) أي : بدعائي لهم بدعائي لهم وليست الصلاة عليهم، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام إنما صلى على إيش ؟ على قبر واحد لا على القبور كلها فتحمل الصلاة هنا على الدعاء كما حملنا الصلاة على الأموات على الدعاء في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على من ؟ شهداء أحد في آخر حياته.
هذا الحديث قصته واضحة القصة الموجودة فيه واضحة امرأة كانت جزاها الله خيرًا تنظف المسجد وتزيل قماماته ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنها، فأخبروه أنها ماتت فكأنه بين علو شأنها أو وبخهم حين لم يعلموه بالموت بموتها، أما هم فلم يؤذنوا الرسول عليه الصلاة والسلام لأنهم صغروا شأنها وخافوا أيضًا من المشقة على النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الليلة كانت ظلماء ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أن يدلوه على قبرها، فدلوه فخرج فصلى عليها عليه الصلاة والسلام، وأخبر أن دعاء النبي عليه الصلاة والسلام لأهل هذه القبور سبب بإنارتها لهم .