فوائد حديث :( سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا ... ). حفظ
الشيخ : ويستفاد من هذا الحديث : أن المقابر ديار أو لا لقوله : ( أهل الديار ) ولكنها ديار قوم لا يتزاورون، لأنهم أموات وهي دار دار كل حي فإن مآل كل إنسان حي إلى هذه الدار، ومع هذا فهذه الدار ليست دار قرار حتى القبور ما هي دار قرار وإنما هي زيارة ولهذا سمع أعرابي رجلًا يقرأ قول الله تعالى : (( ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر )) فقال : والله ما الزائر بمقيم شوف سبحان الله العظيم أعرابي ليش ما الزائر بمقيم عادة الزائر ما هو بمقيم ما هو سكن له ومعناه أن هناك شيء آخر وراء هذه المقابر وهو كذلك.
ويستفاد من الحديث : الفرق بين الإيمان والإسلام وهذا موضع اختلف الناس فيه فمنهم من قال : إن الإسلام هو الإيمان، ومنهم من فرق بينهما وسبب هذا الاختلاف ظواهر بعض النصوص فإن بعض النصوص يفهم منها أن الإسلام والإيمان شيء واحد مثل قوله تعالى : (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين )) فلما قال : (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين )) فدل هذا على أن الإيمان والإسلام واحد، وقال بعض أهل العلم وهو الحق : إن الإيمان غير الإسلام ودليل ذلك قوله تعالى : (( قالت الأعراب آمنَّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا لوما يدخل الإيمان في قلوبكم )) وقوله في حديث جبريل : ( أخبرني عن الإسلام ؟ فقال : أن تشهد لا إله إلا الله ثم قال : أخبرني عن الإيمان ؟ ) فدل ذلك على أن الإيمان غير الإسلام وهذا هو الحق، لكن إذا انفرد أحدهما دخل فيه الآخر إذا انفرد أحدهما دخل فيه الآخر فقوله تعالى : (( ورضيت لكم الإسلام دينًا )) وقوله : (( إنَّ الذين عند الله الإسلام )) يدخل فيه الإيمان ولا لا ؟ لا شك أنه يدخل فيه الإيمان، وكذلك قوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا منهم لا وعملوا الصالحات تأتي الإسلام (( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات )) نعم ما فيها ذكر الإسلام يدخل فيها المسلمون ولا لا ؟ يدخل فيها أما إذا قرنا فإن الإيمان شيء والإسلام شيء آخر، والجواب عن الآية الكريمة في لوط : (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين )) أن الله لم يقل : فما وجدنا فيها غير المسلمين قال : (( غير بيت من المسلمين )) وهذا صحيح فإن بيت لوط بيت إسلام لأن امرأة لوط لم تكن تعلن الكفر كما قال تعالى : (( فخانتاهما )) فهي تظهر أنها مسلمة فالبيت بيت إسلام، لكن الذي نجا من ؟ المؤمن من هذا البيت من بيت الإسلام.
ويستفاد من الآية فائدة عظيمة جدًّا : وهي أن ما غلب عليه حكم الإسلام فهي دار إسلام وإن كان فيها كفار ما دام غلب عليها الإسلام وظهرت فيها شعائر الإسلام فهي بلد إسلام، وإن كان فيها كفار ولو كثروا ما دام الغلبة والظهور للمسلمين.
وقوله : ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) يستفاد منها : أن الحي سيموت ولا ما يستفاد ؟ يستفاد ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) نعم ولكن ما الغرض ؟ لهذه الجملة غرض وهي تذكير الإنسان نفسه بمآله وأنه سيلحق بهؤلاء الأموات ففيه إشكال تعليق بالمشيئة إن شاء الله سيأتي في الدرس القادم ( المؤمنين والمسلمين ) ذكرنا أنه قال : ( من المؤمنين والمسلمين ) لأن الأموات الأموات في الواقع منهم مؤمن ومنهم مسلم فكامل الإيمان كامل الإيمان مؤمن المحافظ على ما أمر الله والمبتعد عما نهى الله ومن كان دون ذلك فهو مسلم ولا شك أن في المقابر من هو مؤمن ومن هو مسلم، ولهذا قال : ( من المؤمنين والمسلمين ) قال : ( وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون ) وإنا الضمير يعود على نفس القائل أو عليه وعلى الأحياء الذين معه إن كان معه أحياء أو من على الأرض الآن، المهم أن هذا الضمير الذي هو ضمير المعظم نفسه أو ضمير ممن معه غيره صالح لهذا ولهذا وقوله : ( إن شاء الله بكم لاحقون ) هذا التعليق على جملة خبرية لأن ( إنا لاحقون ) جملة خبرية ما فيها إشكال وهي جملة أيضا معلومة متيقنة ولا غير متيقنة ؟ متيقنة كل سيموت فلماذا جاء التعليق إن شاء الله ؟ اختلف العلماء في الجواب عن هذا فقيل : إنه لمجرد الامتثال لقوله تعالى : (( ولا تقولنَّ لشيءٍ إنِّي فاعلٌ ذلك غدًا * إلَّا أن يشاء الله )) وهذا القول فيه نظر لأن قوله : (( ولا تقولنَّ لشيءٍ إنِّي فاعلٌ )) إنما هو بالنسبة لما تفعله أنت، أما الموت فليس من فعلك وهو متحقق لكن ما تفعله وهو مستقبل لا تقل : إني فاعله وتجزم أنك ستفعله لأن الأمر بيد من ؟ بيد الله فقل : إن شاء الله وقيل : إنها قيلت للتبرك مجرد تبرك نعم وهذا أيضًا فيه نظر، لأن مجرد التبرك بمثل هذا التعبير لا وجه له، وقيل : إنها ذكرت نعم ذكر التعليق بناء على الحال أو المكان كيف الحال والمكان ؟ الحال يعني أنتم متم على الإيمان والإسلام فأقول : إن شاء الله باعتبار أنني أموت على ما متم عليه لا تعليقا للموت لأن الموت سيكون ( وإنا بكم لاحقون ) ويش عليه ؟ على الإيمان والإسلام لا على مفارقة الدنيا لأنها ما تحتاج إلى تعليق المشيئة أو في المكان، لكن هذا لا يكون إلا لأهل بقيع الغرقد، أما غيرهم فإنه ليس له خصيصة الدفن في غير البقيع ليس له خصيصة، أما في البقيع فله خاصية وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ) وهذا الدعاء قد يكون شاملًا لكل من يدفن فيه وقد يكون خاصًّا لمن كانوا في ذلك الوقت الذي دعا فيه الرسول عليه الصلاة والسلام، فيكون هنا إن شاء الله عائدًا إلى إلى المكان أما عوده إلى الحال فهو صالح لكل بلد وقيل : إن التعليق هنا للتعليل أن التعليق للتعليل المعنى أننا بمشيئة الله لاحقون بكم أي : أن موتنا يكون بمشيئة الله ففيه تفويض الأمر إلى الله عز وجل قالوا : والتعليق هنا يراد به التحقيق مقرونًا بماذا ؟ بمشيئة الله يراد به التحقيق مقرونا بمشيئة الله، فيكون ذكر التعليق من باب التعليل كأنه قال : وإنا بمشيئة الله بكم لاحقون قالوا : ومثل ذلك قوله تعالى : (( لتدخلنَّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين )) فإن هذا لا يتصور فيه إلا أن يكون من باب التعليل بالمشيئة وأن الأمور كلها بمشيئة الله عز وجل طيب ثم قال : ( نسأل الله لنا ولكم العافية ) الأقرب الأخير أقربها الأخير لأن ما فيه تكلف وواضح جدًّا أن المراد به التعليل فيكون هذا من باب تحقيق أن كل شيء بمشيئة الله يقول : ( نسأل الله لنا ولكم العافية ) السؤال هنا سؤال استفهام ولا سؤال استجداء ؟ استجداء لأن السؤال إذا كان سؤال استفهام واستخبار فإنه يعدى بـعن فتقول : سألت زيدًا عن كذا وإذا كان السؤال سؤال استجداء فإنه يتعدى بنفسه فيقال : سألت زيدا كذا، وهنا من هذا الباب الحديث من هذا الباب المفعول الأول الله والمفعول الثاني العافية العافية للإنسان في الدنيا تكون من أمراض القلوب وأمراض الأبدان والعافية للأموات تكون من أمراض الأبدان أي من العذاب الذي سببه مرض القلب من العذاب الذي سببه مرض القلب أمراض الأبدان يعرفها الأطباء الذين تعلموا هذه المهنة الطب الجسمي البدني، وأمراض القلوب يعرفها أهل العلم وهي تدور على شيئين : شبهة وشهوة شبهة وشهوة ففي قوله تعالى : (( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض )) شهوة مرض شهوة، وفي قوله تعالى عن المنافقين : (( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا )) هذا شبهة فالأمراض القلبية كلها لو تأملتها لوجدتها تدور على هذين المرضين : شبهة دواؤها العلم، وشهوة ويش دواؤها ؟ دواؤها العمل - يرحمك الله - على صراط الله المستقيم ألا يتبع الإنسان نفسه هواها، بل ينظر إلى ما يرضي ربه سبحانه وتعالى فيقوم به ولو عصى نفسه ولو أهان نفسه ولو أذلها، لأن إهانة الإنسان نفسه لله عز ورق الإنسان لربه حرية نعم إذًا نقول : العافية بالنسبة للأموات هي العافية من آثار الذنوب التي هي أمراض القلوب، وأما بالنسبة لنا فمن إيش ؟ أمراض الأبدان وأمراض القلوب فإن قلت : ولنا أيضًا يمكن أن يكون لنا عذاب على أعمالنا ؟ قلنا : العذاب على أعمالنا في الدنيا لا يتجاوز هذين الأمرين، لأن الإنسان قد يعاقب على الذنب بفساد قلبه والعياذ بالله سواء من شهوة أو شبهة، وقد يعاقب على الذنب بالأمراض بالآفات المادية النقص في الأموال والأنفس والثمرات.
نستفيد من هذا الحديث عدة فوائد : أولًا : نصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته من أين يؤخذ ؟ من قوله : ( يعلمهم ) وأن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ البلاغ المبين.
ويستفاد منه أيضًا : مشروعية الدعاء لأهل القبور بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الدعاء أحسنه وأجمعه وأنفعه ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن مع هذا إذا دعوت أنت بغيره مما أباح الله فلا حرج طيب.
ومن فوائد الحديث : جواز مخاطبة أهل المقابر لقوله : ( السلام عليكم ) ( السلام عليكم ) فإن قلت : هذا يشكل كيف تخاطب أقواما قد ماتوا ورمّوا ؟ فما الجواب ؟ الجواب أننا علينا أن نفعل وليس علينا أن نقول : لم ؟ الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا بذلك، ومن الجائز أن الله تعالى يسمعهم هذا السلام ومن الجائز أن يكون الخطاب ليس للإسماع، ولكنه لقوة استحضار الإنسان لهؤلاء الأموات كأنهم بين يديه يسلم عليهم، ونظير ذلك قولنا : ( السلام عليك أيها النبي ) وخطاب من لا يعقل خطاب ممكن وقد جرى عليه الناس، فهذا عمر يقول للحجر : ( إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع - يعني الحجر الأسود - ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) على أني لا أريد أن أقيس مسألة أهل القبور بالحجر، لأن الحجر عندنا واضح أنه جماد وأنه لن يرد إلا على سبيل أن يكون آية أو كرامة، لكن أهل القبور أمرهم غيبي فقد يكونون يسمعون هذا الدعاء طيب.
ومن فوائد الحديث : أن الإيمان والإسلام متباينان لقوله : ( من المؤمنين والمسلمين ) ووجه ذلك أن الأصل في العطف التغاير قد يكون تغايرًا بالذوات أو تغايرًا بالصفات، إلا ما قام الدليل على أنه ليس متغايرًا فيعمل به مفهوم طيب، وقد مر علينا مرات كثيرة أن الإيمان والإسلام إذا انفرد أحدهما شمل الآخر وضربنا لذلك أمثلة. ومن فوائد الحديث : أن القبور ديار أهل القبور لقوله : ( أهل الديار ) وهو كذلك فإنها ديارهم، لكنهم أقوام متجاورون ولا يتزاورون طيب يقول.
ومن فوائد الحديث أيضًا : أنه ينبغي للإنسان أن يعلق كل شيء بمشيئة الله فإن كان أمرًا محتمل الوقوع فهو من باب التفويض .
ويستفاد من الحديث : الفرق بين الإيمان والإسلام وهذا موضع اختلف الناس فيه فمنهم من قال : إن الإسلام هو الإيمان، ومنهم من فرق بينهما وسبب هذا الاختلاف ظواهر بعض النصوص فإن بعض النصوص يفهم منها أن الإسلام والإيمان شيء واحد مثل قوله تعالى : (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين )) فلما قال : (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين )) فدل هذا على أن الإيمان والإسلام واحد، وقال بعض أهل العلم وهو الحق : إن الإيمان غير الإسلام ودليل ذلك قوله تعالى : (( قالت الأعراب آمنَّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا لوما يدخل الإيمان في قلوبكم )) وقوله في حديث جبريل : ( أخبرني عن الإسلام ؟ فقال : أن تشهد لا إله إلا الله ثم قال : أخبرني عن الإيمان ؟ ) فدل ذلك على أن الإيمان غير الإسلام وهذا هو الحق، لكن إذا انفرد أحدهما دخل فيه الآخر إذا انفرد أحدهما دخل فيه الآخر فقوله تعالى : (( ورضيت لكم الإسلام دينًا )) وقوله : (( إنَّ الذين عند الله الإسلام )) يدخل فيه الإيمان ولا لا ؟ لا شك أنه يدخل فيه الإيمان، وكذلك قوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا منهم لا وعملوا الصالحات تأتي الإسلام (( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات )) نعم ما فيها ذكر الإسلام يدخل فيها المسلمون ولا لا ؟ يدخل فيها أما إذا قرنا فإن الإيمان شيء والإسلام شيء آخر، والجواب عن الآية الكريمة في لوط : (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين )) أن الله لم يقل : فما وجدنا فيها غير المسلمين قال : (( غير بيت من المسلمين )) وهذا صحيح فإن بيت لوط بيت إسلام لأن امرأة لوط لم تكن تعلن الكفر كما قال تعالى : (( فخانتاهما )) فهي تظهر أنها مسلمة فالبيت بيت إسلام، لكن الذي نجا من ؟ المؤمن من هذا البيت من بيت الإسلام.
ويستفاد من الآية فائدة عظيمة جدًّا : وهي أن ما غلب عليه حكم الإسلام فهي دار إسلام وإن كان فيها كفار ما دام غلب عليها الإسلام وظهرت فيها شعائر الإسلام فهي بلد إسلام، وإن كان فيها كفار ولو كثروا ما دام الغلبة والظهور للمسلمين.
وقوله : ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) يستفاد منها : أن الحي سيموت ولا ما يستفاد ؟ يستفاد ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) نعم ولكن ما الغرض ؟ لهذه الجملة غرض وهي تذكير الإنسان نفسه بمآله وأنه سيلحق بهؤلاء الأموات ففيه إشكال تعليق بالمشيئة إن شاء الله سيأتي في الدرس القادم ( المؤمنين والمسلمين ) ذكرنا أنه قال : ( من المؤمنين والمسلمين ) لأن الأموات الأموات في الواقع منهم مؤمن ومنهم مسلم فكامل الإيمان كامل الإيمان مؤمن المحافظ على ما أمر الله والمبتعد عما نهى الله ومن كان دون ذلك فهو مسلم ولا شك أن في المقابر من هو مؤمن ومن هو مسلم، ولهذا قال : ( من المؤمنين والمسلمين ) قال : ( وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون ) وإنا الضمير يعود على نفس القائل أو عليه وعلى الأحياء الذين معه إن كان معه أحياء أو من على الأرض الآن، المهم أن هذا الضمير الذي هو ضمير المعظم نفسه أو ضمير ممن معه غيره صالح لهذا ولهذا وقوله : ( إن شاء الله بكم لاحقون ) هذا التعليق على جملة خبرية لأن ( إنا لاحقون ) جملة خبرية ما فيها إشكال وهي جملة أيضا معلومة متيقنة ولا غير متيقنة ؟ متيقنة كل سيموت فلماذا جاء التعليق إن شاء الله ؟ اختلف العلماء في الجواب عن هذا فقيل : إنه لمجرد الامتثال لقوله تعالى : (( ولا تقولنَّ لشيءٍ إنِّي فاعلٌ ذلك غدًا * إلَّا أن يشاء الله )) وهذا القول فيه نظر لأن قوله : (( ولا تقولنَّ لشيءٍ إنِّي فاعلٌ )) إنما هو بالنسبة لما تفعله أنت، أما الموت فليس من فعلك وهو متحقق لكن ما تفعله وهو مستقبل لا تقل : إني فاعله وتجزم أنك ستفعله لأن الأمر بيد من ؟ بيد الله فقل : إن شاء الله وقيل : إنها قيلت للتبرك مجرد تبرك نعم وهذا أيضًا فيه نظر، لأن مجرد التبرك بمثل هذا التعبير لا وجه له، وقيل : إنها ذكرت نعم ذكر التعليق بناء على الحال أو المكان كيف الحال والمكان ؟ الحال يعني أنتم متم على الإيمان والإسلام فأقول : إن شاء الله باعتبار أنني أموت على ما متم عليه لا تعليقا للموت لأن الموت سيكون ( وإنا بكم لاحقون ) ويش عليه ؟ على الإيمان والإسلام لا على مفارقة الدنيا لأنها ما تحتاج إلى تعليق المشيئة أو في المكان، لكن هذا لا يكون إلا لأهل بقيع الغرقد، أما غيرهم فإنه ليس له خصيصة الدفن في غير البقيع ليس له خصيصة، أما في البقيع فله خاصية وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ) وهذا الدعاء قد يكون شاملًا لكل من يدفن فيه وقد يكون خاصًّا لمن كانوا في ذلك الوقت الذي دعا فيه الرسول عليه الصلاة والسلام، فيكون هنا إن شاء الله عائدًا إلى إلى المكان أما عوده إلى الحال فهو صالح لكل بلد وقيل : إن التعليق هنا للتعليل أن التعليق للتعليل المعنى أننا بمشيئة الله لاحقون بكم أي : أن موتنا يكون بمشيئة الله ففيه تفويض الأمر إلى الله عز وجل قالوا : والتعليق هنا يراد به التحقيق مقرونًا بماذا ؟ بمشيئة الله يراد به التحقيق مقرونا بمشيئة الله، فيكون ذكر التعليق من باب التعليل كأنه قال : وإنا بمشيئة الله بكم لاحقون قالوا : ومثل ذلك قوله تعالى : (( لتدخلنَّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين )) فإن هذا لا يتصور فيه إلا أن يكون من باب التعليل بالمشيئة وأن الأمور كلها بمشيئة الله عز وجل طيب ثم قال : ( نسأل الله لنا ولكم العافية ) الأقرب الأخير أقربها الأخير لأن ما فيه تكلف وواضح جدًّا أن المراد به التعليل فيكون هذا من باب تحقيق أن كل شيء بمشيئة الله يقول : ( نسأل الله لنا ولكم العافية ) السؤال هنا سؤال استفهام ولا سؤال استجداء ؟ استجداء لأن السؤال إذا كان سؤال استفهام واستخبار فإنه يعدى بـعن فتقول : سألت زيدًا عن كذا وإذا كان السؤال سؤال استجداء فإنه يتعدى بنفسه فيقال : سألت زيدا كذا، وهنا من هذا الباب الحديث من هذا الباب المفعول الأول الله والمفعول الثاني العافية العافية للإنسان في الدنيا تكون من أمراض القلوب وأمراض الأبدان والعافية للأموات تكون من أمراض الأبدان أي من العذاب الذي سببه مرض القلب من العذاب الذي سببه مرض القلب أمراض الأبدان يعرفها الأطباء الذين تعلموا هذه المهنة الطب الجسمي البدني، وأمراض القلوب يعرفها أهل العلم وهي تدور على شيئين : شبهة وشهوة شبهة وشهوة ففي قوله تعالى : (( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض )) شهوة مرض شهوة، وفي قوله تعالى عن المنافقين : (( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا )) هذا شبهة فالأمراض القلبية كلها لو تأملتها لوجدتها تدور على هذين المرضين : شبهة دواؤها العلم، وشهوة ويش دواؤها ؟ دواؤها العمل - يرحمك الله - على صراط الله المستقيم ألا يتبع الإنسان نفسه هواها، بل ينظر إلى ما يرضي ربه سبحانه وتعالى فيقوم به ولو عصى نفسه ولو أهان نفسه ولو أذلها، لأن إهانة الإنسان نفسه لله عز ورق الإنسان لربه حرية نعم إذًا نقول : العافية بالنسبة للأموات هي العافية من آثار الذنوب التي هي أمراض القلوب، وأما بالنسبة لنا فمن إيش ؟ أمراض الأبدان وأمراض القلوب فإن قلت : ولنا أيضًا يمكن أن يكون لنا عذاب على أعمالنا ؟ قلنا : العذاب على أعمالنا في الدنيا لا يتجاوز هذين الأمرين، لأن الإنسان قد يعاقب على الذنب بفساد قلبه والعياذ بالله سواء من شهوة أو شبهة، وقد يعاقب على الذنب بالأمراض بالآفات المادية النقص في الأموال والأنفس والثمرات.
نستفيد من هذا الحديث عدة فوائد : أولًا : نصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته من أين يؤخذ ؟ من قوله : ( يعلمهم ) وأن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ البلاغ المبين.
ويستفاد منه أيضًا : مشروعية الدعاء لأهل القبور بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الدعاء أحسنه وأجمعه وأنفعه ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن مع هذا إذا دعوت أنت بغيره مما أباح الله فلا حرج طيب.
ومن فوائد الحديث : جواز مخاطبة أهل المقابر لقوله : ( السلام عليكم ) ( السلام عليكم ) فإن قلت : هذا يشكل كيف تخاطب أقواما قد ماتوا ورمّوا ؟ فما الجواب ؟ الجواب أننا علينا أن نفعل وليس علينا أن نقول : لم ؟ الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا بذلك، ومن الجائز أن الله تعالى يسمعهم هذا السلام ومن الجائز أن يكون الخطاب ليس للإسماع، ولكنه لقوة استحضار الإنسان لهؤلاء الأموات كأنهم بين يديه يسلم عليهم، ونظير ذلك قولنا : ( السلام عليك أيها النبي ) وخطاب من لا يعقل خطاب ممكن وقد جرى عليه الناس، فهذا عمر يقول للحجر : ( إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع - يعني الحجر الأسود - ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) على أني لا أريد أن أقيس مسألة أهل القبور بالحجر، لأن الحجر عندنا واضح أنه جماد وأنه لن يرد إلا على سبيل أن يكون آية أو كرامة، لكن أهل القبور أمرهم غيبي فقد يكونون يسمعون هذا الدعاء طيب.
ومن فوائد الحديث : أن الإيمان والإسلام متباينان لقوله : ( من المؤمنين والمسلمين ) ووجه ذلك أن الأصل في العطف التغاير قد يكون تغايرًا بالذوات أو تغايرًا بالصفات، إلا ما قام الدليل على أنه ليس متغايرًا فيعمل به مفهوم طيب، وقد مر علينا مرات كثيرة أن الإيمان والإسلام إذا انفرد أحدهما شمل الآخر وضربنا لذلك أمثلة. ومن فوائد الحديث : أن القبور ديار أهل القبور لقوله : ( أهل الديار ) وهو كذلك فإنها ديارهم، لكنهم أقوام متجاورون ولا يتزاورون طيب يقول.
ومن فوائد الحديث أيضًا : أنه ينبغي للإنسان أن يعلق كل شيء بمشيئة الله فإن كان أمرًا محتمل الوقوع فهو من باب التفويض .