وعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية ) . رواه مسلم . حفظ
الشيخ : ثم قال : " وعن سليمان بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية ) . رواه مسلم " لا عندي بدون طيب قوله .
الطالب : ... .
الشيخ : للاحقون لا عندي بدون توكيد لاحقون طيب ننظر ( كان يعلمهم ) المعروف أن كان إذا كان خبرها مضارعًا فإنها تفيد الاستمرار غالبًا.
وقوله : ( يعلمهم إذا خرجوا أن يقولوا ) كلمة إذا خرجوا ليست متعلقة بـيعلمهم ولكنها متعلقة بـيقولوا كان يعلمهم أن يقولوا إذا خرجوا نعم ويحتمل أنها متعلقة بـيعلمهم، ويكون تعليم النبي صلى الله عليه وسلم إياهم حين يخرجون معه إلى المقبرة لكن الاحتمال الأول أقرب ( السلام عليكم أهل الديار ) السلام عليكم جملة خيرية والسلام بمعنى السلامة من كل الآفات ويدخل فيها السلامة من عذاب القبر.
وقوله : ( أهل الديار ) أهل منصوب على أنها منادى وحرف النداء محذوف أي : يا أهل الديار و( الديار ) الديار هي محل الإقامة ديار محل الإقامة فديار الناس في الحياة الدنيا هي القصور وديار أهل المقابر القبور، ولهذا قال : ( أهل الديار ) طيب وقوله : ( من المؤمنين والمسلمين ) هذه من بيانية بيان لأهل الديار وعطف المسلمين على المؤمنين يفيد التغاير، لأن هذا هو الأصل والفرق بينهم أن المؤمن أكمل حالًا من المسلم، لأن المؤمن استسلم لله تعالى ظاهرًا وباطنًا والمسلم استسلم ظاهرًا وقد يكون عنده تقصير في الباطن، ولهذا قال الله تعالى : (( قالت الأعراب آمنَّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمَّا يدخل الإيمان في قلوبكم )) ما دخل إلى الآن لكنه حري بالدخول، لأن لمّا تفيد قرب الوقوع تفيد النفي مع قرب الوقوع.
وقوله : ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) ( وإنا إن شاء الله ) إن للتوكيد وخبرها لاحقون، وجملة ( إن شاء الله ) معترضة بين اسم إن وخبرها.
وقوله : ( نسأل الله لنا ولكم العافية ) ( نسأل الله لنا ولكم العافية ) عافيتنا نحن أول ما يتبادر إلى الأذهان عند أكثر الناس أنها عافية للبدن من الأسقام، ولكنها في الواقع عافية البدن من الأسقام وكذلك القلب عافيته من الأمراض لأن مرض القلب يجب على الإنسان أن يسأل السلامة منه فهو أشد من مرض البدن العافية لهم بالنسبة لعافية قلوب الموتى غير واردة هنا لماذا ؟ لأنهم ماتوا فليس لهم عمل، لكن عافية الأبدان والأرواح واردة من أي شيء يعافون ؟ من العذاب يعافون من العذاب نرجع الآن إلى هذا الحديث إلى الحديث فنقول : كون الرسول عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا هكذا يدل على اهتمام الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الدعاء وأنه ينبغي للمسلم أولًا : اهتمام الرسول بهذا الدعاء، وثانيًا : أنه ينبغي للمسلم أن يدعو به إذا خرج إلى المقبرة، ولكن هل إذا خرج بمجرد خروجه من بيته أو حتى يصل ؟ لا شك أن المراد حتى يصل إلى المقبرة، ومنها قوله : ( السلام عليكم أهل الديار ) أنا عندي بالشرح ( السلام على أهل الديار ) هكذا عندكم في الأصل أي الأصل وهناك فرق بين اللفظين، لأنه إذا كان عليكم فهو خطاب لأهل القبور، هل يستفاد منه أن أهل القبور يسمعون ذلك لأن خطاب من لا يسمع لغو من القول أو يحتاج إلى ثبوته، لكن الحديث الذي بعده واضح أنه يخاطبهم أما على الرواية الثانية السلام على أهل الديار فليس فيه إشكال طيب إذًا إذا صح اللفظ بالخطاب وينبغي أن نرجع إلى أصل مسلم إذا صح اللفظ بالخطاب فإنه يحمل على أحد وجهين : إما أن الأموات يسمعون ليصح الخطاب، وإما أنه نزل استحضاره إياهم كأنما يشاهدهم نزله منزلة من يخاطب وإن كانوا لا يسمعون، بدليل أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وإلى الآن عندما تقول : ( السلام عليك أيها النبي ) هل الرسول عليه الصلاة والسلام حاضر عندهم ؟ لا ما هو حاضر لا شك لأنه يسلم عليه في أقصى المدينة وفي بلاد أخرى فهم لا يخاطبونه مخاطبة الحاضر، ولكن يقول شيخ الإسلام : إن هذا من باب قوة استحضار القلب لهذا المدعو له كأنه أمامك تخاطبه، فإذا كان الاحتمال هنا واردا على الاحتمال الأول فإنه لا يمكن أن تجزم بأن أهل المقابر يسمعون سلام الناس إذا سلموا عليهم لا نجزم ما دام الاحتمال واردًا، لأن المعروف أنه إذا حصل الاحتمال بطل الاستدلال لأنه ما يتعين أن يكون دالًّا على ذلك .