فوائد حديث : ( لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا ). حفظ
الشيخ : فيستفاد من هذا الحديث : أنه ينبغي مراعاة تحسين كفن الميت ومراعاة كثرة المصلين عليه ومراعاة إحسان الصلاة على الميت بأن يؤتى بها على الوجه الأكمل.
ويستفاد منه : النهي عن الدفن بالليل إلا عند الضرورة لقوله : ( إلا أن تضطروا ) ولكن هذا النهي كما قلت منصب على ما إذا كان هناك تقصير في تكفينه أو الصلاة عليه، وكذلك لو كان هناك تقصير في تغسيله بحيث لم يجدوا إلا ماء قليلا لا يحصل به الإنقاء فإننا نقول : انتظروا إلى الصباح، أما إذا لم يكن هناك سبب يقتضي التأجيل فقد ثبت أن أن الأموات يدفنون بالليل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مر علينا قصة المرأة التي كانت تقم المسجد فدفنوها في الليل ولم ينههم الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، والصحابة رضي الله عنهم دفنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلًا فإنه توفي يوم الاثنين ودفن ليلة الأربعاء، وكذلك دفن أبو بكر ليلًا وهذا دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم فهموا من النهي متى ؟ إذا كان هناك تقصير فيما يجب للميت إما بالتغسيل أو التكفين أو الصلاة، فإن لم يكن تقصير فلا حرج وكذلك أيضًا لو كان هناك خوف على الميت من أن يتشقق لو بقي إلى الصباح فإنه يدفن بسرعة، وكذلك لو كان عليه خوف لو دفن في النهار فإنه يدفن في الليل كما ذكر عن عثمان رضي الله عنه أنهم دفنوه ليلًا خفية خوفًا ممن ؟ من الخوارج الذين قتلوه أن ينبشوه ويمثلوا به فإن قلت : ظاهر هذا الحديث جواز الدفن في كل وقت إلا في الليل في حالة الإخلال فنقول : نعم هذا ظاهره، لكن هذا الظاهر مقيد بحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : ( ثلاث ساعات نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع - يعني قيد رمح - وحين يقوم قائم الظهيرة وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب ) هذه ثلاث ساعات ينهى عن الصلاة فيها وعن دفن الموتى، فمثلًا لو وصلنا بجنازة إلى المقبرة ووجدنا أن القبر لم يحفر وبقينا نحفر القبر حتى خرجت الشمس عند انتهاء حفر القبر فإنه لا يجوز أن يدفن الميت حتى ترتفع قيد رمح وذلك نحو ربع ساعة من طلوعها، وكذلك لو أتينا به في الضحى عند الزوال فإنه إذا بقي على الزوال نحو خمس دقائق فإننا لا ندفنه، وكذلك إذا ذهبنا به في العصر وتضيفت الشمس للغروب لم يبق عليها إلا مقدار رمح فإننا لا ندفنه حتى تغرب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك .