عن ابن مسعودٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل دم امرىءٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاثٍ: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) متفقٌ عليه. حفظ
الشيخ : ثم ساق المؤلف ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحلُ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ) : دمه أي : قتله حتى ينسفك دمه ، وهذا بناء على الغالب ، وإلا فقد يُقتل بغير سفك الدم ، لكن بناء على الغالب .
وحديث عائشة الذي بعده أعم منه حيث قال : ( لا يحل قتل مسلم ) : فهو أعم من أن يكون دمًا ، لأنه قد يقتله بخنق أو وطء على بطنه أو عصر لخصيتيه أو ما أشبه ذلك .
وقوله : ( مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ) : هذه الجملة تفسير لما قبلها ، لأن المسلم هو الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، ومعنى يشهد أي : يعتقد بقلبه ناطقا بلسانه أن لا إله إلا الله ، وجملة لا إله إلا الله جملة تشتمل على نفي وإثبات ، على نفي لكل معبود ، وإثبات لمعبود واحد وهو الله عز وجل .
وقد اختلف المعربون في إعرابها على نحو ستة أوجه ، واختلف المقدرون في تقديرها :
فمنهم من قال : التقدير لا إله موجود إلا الله وهذا خطأ وليس بصحيح ، لأنه توجد آلهة تعبد من دون الله .
ومنهم من قال : المقدر محذوف تقديره حق ، لا إله إلا حق إلا الله ، وهذا هو الصواب بل هو المتعين ، لأنه مطابق تمامًا لقوله تعالى : (( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل )) ، فيكون الخبر محذوفاً تقديره حق ويكون ما بعد إلا بدلا منه .
( يشهد أن لا إله إلا الله ) أي : لا معبود حق إلا الله ، ( وأني رسول الله ) يعني : وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرسله الله سبحانه وتعالى ، ولكن لا بد أن تكون الشهادة بالرسالة على وصف المرسل ، على الوصف الذي أرسل به ، يعني لا يكفي أن يقول : إنه رسول ، لأن النصارى يقولون : إن محمدًا رسول لكن إلى العرب ، بل لا بد أن تكون شهادته بالرسالة مطابقة لما أُرسل به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، بأن يؤمن بأنه رسول إلى العالمين (( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا )) ، يقول : ( لا يحل دمه إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه ) : الثَّيب : بالجر بدلا من إحدى ثلاث ، ويجوز الرفع على أنه مستأنف خبر من المحذوف تقديره هو الثيب الزاني ، والنفس بالنفس إلى آخره .
الثَّيب قال العلماء : " هو الذي جامع زوجته بنكاح صحيح ، وهما بالغان عاقلان حران " : فلا بد من نكاح صحيح ، وجماع ، مع بلوغ الزوجين وحريتهما وعقلهما ، فالشروط للإحصان خمسة ، عدها يا عبد الرحمن !
الطالب : الحرية ، وجماع ، وبلوغ ، وعقل .
الشيخ : باقي وحدة !
الطالب : من جامع زوجته في نكاح صحيح وهما عاقلان بالغان .
الشيخ : طيب خمسة شروط ، فهذا يرجم ، يرجم حتى يموت كما ثبت ذلك عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم .
وهل يجمع له مع الرجم جلد ؟ على قولين للعلماء ، والصحيح أنه لا يُجمع ، لأن جميع الذين رجموا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لم يجمع لهم بين الرجم والجلد ، وإن كان قد روي عن علي رضي الله عنه أنه جمع بينهما وقال : " جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله " .