تتمة شرح حديث: ( وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من رجل مسلم يموت ، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً ، لا يشركون بالله شيئاً ، إلا شفعهم الله فيه ) . رواه مسلم . حفظ
الشيخ : لفظًا زائد معنى يعني يزيد في المعنى وهو التوكيد نعم.
وقوله : ( رجل ) مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهروها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
و( مسلم ) صفة صفة له على لفظه ولا على محله ؟ على لفظه، ويجوز أن نقول : ( ما من رجل مسلم ) على المحل كما هي في قوله تعالى : (( اعبدوا الله ما لكم من إله غيره )) (( ما لكم من إله غيره )) على اللفظ وعلى المحل.
وقوله : ( يموت ) نعم هل هي صفة ولا خبر ؟ هو ما تم الكلام طيب إذا قلت : ما رجل يموت يتم الكلام ولا لا ؟ لكن عدم تمام الكلام من حيث المعنى لا يدل على أنه لم تتم أركان الجملة، ولننظر : ( فيقوم ) هذه معطوف على ( يموت ).
( على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم ) هذا الخبر لأنه ما يتم الكلام حتى أركان الجملة ما تتم إلا بقوله : ( إلا شفعهم ) وقوله : ( رجلًا ) تمييز لأي شيء ؟ لأربعون عدد، وقوله : ( إلا شفعهم ) شفعهم أي : قبل شفاعتهم فيه هذا المراد بالتشفيع يعني يقبل شفاعتهم، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : إنه لا يموت رجل مسلم فيقوم على جنازته أربعون رجلاً قد سلمت قلوبهم من الشرك فيدعون الله له إلا قبل الله شفاعتهم في هذا الرجل، فقوله : ( ما من رجل مسلم ) خرج به الكافر فالكافر لو يصلي عليه ألف رجل ما نفعته صلاتهم عليه، بل إنه لا يجوز أن يصلي أحد من المسلمين على الكفار لقوله الله تعالى : (( ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله )) الكافر لا يجوز للمسلم أن يصلي عليه.
وقوله : ( أربعون رجلاً لا يشركون بالله ) هل المراد بنفي الشرك هنا ما يتناول الأصغر والأكبر أو هو بالأكبر فقط ؟ نقول : ما يتناول الأصغر والأكبر لأن الذين قاموا عليه لو كانوا مشركين شركًا أكبر نعم ما صحت صلاتهم أصلًا، ولكن المراد أنهم لا يشركون شركًا أصغر ولا أكبر نعم، وما أعظم هذا الشرط لأننا لو طبقناه على كثير من الناس لوجدنا أنهم خالون من هذا الشرط، ما أكثر المرائين وما أكثر الذين يحلفون بغير الله عز وجل، وما أكثر الذين يتعلقون بأسباب لم يجعلها الله سببًا لا شرعًا ولا قدرًا إلى غير ذلك من أنواع الشرك الأصغر، فهذا لا بد أن يكون القائم على الجنازة خاليًا من الشرك صغيره وكبيره لأن من كان مشركًا لا يليق أن يكون شافعًا كيف يمكن أن يكون شافعًا وهو نفسه يحتاج إلى من يشفع له الشافع لا بد أن يكون خاليًا من الشوائب التي تحول بينه وبين الشفاعة.
وقوله : ( أربعون رجلاً ) هل هي على سبيل التحديد أو من باب المبالغة إيش الأصل ؟ الأصل التحديد، الأصل التحديد إلا إذا قامت قرائن تدل على أن المراد المبالغة فإنه يعمل بها، وبناء على ذلك فإنه يفهم من قوله : ( أربعون رجلاً ) أنه لو صلى عليه تسع وثلاثون فإن شفاعتهم غير مضمونة لكنها ليست ممنوعة، وفرق بين أن تكون مضمونة وبين أن تكون ممنوعة، ممكن أن يشفعهم الله فيه ولو كانوا دون الأربعين لكن الشيء المضمون هو أن يكونوا أربعين.
وقوله : ( أربعون رجلاً ) يفهم منه أنه لو صلى عليه عشرون رجلًا وعشرون امرأة ها؟ لم تحل الشفاعة، صح ؟ أو لا تؤمن الشفاعة ؟ فيقال : لا لأن الظاهر أن هذا القيد من باب الأغلب، لأن أغلب الذين يصلون على الجنائز رجال، فإذا جاء القيد موافقًا للأغلب لم يكن لمفهومه حكم، ثم إن كثيرًا من الأحكام الشرعية تعلق بوصف الرجولة سواء كانت جمع تكسير أو كانت مفردًا أو كانت جمعًا سالمًا ولا يعني ذلك أن النساء لا يدخلن في هذا إلا إذا وجد دليل يخرج النساء .